محافظ الأحساء يُشيد بمضامين خطاب سمو ولي العهد في مجلس الشورى    أصالة الموروث الشعبي السعودي في فعالية تبادل الثقافات بالجامبوري العالمي    نائب أمير منطقة تبوك يدشّن مشروع السكتة الدماغية الشامل بالمنطقة    من الليغا إلى دوري روشن: الفتح يتعاقد مع باتشيكو لتعزيز حراسة مرماه    الأخضر الشاب يتوج بطلاً لكأس الخليج تحت 20 عامًا بعد فوزه على اليمن    قمم منتظرة في أولى جولات دوري يلو    إسقاط 17 طائرة مسيرة أوكرانية خلال الليل    توقع تثيبت سعر الفائدة الأوروبية اليوم    وزير الدفاع لرئيس وزراء قطر: نقف معكم وندين الهجوم الإجرامي السافر    200 شخص اعتقلوا في أول يوم لحكومة لوكورنو.. احتجاجات واسعة في فرنسا    السعودية ترحب وتدعم انتهاج الحلول الدبلوماسية.. اتفاق بين إيران والوكالة الذرية على استئناف التعاون    وزير الداخلية لنظيره القطري: القيادة وجهت بتسخير الإمكانات لدعمكم    أرامكو تصدر صكوكاً دولارية دولية    إسهاماً في تعزيز مسيرة القطاع في السعودية.. برنامج لتأهيل «خبراء المستقبل» في الأمن السيبراني    هوساوي: أعتز برحلتي الجديدة مع الأهلي    الدليل «ترانسفير ماركت»    «الفطرية»: برنامج لمراقبة الشعاب المرجانية    أكد أن النجاحات تحققت بفضل التعاون والتكامل.. نائب أمير مكة يطلع على خطط طوارئ الحج    نائب أمير منطقة مكة المكرمة يستقبل رئيس فريق تقييم أداء الجهات الحكومية المشاركة في تنفيذ الخطة العامة للطوارئ    منافسة نسائية في دراما رمضان 2026    معرض الصقور والصيد السعودي الدولي 2025.. موروث ثقافي يعزز الأثر الاجتماعي والحراك الاقتصادي    المملكة تعزي قطر في وفاة أحد منسوبي قوة الأمن الداخلي جراء الاعتداء الإسرائيلي الآثم    العمار قدساوياً    فيلانويفا يدافع عن قميص الفيحاء    غوميز: مهمتنا صعبة أمام الاتحاد    العراق: الإفراج عن باحثة مختطفة منذ 2023    اليوم الوطني.. نبراس للتنمية والأمان    نائب أمير المنطقة الشرقية: الخطاب الملكي الكريم خارطة طريق لمستقبلٍ مشرق    هيئة الشرقية تنظّم "سبل الوقاية من الابتزاز"    مبادرات جمعية الصم تخدم ثلاثة آلاف مستفيد    حساب المواطن ثلاثة مليارات ريال لمستفيدي شهر سبتمبر    الفضلي يستعرض مشروعات المياه    "التعليم" توقع اتفاقية "الروبوت والرياضات اللاسلكية"    «آسان» و«الدارة» يدعمان استدامة التراث السعودي    «سلطان الخيرية» تعزز تعليم العربية في آسيا الوسطى    «الحج والعمرة» تُطلق تحدي «إعاشة ثون»    التأييد الحقيقي    سكان غزة.. يرفضون أوامر الإخلاء ومحاولات التهجير    "الشيخوخة الصحية" يلفت أنظار زوار فعالية العلاج الطبيعي بسيهات    إنقاذ حياة مواطنَيْن من تمزّق الحاجز البطيني    59% يفضلون تحويل الأموال عبر التطبيقات الرقمية    2.47 تريليون ريال عقود التمويل الإسلامي    هل توقف العقوبات انتهاكات الاحتلال في غزة    الهجوم الإسرائيلي في قطر يفضح تقاعس واشنطن ويغضب الخليج    المكملات بين الاستخدام الواعي والانزلاق الخفي    مُحافظ الطائف: الخطاب الملكي تجسيد رؤية القيادة لمستقبل المملكة    فضيلة المستشار الشرعي بجازان: " ثمرة تماسك المجتمع تنمية الوطن وازدهاره"    تعليم الطائف يعلن بدء استقبال طلبات إعادة شهادة الثانوية لعام 1447    نائب أمير منطقة تبوك يستعرض منجزات وأعمال لجنة تراحم بالمنطقة    نائب أمير منطقة تبوك يستقبل رئيس وأعضاء جمعية الوقاية من الجريمة "أمان"    السبع العجاف والسبع السمان: قانون التحول في مسيرة الحياة    البرامج الجامعية القصيرة تمهد لجيل من الكفاءات الصحية الشابة    أمير المدينة يلتقي العلماء والمشاركين في حلقة نقاش "المزارع الوقفية"    أحلام تبدأ بروفاتها المكثفة استعدادًا لحفلها في موسم جدة    نيابة عن خادم الحرمين.. ولي العهد يُلقي الخطاب الملكي السنوي لافتتاح أعمال الشورى في الدور التشريغي 9 اليوم    إنتاج أول فيلم رسوم بالذكاء الاصطناعي    مجلس الوزراء برئاسة ولي العهد: سلطات الاحتلال تمارس انتهاكات جسيمة ويجب محاسبتها    أهمية إدراج فحص المخدرات والأمراض النفسية قبل الزواج    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إنذار واضح من مؤتمر "باربيدوس" المكمل لمؤتمر "ريو" : جزر العالم مهددة بالغرق
نشر في الحياة يوم 30 - 05 - 1994

بعث العالم الصناعي في الفترة الواقعة بين الخامس والعشرين من نيسان ابريل والسادس من أيار مايو رسالة واضحة الى الدول التي تقوم على جزر صغيرة مهددة بالغرق نتيجة التسخين الحراري العالمي. وكانت هذه الرسالة بسيطة وواضحة وهي: "إغرقوا أولاً وعندها ستعرفون ما اذا كنا نهتم بكم أم لا!" أما المناسبة فهي انعقاد أول مؤتمر دولي باشراف الأمم المتحدة لبحث استمرارية التنمية في الدول "الجزيرية" الصغيرة النامية.
وكانت البحرين الدولة "الجزيرية" العربية الوحيدة التي حضرت هذا المؤتمر. اذ أبلغ السفير البحريني في الولايات المتحدة محمد عبدالغفّار الذي مثل بلاده "الوسط" ان المؤتمر "أثار مشاعر مختلطة. فهو تطور إيجابي لأن هذه هي المرة الأولى التي تجتمع فيها الدول الجزيرية النامية في تاريخها. كما ان المناقشات أثارت اهتمام الدول المتقدمة. لكن الجانب السيء هو أن "خطة العمل" جعلت الكثير من الجزر يشعر أن الدول المتقدمة تحاول التملّص مالياً من الوعود التي قطعتها على نفسها في قمة ريو دي جانيرو".
والجدير بالذكر ان دول العالم المتقدمة قدمت الكثير من الوعود لدول العالم الثالث في قمة الأرض التي عقدت في مدينة ريو في البرازيل عام 1992. من ذلك انها وعدت الجزر الصغيرة بعقد مؤتمر لبحث المشكلات التي تعاني منها و"تخصيص موارد جديدة وإضافية لمعالجة تلك المشكلات". وهكذا حصلت تلك الجزر على مؤتمر ولكنها لم تحصل على أي موارد. وبهذا تكون الدول الصناعية الغنية اخفقت في أول اختبار لمدى صدق الوعود التي قطعتها للدول النامية في قمة ريو.
وحين أعلنت الدول الغنية تلك التعهدات لم تغفل مصالحها الذاتية، اذ ان العالم بأسره يدفع منذ اكثر من قرن ثمن التصنيع الغربي. ولهذا أرادت الدول المتقدمة ان تقنع الدول الحديثة العهد بالصناعة بالتقليل من انبعاث المواد الكيماوية التي تدمّر طبقة الأوزون مثل غازات الكربون الكلوروفلورية التي تستخدم في الثلاجات والبرادات والمكيفات الهوائية وهي الغازات التي تعرف اختصاراً باسم سي.إف.سي، وثاني أوكسيد الكربون وغير ذلك من الغازات التي تزيد من التسخين الأرضي. لكن دول العالم الثالث تساءلت لماذا يجب عليها ان تدفع الثمن مقابل استمرار الغرب في رخائه وإزدهاره، بالامتناع عن تحقيق النمو الذي تتطلع اليه تلك الدول. ومن هنا طالبت الغرب بتقديم الموارد المالية وباستخدام التكنولوجيا التي تساعد على الاقتصاد في استهلاك الطاقة، والحصول على البدائل الجديدة التي تحل محل تلك الغازات الكيماوية.
الجزر أخطر من غيرها
أما الجزر نفسها فهي كما أبلغ الأمين العام للأمم المتحدة المؤتمر حالة خاصة. فهي معزولة وضعيفة وتواجه خطر التسخين الحراري العالمي اكثر من غيرها. يضاف الى ذلك انها لا يمكن ان تصنّع نفسها على نطاق ضخم ومع هذا فانها مضطرة الى دفع ثمن الانبعاثات الكيماوية التي يطلقها الآخرون. والواقع ان المرء يحتاج الى قراءة "خطة العمل" التي خرج بها المؤتمر بعناية شديدة لكي يرى الرسالة الواضحة: "ليست هناك موارد جديدة". اذ أن الحل الوسط الذي اتفق عليه المؤتمر في اللحظة الأخيرة يقضي بتجديد وعود ريو القديمة ولكن شريطة عدم ذكر شيء محدد عن تنفيذها، كما انه لا يذكر شيئاً عن الموارد المالية الجديدة التي طلبتها الجزر وهي 450 مليون دولار.
وكان انعقاد المؤتمر أصلاً نتيجة الجهود التي بذلتها أحدث مجموعة من مجموعات الضغط في الأمم المتحدة وهي تحالف الدول الجزيرية الصغيرة الذي يجمع حوالي خمسين دولة تشعر جميعاً بأنها مهددة نتيجة ارتفاع منسوب مياه البحر. وتتراوح هذه الدول ما بين جزيرة "نيو" الصغيرة في المحيط الهادئ التي يقل عدد سكانها عن ألفين وخمسمئة نسمة، وكوبا التي يبلغ عدد سكانها اكثر من عشرة ملايين نسمة. وبعض هذه الجزر مثل المالديف في المحيط الهندي لا يزيد ارتفاع أعلى نقاطها عن مستوى سطح مياه البحر على مترين. وسوف يصبح الكثير من هذه الجزر غير صالح للمعيشة حتى قبل ان تغمره مياه البحر. ونظراً للتسخين الحراري فان العديد من هذه الجزر واجه خطر الأعاصير بصورة متكررة الى درجة أن شركات التأمين ترفض التأمين على البنية التحتية الأساسية فيها. وفي هذا ما يجعل من الصعب عليها اجتذاب الاستثمارات أو الحصول على قروض.
تتمتع جميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة بحقوق تصويت متساوية بغض النظر عن عدد السكان. وحين تنضم جزيرة "نيو" الى المنظمة الدولية سيكون صوتها في الجمعية العامة معادلاً لصوت الصين مع ان عدد سكان "نيو" أقل من عدد أعضاء اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني.
وهكذا اكتشف تلك الجزر ان السيادة في حد ذاتها تعتبر ذُخراً مهماً. اذ يمكنها اصدار الطوابع وبيعها، كما ان جزر عدة منحت حقوق الصيد لدول كبرى مثل اليابان في مياهها الاقليمية التي تبلغ مساحتها في تلك الدول سدس مساحة الكرة الأرضية. ومن الطبيعي ان أهمية هذه الدول الصغيرة الآن ليست مثلما كانت عليه إبان عهد الحرب الباردة. لكن الوجود الديبلوماسي فيها يرمز الى اهميتها. من ذلك مثلاً أن مؤتمر باربيدوس عقد في مركز المؤتمرات في العاصمة الذي بني بمساعدة من الصين الشعبية بينما تساعد بعثة تايوان في سانت فينسنت المجاورة في مشاريع بناء الطرق. والمعروف عن تايوان انها استطاعت اقناع العديد من الدول الصغيرة بتأييد استقلالها بفضل المساعدات السخية التي قدمتها لها.
كذلك تصوّت سانت فينسنت ودول البحر الكاريبي الصغيرة الأخرى في لجنة الحيتان الدولية. وبفضلها سمحت اللجنة لليابان بالاستمرار في صيد الحيتان "للأغراض العلمية". ولهذا استجابت اليابان بإرسال المزيد من المساعدات لتلك الدول.
دور اسرائيل
وبالطبع تواظب اسرائيل على التودد الى تلك الجزر إدراكاً منها لأهمية أصواتها في الأمم المتحدة. وفي هذا ما يعني ان في وسع اسرائيل ان تكسب العديد من الأصوات بكلفة بسيطة مع ان طريقتها قد لا تكون شريفة أو صادقة أحياناً. على سبيل المثال ادعت المندوبة الاسرائيلية في المؤتمر ان "الوضع الاسرائيلي صعب جداً وهو مماثل لوضع دول الجزر النامية". ودعت المندوبة تلك الجزر الى الاستفادة من الخبرة الاسرائيلية في مجال العناية بالبيئة "وهي خبرة اكتسبتها من دون أي مساعدة من الولايات المتحدة او المنظمات الدولية. وفي هذا ما يثبت ان في وسع الدول الجزيرية الصغيرة النامية ان تبني نفسها بنفسها... هذه هي رسالتنا الواضحة".
والواقع ان هناك مشكلة مشتركة بين تلك الجزر واسرائيل وهي انها تحصل على مساعدات تفوق كثيراً ما تحصل عليه الدول النامية الأخرى. اذ انها تبلغ عشرة أضعاف ما تحصل عليه الدول النامية قياساً بعدد السكان. لكن الفارق بين الجزر واسرائيل هو أن الجزر لديها مبررات للحصول على المساعدات وهي مبررات أفضل وأقوى كثيراً من المبررات الاسرائيلية: فالجزر تحاول الاحتفاظ بأراضيها في وجه الظواهر الجغرافية والجوية.
بدأ تحالف الجزر الصغيرة بمناشدة انطلقت من الخطر الذي تواجهه نتيجة ارتفاع منسوب مياه البحار. ومع اتساع نطاق التحالف بدأ يوسع آفاقه لمواجهة مجموعة واسعة معقدة من قضايا التنمية التي تؤثر في الجزر ما جعله يحيد الى درجة ما عن القضية المركزية وهي امكان اختفاء بعض تلك الدول عن الخريطة.
كما ان توسيع نطاق القضايا التي بحثها المؤتمر سمح للدول التي تقدم المساعدات بالاشارة الى مختلف أنواع تلك المساعدات التي تحصل عليها الجزر، وأعطى تلك الدول ذريعة لكي تنكث الوعود التي قطعتها على نفسها في ريو. والواقع ان هذا كان واضحاً منذ البداية، اذ ان الدول الصناعية لم ترسل رؤساءها لحضور المؤتمر كما ان حفنة منها مثل أوستراليا ونيوزيلندا وألمانيا وكندا اكتفت بارسال وزراء لتمثيلها. وكان المشرفون على تنظيم المؤتمر يأملون في حضور نائب الرئيس الأميركي آل غور ولكنه لم يحضر. وربما كان السبب هو خوفه من أن يطغى حضور فيديل كاسترو عليه. ولا شك في أن كاسترو كان أكثر الحضور شعبية مع انه كان هناك قلق على صحته، اذ كان يمشي ببطء شديد كما كان يحتاج في كثير من المرات الى من يتوكأ عليه. لكنه سرعان ما بدّد تلك المخاوف حين أدمن على السباحة وانهمك في تمارين رياضية مختلفة.
على النقيض من ذلك بعثت الولايات المتحدة عضو مجلس الشيوخ السابق تيم ويرث. وكان هناك تغير ملحوظ في هذا المؤتمر عن المؤتمرات السابقة. ففي الماضي كانت الدول الغربية تعتمد عادة على الادارة الاميركية الجمهورية في التستر على شحّها وبُخلها. اما في عهد الرئيس كلينتون فلم تكن تلك الدول بحاجة الى التستر على سياساتها البخيلة لأنها أثبتت أنها أبخل حتى من ادارتي ريغان وبوش.
كلمة بطرس غالي
تحدث بطرس غالي الأمين العام للأمم المتحدة في الجلسة الافتتاحية بلهجة مؤثرة عن حاجات الجزر الخاصة وعزلتها والأخطار التي تتعرض لها. وقد فوجئ البعض بحضوره لأنه لا يعرف عن الأمين العام استهانته بأهميته الخاصة. اذ كان هناك توقع بأن يعتبر غالي دول الجزر أقل من مستواه. لكن حضوره أثبت ان الأمم المتحدة تنظر الى القضية بمنتهى الجدية. والواقع ان ممثله الخاص رافع الدين احمد اعترف أن "الأمين العام طلب منا مضاعفة جهودنا لخدمة الجزر الصغيرة". أما غالي نفسه فقد قال: "ان ما يهمني ليس المؤتمر في حد ذاته وإنما متابعة نتائجه وتحقيقها. وما لم يكن هناك ضغط من الدول الجزيرية الصغيرة فاننا لن نبذل الاهتمام الضروري".
وحين سألت "الوسط" الأمين العام كيف يوفق بين اهتمامه الكبير بالجزر وبين ما أعرب عنه من روع قبل عامين كنتيجة الزيادة الكبيرة في عدد اعضاء الأمم المتحدة حرص على التأكيد على تأييده الكامل لأي دولة صغيرة تريد الانضمام الى المنظمة الدولية وذكر بالاسم سان مارينو وأندورا وموناكو في أوروبا. لكن اعتراضه يتركز كما قال على "بلقنة الدول القائمة" على أسس من القومية العرقية. وأشار الى ما يمكن ان يحدث في أفريقيا وحدها اذا ما انقسمت الدول الحالية في القارة على أسس عرقية. اذ "سيصبح في افريقيا وحدها اكثر من مئتي دولة"!
كذلك سألته "الوسط" عمّا اذا كان يُقرّ بأن برامج "تكييف البنية الأساسية" التي تطالب بخفض موازنتي الصحة والتعليم، التي فرضها البنك الدولي وصندوق النقد الدولي على بعض الجزر ودول اخرى في العالم النامي تتناقض مع الجهود الأخرى التي تبذلها الأمم المتحدة بهدف تشجيع الانفاق في هذين المجالين، أشار في معرض اجابته الى انه سبق له وأن تولى مسؤولية مثل هذا البرنامج في مصر. ومضى يقول: "مع أن هذه البرامج يمكن أن تكون مؤلمة أحياناً فانها تحقق نجاحاً جيداً".
إذن ما الذي يمكن أن تفعله الجزر؟ تقترح آنيت دي إيلز سفيرة ترينداد في الأمم المتحدة: "لقد أصبحنا أسرة واحدة ونحن نعتزم البقاء كذلك". فالجزر تشكل أقلية لا يستهان بها في التجمعات الاقليمية كما ان قوتها العامة في مجموعة الپ"77" وفي الدول النامية والأمم المتحدة تعطيها وزناً أكبر. مثلاً يعود نجاح نيوزيلندا في الحصول على مقعد في مجلس الأمن بدلاً من السويد عام 1992 بالدرجة الأولى الى النفوذ الذي مارسته دول المحيط الهادئ على تحالف الدول الجزيرية الصغيرة. بل ويمكن القول ان نجاح المؤتمر في اجتذاب مئة وعشرين دولة الى حضوره في دولة كاريبية صغيرة يعود بالدرجة الأولى الى نفوذ تلك الجزر. ومن الواضح ان هذه الدول ستشن حملة قوية معتمدة على نفوذها من اجل تفادي الأخطار التي تحدق بها.
رأي عربي
تحدث الدكتور نبيل العربي سفير مصر في الأمم المتحدة الذي مثّل بلاده في المؤتمر الى "الوسط" فقال: "لا أستطيع أن أقول ان المؤتمر كان ناجحاً ولكنه كان مفيداً. فمن الواضح ان المؤتمر نجح في ادخال المشكلات الخاصة التي تعاني منها الجزر في القاموس الديبلوماسي. لكن هناك ضجراً من تقديم المساعدات كما ان الآمال التي أثارتها ريو لم تتحقق. ولذا يجب مواصلة الضغط على الدول المانحة من اجل الحصول على الموارد المالية اللازمة. علينا ان نقنعها بأنها تعيش في عالم يعتمد كل جزء فيه على الجزء الآخر. فحين يتعلق الأمر بالبيئة علينا أن ندرك جميعاً أننا على متن سفينة واحدة".
وخلال المفاوضات السابقة في مؤتمر التغييرات المناخية أشار البعض الى أن بعض الدول العربية لم يظهر الاهتمام الكافي بدول الجزر وبصورة خاصة في مجال تخفيض استخدام وقود المستحاثات. لكن السفير المصري اكد على اهتمام مصر حين قال: "اننا نعاني من المشكلات نفسها. فمنطقة الدلتا مثلاً عبارة عن جزيرة منخفضة وهي معرضة لارتفاع منسوب مياه البحر أيضاً". لكنه أضاف: "ان العالم أجمع وليس الجزر فقط، يتوقع المزيد من الدول الغنية بأن تزيد من مساهماتها المالية في نظام الأمم المتحدة وتزيد من مساهماتها التطوعية بشكل عام. ولهذا يعتزم الأمين العام أن يقوم بجولة في تلك الدول لطلب المساعدات منها".
اما السفير البحريني الدكتور محمد عبدالغفّار فقد قال لپ"الوسط" اننا لا نستطيع "ان نميّز بين التنمية والبيئة. فهما صنوان لا يفترقان. ومن الواضح ان بعض دول الجزر شعرت بخيبة أمل لأن معظم الدول المتقدمة لا تريد الزام نفسها، بينما أدرك البعض الآخر ان هناك دولاً تود فعلاً تقديم المساعدات ولكنها تريد تحديد الجهات التي تحصل عليها أي أقل الدول الجزيرية نمواً. لكن هذا سيحرم جزراً أخرى مثلاً تلك التي تحتاج الى المساعدات الفنية".
إذن كيف يفسر عدم وجود اهتمام عربي نسبياً مع ان الجزائر والأردن وتونس واليمن وموريتانيا بعثت ممثلين عنها الى المؤتمر؟ يقول: "ربما كان معظم الحكومات العربية يعتقد ان هناك اجتماعات ومؤتمرات اكثر مما ينبغي وأن هذا المؤتمر كان مقصوراً على دول الجزر وحدها. أما البحرين فهي في واقع الأمر دولة جزيرية".
كذلك طرح الدكتور عبدالغفار منظوراً جديداً. اذ قال: "ينبغي على الجزر نفسها ان تصوغ نموذج التنمية الخاص بها وبطريقة تلبي احتياجات مجتمعاتها. اذ يجب علينا ان لا نحاكي بصورة عمياء نظريات ونماذج التحديث والتنمية التي سبق استخدامها وفشلها في العالم الثالث. علينا ألاّ نستورد النظريات غير المناسبة والتي لا جدوى منها. يجب ان نأخذ الاختلافات الثقافية في الاعتبار. مثلاً هناك الكثير من الدول النامية التي حاولت تصنيع نفسها تبعاً للنماذج الغربية، ولكنها فشلت بعد عشرين أو خمسة وعشرين عاماً".
وربما يسأل البعض: لماذا يكترث معظم العرب بما يحدث في جزر المحيط الهادئ أو البحر الكاريبي؟ والجواب بالطبع هو انه اذا نكث الغرب بوعوده للجزر فانه سينكث بوعوده لبقية العالم النامي. كما ان التسخين الحراري يمكن ان يؤثر في المنطقة العربية ايضاً. وباستثناء الدلتا التي تغرق تدريجاً يتأثر المناخ الى درجة كبيرة بالتغييرات البسيطة في درجات الحرارة ما يؤدي الى تغيير في ذلك المناخ. ولا يستطيع احد ان يتوقع بالضبط ما اذا كان هذا التغيير سيعني سقوط امطار موسمية على الصحراء العربية او زيادة رقعة الصحراء مثلاً في المغرب. ولكن مهما كان الأمر فان على العرب ان يسألوا انفسهم ما اذا كانوا على استعداد لدفع مثل هذا الثمن مقابل تصنيع الشمال اذا لم ينالوا أي اهتمام في المقابل. وكما قال الشاعر الانكليزي جون دون: "ليس هناك انسان في حالة عزلة كاملة عن غيره". وهذا ينطبق ايضاً على الدول. فهي مثلما قال سفير البحرين: "تعتمد جميعها على بعضها البعض".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.