تنتمي جنيفر جيسون لي الى فئة ممثلات هوليوود البارزات، وهي تؤدي أدواراً من كافة الأشكال والألوان متنقلة بسهولة غريبة بين المرح والدراما والمغامرات. لقد كانت بطلة "لحم ودم" العنيف جداً الى جوار العملاق الرياضي روتغر هاور، كما ظهرت في "باكد رافت" لرون هوارد، و"الخروج الأخير تجاه بروكلين" لأولي ايدل، و"امرأة بيضاء وحيدة" لباربيه شرويدر حيث كانت مجرمة تعذب ضحيتها بريدجيت فوندا بشكل مروع. وآخر فيلم لها نزل الى الاسواق كان "شورت كاتس" الناجح جداً للسينمائي روبرت ألتمان. لم يكن انطباعنا الأول عن جنيفر ايجابياً الى درجة كبيرة فهي استقبلتنا بشيء من البرودة اتضح في ما بعد انها حماية ضد الصحافيين المحبين للأسئلة الخصوصية أكثر من المهنية. وبما اننا كنا حضرنا اسئلة تدور حول ادوارها السابقة وليس فقط ما جاءت لتقديمه في باريس حيث التقيناها، بدأنا الحوار بسؤالها عن فيلميها اللذين عرضا لها في مهرجان "كان" الاخير، فذاب الطابع البارد الذي كان ميز بداية اللقاء واندمجت جنيفر في الكلام. هل اعطيت أهمية كبيرة الى وجودك في "كان" الأخير بفيلمين كبيرين؟ - طبعاً، سعدت جداً بالحدث واعتبرته كنوع من الانتقام لما حدث لي منذ عامين في مهرجان السينما الأميركية في دوفيل فرنسا. كنا هناك ولم نشاهدك. - هذا ما أتكلم عنه. كان فيلمي "امرأة بيضاء وحيدة" معروضاً في المهرجان ولم استطع القدوم الى فرنسا بسبب ارتباطي بعمل مسرحي في الولاياتالمتحدة الأميركية منعني من السفر. لذا كان حضوري في "كان" الفائت لتقديم عملين في آن بمثابة تعويض عن غيابي المذكور. الدور المفروض حدثينا عن كيفية لقائك بالمخرج آلان رودولف صاحب فيلم "مسز باركر" الذي قدم في "كان" حيث تؤدين شخصية الروائية الراحلة دوروثي باركر ببراعة مميزة مغيرة نبرة صوتك بطريقة رائعة. - ان حكاية لقائي بألان رودولف طريفة الى حد بعيد تضحك. وأتمنى ألا يكون قد ندم على انتقائي في فيلمه، فالقدر وضعني في طريقه ولم يترك له الخيار الكلي بشأن منحي أو عدم منحي الدور. كنت عملت تحت ادارة السينمائي روبرت ألتمان في فيلم "شورت كاتس" ويبدو انني حظيت برضا ألتمان كلياً عن أسلوبي في اداء الدور الصعب الذي منحه لي. وبما ان ألتمان هو منتج فيلم "مسز باركر" راح يلح على ألان رودولف كيْ يستعين بي لبطولة فيلمه. لم يكن رودولف يعرفني الا بالاسم، ومن الواضح والطبيعي انه كان يرغب في اختيار ممثلة شاهدها من قبل ويثق في موهبتها، خاصة ان المسألة هنا كانت تتعلق بالدور الأول في الفيلم. وأمام اصرار ألتمان واقتناعه التام بضرورة قيامي ببطولة الفيلم، لم يعثر رودولف على حل غير اسناد الدور اليّ ووضع ثقته في رأي روبرت ألتمان استاذه السينمائي منذ سنوات طويلة. لم أكن سعيدة شخصياً بهذه الحكاية على رغم فرحتي بالدور لأنني أعرف مدى حساسية أي مخرج سينمائي اذا سلبت منه حريته في اختيار ممثليه ووجد نفسه أمام الأمر الواقع خاصة بشأن الدور الأول في الفيلم. بدأت اتدرب جدياً على الدور وبحثت عن كل ما يخص حياة الكاتبة دوروثي باركر حتى أقترب منها في أدائي بطريقة مثالية. وبين مميزات دوروثي صوتها غير العادي، فرحت أستمع الى شرائط مسجلة بأحاديث منحتها الى المحطات الاذاعية وتدربت على اقتناء نبرة شبيهة بتلك التي تمتعت هي بها. لاحظ آلان رودولف مدى اهتمامي باتقان دوري وكيف عثرت على وثائق تعود الى فترة العشرينات والثلاثينات وتخص دوروثي باركر، فبدأ يعاملني بطريقة جيدة واقتنع بأني أصلح لأداء الدور ولم تعد المسألة عبارة عن ضغط مارسه منتج الفيلم ليفرضني على المخرج بقدر ما أصبحت علاقة مهنية فعلية بيني وبين رودولف. كان من المهم ان أتوصل الى هذا الشيء وإلا ساد التوتر جو تصوير الفيلم ولا يوجد ما هو أسوأ من ذلك خلال العمل. في "شورت كاتس" لروبرت ألتمان تتفوهين بألفاظ جريئة جداً. هل كان من الصعب اتقان هذا الدور؟ - نعم وخاصة في البداية. كدت ان أرفض الدور عند قراءتي السيناريو والشيء الذي حثني على القبول هو كون ألتمان أخرج الفيلم. انه من أكبر السينمائيين العالميين ووضعت ثقتي فيه اذ ليس من الممكن ان يقدم على اخراج عمل رديء او اباحي أبداً. وفعلاً تعلمت الدور على يديه ووجدت نفسي أقول الكلام الجريء وكأنني ألقي نصاً لشكسبير. ان الشخصية التي أديتها في الفيلم تقول مثل هذا الكلام هاتفياً كوسيلة لكسب عيشها اذ تتقاضى اجراً لقاء ردها على مكالمات جريئة، وهي زوجة وأم. استقلال فني كيف تتفادين الوقوع في فخ التخصص المهني فكل أدوارك مختلفة عن بعضها تماماً؟ - تبتسم هناك الحظ والارادة. أنا بدأت حياتي الفنية في المسرح ثم جاء دور التلفزيون وكنت أعثر دوماً في كل واحد منهما على أدوار متنوعة تنتمي الى الكوميديا أو الدراما. وعندما دخلت السينما الى حياتي لم تغير عنصر التنويع الذي كنت اعتدته وبقيت أتقمص شخصيات مختلفة جداً. أنا من ناحيتي بذلت الجهود الكبيرة حتى أحافظ على هذا النوع من الاستقلال الفني ورفضت بعض الأعمال التي كانت تشبه غيرها. لكن الحظ لعب دوره بلا شك وربما اني أعرف كيف اجلبه لنفسي. أديت دور الشريرة في "امرأة بيضاء وحيدة" حيث كنت تعذبين بريدجيت فوندا الى أبعد حد. هل تمتعت بتقمص المجرمة بدلاً من البطلة الطيبة القلب؟ - نعم. أنا سررت بأداء هذا الدور واكتشفت ان تمثيل الشر يجلب متعة أكبر الى الفنان من تمثيل الخير لمجرد ان مجال التعبير أوسع وأكثر فعالية. أنا أفضل تدبير الخطط الشيطانية على البكاء المستمر المطلوب من الممثلة التي تؤدي شخصية الضحية. لقد فكر المخرج باربيه شرويدر أولاً في منحي دور الضحية ثم وقع في غرام بريدجيت فوندا فأراد ان تكون هي الطيبة وأسند اليّ دور الشريرة. ربما تكون هذه المرة الأولى التي تأتي حكاية حب بين مخرج وممثلة بنتيجة حسنة لممثلة ثانية تضحك. لحم ودم قمت منذ عشر سنوات تقريباً بدور جريء في فيلم "لحم ودم" الذي أخرجه بول فرهوفن وهو الرجل نفسه الذي اخرج "بيزيك انستنكت" غريزة أساسية مع شارون ستون منذ عامين. فهل كنت عبارة عن قنبلة مثل شارون قبل الأوان؟ - دارت أحداث هذا الفيلم في العصور الوسطى، وكانت تدمج بين الحب العنيف والمغامرات الدامية. أنا مثلت فعلاً لقطات جريئة مع الممثل روتغر هاور لكنني على خلاف شارون ستون لم اتخصص في هذا اللون السينمائي ولا في غيره كما سبق وذكرت. وبالتالي لا يمكن اجراء أي مقارنة بيني وبينها أو تسميتي بقنبلة. أنا أحسن التصرف بشأن حياتي الفنية أكثر من شارون ستون حسب ما يبدو لي تضحك.