* انتقادات سياسية وادارية وخيبة متزايدة من الوعود الغربية انتهز منتقدو المؤتمر الوطني العراقي المعارض الفرصة لفتح ملف نشاط المؤتمر، بعدما ترددت انباء عن مطالبة احد قادته الكويت بمبلغ خمسمئة مليون دولار لاعلان موافقته على ترسيم الحدود العراقية - الكويتية استناداً الى قرار مجلس الأمن. وكان وفد من المؤتمر برئاسة الدكتور احمد الجلبي رئيس المجلس التنفيذي زار الكويت قبل اسابيع عدة والتقى امير الدولة الشيخ جابر الاحمد الصباح وولي العهد رئيس الوزاء الشيخ سعد العبدالله الصباح. وقد سارع الجلبي بعد انتهاء الزيارة الى التأكيد ان الوفد لم يطرح موضوع الدعم المادي للمعارضة العراقية، بل ناقش مع المسؤولين الكويتيين عدداً من الوسائل لتعزيز التعاون بين الجانبين، خصوصاً العمل على اسقاط النظام القائم في بغداد الذي لم يوافق على الترسيم الدولي للحدود بين العراقوالكويت. الا ان نفي هذا الانباء، لم يحل دون طرح كثيرين عدداً من الاسئلة عن نشاط المؤتمر الوطني العراقي، ابرزها: ماذا حقق خلال اكثر من عام على بدء نشاطه، باستثناء زيارة وفوده اهم الدول الكبرى والتقاط الصور التذكارية مع المسؤولين فيها، والنشاط الاعلامي الذي اقتصر على بث اذاعي محدود وبيانات يومية تصدر هنا وهناك. ويعترف قياديون في المؤتمر بأن الوعود الاميركية التي اعطيت على اعلى المستويات ظلت وعوداً. ويشيرون الى ان اقامة "منطقة آمنة" في الجنوب و"محاكمة صدام على جريمة" والعمل على تهيئة الاجواء الدولية المناسبة لاسقاط نظامه شعارات لم يتحقق منها شيئ يذكر. ويلاحظون ان انتقادات بدأت توجه الى قيادات المؤتمر وهيئاته، خصوصاً لجهة الاعتماد كثيراً على دعم الولاياتالمتحدة والتعويل على سياستها. وتوجه حالياً الى بعض قادة المؤتمر اتهامات بالتفرد بالقرار والسلطة من خلال السيطرة على مصادر التمويل وقرارات الصرف. ولوح بعض قادة المعارضة بالاستقالة اذا لم يشهد المؤتمر "انتفاضة داخلية تعيد توحيد الصفوف وجمع شمل المعارضين على سياسة واضحة وخط مستقيم". موقع القضية الكردية وتقول شخصية عراقية معارضة واكبت ولادة المؤتمر الوطني العراقي منذ الدقائق الاولى ل"الوسط" ان المؤتمر "واجه اشكالات عدة، كان ابرزها الاختلاف الجوهري على تحديد مكانة القضية الكردية في المشروع الوطني العراقي". وتشير هذه الشخصية التي فضلت عدم ذكر اسمها الى ان سير العلاقة مع الحركة الكردية "اتجه نحو استغلال مشروع المؤتمر الوطني العراقي لتعميق الفصل بين القضية الكردية والقضية العراقية، خصوصاً بعدما اقر مؤتمر صلاح الدين الاخير ان ليس من حق المؤتمر الوطني العراقي في المرحلة الحاضرة التدخل في شؤون منطقة كردستان، بينما كان الامل ان تتبنى الحركة الكردية فعلياً العمل في اطار المؤتمر، الامر الذي جعل بعضهم يعتبر ان المؤتمر بات جسراً لتمرير المشروع السياسي الكردي في المنطقة، ما افقد المؤتمر صدقية تمثليه الاطار الوطني العراقي". وانتقدت الشخصية المعارضة الطريقة التي تمت فيها عملية تحديد قنوات الاتصال مع الادارة الاميركية وحصرها بأحد اعضاء اللجنة التنفيذية للمؤتمر. ورفضت كشف اسم هذا العضو، وقالت: "ان من سلبيات التحركات الغامضة انها اوحت للزعامة الكردية بوجود ضوء اخضر وامكان لتبني مشروع الفيديرالية. وتسبب ذلك في اندفاع الزعامة الكردية عبر البرلمان المحلي الى اعلان هذا المشروع. وقد استخدم عضو الاتصال سلاح الصلة مع الادارة والايحاء بأن اميركا ترضى بمشروع الفيديوالية ولا جدوى من معارضته. وتكررت السلبيات في مؤتمر صلاح الدين مع اصرار القناة نفسها على القول ان اميركا تريد قيادة ثلاثية للمؤتمر وانها لا ترضى بعضوية السيد محمد باقر الحكيم فيها، ولا تقبل بعنصر اسلامي لرئاسة اللجنة التنفيذية. وأدى هذا الاسلوب الى اشكالات اثرت في سير اعمال المؤتمر". شعبان: بغداد نقطة الضعف ويقول الدكتور عبدالحسين شعبان امين سر المؤتمر "ان هناك آراء مختلفة في سير عمل المجلس التنفيذي والمؤتمر الوطني العراقي عموماً. وعلى رغم ان المؤتمر حقق بعض النجاحات خصوصاً في الميدان الخارجي من خلال حصوله على الاعتراف الدولي ومقابلة عدد من المسؤولين في الدول علاقاته العربية والاقليمية. واستطيع القول انه لم يحقق الشيء المطلوب على هذا الصعيد. بل انه ما زال معزولاً عن الشارع العراقي العام، وما زال الجدار سميكاً بينه وبين الشارع العربي. ولهذا اذا اراد المؤتمر ان يتخلص من الحال التي يعيشها وينطلق الى مدى ارقى وأعلى عليه ان يوثق صلاته مع الشارع العراقي من جهة وليس مع كردستان فحسب، بل مع العمق العراقي، وأعني بغداد بالتحديد. وهي كانت نقطة الضعف التي برزت ابان انتفاضة عام 1991 وشملت 14 محافظة وأجهضت لظروف نعرفها جميعاً. من هذا المنطلق اقول ان الرهن على العنصر الخارجي لم يوصل الى النتيجة المطلوبة، وبالتالي ينبغي ايلاء مسألة العمل في الداخل الاهمية الكبرى والافادة من عناصر التغير الداخلية والخارجية، الاقليمية والدولية". هل الوصول الى ما تدعو اليه يستدعي تغييراً في قيادة المؤتمر الوطني نفسها او في طريقة عملها؟ - ان ما حققه المؤتمر في العام الماضي ليس كافياً لاحداث تغيير في العراق. ان المؤتمر الوطني العراقي يحتاج الى تحسين اداء عمله وتحويله مؤسسة حقيقية وديموقواطية تكون حاضنة للتغيير وتفسح المجال لتفاعل الآراء واحترام الرأي والرأي الآخر، واحترام حق الاختلاف مع التشديد على ضرورة مواصلة المسيرة. حتى الآن ان الخطوات التي تمت بطيئة وهي ليست كافية لتحقيق اماني الشعب العراقي في التغيير. هل نفهم من كلامك ان ثمة تفرداً في اتخاذ القرارداخل المؤتمر؟ - لم نتعود بعد ممارسة العمل الديموقراطي لا في داخل المؤتمر ولا في خارجه، فضلاً عن ان نمط الاستبداد الذي ساد لسنوات طويلة في العراق انعكس بهذا القدر او ذاك على المعارضة ايضاً. ولذلك اتسمت في بعض الاحيان بضيق الافق والصدر، وتراشق الاتهامات والانجرار وراء الاستفزازات والتخوين. ولكي ينطلق المؤتمر والمعارضة العراقية الى الامام ينبغي تخطي هذه الاطر الى اتجاهات اكثر رحابة وأوسع افقاً. يقال ان غموض عملية تمويل المؤتمر الوطني العراقي لا تزال من ابرز ما يهدد وحدته، هل توافق على ذلك، ولماذا لا يوضع حد لهذا الجدل؟ - ان المؤتمر من الناحية الرسمية لم يتسلم اية مبالغ من اية جهة كانت، وقد سئل الاخ احمد الجلبي في اكثر من مناسبة عامة من اين مصدر المال، وكان رده انا الذي امول المؤتمر، وقال ان بعض الاشخاص ائتمنه على بعض الاموال التي وضعها في تصرف قيادة المؤتمر، وقد الحق الدكتور الجلبي قوله ذلك بنفي تلقيه اموالاً من اي جهة خارجية. انا شخصياً، بغض النظر عن هذه او تلك، اعتقد بأن موضوعاً بهذا القدر من الاهمية يستحق وقفة من جميع اطراف المعارضة. هناك تدخلات خارجية تتعرض لها جميع اطراف المعارضة ووحد من هذه التدخلات الخارجية يسببها العامل المالي. وماذا عن الخلافات بين اعضاء قيادة الموتمر؟ - نعم هناك خلافات، وهي تأتي في اطار التعددية الفكرية والسياسية. هناك خلافات على الموقف من الحصار الاقتصادي المستمر على العراق، وخلافات على عملية ترسيم الحدود او قصف بعض الاهداف العراقية وما يسببه ذلك من سقوط مدنيين. الخلافات الفكرية والسياسية داخل المؤتمر طبيعية والقوى العاملة فيه تتفق على تغيير النظام او اطاحته، وتجمع ايضاً على ايمانها بنظام ديموقراطي فيديرالي يحترم حقوق الانسان. الاختلافات في بعض المواقف، من القرارات الدولية مثلاً، موضوع اخر، ففيما يعتقد بعضهم ان لا مناص من القول بأننا مع الشرعية الدولية ومع قرارات الاممالمتحدة كاملة يعتقد آخرون بأن قسماً كبيراً من هذه القرارات مجحف ويشكل مساساً بالسيادة العراقية ليس في الوقت الحاضر بل في المستقبل. ان صراعنا مع النظام في بغداد صرع مرير وطويل. ولا شك في ان هناك من اعتقد بأننا اصبحنا على قاب قوسين او ادنى من تغيير النظام، وهناك من أخذ يتصرف على هذا النحو بزهو مبالغ فيه وغرور قاتل. وهل المؤتمر مهدد بالانفراط اذا لم يحصل هذا التغيير؟ - اي مؤسسة اذا لم يسدها عمل من هذا النوع ستتراجع وقد تنفرط. ترسيم الحدود والثمن ما هي صحة الانباء عن مطالبة احد قياديين المؤتمر الحكومة الكويتية بمبلغ 500 مليون دولار في مقابل الموافقة على ترسيم الحدود الكويتية - العراقية. - ان معالجة مسألة الحدود بين الكويتوالعراق عملية دقيقة، ويجب ان تتم بروح الاخوة والاحترام المتبادل وحسن الجوار وفي اطار قواعد الاممالمتحدة، ولهذا ينبغي انتظار قيام حكومة شرعية في العراق لكي تستطيع الاقرار والتوصل الى تسوية الخلافات مع الكويت. ولهذا فإن الطرف العراقي غير متكافئ حالياً مع الطرف الكويتي، خصوصاً ان سيادة العراق لا تزال منقوصة. ولهذا فاننا لا نريد ان نبني علاقات ملغومة مع جيراننا لأن هناك من سيصرح لاحقاً بأنه لم يكن لنا رأي لا في الاجتياح ولا في ما يتسبب فيه من آثار. ان مسألة الحدود لا تتم معالجتها بصفقات او مقايضات من اي نوع. ما هي صحة ما تردد عن تهديدك بالاستقالة من المؤتمر الوطني؟ - ان وجهة نظري معروفة ومعلنة للعاملين في المؤتمر الوطني وخارجه، ولا اعتقد بأن من المناسب اخفاء وجهات النظر في ما يتعلق بالامور السياسية والفكرية والتنظيمية، لقد قلت ولا ازال اقول ان على المؤتمر ان يجدد نفسه وحركته سواء بعقد اجتماع للجمعية الوطنية او بتحديد عمل المجلس التنفيذي من خلال ضم عدد من الكفاءات والقوى غير الممثلة حتى الآن وبانسحاب عدد من الاعضاء لكي يتسنى لاخرين ان يلحوا محلهم عملاً بالمبدأ المعروف بتداول السلطة. وما الذي يحول دون عقد مؤتمر جديد او جمعية وطنية؟ - ربما انعقدت الجمعية الوطنية، لكنه ذلك يحتاج الى اتمام بعض الترتيبات قسم منها طابعة فني وآخر مادي. حزب الدعوة وأسباب الانسحاب ويورد الدكتور ابراهيم الجعفري عضو المكتب السياسي لحزب الدعوة الاسلامية العراقي اسباباً عدة لانسحاب حزبه من المؤتمر الوطني العراقي، يقول: "لقد كانت لنا جملة ملاحظات ابلغها مندوب حزب الدعوة الأخ سامي العسكري للمسؤولين في المؤتمر خطياً وشفوياً. ابرز هذه الملاحظات تركز على الخطاب السياسي للمؤتمر وهيكليته وطريقه التعامل مع الاحداث التي مر بها العراق. لقد ذهب بعض قيادات المؤتمر بعيداً في تامله مع الخارج ونسي ان للعراق محيطه الاقليمي وظروفه. ابدينا ملاحظات عدة حول المجلس الرئاسي وأكدنا رفضنا ان نكون صدى وافرازاً للوضع الاقليمي ولكن في الوقت نفسه ابدينا حرصنا على الا نكون في وضع مواجهة مع بلدان مثل سورية وايران، لا ان يكون في مواجهة معها. ان عدم استخدام المعايير الصحيحة للكفاءات والتفرد في اتخاذ القرارات والتصرف كأننا ممثلون للحال الخارجية اضافة الى الطعون الموجهة الى المؤتمر عن اوضاعه المالية كانت عوامل اخرى عجلت في انسحابنا من المؤتمر الوطني". اللواء الركن حسن النقيب عضو الهيئة الرئاسية الثلاثية للمؤتمر الوطني التي تضم ايضاً السيدين محمد بحر العلوم ومسعود بارزاني زعيم الحزب الديموقراطي الكردستاني، اكد "ان المؤتمر الوطني هو البنية الوحيدة التي تجمع اطراف المعارضة العراقية". لكنه قال: "ان ثمة تفرداً في اتخاذ القرار داخل المؤتمر، كما ان تمويل نشاطه على الصعيد المادي لا يزال من القضايا الغامضة لشخص مثلي يحتل موقعاً قيادياً بارزاً". وأضاف: "لقد رفض السيد احمد الجلبي وضعنا في خلفيات عمليات التمويل وتفاصيلها، ونحن نرفض ان يكون المؤتمر خاضعاً لسلطة أجنبية توجه نشاطه وتتحكم بمصالح الشعب العراقي. ولهذا فإن سيطرة السيد الجلبي على نشاط المؤتمر وما يؤديه ذلك الى تفرده في اتخاذ القرار مسألة مرفوضة". واعترف النقيب بأن موقف المؤتمر من المسألة الكردية، خصوصاً موضوع تأييد الفيديرالية اثار حفيظة عدد من الدول الاقليمية المهمة، ولهذا فإن من اهم اولوياتنا هو طمأنة الدول الشقيقة والمجاورة". قلت انك كنت أول المتصدين للسيطرة على الموارد المالية للمؤتمر، في اي مجال حدث التصدي؟ - على رغم انني عضو الهيئة الرئاسية الثلاثية للمؤتمر، لا املك صلاحية صرف فلس واحد ولا أملك موازنة للقيام بنشاط في مجالي. اذا استمر الوضع على حاله، هل ستواصل نشاطك داخل المؤتمر؟ - سأحاول مع زملائي في المجلس الرئاسي اصلاح الأوضاع داخل المؤتمر اصلاحاً جذرياً. واذا لم يتم ذلك فلكل حادث حديث. ان استمرار المؤتمر في نشاطه الحالي في المستقبل سيكون كارثة كبيرة. ولهذا فاننا لن نوفر جهداً في محاولة اصلحه لأنه الهيئة الوحيدة التي تجتمع فيها فصائل المعارضة العراقية تحت سقف واحد. كبه: الممارسة الانتخابية ويعزو الدكتور ليث كبه الذي تولى منصب الناطق باسم المؤتمر الوطني لفترة من الزمن قبل ان يجمد نشاط، اسباب توقفه عن مزاولة مسؤولياته الى جملة من الأمور السلبية عددها على الشكل الآتي: "1 - معالجة تأثير التمويل على سير المشروع وصناعة القرار. 2 - مراجعة طريقة انتخاب الهيئة العامة لاعضاء اللجنة التنفيذية وتوسيع دائرة الممارسة الانتخابية في المؤتمر لتغيير الأسلوب اللاديموقراطي وتحالفات ما وراء الكواليس. 3 - تثبيت مركزية القضية العراقية في البرنامج السياسي للمؤتمر ورفض اتجاهات التسويات الجانبية، شمال العراقوجنوبه. 4 - تحديد دائرة الشرعية في قرارات المؤتمر وحصر التمثيل في حدود حركة المعارضة. 5 - توسيع دور جمهور العراقيين المستقلين ومشاركة مؤسساته في مشروع المؤتمر. 6 - توسيع دائرة ممارسة المهمات والمسؤوليات وعدم حصرها باللجنة التنفيذية. 7 - معالجة ضعف ارادة المؤتمر ودرجة استقلالية القرار امام التأثير الأميركي. 8 - رفض ظاهرة تسييس الفوارق العرقية والدينية ورفض اعتمادها اساساً في هيئات المؤتمر". ويوضح كبه "ان هذه النقاط مثلت مواضيع بحث دائم ونقاش مستمر اضافة الى ان مسألة تأثير تمويل المؤتمر في سير المشروع السياسي وصناعة القرار كانت هي احدى ابرز المواضيع الحساسة التي يواجهها المؤتمر". ويقول: "ان الدكتور احمد الجلبي عرض على لجنة الاعداد المؤتمر فيينا تمويل المؤتمر في شكل جزئي من قبل سبعة تجار عراقيين وتحفظ عن طرح أسمائهم لأسباب امنية، الا انه تعهد هو تغطية النفقات لانجاز المؤتمر. وسعت وقتها لجنة الاعداد من أجل اخضاع التمويل والانفاق الفردي للانفاق بواسطة لجنة مختارة او منتخبة، الا انها لم تفلح وبعد نجاح مؤتمر. وسعت وقتها لجنة الاعداد من اجل اخضاع التمويل والانفاق الفردي للانفاق بواسطة لجنة مختارة او منتخبة، الا انها لم تفلح. وبعد نجاح مؤتمر فيينا وولادة هيئاته، توسعت عملية الانفاق توسعاً كبيراً يفوق القدرات المحدودة للتجار المجهولين. وصارت تتطلب موازنة انفاق كبيرة وأصبح سير العمل خاضعاً لارادة الممول وادارته، ولم تتوقف سلطة الفرد الممثل لقناة التمويل عند السيطرة على الصرف، وانما صارت الاتفاقات السياسية العراقية والقرارات الوطنية والاتصالات الدولية كلها رهينة بالشريان الممول، وأصبحت ارادته تحكم سير العمل بسبب ارتباط العمل كله بشريان التمويل". وينتهي كبه الى القول "ان فشل المؤتمر في مراجعة طريقة انتخاب الهيئة العامة لاعضاء اللجنة التنفيذية وتوسيع دائرة الممارسة الانتخابية لكي يتغير الاسلوب اللاديموقراطي وتحالفات ما وراء الكواليس وعدم توسيع دائرة ممارسة المهمات والمسؤوليات وعدم حصرها باللجنة التنفيذية كانت الى جانب الأسباب التي ذكرت وراء تجميد نشاطي في المؤتمر". عزلة عن الشارع العراقي ويعترف السيد هاني الفكيكي نائب رئيس المجلس التنفيذي للمؤتمر بأن "من اسباب ضعف المؤتمر عزلته عن الشارع العراقي، اضافة الى ان معظم قياداته اعتقد بأن تطابق مصالح الغرب وبعض الدول الاقليمية مع مصالح المؤتمر الوطني العراقي وأهدافه هو الذي سيغير معطيات كثيرة، الأمر الذي جعل الرهان على الغرب والآخرين قائماً بالمطلق بدلاً من الرهان على العقلانية والمصلحة واستثمار وتوظيف هذا التطابق الموقت مع مصلحة الشعب العراقي. ولا يزال بعض الاخوة حتى الآن يراهن على ان مصلحة الغرب الاخلاقية تقتضي التخلص من صدام حسين. وفي هذا المجال فانني لا اتفق مع كثيرين في ذلك، وأقول ان المبدأ والقانون الأساسي هما المصلحة، وان مصلحة الغرب في مرحلة من المراحل اقتضت التخلص من هذا النظام، وأرى الآن معطيات جديدة لجهة مصالح الغرب التي تقتضي تأجيل التخلص من هذا النظام. أو ربما ان التخلص من هذا النظام لم يعد في جدول اعمال القوى الغربية. وانما اصبح الضغط على هذا النظام بغية تأمين مصالح الغرب في المنطقة هو افضل للدول الغربية، خصوصاً بعد تسارع العملية السلمية في المنطقة بين العرب واسرائيل. ان قوى المعارضة العراقية فشلت حتى الآن في تحريك الداخل العراقي وبخاصة بغداد تحريكا فعالاً. ان جميع الاعمال التي قام بها المؤتمر الوطني لم تشكل تهديداً حقيقياً للنظام، بل يمكن اعتبارها تأتي في مجال التشويش على النظام وازعاجه اعلامياً. ان المؤتمر في جميع سياساته لم يكن مبادراً وانما كان تابعاً للحدث لاهثاً وراءه. وأرى ان النظام في بغداد بدأ منذ أشهر باستعادة المبادرة، وينشط اقليمياً ودولياً، وحتى على الصعيد الداخلي العراقي. ومن هنا فإن هذا يستدعي من المؤتمر اعادة النظر في الخطاب السياسي رالشعارات وأساليب العمل والهيكلية وربما حتى في أشخاصه والعناصر المتصدية لبعض المسؤوليات. ان امساك الموتمر بزمام المبادرة من جديد أمر ضروري". ما الذي يهدد المؤتمر بالانفراط؟ - الجمود السياسي، ولذلك على المؤتمر اعادة النظر في خطابه السياسي، اما اذا بقي أسير نظرة سياسية واحدة ورهان سياسي واحد وأداء سياسي واحد، فستتجاوزه الحياة. هل المؤتمر بصيغته الحالية سيستمر عاماً آخر؟ - نعم سيبقى، لكن أداءه سيتقلص. وماذا عن اختراق النظام العراقي المؤتمر الوطني وبعض أركانه؟ - يصعب في الحياة السياسية عموماً العثور على حصانة كاملة حيال الاختراقات. واخر حدث سمعناه اختراق الموساد المنظمة، وقد يكون للمنظمة اختراق داخل الأجهزة الاسرائيلية. ومثل هذا قد ينطبق على المؤتمر الوطني العراقي. حتى الآن لسنا في موقع يمكننا من تحديد نوع الاختراق وطبيعته. هل توجد شكوك؟ - نعم توجد شكوك وتسؤلات وشبهات سواء داخل المؤتمر او خارجه. ويجب الا ننسى ان نظام صدام حسين حريص على اظهار المؤتمر بهذه الصورة حتى يفقد ثقة الناس. ممثل بارزاني: علاقات واضحة ويعترف السيد محسن دزه ئي الممثل الشخصي للسيد مسعود بارزاني بوجود سلبيات في عمل المؤتمر ويقول ان قيادته تبذل جهوداً لتلافي وجود اي خلل في المستقبل. وينفي دزه ئى الذي شغل مناصب وزارية في حكومات عراقية سابقة ان تكون الحركة الكردية حاولت الافادة من عمل المؤتمر لتحقيق اهدافها. ويرد على اتهامات بعضهم بعدم سماح الأكراد للمؤتمر الوطني بالتدخل في شؤونهم في الشمال بالقول: "حتى الحكومات المركزية العراقية بما فيها حكم صدام حسين الحالي كان يترك للأكراد امر تسييد شؤونهم بأنفسهم". ويشدد على "ان حل القضية العراقية يجب ان يتم بأيد عراقية وأن علاقات المؤتمر بأي دولة أجنبية يجب ان تكون واضحة". ويشير الى "ان النظام العالمي الجديد هو الذي ولد حاجة دول وشعوب مثل شعوبنا الى الدعم الغربي، بدليل ان المنطقة الآمنة في شمال العراق هي بحماية دول مثل الولاياتالمتحدة وبريطانيا وفرنسا وغيرها، لكن مثل هذه العلاقة يجب ان يكون واضحاً وصريحاً ومعروف الأهداف والتوجهات". ولا يوافق السيد محمد بحر العلوم عضو الهيئة الرئاسية الثلاثية على مجمل الانتقادات الموجهة الى عمل المؤتمر ويرد بالقول: "ان عمر المؤتمر عام واحد. وفي هذه المدة القصير من اعمار القضايا المصيرية المهمة لا يمكن ان تبرز عملاً واضحاً بحيث يمكن ان يكون رقماً في حساب المعادلات السياسية، ومع ذلك فقد تمكن في ظرف هذه المدة ان يؤسس وجوداً على الأرض يتحرك من خلاله لعمل ميداني واعلامي وسياسي قد يكون في وقت قريب محسوباً. كما انشأ علاقات دولية في زياراته المتعددة وعلى مختلف المستويات واستطاع ان ينقل القضية العراقية الى الواجهة الدولية، وقد تفهم الرأي العام العالمي المأساة الكارثية التي تحل بالعراق وشعبه. وكذلك قدم مشاريع عملية على المستوى الاعلامي والميداني الى بعض الجهات الدولية والاقليمية لمساعدته في تحقيقها وانجازها. وهذه النقاط وان كانت قليلة وصغيرة لكنها في تصوري مضيئة في حياة المؤتمر خلال عامه الأول. اما الانتقادات الموجهة فلا أحسب ان عملاً ما يخلو من نقد، والنقد كما نعرفه دلالة العافية. وذا كنا حريصين على تطوير المشروع وتحقيق اهدافه فلا بد من ان نأخذ بالتوجيهات الأساسية البناءة منها ونعمل على اصلاحها بما ينسجم وآلية العمل. وكذلك نطلب من المنتقدين الاستجابة لدعوات المؤتمر المتكررة الى العمل معه على تجاوز السلبيات وتحقيق تطور آليات عمله. لماذا فشل المؤتمر الوطني في احراز تغيير فعلي على الارض على رغم الدعم الدولي الذي تلقاه في أيامه الأولى؟ - الواقع اني لا أتصور ان المؤتمر الوطني العراقي الموحد فشل في احداث تغيير فعلي على الارض فهو استطاع ان يؤسس هياكل ادارية وسياسية واعلامية داخل الوطن ويؤدي عمله كمعارض للنظام على أرض العراق نفسه وفي صورة صريحة وواضحة على المستوى الاعلامي والميداني بما يميزه عن سائر التجارب السياسية الأخرى وهذه نقلة نوعية واضحة في العمل ضد النظام. والشيء الذي لا بد من ان يشار اليه ان الدعم الدولي من بدايته لم يكن على مستوى الحدث حتى نستطيع ان ندعي انه كان دعماً مسانداً الى درجة الدفع لمواجهة النظام كما يتصور بعضهم فلم يتلق من الجهات الدولية خلال مسيرته الا الوعود والافكار التي طرحت وبنت عليها الجماهير آمالها، وقد تحقق شيء يسير منها مثل الحظر الجوي في جنوبالعراق. وفي هذه الحال من الضروري ان نكون رأياً عاماً نضغط فيه على المجتمع الدولي لكي يعمل على انهاء هذه المأساة التي يعيشها الشعب العراقي. ولا ننسى ان شراسة النظام واحتفاظه بقوة عسكرية واسلحة فتاكة محرمة دولياً وعدم الضغط عليه لالتزام القرار 688 تخلق صعوبات ميدانية. الى أي مدى تؤيداحداث تغيير في نمط عمل المؤتمر في المرحلة المقبلة؟ - نظراً الى كوني ممن وضعوا اللبنة الاولى لهذا المؤتمر فاني أذهب الى أبعد ما يمكن علمه في احداث تغيير في نمط العمل الذي تقتضيه المرحلة المقبلة للقضية العراقية. فمن الخطأ ان ينهج السياسي على سلوك نمط واحد في مسيرته الجهادية من أجل اسقاط نظام له قوته القمعية وامكاناته العسكرية التي بناها خلال ربع قرن من الزمن. فالعمل على اسقاط مثل هذا السلطة لا بد من ان يكون مرحلياً، ولا بد من ان يجري التغيير في الاساليب والأدوات بما تقتضيه تلك المرحلة، وعلى كل حال فأمر التغيير وأبعاده موكول الى الجمعية الوطنية للمؤتمر الوطني العراقي الموحد التي ستجتمع في بداية العام المقبل، وهي صاحبة الحق في اجراء اي تغيير يرفع من كفاءة عمل المؤتمر ويطور فاعليته نحو تحقيق اهدافه.