وزير الخارجية القطري يلتقي قائد القيادة المركزية الأمريكية    مستجدات فسخ عقد لودي مع الهلال    مركز الدرعية لفنون المستقبل يفتتح "استمرارية 25"    بيان سعودي مصري إماراتي أميركي: إنهاء الدعم العسكري الخارجي ضرورة لحل النزاع في السودان    أمير القصيم يتسلم ميدالية الإنجاز من مركز التكامل والثقافة في منظمة شنغهاي    «الزعيم» يتعثر بالتعادل أمام القادسية    جيسوس يستعين بالعمري    المملكة ودعم الشعوب.. مساعدات لا تتوقف    ترحيب واسع باعتماد الجمعية العامة للأمم المتحدة قرار «حل الدولتين»    إمام المسجد النبوي: الفوز الأبدي يأتي بتحقيق العبودية لله    بيض ديناصور بعمر 86 مليونا    القوات الجوية تستعد للتألق في اليوم الوطني    الجيش اللبناني يتسلم الأسلحة من عين الحلوة    مفاوضات إيرانية جدية مع الأوروبيين    صفقات استثمارية في "سيريدو 2025"    المملكة مركز لابتكارات المجوهرات    الأمير عبدالعزيز بن سعود: مضامين الخطاب الملكي أكّدت اعتزاز المملكة بالمبادئ الراسخة التي قامت عليها    30 هدفًا في افتتاح دوري يلو.. والعلا يتصدر    إنزاغي يُبرر تأخر التغييرات أمام القادسية    قطبا مانشستر لمداواة جراحهما.. وليفربول يواجه بيرنلي    الخليج يتغلب على الفيحاء بثلاثية    الجواد "فاله زين" بطلاً لكأس نادي سباقات الخيل للسرعة    نائب أمير الشرقية يعزي أسرة الزامل    دغيس مديراً لفرع البيئة    النجوم الكويتية تكرم الحربي وقادة كشافة بمكة    أجيال تكرم نوال السعد    أشاد بالمرونة والتنوع.. صندوق النقد: الاقتصاد السعودي يتقدم بثبات في مسار رؤية 2030    شغف الموروث    إعادة النظر في أزمة منتصف العمر    أسعار مرتفعة تعيق شغف فتيات جدة بتعلم الموسيقى    مثقفون وإعلاميون يحتفون بالسريحي وبروايته الجداوية    احتفل باليوم العالمي ..«الأحمر»: رفع الوعي بالإسعافات ينقذ الأرواح    ترشيح المشاريع المتميزة للمراحل التنافسية.. «موهبة» تمدد التسجيل في أولمبياد إبداع    ماسك يقلب الطاولة على موظفيه    باراسيتامول دواء شائع بمخاطر خفية    الأرق يهدد كبار السن    ألزهايمر يهاجم في الثلاثينيات    دراسة: شرب الماء وقوفاً يضر القلب    إجراء عملية جراحية ناجحة باستخدام تقنية الروبوت الجراحي بمستشفى جامعة الملك عبدالعزيز    3.2% زيادة بمتوسط أجور القطاع الخاص    60 جهة مشاركة في معرض التوظيف بجامعة البترول    تداول يخسر 1.58% في أسبوع    ليلة من «أحلام» الفن الجميل تصدح في موسم جدة    القبض على (4) إثيوبيين في جازان لتهريبهم (260) كجم "قات"    موسم الخريف: اعتدال الأجواء واقتران القمر بالثريا    غرامة 5000 ريال لصيد «الكروان» دون ترخيص    من عمارة الصحراء إلى آفاق الفضاء    السعودية.. قصّة مجد    الاستقرار والازدهار.. الخطاب الملكي يعزز ثقة العالم بالمملكة    نائب أمير منطقة مكة يقدم التعازي للفريق محمد الحربي في وفاة والدته    المرء أسير الإحسان    في رثاء عبدالعزيز أبو ملحه    العناية بشؤون الحرمين: 121 دقيقة متوسط زمن أداء العمرة    الإرث بين الحق والتحدي    تحميل الركاب وتوصيل الطلبات    المعلمون والمعلمات بين حضوري وتحديات العام الدراسي الجديد    هبات تورث خصاماً صامتاً    مجلس الشورى.. منبر الحكمة وتاريخ مضيء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الجزائر : توفير 20 مليار دولار … أو ينهار برنامج الاصلاح
نشر في الحياة يوم 01 - 03 - 1993

سيكون على الجزائر في العام 1993 ان تسدد 10 مليارات دولار مستحقات الديون الخارجية المتوجبة عليها، اضافة الى 3 او 4 مليارات دولار لتغطية واردات البلاد من السلع الغذائية الاساسية والادوية، الى جانب 7 او 8 مليارات دولار حجم الاستثمارات والتوظيفات الجديدة التي يحتاجها الاقتصاد الوطني لكسر حالة التردي التي يعاني منها.
بالمقابل، فإن العائدات لن تتجاوز وفق اكثر التوقعات تفاؤلاً، مستوى 14 مليار دولار، وهو مبلغ بالكاد يغطي قيمة الديون والاقساط المستحقة عليها، اضافة الى تغطية واردات البلاد من السلع الاساسية.
هذه هي المعادلة الصعبة والدقيقة التي يتوجب على حكومة بلعيد عبدالسلام ان تواجهها هذا العام، في ظل تزايد الشكوك الخارجية بصلابة الاستقرار السياسي والامني في البلاد، وكفاءة برنامج الاصلاح الاقتصادي الذي قررته الحكومة للخروج من دوامة التردي الاقتصادي القائم منذ سنوات.
وليس من الواضح بصورة نهائية حتى الآن، اذا كانت الحكومة الجزائرية مصرة على موقفها السابق بعدم اللجوء الى ناديي باريس ولندن ولاعادة جدولة الديون والاقساط المستحقة، واتباع سياسة تقشف اكثر صرامة تسمح لها بالوفاء بالتزاماتها، علماً انها رفضت حتى الآن اللجوء الى اعتماد اعادة الجدولة، او انها ستجد نفسها مضطرة، تحت ضغط المتوجبات عليها، للقبول بالجلوس الى طاولة واحدة مع دائنيها والبحث عن صيغة لتقليص الاعباء المتراكمة، ويقول مراقبون اقتصاديون في الجزائر وخارجها، ان الحكومة الجزائرية تراهن في الوقت الحاضر على سياسة بيع حصص في حقولها النفطية للشركات الاجنبية لتحقيق هدفين على الاقل: الاول الحصول على عائدات كافية لتغطية جزء من الديون المستحقة، والثاني تقديم حوافز تجارية ومعنوية لحكومات المصارف الدائنة للقبول باتفاقات اعادة الجدولة من خلال اعطاء الشركات النفطية في هذه الدول افضليات في الحصول على الحصص النفطية المعروضة للبيع.
وينظر الى هذه السياسة الجزائرية على انها تستهدف بالدرجة الاولى ترغيب كبار الدائنين، مثل فرنسا وايطاليا واليابان، التي تملك ما يزيد عن 65 في المئة من حجم الديون الخارجية المتوجبة على الجزائر بالضغط على المصارف الدائنة لتليين موقفها.
الا ان المؤسسات المصرفية الدائنة، خصوصاً الاوروبية، تبدو اكثر تحفظاً في الدخول في صفقات جديدة لاعادة الجدولة، بسبب ما تعتقد، زيادة في المخاطر السياسية القائمة في البلاد، نتيجة استمرار الحوادث الامنية واعمال العنف، وعدم احراز نجاح حاسم في مواجهة الفئات المتطرفة، الى جانب تقلص هامش الانفتاح الاقتصادي وتراجع برنامج تحرير الآليات الاقتصادية من سيطرة الحكومة بالقياس مع ما كان قائماً او مخططاً له في عهد الحكومة السابقة برئاسة احمد سيد غزالي.
وتقول مصادر مصرفية على صلة بالمفاوضات الدائرة حالياً مع الحكومة الجزائرية، ان المصارف الدائنة تظهر تشدداً لم تعتمده العام الماضي، عندما نجح كريدي ليونيه في ترتيب قرض دولي لسداد جزء من المستحقات، في مقابل جزء آخر سددته الحكومة.
وتركز الجزائر في الوقت الحاضر على اهمية مساعدتها على اعادة جدولة ديونها، ودعم برنامج النهوض الاقتصادي الذي يشرف عليه صندوق النقد الدولي، على اعتبار ان فشل مثل هذا البرنامج سيفتح الباب امام انهيار سياسي لا يستطيع احد معرفة المدى الذي يمكن ان يصل اليه، والانعكاسات التي يمكن ان يولدها في المنطقة، وفي العلاقات السياسية والاقتصادية مع الآخرين.
وليس من الواضح بعد بصورة كافية اذا كان صندوق النقد الدولي يدعم توجهات السياسة الاقتصادية في الجزائر، وموقف الحكومة من مسألة اعادة تقسيط الديون.
وعندما زار مدير عام الصندوق ميشال كامديسو الجزائر في نهاية العام الماضي، كان الانطباع الذي تركته تصريحاته ان صندوق النقد يبدي تفاؤلاً حذراً، سواء بالنسبة الى اعادة تقسيط الديون، او بالنسبة الى برنامج الاصلاح الاقتصادي.
ويقول مراقبون اقتصاديون في الجزائر ان كامديسو بدا اكثر حذراً في زيارته الاخيرة، بالمقارنة مع تفاؤل واضح ظهر قبل ذلك بأشهر عندما تحدث عن دعم غير محدود لبرنامج الاصلاح الذي أقرته حكومة السيد غزالي.
واللافت في نتائج زيارة كامديسو الى الجزائر ان الاعلان الذي كان متوقعاً حول الافراج عن 100 مليون دولار، هي الدفعة الاخيرة من القرض الذي حصلت عليها الحكومة الجزائرية في تموز يوليو 1991 لم يتم. لذلك فإن الموقف النهائي من القرض الذي تسعى حكومة بلعيد عبدالسلام الى الحصول عليه منذ الصيف الماضي، لم يتم الاعلان عنه ايضاً، في اشارة واضحة الى ان برنامج الاصلاح الاقتصادي الذي قررته الحكومة وحظي على ما يبدو بموافقة ادارة الصندوق في واشنطن، بدأت ترتسم حوله الشكوك.
وأهمية الموافقة التي يمكن ان تحصل عليها الجزائر من صندوق النقد الدولي هي انها تساعد على فتح الباب امام تنفيذ قروض اخرى، من بينها القرض الاوروبي 400 مليون دولار الذي قررته مجموعة دول السوق الاوروبية الموحدة وتم تجميده العام الماضي، الى جانب قرض آخر حصلت الجزائر على وعد به من البنك الدولي.
وتجمع تقديرات مختلفة على ان الحكومة الجزائرية ستواجه في العام 1993 امتحاناً هو الاكثر قساوة حتى الآن، اذ يتوجب عليها ان تحافظ على سمعتها الدولية من خلال سداد القروض والمتأخرات المستحقة، في مقابل توفير الاعتمادات الكافية لسد احتياجات البلاد من السلع الاساسية، الا ان الاهم، لكنه الاكثر صعوبة على ما يبدو هو اجتذاب الاستثمارات الكافية لتحريك عجلة الاقتصاد، وتقليص معدلات البطالة بالاستمرار في سياسة التقشف ولو الى حين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.