يتحدث المسؤولون الأردنيون بدهشة واستغراب عن استمرار الضجة الاعلامية التي تثيرها حكومتا بيرووكولومبيا حول صفقة السلاح الخفيف التي وقعها الجيش الأردني مع عسكريين من بيرو العام 1998، وشملت عشرة آلاف بندقية من طراز كلاشنيكوف، قيل ان جزء منها اسقط بالمظلات على القوات الثورية المسلحة الماركسية التي تقاتل حكومة كولومبيا. ويتساءل المسؤولون في العاصمة الأردنية عن مغزى تصاعد الضجة الإعلامية على رغم شهادة البراءة التي حصل عليها الأردن من وزارة الخارجية الاميركية، واستقبال مسؤولي وزارة الخارجية الأردنية لسفير كولومبيا في القاهرة خايمي فيرون الذي تسلم ملفاً كاملاً بالوثائق التي تدعم صحة الموقف الأردني. وقال مصدر في وزارة الخارجية الأردنية ل"الوسط" ان الأمين العام للوزارة قدم الى المبعوث الكولومبي كل المعلومات المتوافرة، إضافة الى التأكيد على الموقف الرسمي الأردني الثابت في شأن عدم التدخل في النزاعات الداخلية لأي بلد في العالم. وعلى رغم علم الأردن بأن موقفه سليم، وليس هنالك ما يخفيه في شأن الصفقة التي تمت بصورة رسمية، فإن مصادر محلية تخشى من أهداف غير معلنة لهذه الحملة ترمي الى تشويه سمعة الجيش الأردني الذي حقق سمعة طيبة من خلال مشاركته في عمليات قوات حفظ السلام الدولية. ولم تستبعد المصادر الأردنية ان تأتي هذه الضجة في سياق التنافس على البراءة بين حكومتي بيرووكولومبيا لإبعاد الشبهات عن جيشيهما في التورط في عمليات تسلح من هذا القبيل. القائد السابق للجيش الأردني المشير الركن عبدالحافظ مرعي الكعابنة، الذي أبرمت الصفقة في عهده، أكد ان الصفقة صحيحة وسليمة بدلالة الوثائق الرسمية الموقعة بين الطرفين. ونفى المعلومات التي تحدثت عن دوره المباشر في الصفقة، وقال: "لم ألتق أي مسؤول في بيرو أثناء البحث في الصفقة، ولم أكن في المطار لحظة شحن الأسلحة". وقال الكعابنة: "لم تكن الصفقة سرية، وقد انتهى دور الأردن بتوصيل الشحنة الى مطار عمان وتحملت الجهة الثانية بيرو مسؤولية احتضار طائرة الى الأردن وتحميل الأسلحة ونقلها الى الخارج". وأضاف: "ان فقدان سلطات بيرو السيطرة على الشحنة بعد خروجها من عمان ليس مسؤولية الأردن". وقالت مصادر أردنية ان ادارة المشتروات في الجيش الأردني هي الجهة المعنية بإجراءات البيع والتسليم التي تمت - حسب الرواية الأردنية - مع عسكريين من بيرو يحملون وثائق رسمية تم تدقيقها. وإذا كان هنالك عمليات تزوير في الوثائق فإن الطرف الآخر هو الذي يتحمل المسؤولية كاملة، حسبما ذكرت المصادر الأردنية. ويؤكد مسؤول عسكري أردني سابق ان الأسلحة خرجت من مطار عمان على الطائرة التي استأجرها المشتري، واخذت الطائرة اثناء عبورها لاجواء عدد من الدول إذناً للمرور بعد افصاحها عن محتوى الشحنة. "اما عملية اسقاط الأسلحة بالمظلات فإنها تحتاج الى خبرة عسكرية ومظلات خاصة لا تتوافر إلا لدى الجيوش النظامية المحترفة". واضاف المسؤول العسكري السابق: "لو ان هنالك شبهة على الموقف الأردني أو لو كان الأردن يعلم ان وجهتها الثوار لما قبل ببيعها بسعر زهيد جداً، وهذا أقل تصرف يمكن ان يعطي الأردن تعويضاً عن أي مخاطرة مستقبلية، فهل يعقل ان تباع عشرة آلاف بندقية كلاشنيكوف بنصف مليون دولار على رغم ان سعرها يزيد ضعفين على هذا الرقم. لذلك يحاول الأردن - من خلال الإدارة الاميركية - ان يعرف تفاصيل خط سير الشحنة بعد خروجها من الاجواء الأردنية، وهدف الحملة الاعلامية ضد الأردن". وأوضح مسؤول أردني آخر ان الأردن في العادة يبيع ويشتري اسلحة مستعملة، من خلال اعلانات تنشر في المجلات العسكرية، أو من خلال مواقع متخصصة في شبكة الانترنت، "وهذه ليست المرة الأولى التي يبيع فيها الأردن أسلحة مستعملة أو يقدم بعضاً منها هدايا الى بعض الدول". ويستغرب الأردن اصرار الحملة الاعلامية على ان السلاح المشار اليه كان مستعملاً لدى القوات الملكية الخاصة التي كان يقودها الملك عبدالله قبل ان يتولى العرش. وقال مسؤول أردني: "ان القوات الخاصة أو حتى الجيش الأردني عموماً لا يستعمل مثل هذه الاسلحة ذات المنشأ الشرقي". وأشار المسؤول الى "ان هذه الاسلحة جاءت أثناء حرب الخليج الثانية من خلال العراق أو قدمت هدايا الى الجيش الشعبي آنذاك، وبقيت في المستودعات من دون استعمال الأمر الذي أدى الى بيعها لعدم الحاجة اليها". ويعتقد مسؤولون أردنيون بأن طاقم الطائرة الروسية التي أقلت الشحنة من عمان ربما كان على علم بالتفاصيل المجهولة حالياً.