كلف الرئيس اللبناني ميشال سليمان اليوم السبت زعيم الاغلبية النيابية سعد الحريري بتشكيل الحكومة الجديدة التي من شأنها طي صفحة اربع سنوات من الاضطرابات السياسية. واصدر سليمان مرسوما رئاسيا بتعيين الحريري بعد ان رشحه 86 نائبا من اصل 128 عضوا في مجلس النواب في الاستشارات النيابية التي اجراها سليمان لمدة يومين. وكان الحريري قاد التحالف السياسي (الموالي) الى الفوز على حزب الله وحلفائه (المعارضين) في الانتخابات البرلمانية التي جرت مطلع الجاري (يونيو). وقال الرئيس المكلّف، عقب لقائه بالرئيس ميشال سليمان: "بناء عليه وعلى التزامنا خلال الحملة الانتخابية بحكومة وحدة وطنية تتمثل فيها الكتل النيابية الرئيسية تكون متجانسة وقادرة على العمل والانتاج تكون حكومة للانجاز بعيدا عن اي عرقلة او شلل سنبدأ المشاورات مع جميع الكتل النيابية لمصارحتها كما نصارحكم اليوم بالتحديات والفرص والوقائع التي نراها امامنا وبضرورة الانتقال الى مرحلة جديدة لمصلحة لبنان." واضاف ان "القضية الراهنة اكبر من تشكيل حكومة وتوزيع حصص وحقائب, القضية الراهنة تتعلق بمصير وطن في لحظة اقليمية تكاد تكون الاخطر والاكثر دقة في تاريخ المنطقة". وقال انه يعي ان "الطريق الى هذا الهدف لن يكون سهلا والعراقيل قد تكون اكثر من الظاهر علما ان الظاهر منها كثير". واعلن انه سيبدأ مشاورات مع الكتل النيابية لتشكيل حكومة, مشيرا الى "مخاطر حقيقية وخطيرة يواجهها لبنان", مقابل "فرصة مفتوحة امامه اكبر", وداعيا الى اقتناص هذه الفرصة. واضاف "من هنا قرارنا مد اليد الى شركائنا في الوطن وتعهدنا للذين لم يصوتوا لنا اننا سنسمع اصواتهم وسنضع هواجسهم ومصالحهم في مصاف مصالح وهواجس الاكثرية". واكد ان همه "ابعاد الفتنة واعادة اللحمة الى الوطن لمواجهة التحديات الخطيرة التي تتهدده على الصعيدين الخارجي والاقتصادي". والحريري هو نجل رئيس وزراء لبنان السابق الشهيد رفيق الحريري الذي تسبب اغتياله عام 2005 في انزلاق البلاد الى اسوأ ازمة سياسية منذ الحرب الاهلية التي دارت بين عامي 1975 و1990. وفي علامة على الصعوبات التي قد تواجه الزعيم الشاب في تشكيل حكومة مقبولة من جميع الاطراف، امتنع حزب الله وحليفه ميشال عون عن ترشيح الحريري الذي حصل على تأييد 15 نائباً من اصل 57 نائباً فقط من المعارضة بعد يومين من المشاورات النيابية. والعقبة الرئيسية التي قد تواجه الحريري في تشكيل الحكومة هي اصرار حزب الله وحلفائه على المطالبة ب "حق النقض (الفيتو)" في حكومة الوحدة الوطنية الجديدة. ويرفض الحريري مثل هذا الفيتو. ويحرص الحريري (39 سنة) على الحصول على دعم قوي من منافسيه الشيعة، لضمان انطلاقة سلسة لحكومته. وبعد فوزه في الانتخابات البرلمانية الأخيرة، عرض الحريري فتح صفحة جديدة ودعا الى تنحية المواضيع المثيرة للجدل مثل نزع سلاح حزب الله جانبا. وهددت "التوترات" بين السنة والشيعة بانزلاق البلد نحو حرب اهلية جديدة في أيار (مايو) 2008. وادى اتفاق برعاية قطرية الى انتهاء الازمة، لكن حدة التوترات الطائفية ارتفعت مرة اخرى في الفترة التي سبقت الانتخابات. وساعد تحسن العلاقات بين الرياض ودمشق على تهدئة الوضع في لبنان. ويُنظر الى استمرار التعاون بين العاصمتين على انه مسألة حيوية لاستقرار لبنان. ويعتبر السعي لتحقيق العدالة والاقتصاص من قتلة والده وغيره من الشخصيات المناهضة لسوريا احد اولويات الحريري. وكرر اتهامه مرارا لسوريا في عمليات الاغتيال، لكن توجيه الاتهامات الى سوريا خف مؤخرا بعد انشاء محكمة دولية لمحاكمة القتلة في مارس اذار الماضي.