بما اننا في الصيف، موسم الافراح والليالي الملاح، فإن واجبي كأحد قدامى المحاربين، ان أذكّر كل عروس بالمثل الشعبي "ما مت ما شفت مين مات"، مع تقديري انه سيذكرني بالمثل الآخر "الموت مع الكثرة حلو" او المثل "حط رأسك بين الروس وقول يا قطاع الروس". وتكفي هذه المقدمة مثلاً او امثالاً لذلك اكمل بقصة: عاد زوج الى بيته باكراً فوجد زوجته في احضان افضل اصدقائه. وقال الصديق: قبل ان تقول شيئاً اسمح لي ان اتكلم. انا احب زوجتك جداً، وعندي لك اقتراح. ما رأيك ان تلعب عليها "دق ورق" شدة، فإذا ربحت انا فأنت تطلقها وأنا اتزوجها. واذا خسرت فإنني اعدك بألا اراها بعد الآن ابداً. ما رأيك؟ "دق كاتورز" لعبة في الشدة ونحل مشكلتنا نهائياً. وفكّر الزوج وقال: انا موافق، ولكن اقترح ان نلعب النقطة بجنيه، لنجعل اللعبة اكثر اثارة. وكنت سمعت هذه الطرفة قديماً، الا انها لم تكن "دق كاتورز"، بل بوكر، والصديق يفتح ورقه ويقول: يا لطيف، هذا أسوأ ورق لعبته في حياتي. ان اعلى ورقة في يدي هي سبعة. ويقول الزوج: ربحت، وهو يخلط ورقة بسرعة وسط اوراق اللعب. على كل حال، اذا لم يكن من الزواج بد، فالأفضل للشاب المتفائل وإلا ما اقبل على الزواج ان يتزوج من متشائمة لأنها لن تنتظر منه ان يسعدها. افضل من هذا ما سمعت عن شابين عاشا فعلاً في سعادة، فهو عندما سألها: هل تتزوجيني؟ قالت: لا. وقريب من هذا ما سمعت عن شاب قال لشابة ان كلمة واحدة فقط ستعطيه السعادة الدائمة، وسألها: هل تتزوجيني؟ وقالت لا. ورد: هذه هي الكلمة. وكنت اعرف رجلاً فيه شيء يجذب النساء... الى الرجال الآخرين، لذلك فعندما طلب الزواج من حسناء، قالت له: اترك اسمك ورقم تلفونك، واذا لم أتلق عرضاً افضل فسأعود اليك. اكتب كل هذا وقد حضرت اعراساً كثيرة هذا الصيف، وسأحضر مزيداً منها قبل نهايته، وأدرك انني لن اثني شاباً عن مغامرة الزواج، ولا اريد ذلك، وانما اريد ان يغامر مفتوح العينين، وان يدرك ان سبيل السعادة ليس الاخلاص، بل "الستر"، بمعنى انه اذا قرر ان "يعمل العمايل"، فعليه ان يعملها في بلد آخر حتى لا يضبط. ومع الستر يأتي النفاق، فالغواني يغرهن الثناء، والحكي مجاني، والكلمة الحلوة تكلف ما تكلف الكلمة المرة، لذلك اقتضى التنويه. وأعرف منافقين كثيرين، إلا ان انجحهم لا بد ان يكون ذلك المنافق الذي سألته حسناء سابقة انتهت مدة صلاحيتها: كم تقدر عمري. وتردد المنافق في الاجابة، فعادت تستحثه قائلة: لا بد ان عندك فكرة كم عمري، وهو لو قال ما يعتقد ان عمرها فعلاً لقتلته، لذلك فقد قال: لا اعرف هل اعطيك عشر سنوات اقل من عمرك بسبب جمالك، او عشر سنوات اكثر بسبب ذكائك. هذا الرجل يعرف طريق السعادة الزوجية كما لا يعرفه غيره، وبالتأكيد كما لا يعرفه رجل ينظر الى زوجته ويقول: شو هيئتك نصحانة يعني: يبدو أنك سمنت. وهي طبعاً تعرف ان وزنها زاد، وتحاول، ولا تحتاج الى ملاحظة زوج لم يعد غصن بان، بل لم يكن غصن بان يوماً. على كل حال لا اريد ان اكتب في موسم الاعراس من دون ان انتزع ايجابية من وسط التحذير بالويل والثبور وعظائم الامور، والايجابية البارزة. هذا الصيف ان جميع الاعراس التي حضرت كانت بين عرب من الجنسين، وارتحنا من عربي يتزوج فرنسية، او ايطالي يتزوج عربية. وهذا مهم يكفي عليه مثل صديق نعرفه جمع الملايين في السعودية خلال الطفرة، وسافر الى اميركا وتزوج اميركية وهما طلقا بعد بضع سنوات، وأخذت منه نصف البيت ونصف حساب البنك، وتزوج اميركية ثانية اخذت نصف البيت الثاني ونصف حساب البنك عندما طلقها خلال سنوات ايضاً. وانتهى زواجه الثالث بالطلاق وبالأميركية تأخذ نصف البيت ونصف حساب البنك، وانتقل الى شقة مفروشة، وآخر ما سمعت عنه انه عاد الى جدة يفتش عن عمل. وأعرف يقيناً ان كل أعراس الصيف هذا ستفضي الى سعادة غامرة، والى صبيان وبنات، وعيش في ثبات ونبات... وربما كان العكس صحيحاً.