عبد العزيز بن سلمان: دعمنا العالم لاقتصاد الكربون بفترة وجيزة    أمير تبوك يطلع على نسب الإنجاز في المشاريع التي تنفذها أمانة المنطقة    أمير منطقة تبوك يدشن فعاليات أسبوع البيئة بالمنطقة    الجاسر: أحداث البحر الأحمر لم تُعق الإمدادات.. وتدفق السلع مُرضٍ جداً    شراكة عالمية لجمع 500 مليون دولار لمبادراتٍ في مجال التعليم    اتفاقية لإنشاء "مركز مستقبل الفضاء" بالمملكة    أخبار سارة في تدريبات الهلال قبل الكلاسيكو    الاعلان عن الأفضل في دوري روشن في أبريل    وزير الخارجية ونظيره العماني يستعرضان العلاقات الثنائية    تطور جديد في ملف انضمام صلاح ل"روشن"    نصف نهائي "أغلى الكؤوس".. ظروف متباينة وطموح واحد    «سلمان العالمي» يُطلق أوَّلَ مركز ذكاء اصطناعي لمعالجة اللغة العربية    الكلية التقنية للبنات بجدة تطلق هاكاثون تكنلوجيا الأزياء.    أمير المدينة يستقبل سفير إندونيسيا لدى المملكة    حرب غزة تهيمن على حوارات منتدى الرياض    أمير الرياض يعتمد ترقية 238 موظفاً من منسوبي الإمارة    زلزال بقوة 5 درجات يضرب شرق تايوان    النيابة العامة: التستر وغسل الأموال يطيح بوافد و3 مواطنين لإخفائهم 200 مليون ريال    توقيع مذكرتي تفاهم لتعزيز استدامة إدارة النفايات وتشجيع المبادرات التوعوية    أمير المدينة يدشن مهرجان الثقافات والشعوب بالجامعة الإسلامية    القبض على 8 أشخاص لقيامهم بالسرقة وسلب المارة تحت تهديد السلاح    "جائزة الأميرة صيتة" تُعلن أسماء الفائزين بجائزة المواطنة المسؤولة    سياسيان ل«عكاظ»: السعودية تطوع علاقاتها السياسية لخدمة القضية الفلسطينية    افتتاح الملتقى السنوي الثاني للأطباء السعوديين في إيرلندا    أمطار مصحوبة بعدد من الظواهر الجوية على جميع مناطق المملكة    «مطار الملك خالد»: انحراف طائرة قادمة من الدوحة عن المدرج الرئيسي أثناء هبوطها    وزيرا الإعلام والعمل الأرميني يبحثان التعاون المشترك    اللجنة الوزارية العربية تبحث تنفيذ حل الدولتين    دولة ملهمة    نائب أمير مكة يطلع على تمويلات التنمية الاجتماعية    فيصل بن بندر يؤدي الصلاة على عبدالرحمن بن معمر ويستقبل مجلس جمعية كبار السن    اللواء الزهراني يحتفل بزفاف نجله صلاح الدين    استمرار هطول الأمطار الرعدية على معظم مناطق المملكة    منصور يحتفل بزواجه في الدمام    منتدى الرياض يناقش الاستدامة.. السعودية تتفوق في الأمن المائي رغم الندرة    رابطة العالم الإسلامي تُعرِب عن بالغ قلقها جرّاء تصاعد التوترات العسكرية في شمال دارفور    الفيحاء يتوّج بدوري الدرجة الأولى للشباب    الأهلي بطلاً لكأس بطولة الغطس للأندية    ديوانية الراجحي الثقافيه تستعرض التراث العريق للمملكة    النقد وعصبية المسؤول    مهنة مستباحة    فئران ذكية مثل البشر    إستشاري يدعو للتفاعل مع حملة «التطعيم التنفسي»    جامعة «نورة» تفتتح منافسات الدورة الرياضية لطالبات الجامعات الخليجية    منجزات البلدية خلال الربع الأول بحاضرة الدمام    اكتمال جاهزية كانتي.. وبنزيما انتظار    المصاعد تقصر العمر والسلالم بديلا أفضل    سعود بن بندر يستقبل أعضاء الجمعية التعاونية الاستهلاكية    صحن طائر بسماء نيويورك    أول صورة للحطام الفضائي في العالم    ذكاء اصطناعي يتنبأ بخصائص النبات    تطبيق علمي لعبارة أنا وأنت واحد    أمير تبوك يواسي أبناء أحمد الغبان في وفاة والدهم    كبار العلماء: لا يجوز الذهاب إلى الحج دون تصريح    هيئة كبار العلماء تؤكد على الالتزام باستخراج تصريح الحج    المسلسل    الأمر بالمعروف في الباحة تفعِّل حملة "اعتناء" في الشوارع والميادين العامة    «كبار العلماء» تؤكد ضرورة الإلتزام باستخراج تصاريح الحج    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مشكلة العرب هناك : المرأة تأتي أولاً يليها الطفل ثم الكلب وأخيراً الرجل ! . مهاجر لبناني فتح باب الهجرة الى كندا لنصف مليون عربي
نشر في الحياة يوم 05 - 01 - 1998

قال حكماء العرب: "الحركة ولود، والسكون عاقر". وقال حكيم: السفر يُسْفِر عن اخلاق الرجال. ووصف إعرابيٌّ بلاد الهند فقال: "بحرها دُرّ، وجبالها ياقوت، وشجرها عود وورقها عطر". وقيل لإعرابي ما الغبطة؟ فقال: "الكفاية مع لزوم الأوطان".
الهجرة ظاهرة طبعت حياة العرب منذ زمن قديم وتسللت بأهوالها الى اشعارهم ونثرهم وقصصهم. وكانت لهجرات العرب آثارها الكبيرة في تغيير قسمات بعض الشعوب ودمها نتيجة التصاهر والإنجاب. وانتشرت لغة الضاد بفضل الهجرات العربية، كما انتشر عن طريقها الاسلام. ولكن ذلك كان في البلاد القريبة التي تجاور بلاد العرب. فماذا عن البراري القصية في الأراضي الجديدة التي أعيت كولومبس حتى كاد يفقد حياته لولا أن طائر النورس بجناحيه الكبيرين أشار اليه بأنه على مشارف يابسة جديدة.
قدّر لهذه الأراضي ان تكون أعتى قوة عسكرية في وقتنا الحاضر، وقدّر لها أيضاً ان تصبح بلاد الرفاه الاجتماعي. من هنا نعبر لكندا ونسلّط الضوء على الهجرة العربية، وكم يبلغ عدد العرب فيها؟ وماذا يفعلون؟ وماذا قدمت اليهم كندا؟ وماذا قدموا اليها؟ وما هي مشاكلهم؟
حسب الاحصاءات التي يصفها بعض الكنديين العرب بأنها غير دقيقة فإن عدد العرب في كل أقاليم كندا يبلغ نحو 450 الفاً. والثابت الذي لا جدال فيه ان أول عربي هاجر الى كندا هو ابراهيم أبو نادر اللبناني الجنسية، وكان قدومه في 1882م. جرّ ابراهيم طريق الهجرة الى هنا حتى بلغ العدد ما يقارب نصف المليون وبما ان ابراهيم أبو نادر لبناني الجنسية فإن اكبر الجاليات في كندا هي الجالية اللبنانية، تليها المصرية ثم بقية الجاليات العربية الاخرى. وتضم مونتريال في اقليم كويبك اكبر تجمع عربي تليها تورونتو ثم أوتاوا فادمنتون وفانكوفر ولندن وأونتاريو ثم ساحل الميري تايمز على المحيط الاطلنطي.
النجاح الذي حققه العرب هنا يقترن كثيراً بهذا، فالعرب يفخرون بأن جوزيه قزي اللبناني الأصل حقق نجاحاً سياسياً حتى انتخب رئيس وزراء حكومة مقاطعة برنس إدوار إيلاند وتوفي جوزيه العام الماضي، وشيعته جموع خالط دمع عينها بريق الفخار به. ويعتد العرب في كندا على المستوى السياسي بأن البرلمان الفيديرالي الكندي يضم ثلاثة نواب كنديين من اصل عربي هم:
ماك حرب وهو لبناني - فاز في أوتاوا ضمن قائمة الحزب الليبيرالي الحاكم.
مارك أسعد وهو لبناني - انتخبته جماهير الحزب الليبيرالي عن دائرة قاتينو في كويبك.
داوود البوشي وهو لبناني - ايضاً انتخبه مواطنو دائرة سارينا في مقاطعة أونتاريو، وينتمي الى حزب المحافظين الذي يحكم مقاطعة اونتاريو حالياً.
كما ان الفخر يمتد ناهلاً من فخر عمرو بن كلثوم بأنا قد ورثنا مجدَ علقمة بن سيف فأباح لنا حصون المجد دينا، ليتصل بزهوهم بأن السيدة فاطمة هدى بابان هي اول امرأة عربية تدخل البرلمان الكندي، وهي مغربية تنوب الآن عن قومها في المجلس النيابي الاقليمي لمقاطعة كويبك.
هذا ما يطبع زهو العرب في كندا في ميدان "ساس يسوس" ولكن فخرهم لا يقتصر على ذلك بل يتوغل لميادين اخرى ففي حقل الابداع المهني منحت الحكومة الكندية جائزة كندا الكبرى وهي اكبر جائزة تخصصها الدولة للمبدعين في مجالات الشعر والرواية والموسيقى وتصميم الازياء للمبدعة السورية كلير حداد. كان ذلك في منتصف الثمانينات.
ويتواصل مجد العرب بأن الدكتورة هدى المراغي المصرية الجنسية هي أول عميد لكلية الهندسة في جامعة ونذور. كما ان أول عميد عربي لكلية القانون بكبرى الجامعات الكندية باقليم برنس ادوارد كان جوزيه قزي بعد اعتزاله العمل السياسي، وعُيّن بعد توليه عمادة الكلية عضواً في المحكمة الدستورية الفيديرالية الكندية العليا ولا توجد حالياً جامعة او كلية جامعية أو اكاديمية مهنية عليا على امتداد كندا كلها تخلو من اللسان العربي المبين. وقد برز هذا اللسان مفصحاً في جامعات كثيرة ضمت من الاساتذة العرب المتميزين في تخصصاتهم الاكاديمية البروفسور عاطف قبرصي، وهو عالم اقتصادي كبير له كتابات ودراسات اقتصادية تستهدي بها الحكومة الفيديرالية الكندية والأمم المتحدة، والبروفسور بهاء أبو لبن المحاضر في جامعة ادمنتون، وهو عالم اجتماع معروف أهمّ مؤلفاته "جذع زيتون في شجرة العائلة" وهو أول كتاب يحكي عن الهجرة العربية الى اميركا الشمالية. كما ان النطّاسي البروفسور اسماعيل زايد استاذ الجراحة في جامعة هاليفاكس وأنشط المدافعين عن القضية الفلسطينية هو أيضاً موضع الاعزاز العربي في المهجر الكندي.
لكن هذا النجاح العربي له همومه وتحيط به المشاكل وتواجهه الصعاب، اذ ان هذه الهجرة بدأت العام 1882 لبلاد كان سكانها من الهنود الحمر، ومرت البلاد نفسها بتطورات كثيرة وواجهت مصاعب جمة حتى بلغت هذه الذرى السامقة والنزل الرفيعة من التقدم التكنولوجي والعلمي المرفود بالأعمدة الديموقراطية الراسخة القائمة على احترام وسيادة القانون في ظل الدستور الكندي. غير ان هذا لا يمنع ارتكاب الجريمة ولا يحد من نزوعات التمييز على أساس اللغة واللون، ولا يرشح في العادات العربية المحافظة بطبيعتها، فالحريات الشخصية التي يقرها الدستور الكندي ويتضمنها القانون وتقوم الشرطة بحمايتها تسبب ازعاجاً وتخترق الطبيعة العربية في جوهرها. فمعاقبة الآباء لأطفالهم إثر اي ذنب يقترفونه تعتبر انتهاكاً لحريات الطفولة التي يحميها الدستور الكندي. ويمكن للطفل ان يتصل بالهاتف الرقم 911 مستنجداً برجال الشرطة الذين يهبون خفافاً لنجدته مما يعتبره الأب العربي تقويماً وتهذيباً وتعبيداً للاستقامة وربما تأخذه الشرطة نهائياً، وتتعهده برعايتها، وتضع والده ضمن قائمة المخالفين للقانون.
كذلك يعم كندا واقع يجافي العادات العربية ويقضي على النقيض منها تماماً، وهو يتعلق بوضع المرأة في المجتمع. فالكائن المميز في كندا هن الإناث. وتندرج اهمية الكائنات الحية من حيث التراتب كالتالي: المرأة اولاً، والاطفال ثانياً، والكلب في المقام الثالث، ثم يأتي الرجل الرفيع المنزلة في الشرق العربي في المرتبة الاخيرة! هذا الواقع المسنود بالدستور والمضمن قانوناً والذي تحميه الشرطة ويحكم القضاء وفق بيناته يمثل مصدر ازعاج للأسرة العربية المسلمة والمسيحية معاً.
وقد ذهبت لمكاتب الجالية العربية في تورنتو واطلعت على حالات طلاق كثيرة بسبب سيادة هذا الواقع، خصوصاً في اوساط المهاجرين الجدد من العرب الذين منحتهم كندا حق اللجوء السياسي بعد حرب الخليج.
الاتحاد العربي الكندي
هذا على صعيد الانعكاسات السالبة للدساتير الموصوفة بالرقي على حياتنا العربية المحافظة. لكن هناك صعيداً آخر تبرز آثاره السلبية طرفه اهل البلد من الكنديين الاصليين الذين يرفضون الهجرة واللجوء لكندا، ويعبّرون عن ذلك على المستوى الاجتماعي في اوساط العرب والزنج والآسيويين عنصرياً. على رغم ان الدستور الكندي يكافح بشدة التمييز على أسس عرقية وثقافية وعلى رغم ان كندا بلد الثقافات المتعددة وتعد الدولة الأولى في العالم التي تحترم القوميات والإثنيات المتعددة، وتقدم اليها كل الخدمات المطلوبة لتزدهر ثقافتها الأم وتتواصل في ظل التفتح الحر لتثري المجتمع الكندي وتزيده غنى ثقافياً يوازي الغنى الاقتصادي الذي تعيشه كندا، وذلك على مستوى الدستور والقانون. غير ان مسلك بعض الجماعات الكندية يناقض ذلك تماماً، بل ان حزباً عنصرياً هو حزب الاصلاح الذي حصل على 66 مقعداً في الانتخابات الماضية يدعو صراحة الى تفريغ كندا من المهاجرين من اصول غير اوروبية بوجه عام وغير ايرلندية بوجه خاص.
كان لا بد للعرب بعد النجاحات التي حققوها في كندا، وحماية لرأس المال العربي المهاجر والذي يقدره بعض المراقبين ببلايين الدولارات الاميركية في شكل استثمارات ابرزها شركة ليون، وهي اكبر شركة لانتاج الأثاث المنزلي والمكتبي، كان لا بد لهم من هيئات عربية تحمي مصالحهم وتدافع عن حقوقهم وتتصدى لقضاياهم، فكان "الاتحاد العربي الكندي" وهو المظلة الفيديرالية التي تمثل الكنديين المنحدرين من أصل عربي، وتندرج تحته المنظمات العربية ذات الطبيعة المدنية والسياسية، مثل "الجمعية العربية" في لندن اونتاريو، و"المؤسسة الفلسطينية" مونتريال، و"جمعية الصداقة العربية - الكندية" ادمنتون و"رابطة الطلاب العرب" وبقية تنظيمات الجالية العربية المسجلة في كندا.
يتخذ "الاتحاد العربي الكندي" مونتريال مقراً ويرأسه الدكتور جون عصفور. ويهدف الاتحاد الى العناية والمحافظة والتعبير والدفاع عن مصالح الجاليات العربية، ومكافحة التمييز العنصري ضد العرب، كما يهدف الى خلق نظام هجرة عادل ويهتم بعلاقة كندا مع الوطن العربي الكبير.
وتحدث لپ"الوسط" جهاد العويوي الفلسطيني الأصل الذي يعمل مديراً تنفيذياً للاتحاد عما حققه الاتحاد بصفته الفيديرالية للعرب على مستوى كندا، وخصوصاً في ما يتعلق بمناهضة التمييز العنصري ضد العرب. وبدأ كلامه لپ"الوسط" بسرد الحادثة المتعلقة بمايك هيرس رئيس وزراء حكومة المحافظين التي تحكم اقليم اونتاريو، وهو أغنى وأهم اقاليم كندا ويضم اكبر المدن وأهمها مثل اوتاوا - العاصمة السياسية لكندا، وتورنتو كبرى المدن الكندية، وشلالات نياغارا اهم المعالم السياحية في كل كندا.
ذكر العويوي ان الحادثة بدأت بمظاهرات قبل عامين قام بها متظاهرون من مدينة تورنتو احتجاجاً على سياسات حكومة المحافظين الداعية الى التقشف، وعندما سألت الصحافة رئيس الوزراء عن مدى تأثير هذه المظاهرة على سياسات حكومته اجابه بأنها مظاهرة لا قيمة لها، لأنها مؤلفة من العرب وبعض المهاجرين. وتابع العويوي: "عند سماعنا لتصريح رئيس الوزراء من الاذاعة ومطالعتنا له في الصحف عقد الاتحاد العربي - الكندي مؤتمراً صحافياً في مبنى برلمان المقاطعة حشدنا له كل وكالات الانباء وشبكات التلفزيون والصحافة، وأعلنا ان مسلك رئيس الوزراء يجافي روح الدستور الكندي ولا يساعد في الحفاظ على مجتمع متعدد الثقافات والجنسيات. وبعثنا رسالة الى مكتبه ندين فيها تصريحاته". بعد يومين بعث لنا رئيس الوزراء برسالة اعتذار "تناولت اجهزة الاعلام محتواها كما عرضتها الصحافة المحلية والعالمية".
وأشار العويوي أيضاً الى اعتذار مجلس التعليم الكندي للعرب وذلك حين نشر المجلس ضمن مادة المعلومات العامة معلومات عن اغتيال رئيس الوزراء الاسرائيلي اسحق رابين مفادها ان متطرفاً عربياً مسلماً اغتال رابين، "فأرسل الاتحاد مذكرة احتجاج لمجلس التعليم وقعت عليها 20 منظمة اسلامية في كندا، فقام مجلس التعليم الكندي بالاعتذار عبر وسائل الاعلام والصحافة وأرسل خطابات لجميع الطلاب لتصحيح معلوماته. كما كلّف الدكتور ابراهيم حياني وهو عربي سوري يعمل استاذاً في كلية سنيسكا الجامعية بالكتابة عن التمييز ضد العرب والمسلمين".
يقيم في كندا نحو مليون مسلم، يشكلون 4 في المئة من مجموع السكان ويتركّز غالبيتهم في منطقة لاك لابيتش في اقليم البرتا. ومعظمهم من أصل لبناني.
وهذا العدد من المسلمين تتقاسمه بلدان عدة، الافريقية منها مصر والسودان وأريتريا والصومال وليبيا وتونس والجزائر والمغرب وموريتانيا والكاميرون وتشاد وكينيا ومدغشقر ومالي ومالاوي وموزمبيق والنيجر ونيجيريا والسنغال وسيراليون وجنوب افريقيا وتنزانيا ويوغندا وبوركينا فاسو وزائير وزيمبابوي. والشرق الأوسطية والآسيوية منها: لبنان وسورية وفلسطين والأردن والعراق واليمن وأفغانستان وبنغلاديش والهند وأندونيسيا وإيران وباكستان وتركيا. ومن أوروبا: البوسنة وكرواتيا وألبانيا. وذلك طبقاً لأرقام المركز الاسلامي في تورنتو الصادرة في 1995.
وللمساجد تاريخ في كندا، فأول بقعة رفع فيها النداء أن حيّ على الصلاة كانت إدمنتون في اقليم البرتا، حيث شيد المسلمون من لبنان "مسجد الرشيد" في 1890. وكذلك بنوا مسجداً في لندن أونتاريو. اما أول مسجد في تورنتو فقد بناه الألبانيون، وبعد ذلك عمت بيوت الله معظم أقاليم كندا.
يرفد هذا البناء لبيوت الله عمل مؤسسي آخر يتمثل في الجمعيات والمنظمات الاسلامية التي يبلغ عددها 40 في اقليم اونتاريو وحده، وتتخذ من "مجلس الشورى الاسلامي" مظلة لها. وقد دعا المجلس في آخر اجتماع له المسلمين الى الانخراط في الحياة العامة الكندية من خلال الاحزاب للوصول الى اهدافهم. وضمن تلك الجمعيات "جمعية الهدى الاسلامية" التي تشرف على مدرسة عربية اسلامية بضاحية سكاربرو في تورونتو الكبرى. وتقوم الآن بتشييد مسجد في هاملتون تضم اوقافه مساكن لعائلات اسلامية. وتصدر الجمعية مجلة فصلية تهتم بالقضايا الأسرية كالطلاق. وتقدم مقترحات في ضوء مفاهيم دينية للشباب الصاعد الذي يعيش نمطين من الحياة. كما تبث صفحات على شبكة الانترنت، كان آخرها ما نقلته عن كتاب الدكتور يوسف مروة الذي أعدّ بحثاً علمياً يؤكد فيه ان العرب والمسلمين جاؤوا الى شمال اميركا قبل كولولمبس بنحو 500 عام. وعُقدت منتديات كثيرة لمناقشة هذا الرأي في مراكز اكاديمية كندية مختلفة، كانت آخرها الندوة التي عقدت بكلية الطب في جامعة تورونتو في تشرين الثاني نوفمبر الماضي.
الحياة الثقافية والصحافية
تصدر في كندا صحف عربية مدعومة من مراكز الثقافات المتعددة لتنطق باسم الجاليات العربية المختلفة، فهنالك صحيفة "المستقبل" اللبنانية، و"أخبار العرب" المصرية و"المرآة" العراقية و"كل شيء" و"عرب ستار" و"العروبة".
وطابع هذه الصحافة طابع مهجري، يهتم بنقل الاخبار عن الصحف والمجلات العربية التي تصدر في الوطن العربي ولندن للمهاجرين العرب في كندا. كما تهتم بقضايا الجاليات العربية.
اما على صعيد الحياة الثقافية والفنية فلا يخلو اسبوع من احتفال عربي لبناني او سوري او عراقي او أردني او فلسطيني او سوداني. ولا تخلو الصحف من اعلانات عن الحفلات العربية التي يحييها الفنانون العرب الذين تستقدمهم الجالية العربية كالفنان راغب علامة. كما تنظم الجاليات احتفالات تعكس الطابع الفني الذي يمثل بلدانها. وقد اقامت الجالية السودانية في سانت كاثرين احتفالاً انتزع اعجاب الكنديين ولفتت الرقصات السودانية النسائية بالثوب السوداني الأنظار. اما اكبر الاحتفالات الفنية فقد اقامتها الجالية العربية في تشرين الأول اكتوبر الماضي وانتزعت رقصة الدبكة اعجاب الكنديين، وتصادح اللحن الغربي مثيراً الشجن الشرقي لوجدان العروبة.
اما على صعيد الأدب والثقافة، فلا شك في مواكبة المثقفين والأدباء العرب في كندا. وأبرز دليل على ذلك الاحتفال المهيب الذي أقامته الجالية العراقية تأبيناً لشاعر العرب والعراق الكبير محمد مهدي الجواهري الذي شارك فيه "الاتحاد العربي الكندي" و"مركز التراث العربي" واتحاد الاعلاميين العرب" و"مؤسسة الدراسات العربية والاسلامية" و"الحركة الوطنية اللبنانية" و"المؤتمر الوطني الكردي". وقدمت فرقة المسرح العراقي مسرحية مستوحاة من قصيدة "ما تشاؤون" للجواهري اخرجها الفنان العراقي كريم حثير، وقدمت مجموعة من الشعراء قصائد في رثاء الشاعر الكبير كان أبرزهم الشاعر العراقي كاظم البشير.
النشاط السياسي
ولا بد من القاء الضوء على اكثر الحركات السياسية نشاطاً وفاعلية في كندا. ويمكن القول ان ثمة أربع حركات سياسية بمختلف ألوان طيفها السياسي هي الأبرز نشاطاً، وتمثل العراق وإيران ونيجيريا والسودان. والمعيار لهذا الاختيار فاعلية هذه الحركات واهتمام اجهزة الاعلام الكندية بنشاطها ومستوى تفاعل الحكومة الكندية على المستوى الرسمي مع نشاطاتها.
وتنبع اهمية الحديث عن نشاط الايرانيين في كندا من ان عددهم يصل الى نحو 120 الفاً يعتقد ان 118 ألفاً منهم معارضون لحكومة بلادهم. اما الحركة السياسية العراقية فتثير الاهتمام بما تلقاه من تجاوب اعلامي وسياسي في كندا. وبرزت الحركة السياسية النيجيرية بوجه خاص اثر التجاوب الذي حظيت به زيارتان قام بهما لكندا الشاعر والروائي النيجيري وولي سونيكا الحائز على جائزة نوبل للآداب.
اما النشاط الذي يقوم به السودانيون فيحظى بقدر كبير من الاهتمام الحكومي والشعبي، خصوصاً اثر الاعلان الرسمي الكندي الصادر في أيار مايو 1995 وجاء فيه ان الحكومة الكندية قررت فتح باب اللجوء لكندا للسودانيين المقيمين في دول الشرق الأوسط وشرق أفريقيا، وقفزت اعداد السودانيين على الأثر لأضعاف ما كانت عليه، ورافق ذلك نشاط سياسي واسع.
وقد ارتبطت جميع الخطوات السياسية التي اتخذتها كندا ضد الحكومة العسكرية النيجيرية بالجهود التي قام بها الأديب العالمي ولي سونيكا حامل جائزة نوبل للعام 1986. وقد قام سونيكا بزيارتين ناجحتين في 1996 و1997 لكندا عومل خلال الزيارتين معاملة رؤساء الجمهوريات، اضافة الى احتفاء اتحاد الكتّاب الكندي به، والدعم اللامحدود الذي قدمته لجنة حماية الصحفيين الكندية لإنجاح زيارتيه.
والمعارضة النيجيرية هي المعارضة الوحيدة التي لها مكاتب في كندا وتدير اعمالها اليومية من مكتب في تورونتو تحت حراسة امنية مشددة. ويتولى سونيكا حالياً رئاسة "الحركة الوطنية النيجيرية" ويشرف على اذاعة المعارضة النيجيرية.
لم يكن للمعارضة السودانية أي اهتمام بكندا الا بعد الحادثة الشهيرة التي كان طرفاها الدكتور حسن الترابي الأمين العام للجبهة الاسلامية القومية وبطل الكاراتيه هاشم بدر الدين. وكان مطار أوتاوا مسرحاً للحادثة التي كادت ان تودي بحياة رئيس البرلمان السوداني. وعلى رغم ان الاشتباك تم بدوافع ليست لها علاقة بمخطط، فان الحكومة السودانية اتهمت المعارضة بأنها وراء تدبير ما وصفته محاولة لاغتيال زعيمها.
وقال هاشم بدر الدين لپ"الوسط" انه لم يكن ينوي الاشتباك مع الترابي "لولا أن مرافقه الدكتور حسن مكي اعتدى عليّ اثناء احتجاجي على سياسات الترابي بترديد هتافات، فاضطررت الى ضربهما معاً دفاعاً عن النفس وهذا ما أثبته للمحكمة الكندية التي أمرت باخلاء سبيلي".
بدر الدين الآن عضو فاعل في الجيش الشعبي لتحرير السودان الذي يتزعمه العقيد جون قرنق. وأصدر الاخير قراراً يمنح فيه هاشم بدر الدين رتبة رائد، وعيّنه قائداً للقوات الخاصة التابعة لپ"لواء السودان الجديد". وقال بدر الدين انه في طريقه لجنوب السودان مع مجموعة من المتدربين على فنون الكاراتيه من السودانيين المقيمين في كندا وأميركا ليباشر مهماته العسكرية في جنوب السودان.
وبدأت المعارضة السودانية تنتعش في كندا بعد ان قررت الحكومة الكندية نتيجة اقتناعها بتجاوزات الحكومة السودانية في مجال حقوق الانسان بمنح اللجوء السياسي لمجموعات من كل فصائل المعارضة السودانية، فارتفع عدد السودانيين في عام واحد ليصل الى ثلاثة آلاف، معظمهم من ابناء الاقليم الجنوبي السوداني.
على ان هذا الكم الهائل من السودانيين الذين قدموا حديثاً الى كندا لم يتمكنوا حتى الآن من انشاء فرع للتجمع الوطني - المظلة السياسية للاحزاب والنقابات السودانية المعارضة للنظام الحاكم في الخرطوم


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.