جوليان مور نجمة سينمائية اميركية لمعت في العام 1992 حين أدت أحد الأدوار الأولى في الفيلم المخيف "اليد التي تحرك المهد". وفي العام 1993 كانت احدى بطلات "شورت كاتس" الناجح لروبرت التمان، ثم بطلة "فانيا" للراحل لوي مال. وذلك قبل ان تشارك سيلفستر ستالون بطولة "القتلة" وثم هيو غرانت بطولة "تسعة أشهر". وها هي الآن تحمل عبء فيلم "أمان" الدرامي الصعب فوق كتفيها وتثبت انها فنانة متعددة المواهب تلعب بجمالها وأحاسيسها بمهارة فائقة حسب متطلبات أدوارها. وكان لپ"الوسط" معها في باريس لقاء وحوار. تتميز جوليان مور بجمال هادئ وناعم يجعلها تنتقل من أدوار الخوف "اليد التي تحرك المهد" الى الدراما الاجتماعية "شورت كاتس" الى الحبكة المعقدة والتاريخية "فانيا"، الى الكوميديا "تسعة أشهر"، الى المأساة النفسية "أمان"، وكل ذلك بمهارة فائقة تضع صاحبتها في مرتبة الممثلات الكبيرات ضمن بطلات الجيل الهوليوودي الجديد. ظهرت جوليان فوق غلاف مجلة "فانيتي فير" الأميركية الشهيرة، الى جوار أوما ثورمان وباتريسيا أركيت ونيكول كيدمان وغيرهن من الفنانات اللواتي يصنعن هذا الجيل الصاعد في عاصمة السينما الأميركية. والطريف ان جوليان ذات الجمال الهادئ قادرة على تغيير ملامحها في غمزة عين والتحول الى امرأة ذات جاذبية صارخة اذا تطلبت شخصيتها السينمائية مثل هذا التغيير. وفي فيلمها الجديد "أمان" تؤدي دور امرأة متزوجة من رجل تحري، تقضي وقتها في الاهتمام بنفسها وممارسة التدريبات الرياضية مع صديقاتها الى ان تنتابها حالة من التوتر العصبي الشديد تؤدي بها الى الجنون المطلق والانهيار التام. والفيلم يتميز بقوة في الاخراج اذ يبدأ بشكل هادئ جداً يضع المتفرج في حالة من الاطمئنان، ثم ينقلب فجأة الى مأساة حقيقية تسبب توتر المتفرج بشكل مواز لحالة الاضطراب التي تعيشها البطلة. كيف عشت حالة الجنون التي تنتابك في الفيلم وهل أنت على دراية بتأثيرها على أعصاب المتفرج؟ - أعرف ان اداء هذا الدور قد وضعني في حالة من التوتر النفسي الشديد طوال أيام التصوير، اذ كنت أواجه صعوبة كبيرة في التخلص من عبء الدور عقب انتهاء يوم العمل وكان من المستحيل عليّ العثور على هدوء شخصيتي الطبيعية ثم معاودة تقمص الجنون في صباح اليوم التالي. أما عن المتفرج فقد سمعت فعلاً حكاية تأثره بالفيلم وأنا سعيدة بذلك. ان رد فعل المتفرج يعبر عن نجاح أو فشل الفيلم، وأعتقد اني نجحت في هذه المرة، وكذلك المخرج وسائر العاملين في الفيلم. التلفزيون أولاً يبدو ان النجاح يحالفك في كل مرة، فأنت عملت مع أكبر السينمائيين لا سيما ألتمان ولوي مال وأفلامك بصورة عامة تلاقي الرواج العالمي. كيف دخلت الى عالم السينما؟ - درست المسرح وبدأت حياتي المهنية فوق الخشبة في نيويورك في ادوار كلاسيكية وحديثة. مثلت الدراما والكوميديا واكتسبت خبرة جيدة وسريعة لأن المسرح خير مدرسة في مهنة التمثيل. لم أحلم بالعمل السينمائي، وكنت راضية عن نشاطي المسرحي وكان أملي هو التقدم فيه أكثر وأكثر عبر الأدوار القوية المعروضة عليّ. والواقع ان التلفزيون راح يوليني اهتمامه قبل السينما، فعملت في أكثر من مسلسل للشاشة الصغيرة أثناء عملي في المسرح وذلك طوال ثلاثة أعوام كاملة. وفجأة عثرت على عرض للعمل في الفيلم المخيف "اليد التي تحرك المهد" الى جوار ربيكا دي مورنيه. كان المخرج كورتيس هانسون شاهدني فوق المسرح وفكر في منحي دور امرأة تكتشف هوية القاتل فتروح ضحيته قبل ان تبوح بالسر. ماذا كان رد فعلك أمام هذا العرض؟ - أصابتني الدهشة في أول الأمر، فلم أتوقع ابداً العثور على عمل في هذا اللون السينمائي، ولم أفهم ما الذي حث المخرج على التفكير فيّ. درست السيناريو ووجدته مقنعاً، يتضمن اثارة متصاعدة في حبكته فوافقت من دون أي تردد. وعندما سألت كورتيس هانسون عن سبب اختياره لي، قال ان ادائي المسرحي اقنعه بأني قادرة على تقمص كل الشخصيات مهما كان نوع الفيلم. شعرت بالفخر طبعاً وبذلت كل جهدي حتى أكون على المستوى المطلوب عند التصوير. تخصص هل توالت العروض في ما بعد اثر نجاح الفيلم الأول؟ - نعم. لكني رفضتها وعدت الى جذوري المسرحية من دون أي تردد أو ندم. لماذا؟ - لأن العروض كلها كانت من النوع المماثل لفيلمي الأول. لم أرغب أبداً في التخصص في أدوار الخوف، خصوصاً ان السيناريوهات التي تلقيتها كانت بلا استثناء دون المستوى المطلوب. وفي يوم تلقيت عرضاً للالتقاء بروبرت ألتمان الذي كان يحضر فيلمه "شورت كاتس". كانت المقابلة مثيرة جداً وحصلت على أحد الأدوار المهمة في الفيلم وأنا احتفظ بذكريات حلوة عن عملي تحت ادارته. لكنك ظهرت في مشهد جريء في هذا الفيلم. ألم يضايقك الأمر بشكل أو آخر؟ - ترددت عندما قرأت تفاصيل اللقطة هذه في السيناريو، ثم وافق ألتمان على ان أناقشه فيها، وعرف كيف يقنعني بخوض التجربة فمنحته ثقتي التامة في ما يتعلق بطريقة تصوير المشهد. وكان على حق، فالنتيجة في النهاية ممتازة والمشهد في الفيلم شاعري جميل لا يثير أو يصدم المتفرج بأيّ شكل من الأشكال. تشيخوف ماذا عن لوي مال الفرنسي الذي منحك بطولة فيلمه "فانيا" المصور في نيويورك؟ - كنت أعرف أفلام لوي مال، فهو يعمل بين باريسونيويورك وهوليوود منذ سنوات طويلة، كما اني عملت في المسرح تحت ادارة المخرج اندريه غريغوري، صديق لوي مال الحميم. والذي حدث هو قيام لوي مال بتحويل مسرحية تشيخوف "العم فانيا" التي اخرجها غريغوري في نيويورك الى فيلم سينمائي. وكنت أنا بطلة المسرحية أساساً، فوجدت نفسي بطلة الفيلم. وكانت التجربة هائلة ومثيرة وأشكر لوي مال عليها اذ كان من الممكن ان يختار نجمة سينمائية غيري لاداء الدور، فهذا ما يحدث عادة عند تحويل الأعمال المسرحية الى أفلام للسينما. ماذا عن عملك مع ستالون في فيلم "القتلة"؟ - اعتبر الفيلم بالنسبة إليّ غلطة شباب. والسبب في ذلك هو عدم توافر أي دور نسائي مهم في هذا اللون السينمائي وأقصد المغامرات، وبالتالي لم أفعل في الفيلم ما يلفت الانتباه سوى الوقوع في غرام البطل والبحث عن حمايته لي في المواقف الخطرة التي تعرضت اليها. هل أعجبك التمثيل مع هيو غرانت في الفيلم الكوميدي "تسعة أشهر"؟ - انا أعشق الكوميديا، وأتمنى العثور على أدوار في هذا المجال تفوق من حيث النوعية فيلم "تسعة أشهر" الذي قد أعتبره أيضاً بمثابة غلطة في مشواري الفني. لكن المرء يتعلم من وراء غلطاته، أليس كذلك؟ أما عن هيو غرانت فهو رجل ظريف لا أكثر ولا أقل وأعتبره من النوع المحدود فنياً، ووسامته هي مبرر نجاحه في المرتبة الأولى .