ارتفاع أسعار النفط إلى 87.39 دولارًا للبرميل    نيابة عن خادم الحرمين .. أمير منطقة الرياض يحضر حفل تسليم جائزة الملك فيصل العالمية    ريادة "كاوست" تحمي التنوع بالبيئة البحرية    "تاسي" أحمر بتداولات 8.9 مليار ريال    "سامسونج" تحل مشكلة الخطوط الخضراء    طرح تذاكر مباراة الاتحاد والشباب في "روشن"    العين الإماراتي يختتم تحضيراته لمواجهة الهلال    قيادات أمن الحج تستعرض الخطط الأمنية    وزير الدفاع يبحث مع نظيره البريطاني التعاون الدفاعي    ارتفاع في درجات الحرارة على منطقتي مكة والمدينة وفرصة لهطول أمطار بالجنوب    منح السعوديين تأشيرة «شنغن» ل 5 سنوات    «السيادي السعودي».. ينشئ أكبر شركة أبراج اتصالات في المنطقة    «أرامكو» تبحث الاستحواذ على 10 % في «هنجلي» الصينية    السعودية تستعرض البرامج والمبادرات الوطنية في «الطاقة العالمي»    الإعلام والنمطية    «مسام»: نزع 857 لغماً في اليمن خلال أسبوع    تجربة ثرية    دور السعودية في مساندة الدول العربية ونصرة الدين الإسلامي    تعزيز التعاون الخليجي الأوروبي    الرباط الصليبي ينهي موسم "زكريا موسى" مع أبها    في إياب نصف نهائي دوري أبطال آسيا.. الهلال في مهمة صعبة لكسر تفوق العين    أخضر المصارعة يختتم البطولات القارية المؤهلة لباريس 2024    3 آلاف مفقود تحت الأنقاض في قطاع غزة    تطوير العلاقات البرلمانية مع اليونان    الشورى يوافق على مشروعي السجل والأسماء التجارية    الأزهار البنفسجية تكّون لوحة جمالية.. «شارع الفن».. مناظر خلابة ووجهة مفضلة للزوار    تقدير أممي لجهود مركز الملك سلمان في اليمن    غربال الإعلام يصطفي الإعلاميين الحقيقيين    الأمانة العلمية    «أضغاث أحلام» في جامعة الطائف    علماء الأمة    بمجموع جوائز تصل إلى مليون ريال.. الأوقاف تطلق هاكاثون "تحدي وقف"    النسيان النفسي    اختلاف زمرة الدم بين الزوجين    عيسي سند    أكثر من ثمانية آلاف ساعة تطوعية في هلال مكة    جمعية عطاء تدشن برنامجي قناديل وعناية    أمير الحدود الشمالية يطلع على برامج التجمع الصحي    العين بين أهله.. فماذا دهاكم؟    ماذا يحدث في أندية المدينة؟    أمانة المدينة تطلق الحركة المرورية في طريق سلطانة مع تقاطعي الأمير عبدالمجيد وخالد بن الوليد    قصور الرياض واستثمارها اقتصادياً    أمير حائل يفتتح أكبر قصور العالم التاريخية والأثرية    أمير حائل لمدير قطاع الحرف: أين تراث ومنتوجات حائل؟    شعوب الخليج.. مشتركات وتعايش    تدريب 25 من قادة وزارة الإعلام على تقنيات الذكاء الاصطناعي    سلسلة من الزلازل تهز تايوان    مساجد المملكة تذكر بنعمة الأمن واجتماع الكلمة    نائب أمير جازان يدشن حملة «الدين يسر»    حاجز الردع النفسي    الرياض تستضيف معرضاً دولياً لمستلزمات الإعاقة والتأهيل.. مايو المقبل    محافظ طبرجل يطلع على الخدمات البلدية    «البيئة» تُطلق مسابقة أجمل الصور والفيديوهات لبيئة المملكة    الزائر السري    أمير الرياض يرعى حفل تخريج دفعة من طلبة الدراسات العليا في جامعة الفيصل    وزير «الإسلامية» للوكلاء والمديرين: كثفوا جولات الرقابة وتابعوا الاحتياجات    انطلاق منتدى «حِمى» بمشاركة محلية ودولية.. ريادة سعودية في حماية البيئة لمستقبل العالم والأجيال    سعود بن بندر يستقبل أمين الشرقية ورئيس «جزائية الخبر»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خلاف سوري أردني "وحضور" ايراني وتركي وضغوط اميركي . من يخطف القمة ؟

يشكل انعقاد قمة عربية جديدة في القاهرة، هي الأولى منذ اندلاع أزمة الخليج والغزو العراقي للكويت قبل ست سنوات، انجازاً مهماً للديبلوماسيتين المصرية والسورية ودليلاً على مدى التنسيق الذي بات قائماً بينهما. فدمشق تعتبر هذه القمة ضرورية لتأمين الدعم العربي الواسع لموقفها حيال اسرائيل في مواجهة التحولات التي طرأت بفعل فوز بنيامين نتانياهو وتكتل "ليكود" اليميني في الانتخابات الأخيرة، والانعكاسات المتوقعة لذلك على مسار عملية السلام في المنطقة. أما القاهرة فترى في القمة مناسبة لاعادة جمع الصف العربي وتحقيق ما أمكن من التضامن بين أطرافه بعد مرحلة التشرذم. كما انها تعتبر استضافتها لها تكريساً لموقعها ودورها المركزي التقليدي عربياً واقليمياً. وفي الوقت نفسه، فإن الجانبين المصري والسوري يتفقان على أن الموقف الذي اتخذته المملكة العربية السعودية خلال قمة دمشق الثلاثية كان "الدفعة المحركة" لعقد القمة الموسعة.
وتقول المصادر الديبلوماسية المصرية ان القاهرة تنظر الى انعقاد القمة العربية في هذا الظرف ك "نقطة تحول" في الوضع العربي الذي "بات فعلاً في حاجة لنقلة نوعية لمواجهة المشاكل والتحديات التي يعانيها". وعكست تحركات الرئيس حسني مبارك التي استهدفت التمهيد للقمة هذا المفهوم. فبعدما انتهى من اجراء اتصالاته مع الملوك والرؤساء العرب، وسلّم موفدوه الدعوات الرسمية الى القادة الذين سيشاركون في أعمال القمة "بدأ على الفور في اجراء اتصالات جديدة بهدف التحضير لجدول أعمال القمة ومناقشة القضايا التي ستطرح فيها، وتحديد ملامح البيان الختامي الذي سيصدر عنها". ونقل مصدر مصري مسؤول عن الرئيس مبارك تأكيده خلال هذه الاتصالات ان "عقد القمة العربية له أهمية لا تقل عنها أهمية ما سيفعله العرب بعد انعقادها".
جمع الشمل بانتظار عودة العراق
وتطلق المصادر المصرية على القمة اسم "قمة جمع الشمل العربي"، للدلالة على الغرض الرئيسي الذي تطمح القاهرة الى تحقيقه منها. ولهذا تركز الجهد المصري منذ قمة دمشق الثلاثية على محاولة التوصل الى اتفاق على المواضيع التي ستبحثها قمة القاهرة، بعدما بدأت تظهر بوادر خلافات على بنود جدول الأعمال، والرغبة التي أبداها بعض الزعماء العرب في عدم التطرق الى مواضيع معينة حتى لا تؤثر الخلافات في وجهات النظر على مناخ القمة والرغبة في الخروج منها بموقف عربي موحد. ومن هذا المنطلق، تعيّن على الرئيسين مبارك والأسد وولي العهد السعودي الأمير عبدالله بن عبدالعزيز خلال اجتماعهم في دمشق حسم موضوع دعوة العراق أو عدم دعوته الى القمة تفادياً لأي اشكالات قد تبرز لاحقاً. وعلى رغم عدم وجود "قرار عربي رسمي" بمقاطعة العراق، على غرار قرار المقاطعة العربية لمصر في أعقاب كامب دافيد، فإن قمة دمشق ارتأت عدم توجيه الدعوة الى بغداد في هذه المرحلة لتأمين انعقاد القمة بأوسع مشاركة ممكنة، على أن تترك مسألة عودة العراق الى الصف العربي حتى مرحلة مقبلة. ولم تستبعد المصادر المصرية ان "يوفد الرئيس مبارك مبعوثاً خاصاً الى بغداد في أعقاب القمة للاطلاع على موقف العراق من جهود تنقية الأجواء العربية وتحقيق المصالحة، ومدى استعداد بغداد لتلبية المطالب التي ترى دول عربية أن على العراق تنفيذها لتقريب عودته الى الصف العربي". كما لاحظت المصادر ان مبارك أوفد الى الكويت، عشية قمة دمشق، وزير الثقافة فاروق حسني لتسليم رسالة الى أميرها الشيخ جابر الأحمد الذي حمّل الوزير المصري رسالة جوابية. ووصفت المصادر نتائج الاتصالات بين العاصمتين بأنها "ايجابية ومشجعة"، وتوقعت حدوث "تطور مهم في تعاطي الكويت مع قضية المصالحة العربية" من دون اعطاء تفاصيل عن ماهية هذا التطور.
وعلمت "الوسط" ان جدول أعمال القمة سيتضمن بندين رئيسيين هما: "تنسيق الموقف العربي من عملية السلام وتطوراتها وسبل دفعها الى الأمام، وامكانات جمع الشمل واعادة التضامن في اطار الجامعة العربية"، وبند ثالث أصرّت القاهرة على ادراجه تحت عنوان "ما يستجد من أعمال"، وذلك من منطلق اقتناع الديبلوماسية المصرية بضرورة "إبقاء الباب مفتوحاً أمام طرح أية قضية أو موضوع طالما ان عنوان القمة الكبير هو جمع الشمل".
وفي مقابل ذلك، ربطت دول عربية حضورها القمة ب "جدول أعمال محدد ينسجم مع بيان قمة دمشق الثلاثية"، ولم تبد حماسة لطرح مواضيع ذات طابع خلافي، باعتبار ان "توقيت القمة والمستجدات في المنطقة تفرض الاتفاق أولا على عملية السلام والموقف العربي منها"، ودعت الى اعتبار ذلك "العنوان الكبير للقمة". كما رأت هذه الدول، ان "الظروف لا تتحمل إثارة قضايا وتبادل اتهامات، خصوصاً في موضوع العلاقات مع اسرائيل، على سبيل المثال". لكن المصادر اعتبرت ان "الجلسات المغلقة للقمة ستوفر الفرصة ليطرح أي طرف ما يود من قضايا في اطار رغبة الجميع في التوصل الى وفاق عربي"، وأكدت ان هناك "اتفاقاً بين الجميع على البندين الرئيسيين"، أي الموقف من عملية السلام وتحقيق التضامن العربي، مشيرة الى ان القاهرة "لا تعتبر ان هناك مواضيع غير قابلة للطرح من حيث المبدأ". فالبيان الذي سيصدر عن القمة "لا بد أن يقول للرأي العام العربي شيئاً عن كل ما يدور في المنطقة من أحداث وما يمسّ الدول العربية من تهديدات وتحديات، وعن شكل الأداء العربي في مواجهتها خلال المرحلة المقبلة".
القمة والسلام
وتوقعت المصادر الديبلوماسية المصرية ان تتوصل القمة الى اتفاق عربي عام بالنسبة الى بندها الرئيسي الأول السلام، اذ ستؤكد "دعم عملية السلام والتجاوب مع خطوات دفعها وربط تطور العلاقات مع اسرائيل بالتقدم في تحقيق السلام، وفق تقويم عربي موحد تقتضيه مصالح الأطراف التي لا تزال تتفاوض معها، وهي سورية ولبنان والفلسطينيون". وأشارت المصادر خصوصاً الى الموقف المصري من مسألة "التعاون الاقليمي"، في ضوء القمة الاقتصادية الثالثة لدول الشرق الأوسط وافريقيا، المقرر عقدها في القاهرة في تشرين الثاني نوفمبر المقبل. إذ قال ديبلوماسي مصري رفيع المستوى في هذا المجال "ان الإعداد للقمة الاقتصادية يتم وفق تصور ان العام الحالي لن يكون عام السلام الشامل في المنطقة"، شارحاً ذلك بقوله: "ان الجمود على المسار السوري، والاعتداءات المستمرة على لبنان، والمفاوضات الصعبة على المسار الفلسطيني بخصوص المرحلة النهائية بسبب المواقف الاسرائيلية المتعنتة في شأن القدس والدولة الفلسطينية، هي عوامل ستنعكس سلباً على حماس الدول العربية المشاركة، وعلى مناخ القمة الاقتصادية ومصير المشاريع التي ستقدم فيها على صعيد التعاون الاقليمي وامكانات تطويره".
أما بالنسبة الى البند الرئيسي الثاني جمع الشمل، فتوقعت المصادر اتفاقاً عربياً على ضرورة بذل الجهود توصلاً الى تحقيق التضامن. وعلمت "الوسط" ان الرئيس مبارك سيطرح على القمة ورقة عمل تتضمن نقطتين أساسيتين، تنص الأولى على "تشكيل مجموعة عمل لتسوية مسألة عودة العراق الى الصف العربي واجراء اتصالات مع الأطراف العربية المعنية"، في حين تدعو الثانية الى "اقتراح عقد قمة عربية دورية مطلع كل عام"، على أن يتضمن البيان الختامي لقمة القاهرة "الدعوة الى عقد قمة عربية جديدة في كانون الثاني يناير المقبل في أي عاصمة عربية". ويشار الى أن الرئيس مبارك "استمزج بعض الزعماء العرب رأيهم فباركوا ذلك". وفي هذا المجال علمت "الوسط" ايضاً انه يتوقع ان تضم "مجموعة العمل" كلا من الرئيس مبارك والسلطان قابوس والشيخ زايد بن سلطان آل نهيان. كما انها ستكون مفتوحة أمام أي زعيم عربي يرغب في المشاركة في أعمالها، على "ان لا تتجاوز فترة عمل اللجنة ستة أشهر تمهيداً لضمان مشاركة العراق في القمة المقبلة".
المساعي مع بغداد
ويذكر ان القاهرة كانت استقبلت الشهر الماضي الوكيل الأول لوزارة الخارجية العراقية رياض القيسي الذي نقل رسالة من القيادة العراقية الى الرئيس مبارك. كما لوحظ ان بغداد سلّمت الى القاهرة والجامعة العربية أخيراً ملفاً يتضمن نتائج المفاوضات مع الأمم المتحدة في شأن تنفيذ قرارات مجلس الأمن "مؤكدة تنفيذها تلك القرارات وداعية الى تحرك الجامعة العربية لتنفيذ الفقرة 22 من قرار مجلس الأمن الرقم 687 المتعلقة ببدء الخطوات التدريجية لرفع الحصار عنه". واضافة الى المبعوث الذي تعتزم مصر ارساله الى بغداد عقب القمة، لا تستبعد المصادر ان يقرر الأمين العام للجامعة العربية الدكتور عصمت عبدالمجيد زيارة العاصمة العراقية أو إيفاد مسؤول من الجامعة اليها بعد إبداء الحكومة العراقية الرغبة في اجراء زيارة كهذه للتشاور على سبل تحقيق المصالحة العربية. واعتبر مراقبون ان "الوقت الحالي يوفر مناخاً ملائماً لخطوة من هذا النوع، خصوصاً في ضوء الاتفاق الذي تم التوصل اليه أخيراً بين العراق والأمم المتحدة من جهة، والرغبة المتزايدة في تنقية الأجواء العربية واستعادة التضامن من جهة ثانية".
وكان الرئيسان مبارك والأسد "تناولا خلال القمة الثنائية التي عقداها في القاهرة قبل أسابيع المساعي التي يبذلها العراق لتحسين علاقاته مع دمشق والقاهرة، وتبادلا وجهات النظر حول رسالة بعث بها الرئيس العراقي الى كل منهما في أيار مايو الماضي". وأفادت مصادر تابعت سير النقاش في هذا الموضوع ان الرئيسين "تحدثا عن الأجواء والظروف، وليس الشروط، التي تراها القاهرة ودمشق مناسبة لعودة العراق الى الصف العربي، ومنها ضرورة انهاء ملفه في مجلس الأمن".
وأكدت المصادر ان الرئيسين اتفقا "على ضرورة التوصل الى تقويم عربي لمدى التزام العراق قرارات مجلس الأمن، وصولا الى مشاركته في القمة العربية التي ستتم الدعوة الى عقدها العام المقبل. وفي رأي الزعيمين المصري والسوري ان "الحاجة باتت ملحة للتوصل الى مثل هذا التقويم العربي، لأن مسألة مدى التزام العراق بقرارات مجلس الأمن لا يجب أن تظل محصورة بيد طرف واحد، أي الولايات المتحدة. فواشنطن يهمها هذا التقويم من زاوية مصالحها، بينما يجب أن يتم ذلك على الجانب العربي من زاوية المصلحة العربية".
الملفات السورية
لكن الموقف في القمة لن ينحصر في العلاقات العربية - العربية، أو في قضية العراق فحسب، بل ان هناك أبعاداً اقليمية أساسية بالنسبة الى العلاقات العربية مع الدول المجاورة، خصوصاً ايران وتركيا، وتبرز على هذا الصعيد وجهة نظر سورية من القمة وأهدافها. وفيما تتفق دمشق والقاهرة على اعتبار عقد هذه القمة "انجازاً مصرياً - سورياً - سعودياً مشتركاً"، فإن المصادر السورية لا تتردد في تسميتها "قمة سورية العربية" انطلاقاً من أن "جهوداً سورية بدأت في قمة القاهرة بين الرئيسين الأسد ومبارك، واستمرت في قمة العقبة بين الرئيسين مبارك وياسر عرفات والملك حسين، أدت الى الدعوة اليها الآن على رغم الخلافات العربية الواضحة على الملفات الأساسية في المنطقة، من مفاوضات السلام الى العلاقات بين دولها والنزاعات الثنائية القائمة فيها".
وتعمل دمشق حالياً على "التخفيف من مخاوف ايران بأن تؤدي هذه القمة الى عزلها عربياً"، الأمر الذي بدا واضحاً من خلال دعوة وزير الخارجية الايراني الدكتور علي أكبر ولايتي الى اجتماع استثنائي للدول الاسلامية على مستوى وزراء الخارجية. كما ان دمشق رأت ان التطورات التي تبلورت في فوز نتانياهو في اسرائيل "تشكل تحولاً يكفي في حد ذاته للانطلاق في جهود تعزيز التضامن العربي - العربي لمواجهة التحديات". وذكرت مصادر سورية رفيعة المستوى في هذا المجال أنه "طالما كان حضور دول مجلس التعاون الخليجي ضرورياً لتعزيز التضامن العربي، فإن اتخاذ موقف واضح من الاتهامات التي وجهت أخيراً الى طهران صار ضرورياً أيضاً من دون أن يعني ذلك انتهاء العلاقات الاستراتيجية بين سورية وايران. فالعلاقات بين الدول لا تعني التطابق الكامل، والخط الذي يربط دمشق وطهران منذ سنوات عدة أثبت ضرورته وأهميته للعالم العربي من خلال تكريس الحوار العربي - الايراني وضمان استمراريته لمصلحة الجانبين".
وتقول المصادر ان المسؤولين السوريين "سيعبرون عن هذا الموقف" في قمة القاهرة، وذلك بالاضافة الى "الملفات الرئيسية الأخرى" التي سيحملونها الى العاصمة المصرية، وهي تتلخص، حسب المصادر السورية، بالعناوين الرئيسية الآتية:
- تفويت الفرصة على بعض الاطراف العربية ل "تحويل القمة الى جلسة ثانية لقمة شرم الشيخ"، إذ ان مصادر ديبلوماسية اعلنت في عمّان ان الاردن اجرى اتصالات مع عُمان والامارات والبحرين بهدف الطلب من سورية تحديد موقفها من طهران. وقال مسؤول سوري رفيع المستوى ل "الوسط" ان ذلك استهدف "حرف القمة عن اهدافها الاساسية". وتساءل عن الاسباب التي ادت الى حديث عمّان عن "الارهاب العربي" بدلاً من "الارهاب الاسرائىلي". كما ان زعيم "الجهاد الاسلامي" الدكتور رمضان عبدالله شلّح تحدى المسؤولين الاردنيين "كشف اسماء الاشخاص الذين قالوا انهم قبضوا عليهم آتين من دمشق بهدف القيام بعمليات تخريبية في الاردن"، واضاف ان "جهادنا موجه ضد العدو الصهيوني فقط. ولا نعمل لزعزعة الاستقرار في اي بلد".
- تحديد الموقف الاردني من اسرائىل وتركيا وعلاقة عمّان باتفاق التعاون العسكري التركي - الاسرائىلي، وبالتالي حشد تأييد عربي ضد تركيا في موضوعين: الاول، ملف مياه الفرات ودعوة انقرة الى "الدخول في مفاوضات جدية" للتوصل الى قسمة عادلة لمياه الفرات ودفع الاتراك للتوقف عن التلويح باستخدام المياه للضغط على دمشق. وكانت سورية حصلت على تأييد كهذا من وزراء خارجية "اعلان دمشق". والثاني، ملف الاتفاق العسكري مع اسرائىل، اذ ان المسؤولين السوريين يعتبرونه تهديداً ل "الامن القومي والسوري" وان خطره لا يقتصر على سورية فقط. وكانت سورية حصلت على موقف مهم من الرئىس مبارك والامير عبدالله، اذ ان البيان الختامي للقمة أعرب عن الأمل "في ان تتخذ تركيا سياسة تتفق وعلاقات حسن الجوار والمصالح المشتركة واحترام المصالح العربية"، كما ان القادة الثلاثة اعربوا عن "قلقهم ازاء الاتفاق التركي - الاسرائىلي الاخير وطالبوا تركيا باعادة النظر في هذا الاتفاق" .
وترى مصادر مطلعة ان اهمية هذا الموقف تأتي من ان موقف الرئيس مبارك أتى بعدما أعلن وزير الخارجية عمرو موسى بعد زيارة الى انقرة انه لم يجد "اخطاراً" في الاتفاق التركي - الاسرائىلي، كما ان "تأييد السعودية الموقف السوري يعني الكثير" بسبب وزن الرياض الخليجي والعربي، على رغم حرص عدد من الدول الخليجية على عدم اغلاق الباب امام علاقتها مع انقرة التي وقفت مع "دول التحالف" في حرب الخليج.
- تأكيد التمسك بأسس السلام العادل والشامل وفق قرارات الشرعية الدولية. وفي حال الدعوة الى عقد جلسة ثانية لمؤتمر مدريد لا بد ان تكون على اساس "صيغة مدريد ومبدأ الارض مقابل السلام". وعليه فإن الاطراف العربية مدعوة لدعم الموقف السوري في مساعي استعادة مرتفعات الجولان وجنوب لبنان، عبر ممارسة الدول التي وقعت اتفاقات سلام مع الدولة العبرية "الدور الضاغط بالحد الممكن على الحكومة الاسرائىلية بسبب اهمية المسار السوري في التوصل الى سلام شامل ودائم في المنطقة، وضرورة اقتناع الدول العربية الاخرى بتوظيف نيتها السابقة بتطوير العلاقات مع اسرائىل لخدمة المطالب السورية في هذه المرحلة واعادة النظر في ما فعلت في ضوء التطورات".
- الحصول على "وعود واضحة والتزامات من الدول العربية بتجميد عمليات التطبيع السياسي والاقتصادي مع اسرائىل في ضوء المتغيرات الاخيرة". وحصلت سورية على موقف كهذا من قطر اذ ان وزير الخارجية القطري الشيخ حمد بن جبر آل ثاني وعد المسؤولين السوريين أثناء زيارته الاخيرة لدمشق بأن بلاده "ستفرمل التطبيع الاقتصادي" مع اسرائىل. وقال ان "المؤشرات" التي صدرت اخيراً عن المسؤولين الاسرائىليين "ليست ايجابية"، وذلك بعدما شدد على ان "اي تغيير أو تلكؤ" في الموقف الاسرائىلي سيؤدي الى "تغيير مواقفنا من اسرائىل لأن دخولنا الى عملية السلام كان بشكل جماعي كدول عربية".
- الحرص على "تعزيز التنسيق العربي" واعادة الحياة اليه على رغم كل ما حصل، مع تأكيد التزام ما جاء في بيان القمة الثلاثية من عدم جواز "قبول التراجع او التنازل عما تم تحقيقه" في اطار عملية السلام. والمقصود في المسارين الاردني والفلسطيني. وبالتالي، "التنسيق لاعادة القدس وتفكيك المستوطنات والانسحاب من الاراضي العربية المحتلة كافة". ولا بد من الاشارة هنا الى الخطوة التي اتخذها المسؤولون السوريون في الاجتماع الى نظرائهم الاردنيين والفلسطينيين، وستكون المرة الاولى منذ توقيع اتفاقي اوسلو 1993 ووادي عربة في تشرين الاول اكتوبر 1994.
- تحميل اسرائىل "مسؤولية دوامة العنف في المنطقة وارتكابها المجازر ضد العرب وآخرها مجزرة قانا"، والانطلاق من ان تراجع اسرائىل "عن الالتزامات والتعهدات التي حصلت او المماطلة في تنفيذها على المسار الفلسطيني سيؤدي الى عودة المنطقة الى دوامة العنف والتوتر وستتحمل اسرائىل المسؤولية الكاملة عنه". ويستغل المسؤولون السوريون الفرصة للتمييز بين "الارهاب والمقاومة الوطنية"، وتجديد دعوة اسرائىل الى "تنشيط مفاوضات تشكيل مجموعة مراقبة اتفاق وقف اطلاق النار في جنوب لبنان التي وضعت اسرائىل العراقيل في طريق تشكيلها".
- التركيز على "الانحياز الاميركي الواضح لمصلحة اسرائىل، سواء في العدوان الاسرائىلي الاخير على جنوب لبنان وتبني الادارة موقف اسرائىل في مفاوضات وقف اطلاق النار، او في مفاوضات السلام العربية - الاسرائىلية". وتستند المساعي السورية هذه على "مزاج عربي واضح" انتقد الموقف الاميركي، وظهر ذلك في القاهرة ودول عربية اخرى.
وتعتبر دمشق ان حصولها على دعم عربي لهذه المواقف سيعزز العلاقات العربية - العربية في هذه الفترة، وسيكون بمثابة "رسالة عربية الى التطرف الاسرائىلي وكابحاً للاصولية الدينية الاسلامية واليهودية، ورافعة تخفف الضغوط التي تحاول واشنطن ممارستها الآن عبر الحديث عن انفجارات داخل سورية، تزامن مع اتهامات اردنية لسورية بدعم تنظيمات تسللت الى أراضيه لتنفيذ عمليات ضد مسؤولين وسياح اسرائىليين". كما ان التضامن العربي مع سورية سيكون "رداً على محاولة الضغط على الحدود الشمالية لسورية بملفات المياه والامن والتصعيد العسكري".
وتذهب المصادر الى القول إن "سورية تذهب الى القمة وفي ذهنها اقتناع كامل بأن الأولوية القصوى يجب أن تتركز الآن على الخروج بموقف عربي موحد حيال مسائل المفاوضات والسلام والتطبيع والتعاون الاقليمي التي تعتبرها دمشق انها تضعف الموقف التفاوضي العربي، خصوصاً بعد مجيء نتانياهو الى السلطة". كما ان دمشق تعتبر انه "بات ضرورياً على العرب مواجهة التحديات الاستراتيجية كتلك التي يشكلها التعاون العسكري بين اسرائيل وتركيا". وتشير المصادر الى أن "أي محاولة للضغط على سورية ستقابلها الورقة الايرانية في يد دمشق، فضلاً عن احتمال فتح الورقة العراقية أيضاً في مواجهة محور اقليمي يضم تركيا واسرائيل والأردن".
الرياض ومساعي التوفيق
لكن تصعيد الأمور بين الأطراف العربية قد لا يصل بالضرورة الى هذا الحد. بل ان الهدف الأساسي من القمة سيكون "تفادي الوصول الى هذا الوضع الخطير". وتبرز على هذا الصعيد، الى جانب الدور المصري الذي سيعمل على انجاح القمة، المساعي التي تبذلها المملكة العربية السعودية من منطلق "العمل على معالجة الوضع العربي واخراجه من أزمته".
ويقول مصدر ديبلوماسي عربي "ان الاقتراح السعودي بأن تكون دمشق مقراً للقمة الثلاثية بين السعودية ومصر وسورية، والتي جاءت امتداداً لقمة الاسكندرية بين الدول ذاتها في كانون الأول ديسمبر 1994، وكذلك القاهرة لاستضافة القمة العربية الأولى الموسعة منذ الغزو العراقي للكويت لم يكن اختياراً عشوائياً أو خاضعاً للمجاملات والمسايرات".
ففي الأولى، حسب المسؤول العربي، "تأكيد تضامن الدول الثلاث، التي تعد مرتكز القوة السياسية والاقتصادية في العالم العربي مع دمشق، ودعمها اللامحدود للموقف التفاوضي السوري مع اسرائيل". وفي الثانية "تأكيد آخر على أن القضايا العربية لا تزال تقبل القسمة على جميع الأطراف العربية - وان بنسب متفاوتة - وفي مقدمها مصر، على رغم علاقاتها الديبلوماسية الكاملة مع تل ابيب".
ويسود الاعتقاد في أوساط "صناع القرار" في العالم العربي بأنه لا تزال هناك "طرق غير سالكة بين الحكومات العربية، سواء كانت الخصومات على الحدود، أو التي تسببت فيها حرب الخليج، أو الانسياق وراء سلام غير مكتمل مع اسرائيل". وفي هذا الاطار قال المسؤول العربي ل "الوسط": "ان مجرد التحرك في الاتجاه الصحيح سيواجه عقبات واعتراضات وعراقيل من قوى دولية واقليمية ومحلية، ربما كان من أبرزها تفاقم الخلافات العربية - العربية، ومنها ما شهدته العلاقات السورية مع الأردن ومنظمة التحرير، وهو الخلاف الذي لم تتمكن الادارة الأميركية من كبح جماح تدخلها فيه وتأجيجه برضى بعض أطرافه في مقابل حصوله على مكاسب مادية أو معونات اقتصادية وعسكرية".
إلا أن هناك، على ما يبدو، اصراراً عربياً تقود لواءه أطراف قمة دمشق على أن "تخرج قمة القاهرة بتوصيات وقرارات تتفق وقاعدة انه إذا كانت الظروف السابقة فرضت نفسها على ضياع الفرص الكثيرة في تضامن عربي واحد، فالواقع الراهن أقوى بضغوطه، وعلى كل الجبهات، من أن يقبل مبدأ الرفض للرفض، أو التنازل المطلق للاعتقاد بأن منطق النظام الدولي يفرض ذلك"، خصوصاً في ضوء ما ينتظر المنطقة من تغييرات شاملة في قواعد اللعبة السياسية والاقتصادية، حيث أن أي نقص في الرؤية العربية "سيجعل اسرائيل وحدها اللاعب الكاسب في ظل انعدام تساوي فرص الحلول المطروحة للسلام حالياً".
ويؤكد المسؤول العربي ان رأي غالبية العواصم العربية "انها لا ترى في وجه رئيس الوزراء الاسرائيلي الجديد أكثر من تكرار صورة شامير وشارون. أي اعلاء صوت الحرب على السلام". وبالتالي، جاء الاجماع على القمة المقبلة كرد محتمل على "خطر لا توجد له كوابح على رغم الجهود الاميركية لاحتواء ذلك"، ومحاولة طمأنة الجانب العربي من خلال الرسائل التي بعث بها البيت الأبيض الى غير عاصمة عربية الاسبوع الماضي، وتضمنت انه "حتى في وجود تعارض في السياسات تبقى الأساسيات قائمة ولا يهم تغيير الأشخاص أو تبدل الأحزاب". ومن هنا يمكن فهم ما صرح به وزير الخارجية الأميركي وارن كريستوفر من مطالبة الزعماء العرب بالتريث وعدم اطلاق الأحكام على الحكومة الاسرائيلية الجديدة، وهو ما دفع بعض المحللين العرب الى القول ان الولايات المتحدة التي اتصفت سياستها دائماً باتجاه واحد لاسرائيل، وبأساليب استفزازية تجاه العرب، "وجدت الموقف أكثر خطورة وأقل سلاماً".
ومع اعتقاد المسؤول العربي بأهمية التحرك العربي، بما في ذلك سد الفجوات بين دولة واخرى، والاحتكام للمصلحة القومية لا القطرية، فإن العرب "أمام موقف لا يقبل تبادل الأدوار بمظهر العاجز الذي يعتقد بأن اسرائيل تنازلت عن عداوتها وأحلامها ومن ضرورات اقليمية أو دولية".
ويضيف: "نحن أمام لون سياسي واحد لا يقبل أن يكون قزحياً، لا سيما في هذه الفترة التي تساوت فيها المسؤوليات وقبول المهمات الصعبة لجميع الأطراف". ولذا، فالقمة المقبلة "اختبار جدي للارادة العربية لأنها ستميز بين القدرة على التفكير الصحيح وتحمل المسؤولية التاريخية وبين من ينتظرون ان تجري الأمور بخطوطها المعاكسة".
الموقف الأردني
وترفض عمان، من ناحيتها، الاتهامات التي وجهتها دمشق الى عمّان، وترد عليها بالقول: "ليس لدى الأردن أجندة خاصة يعرضها على قمة القاهرة، لكنه لن يقبل بأي محاولة لصرف النظر عن القضية الفلسطينية التي هي جوهر القضايا العربية في الحرب وفي السلام، وفي هذه المرحلة بالذات". ويضيف المسؤول الأردني الكبير: "ان السلام الجزئي لا يكفي وان كان ضرورياً لاستكمال كافة حلقاته. وحق سورية ولبنان في استعادة كافة أراضيهما وحقوقهما ليست موضع اعادة نظر بل ويجب ان تلاقي الدعم الكامل من كل العرب".
ويمضي قائلاً: "دعنا ننظر الى بيان قمة دمشق الثلاثية الذي دعا الى عقد القمة المقبلة. ففي البيان اشارة الى ايران من دون تسميتها. وفي ذلك "ملاطفة" محدودة لسورية، فيما اشتدت الملاطفة عندما ذكرت تركيا بالاسم. ونخشى ان تركز قمة القاهرة على المسار السوري على حساب المسارات الأخرى، وهو أمر لن يكون مريحاً".
وقال المسؤول الأردني ان "الأردن يرفض العودة الى مدريد الا كاطار، لأن العودة الى عقد مؤتمر على غرار مدريد، كما دعا نتانياهو أثناء حملته الانتخابية، يعني العودة الى المظلة التي وفرها الأردن للفلسطينيين. ونحن والفلسطينيون سعداء بخروجنا من المظلة ولا نرغب بالعودة اليها". وأضاف: "نريد أن نبني على عملية السلام ومنجزات مدريد ولا نريد العودة الى مؤتمر جديد مثل مدريد". لكن المسؤول الأردني قال ان "عقد القمة بحد ذاته هو هدف وحدث عربي مهم. والأردن لا يريد التصعيد مع سورية ولا مع غيرها. لكنه لن يقبل إلا أن يكون سيداً لقراره ومواقفه من دون تدخل الآخرين في شؤونه".
منافسة مغربية - مصرية؟
وفي الرباط كان لافتاً إغفال وسائل الإعلام الاشارة الى الاتصال الهاتفي الذي أجراه مع الملك الحسن الثاني الرئيس مبارك فور عودته من دمشق، وقيام التلفزيون بنقل النبأ بعد 24 ساعة تقريباً من موعده، ولم يصدر موقف رسمي من عقد القمة، فيما ظلت قضية حضور العاهل المغربي أعمال القمة شخصياً موضع تكهنات.
ولم يفت المراقبين ملاحظة "الحيطة" التي قابلت بها الأوساط السياسية المغربية دعوة القاهرة الى عقد القمة، وهي "حيطة" ليست اعتباطية، خصوصاً ان المغرب يمسك بملف نزاع الشرق الأوسط منذ عقدين تقريباً، وقد احتفظ لنفسه دائماً بدور يمكن وصفه ب "التوفيقي" بين أطراف النزاع، كما أن الملك الحسن الثاني قام بمبادرات ووساطات ساعدت على وضع قواسم مشتركة بين الفلسطينيين والاسرائيليين، وسهلت التوصل الى "اتفاق أوسلو" والاتفاقات اللاحقة.
ورفض مصدر مطلع يتحدث ل "الوسط" التعليق على ما تردد عن وجود "منافسة مغربية - مصرية" لاستضافة القمة، لكنه قال: "ان اهتمام الديبلوماسية المغربية هو عدم حرق المراحل واعطاء فكرة خاطئة بأن الوقت مناسب لوضع صيغ أو خطط محددة، قبل تولي رئيس الحكومة الاسرائيلية المنتخب سلطاته".
وأوضح ان "الأولوية" المطروحة على القمة هي "مواجهة الموقف بعد وصول الليكود الى الحكم" بينما كان المغرب يتطلع الى قمة عربية لا تستثني أحداً ولا تتم، في مثل هذا الظرف، بطريقة مجتزأة عن الوضع العربي بعد أزمة الخليج لأن ذلك يجتزئ النتائج. كما انه حرص على ألا ينظر الى القمة نظرة عدائية من قبل الولايات المتحدة وبعض الشركاء الأوروبيين، لذلك كان يرى ان الاعلان عن موعد عقد القمة بمثابة "أمر واقع" حيث لم تسبقه مشاورات موسعة مع الأطراف ذات الصلة بالمواضيع الأساسية المطروحة.
ويذكر أن المغرب الذي استضاف 7 قمم عربية من مجموع 18 سعى في تشرين الأول اكتوبر 1992 الى عقد قمة عربية لازالة الفرقة والانقسامات في الصف العربي الناجمة عن الغزو العراقي للكويت خلال جولة للعاهل المغربي قادته الى المملكة العربية السعودية والامارات العربية المتحدة والأردن وسورية ومصر، كما أن العاهل المغربي هو رئيس لجنة القدس منذ 1979 اضافة الى رئاسته القمة الاسلامية.
آمال معلقة
وعلى أي حال، فإن المنتظر أن تعقد على هامش القمة الكبرى قمم مصغرة وثنائية لدول "اعلان دمشق"، ومجلس التعاون الخليجي، والاتحاد المغاربي. والاخيرة ستكون الاولى منذ قمة نواكشوط عام 1992، بعدما واجهت مساعي عقدها منذ ذلك الحين عقبات تتعلق بخلافات ثنائية بين المغرب والجزائر، وبين المغرب وليبيا وموريتانيا، الى جانب الظروف الداخلية في الجزائر.
وتبذل كل من مصر وسورية حاليا جهودا مكثفة لعقد لقاءات ثنائية بين القادة العرب لانهاء الخلافات وتحقيق ما سمّاه مصدر ديبلوماسي مصري "المصالحات الصغيرة"، كاجراء ضروري في سبيل تحقيق "المصالحة الشاملة" التي يجب ان "تبدأ بتصفية النفوس قبل تصفية الاجواء التي تسممها بعض المواقف"، على حد تعبيره.
وعلى ذلك، يتوقع ان تشهد قمة القاهرة لقاءات بين الرئيسين حافظ الاسد وكل من الملك حسين والرئيس ياسر عرفات، وبين الشيخ جابر الاحمد الصباح وكل من الرئيس علي عبدالله صالح والملك حسين والعقيد معمر القذافي، وبين الاخير والرئيس عرفات لتصفية قضية ابعاد الفلسطينيين من ليبيا.
ومن أبرز اللقاءات المتوقعة لقاء الرئيسين مبارك وعمر البشير، وهو اللقاء الذي تعتبره القاهرة الفرصة الاخيرة لانهاء القضايا الخلافية "اذا خلصت النيات". وكان مبارك اوفد مبعوثا خاصا الى البشير لتسليم رسالة الدعوة كاجراء بروتوكولي. وابلغ المبعوث الخرطوم ان هدف زيارته محدد، وانه غير مكلف اجراء محادثات ثنائية. ومن المتوقع ان ينتهز البشير الفرصة لعقد لقاءات مع عدد من قادة دول الخليج لتصفية آثار موقف السودان المساند للعراق خلال احتلاله الكويت.
لكن مساعي القاهرة ودمشق تتراوح بين احتمالات النجاح والفشل في جمع القادة العرب في اللقاءات الثنائية، ذلك ان مستوى مشاركة بعض الدول في القمة لن يتحدد الا قبل ساعات قليلة من القمة، وان كانت وافقت جميعها - باستثناء العراق - على الحضور.
وتقوم القاهرة باتصالات حثيثة لضمان المشاركة على مستوى الملوك والرؤساء. وتعكس اجواء اللجنة المشكلة للإعداد للقمة - برئاسة الوزير عمرو موسى وعضوية مساعده للشوؤن العربية السفير بدر همام ومستشاره السياسي السفير نبيل فهمي - تفاؤلا بالمشاركة على مستوى الرؤساء والملوك.
وكان الرئيس الاسد وافق على طلب الرئيس مبارك لقاء الرئيس عرفات على اسس واضحة تلتزمها كل الاطراف حتى يمكن البناء عليها لتحقيق تنسيق المواقف. كما كان مبارك وافق على طلب الاسد اتخاذ خطوة في مقابل كل خطوة سودانية في اتجاه تحسين العلاقة مع مصر، وذلك خلال القمة التي جمعت مبارك والاسد في القاهرة الاسبوع قبل الماضي.
وعلمت "الوسط" من مصادر موثوق بها ان اتصالات مصرية - سودانية جرت اخيرا بعيدا عن اجهزة الاعلام تناولت العلاقات الثنائية والقضايا الخلافية وسبل تحسين العلاقة والظروف المناسبة لتحقيق ذلك. وجاءت هذه الاتصالات في اطار مساعي مصر لتنقية الاجواء العربية والتحضير لاجراء مصالحة عربية شاملة، واستجابة من مصر لمساع بذلتها الخرطوم من جانبها وعبر دول عربية لبدء حوار بين الطرفين. واطلع الجانب المصري الخرطوم خلال هذه الاتصالات على المعلومات الموثقة التي تملكها القاهرة في شأن معسكرات التدريب للأصوليين من العناصر المتطرفة الهاربة. كما أطلع الجانب السوداني القاهرة على جهوده لتنفيذ قرار مجلس الامن الرقم 1044 والخطوات التي قطعها خصوصاً الطلب من بعض العناصر العربية مغادرة السودان.
انزعاج أميركي؟
وفي الاشارة الى انزعاج بعض الاطراف من انعقاد القمة الكبرى، دعا المسؤول المصري الى "قراءة موضوعية لهذه القمة". وقال: "تؤكد القمة المقبلة ان العرب جميعا في معسكر السلام العادل والشامل القائم على استرجاع كل الاراضي المحتلة عام 1967 في مقابل السلام الكامل".
وكان الانزعاج الاميركي تجلى في ردة فعل وسائل الاعلام الاميركية واعضاء في الكونغرس والادارة على اعلان الرئيس مبارك الدعوة الى القمة الكبرى. وطمأن مبارك الرئيس بيل كلينتون - في اتصال هاتفي عقب عودة الاول من دمشق - بأن القمة هي مع السلام وليست ضد اي طرف.
وكانت الادارة الاميركية بعثت رسالة الى القيادة المصرية أعربت فيها عن "القلق من مواقف مصرية" اعتبرتها تتعارض مع المصالح الاميركية. وذكرت بوجه خاص موقف مصر من الدفاع عن ليبيا، ورفض المشاركة في فرض حظر تجاري على ايران، ودعم العلاقات وتنشيط الاتصالات مع العراق، ومن التصعيد ضد الاتفاق العسكري التركي - الاسرائيلي، والتعاون الامني الاميركي - الاسرائيلي.
وجاء الانزعاج الاميركي في اطار انتقادات بدأت الادارة الاميركية توجهها لمصر منذ القمة الثلاثية في الاسكندرية نهاية عام 1994. ودارت حول تمسك القاهرة بدورها الاقليمي، ما دعا المستشار السياسي للرئيس المصري الدكتور اسامة الباز وقتها الى التأكيد ان مصر لن تتنازل عن هذا الدور وان شئتم الادارة الاميركية انقلوها مصر الى البحر الكاريبي"!
وأكد المسؤول المصري أن "عملية السلام في مدريد بدأت وسط تمزق عربي. وشدد على ان تحقيق السلام النهائي لا بد ان يتم بعدما تكون وحدة الصف العربي تحققت".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.