وزير الدفاع يحتفي بخريجي كلية الملك فهد البحرية    تعاون "سعودي – موريتاني" بالطاقة المتجدِّدة    تراجع طفيف بأسعار النفط عالمياً    تحويل الدراسة عن بُعد بوادي الدواسر ونجران    أجواء ممطرة على معظم المناطق    97 % رضا المستفيدين من الخدمات العدلية    "هورايزن" يحصد جائزة "هيرميز" الدولية    الإمارات: تغريم امرأة سبّت رجلاً على «الواتساب»    افتتاح معرض عسير للعقار والبناء والمنتجات التمويلية    العميد والزعيم.. «انتفاضة أم سابعة؟»    الخريف: نطور رأس المال البشري ونستفيد من التكنولوجيا في تمكين الشباب    أخفوا 200 مليون ريال.. «التستر» وغسل الأموال يُطيحان بمقيم و3 مواطنين    بطولة عايض تبرهن «الخوف غير موجود في قاموس السعودي»    حرب غزة تهيمن على حوارات منتدى الرياض    العربي يتغلب على أحد بثلاثية في دوري يلو    للمرة الثانية على التوالي.. سيدات النصر يتوجن بلقب الدوري السعودي    (ينتظرون سقوطك يازعيم)    في الجولة 30 من دوري" يلو".. القادسية يستقبل القيصومة.. والبكيرية يلتقي الجبلين    بالشراكة مع المنتدى الاقتصادي العالمي.. إنشاء" مركز مستقبل الفضاء" في المملكة    أمير الشرقية يدشن فعاليات منتدى التكامل اللوجستي    تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين ونيابة عنه.. أمير الرياض يحضر احتفالية اليوبيل الذهبي للبنك الإسلامي    برؤية 2030 .. الإنجازات متسارعة    دعوة عربية لفتح تحقيق دولي في جرائم إسرائيل في المستشفيات    «ماسنجر» تتيح إرسال الصور بجودة عالية    «الكنّة».. الحد الفاصل بين الربيع والصيف    توعية للوقاية من المخدرات    أمير منطقة المدينة المنورة يستقبل سفير جمهورية إندونيسيا    لوحة فنية بصرية    وهَم التفرُّد    عصر الحداثة والتغيير    مسابقة لمربى البرتقال في بريطانيا    اختلاف فصيلة الدم بين الزوجين (2)    قمة مبكرة تجمع الهلال والأهلي .. في بطولة النخبة    تمت تجربته على 1,100 مريض.. لقاح نوعي ضد سرطان الجلد    بقايا بشرية ملفوفة بأوراق تغليف    إنقاص وزن شاب ينتهي بمأساة    العشق بين جميل الحجيلان والمايكروفون!    الفراشات تكتشف تغيّر المناخ    اجتماع تنسيقي لدعم جهود تنفيذ حل الدولتين والاعتراف بدولة فلسطين    فزعة تقود عشرينيا للإمساك بملكة نحل    وسائل التواصل تؤثر على التخلص من الاكتئاب    أعراض التسمم السجقي    زرقاء اليمامة.. مارد المسرح السعودي    «عقبال» المساجد !    السابعة اتحادية..    دوري السيدات.. نجاحات واقتراحات    وزير الدفاع يرعى حفل تخريج الدفعة (37) من طلبة كلية الملك فهد البحرية    ولي العهد يستقبل وزير الخارجية البريطاني    دافوس الرياض وكسر معادلة القوة مقابل الحق        اليوم.. آخر يوم لتسجيل المتطوعين لخدمات الحجيج الصحية    أمير المدينة يدشن مهرجان الثقافات والشعوب    إنقاذ معتمرة عراقية توقف قلبها عن النبض    أمير تبوك يطلع على نسب الإنجاز في المشاريع التي تنفذها أمانة المنطقة    دولة ملهمة    سعود بن بندر يستقبل أعضاء الجمعية التعاونية الاستهلاكية    كبار العلماء: لا يجوز الذهاب إلى الحج دون تصريح    هيئة كبار العلماء تؤكد على الالتزام باستخراج تصريح الحج    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الفريق أول فتحي أحمد علي في حوار خاص . قائد الجيش السوداني السابق ل "الوسط" نحن الشرعية ... وسقوط البشير وشيك لأن عناصرنا تعمل حالياً سراً ضده نميري هو الذي مكن الترابي من اختراق مؤسسات الدولة ويجب محاكمته مع البشير
نشر في الحياة يوم 25 - 05 - 1992

كشف الفريق أول فتحي أحمد علي القائد العام السابق للجيش السوداني، في مقابلة خاصة مع "الوسط"، ان عناصر تابعة له تقوم حالياً بعمل سري في السودان لاسقاط نظام الفريق عمر البشير. وأكد ان الجبهة الاسلامية القومية بزعامة الدكتور حسن الترابي هي التي تسيطر على الحكم السوداني الحالي. واعتبر ان الرئيس السابق جعفر نميري هو الذي مكّن الجبهة الاسلامية من اختراق كل مؤسسات الدولة. وطالب الفريق اول فتحي احمد علي باعتقال الرئيس السوداني الحالي الفريق عمر البشير والرئيس السابق جعفر نميري ومحاكمتهما علناً، وذكر ان اسقاط النظام الحالي في الخرطوم وشيك. وقد ظل الفريق اول فتحي احمد علي قائداً عاماً للجيش السوداني حتى 30 حزيران يونيو 1989 حين تسلمت الحكم مجموعة الفريق عمر البشير، وهو يعتبر انه يمثل مع مجموعة من كبار الضباط والقادة العسكريين السابقين "القيادة الشرعية للقوات المسلحة السودانية". واللافت للانتباه ان هناك تحالفاً بين الفريق اول علي وبين "الحركة الشعبية لتحرير السودان" بزعامة العقيد جون قرنق التي تواجه قوات حكومة البشير في جنوب السودان. وفي ما يأتي الحوار الذي اجرته "الوسط" مع الفريق اول علي في مقر اقامته في مدينة الاسكندرية:
* تقولون انكم "القيادة الشرعية" للجيش السوداني، مع ان هذا الجيش يخوض الآن حرباً في جنوب السودان حقق فيها انتصارات بإدارة حكومة الفريق عمرالبشير. ألا يمثل ذلك تناقضاً بالنسبة اليكم؟
- لا اعتقد ان هناك تناقضاً اذ تم دفع الجيش الى هذه الحرب، وهو يحارب الآن انطلاقاً من شهامته ودفاعاً عن نفسه، ولو رجعنا الى الوراء قليلاً لوجدنا ان موضوع الحرب كان تم حسمه في مبادرة الميرغني التي عقدت في 16 تشرين الثاني نوفمبر 1989، وقبلتها الحكومة الديموقراطية التي كانت تحكم آنذاك. اما مسألة الانتصارات التي تمت حتى الآن فنحن، كعسكريين، نقدر جهود الجندي السوداني في هذا المجال، ونعتبر ان هذه الانتصارات ليست وليدة النظام الحالي او قوات الدفاع الشعبي، انما ما يحققه الجيش السوداني من انجازات في اي مجال هو حصيلة عمل متراكم قام به قادة سابقون حتى علينا، ووفق تقاليد موروثة ومعروفة.
الحكم الحالي لا يمكنه بناء جيش ومقاتل محترف في ظرف ثلاث سنوات، وبالتالي لا نعزي له اي نصر يتحقق الآن، انما هو للجيش والضابط والجندي السوداني. انا ممثل القيادة الشرعية للجيش السوداني، لكن من ناحية اعتقد ان اسباب القتال الدائر الآن واهية جداً، والجيش نفسه ليس مقتنعاً بها، انما يقاتل لأنه تم دفعه في اتون هذه الحرب، وليس من تقاليده ان ينكسر او ينسحب او يستسلم، وهذه حقيقة يدركها مقاتلو الحركة الشعبية ويعترفون بها.
* تقول ذلك وميثاق المعارضة يدعو الى حرب واحدة فقط ضد الحكومة الحالية في الخرطوم؟
- نعم يدعو الميثاق الى حرب واحدة ضد الحكومة، وفي هذا المجال ايضاً هناك تنسيق مع الحركة الشعبية لاسقاط النظام ونتفق في ذلك ايضاً مع بقية اطراف تجمع المعارضة.
* ألا تؤمن بأن مجرد تحقيق الجيش لانتصارات يجعله اكثر ارتباطاً بالقيادة السياسية التي تقوده تجاه ذلك الآن؟
- القيادة التي تدير حالياً هذه المعركة في الميدان محترفة، ولا علاقة لها بالتخطيط السياسي للجبهة القومية الاسلامية التي تحكم السودان، بالتالي لا ارى اي شيء غريب في هذا الموضوع.
* قلتم ان الجيش تم دفعه الى هذه الحرب، اذن لماذا لم يرفض او يتمرد؟
- لا يستطيع الجيش في ظروف العمليات ان يتمرد، حيث تسير آليته عند القتال عادة، بغض النظر عن النظام القائم في البلد، كما انه لا يستطيع التمرد وهو في الجنوب بالذات ويستحيل ان يهزم عمداً او يتخازل، هذا لا يحدث بتاتاً، حتى ولو عرف ان الاسباب الرئيسية للحرب كلها ضعيفة. هذه خاصية الجندي السوداني.
* اذن كيف يمكن في هذه الفترة التأكد من أن الجيش يؤيدكم؟
- يمكن التأكد من ذلك من المحاولات المسلحة التي جرت لاطاحة هذا النظام منذ 30 حزيران يونيو 1989 وحتى الآن. وفي هذا المجال فما اعلن عنه يكاد يكون اكثر من ست او سبع محاولات، اما الاخرى غير المعلنة، فهي كثيرة جداً، وتم فيها اعدام وتصفية من قاموا بها. ثانياً لدينا عمل سري قائم مستمر، على رغم ما تم من تصفيات، وهذا لا استطيع الخوض فيه، كما ان لدينا اتصالات متواصلة تؤكد لنا اننا نحظى بتأييد كامل، ومن دون مبالغة اصبحت هناك قناعة كاملة ان الخلاص الوحيد من هذا النظام هو بواسطة القيادة الشرعية للجيش السوداني.
* هل يعني ذلك انكم كنتم وراء كل محاولات الاطاحة بالنظام الحالي في الخرطوم؟
- لا نزعم اننا وراء كل المحاولات، لكن كل من رفع سلاحاً لمقاومة النظام الحالي هو قطعاً يؤمن بالقضية الجوهرية التي هي تخليص الشعب السوداني من نظام استبدادي، واي حركة في هذا الاتجاه تصب في مجهود القيادة الشرعية.
* لكن كل هذه المحاولات لم تخرج عن نطاق الانقلاب العسكري؟
- لا يمكن حسابها فقط في اطار هذا المفهوم، لأننا نؤمن بوسيلة الانقلاب العسكري، ونحن ضده، لأن ما دار في السودان هو تمرد على شكل انقلاب عسكري انقضّ على السلطة الشرعية والدستور. ومعلوم انه تمت مجابهته بتظاهرات واحتجاجات شعبية، وهذه معروفة في الداخل ومؤثرة جداً على رغم سيطرة النظام على وسائل الاعلام الداخلية وتعتيمه عليها. وهناك الآن حركة في الشارع السوداني كبيرة جداً تسير جنباً الى جنب مع الحركات العسكرية، ونحن نسعى الى عمل عسكري يسبق او يعقب انتفاضة شعبية، وسيتم ذلك طال الزمن ام قصر، وان كانت لحظة الخلاص على وشك ان تحدث.
* لماذا تبدو متيقناً هكذا من ان لحظة الخلاص صارت وشيكة؟
- هناك مؤشرات موجودة، ومعروفة ان للظلم مهما طال نهاية، وانه هكذا كان تاريخ كل الديكتاتوريات، وللشعب السوداني سوابقه التي ترقى الى درجة الثوابت في هذا المجال، كما ان العمل يجري بين كل القوى السياسية والعسكرية لاسقاط هذا النظام.
* هذا حديث عام للغاية، ظل يتردد طوال السنوات الثلاث الماضية؟
- الجديد هو العزلة الخارجية الخانقة والموقف الاقتصادي الذي صار متردياً الى اقصى درجة، فالدولة تكاد ان تنتهي الآن، ولا اعتقد ان تلك مؤشرات سهلة، وهي تدفع اي شعب او اية فئة الى الانفجار، واقول ان ذلك وشيك... وشيك.
* ألا تعتقد ان المواطن السوداني صار حائراً بين الحكومة الحالية ومعارضيها الذين كانوا في الحكم سابقاً ولديه انتقادات عليهم؟
- ربما كان ذلك حادثاً في السنة الاولى او حتى الثانية من عمر الحكم الحالي، اذ ظل الحديث يتردد عن ماهية البديل، لكن اقول بمنتهى الصراحة والصدق ان الوجوه التقليدية القديمة والمعروف عنها انها افسدت او شاركت في تردي الوضع سياسياً واجتماعياً واقتصادياً، لن يكون لها مجال في المشاركة معنا في الفترة الانتقالية التي تعقب سقوط النظام الحالي. ولا مجال للمناوشات السياسية القديمة التي عمت السودان في المرحلة السابقة، وهذا امر اكدته كل مواثيق المعارضة في آخر اجتماع لها في لندن، وصارت تلك حقيقة.
* ما هي الآلية التي تضمن تنفيذ ما تقولونه؟
- ميثاق التجمع الوطني الديموقراطي نفسه الذي حدد المواصفات والاهداف المطلوبة من حكومة انتقالية مدتها خمس سنوات، كذلك الدستور واضح وهو حسم مسائل خلافية عديدة ان لم يكن كلها، كما ان القوات المسلحة ستلعب دوراً جديداً كشريك في السلطة، وهي تتعهد بسير الفترة الانتقالية وفق بنود الميثاق.
نميري والجبهة الاسلامية
* عندما كنت قائداً عاماً للجيش قدمتم مذكرة 20 شباط فبراير 1989 للصادق المهدي رئيس الوزراء آنذاك، وكان الطريق مفتوحاً امامكم للسلطة، والآن انت في المعارضة وتطالب باطاحة النظام الحالي، وتسلم الحكم، فلماذا لم تفعل ذلك منذ البداية؟
- كانت مذكرة القوات المسلحة لاصلاح مسار الديموقراطية حيث اوضحت للسلطة الشرعية المخاطر التي تهدد الامن القومي السوداني في تلك الفترة، وقدمت مقترحات بناءة للتدارك، ولم تهدف ابداً الى الاستيلاء على السلطة، كما اننا لا نعارض النظام الحالي حباً في الحكم انما لعودة الديموقراطية التعددية. وبالفعل كانت السلطة بمتناول يدنا، لكننا نحترم خيار الشعب والدستور.
* ولكنكم ستشتركون في السلطة اذا أفلحتم في اسقاط الحكومة الحالية؟
- نعم وشأننا في ذلك شأن بقية العناصر المكونة للتجمع الوطني الديموقراطي.
* تعيبون على الحكومة الحالية عزلتها الداخلية، الا تعتقد انها نجحت في جذب قطاعات داخل المجتمع السوداني، صارت سنداً اجتماعياً لها في الاستمرار بالحكم؟
- نعم هي امتدت وانتشرت لكن بواسطة توظيف كوادرها في المواقع المختلفة بهدف السيطرة عليها، ولا يعد ذلك امتداداً لها وسط القواعد الشعبية المختلفة حيث لا يدور في فلك الحكم الحالي الا كوادر الجبهة الاسلامية بزعامة الدكتور حسن الترابي، والموالون والمتحمسون والساعون وراء الكسب المادي والتجارة وخلافه، كما ان لجوء النظام الى انشاء مجلس وطني برلمان تم بالتعيين لا بالانتخابات واغلب اعضائه من الجبهة الاسلامية وبقايا النظام "المايوي"، وبعض الذين انسلخوا من احزابهم.
* صرح الدكتور الترابي اخيراً ان المجلس العسكري لن يدوم وانه ستجري انتخابات ذات مستويات مختلفة في السودان خلال العام الجاري والعامين المقبلين، فما موقفكم؟
- لا اريد ان استبق الحوادث، وعلينا الانتظار، لنرى تجاوب المواطن السوداني مع هذه الانتخابات.
* الا ترى ان حدوث هذه الانتخابات ربما يفرض واقعاً جديداً على حركة المعارضين للحكومة؟
- لا اعتقد، فقد تمت قبل ذلك انتخابات كثيرة في عهد نميري لكنها لم تفرض اي واقع على المواطن السوداني الذي اطاح بنميري وتنظيماته عبر انتفاضة شعبية، وأؤمن ان نظام الجبهة وانتخاباته المزعومة ستلقى المصير نفسه.
* حتى في حالة انتهاء الحرب في الجنوب؟
- نعم.
* بينما تشككون في شرعية الحكم الحالي يقول الرئيس السابق جعفر نميري انه لا يعرف من اين اتيتم بشرعيتكم؟
- هذا السؤال ليس مستغرباً من نميري، فهو ضابط برتبة عقيد استولى مع آخرين على السلطة بانقلاب عسكري ولا يعرف الشرعية، وعليه ان يسأل نفسه من الذي عينه قائداً عاماً للقوات المسلحة السودانية؟ نميري عبث بمقدرات الشعب السوداني وحريته وكرامته لمدة 16 عاماً، وحتى يستمر في السلطة لجأ الى تشويه الاسلام بقوانين نسبها الى "الشريعة" في ايلول سبتمبر 1983 وبلغ به الهوس الديني درجة تنصيب نفسه "إماماً للمسلمين" وهو الذي مكن الجبهة الاسلامية بزعامة الترابي من اختراق كل مؤسسات الدولة ولو كان هناك حسنة واحدة تحسب له فهي اتفاقية اديس ابابا 1972 التي أوقفت حرب الجنوب، لكنه ما لبث ان خرقها لتعود الحرب مرة اخرى بصورة أعنف وأوسع. والغريب انه اصدر فرماناً بالغاء قوانين ايلول سبتمبر وهو خارج السلطة، زاعماً ان رجال الجبهة الاسلامية خدعوه وقال انها معيبة وليست من الاسلام. نميري مثل عمر البشير تماماً، وقرار الشعب السوداني تجاه الاثنين هو القبض عليهما ومحاكمتهما علنياً تحت طائلة مواد القوانين التي كانت سارية في فترتي الديموقراطية الثانية والثالثة. يتحدث نميري باسم المؤسسة العسكرية واحياناً باسم المعارضة، ونقول ان من شأنه ان يحلم مثل بقية خلق الله ولا احد يقدر على منعه من هذا الحلم.
* هل يعني ذلك انكم ما زلتم تجددون طلب تسليم نميري من السلطات المصرية؟
- لا نحب ان نخوض في ذلك الآن هذه المسآلة سابقة لأوانها وعندما يحين وقتها سيكون ذلك ملائماً؟
* قلت ان النميري يحلم، الا تعتقد ان بقية المعارضين للنظام الحالي هم ايضاً في حالة حلم؟
- نعم نحن في حلم، لكن شتان بين حلمنا الشرعي وحلم المخلوع.
* بالمناسبة الحكومة السودانية تقول ايضاً انكم مطلوبون للعدالة؟
- لهم ان يقولوا ما يشاؤون طالما انهم في السلطة، واذا سلمنا بداية بأن ما فعلوه كان تمرداً وانقلاباً على السلطة الشرعية، فنحن اذن في جانب الشرعية ومعنا الشعب السوداني بكل فئاته.
* أليست تلك دائرة مفرغة يطالب فيها اكل سياسي سوداني بتسليم نظيره للعدالة؟
- لا توجد دائرة مفرغة، انما بسطت لك الحقائق كما اعتقد، وكما تراها غالبية فئات الشعب السوداني.
تسريب أسرار عسكرية الى قرنق؟
* هناك حديث عن تحالف يمكن ان يرتب بين نميري وقرنق والميرغني، فما موقفكم؟
- لا اصدق ان هناك مجرد تفكير في هذا الاتجاه.
* كذلك يتردد حديث عن مصالحات يمكن ان تنشأ بين الحكومة واطراف معارضة على ضوء لقاءات اخيرة عقدها الترابي مع رموز لأحزاب بالمعارضة؟
- قد تكون الاجتماعات تمت ولا ضير من اجتماع هذا مع ذاك. واعتقد انه لا توجد مصالحات على الاطلاق او حتى تفاوض في هذا الاتجاه لقد قررنا في التجمع الوطني انه لا صلح ولا تفاوض مع النظام القائم في السودان، ولا بد من اسقاطه. الجبهة الاسلامية تسرب هذه الانباء وتضخمها بهدف شق جبهة المعارضة، نعي ذلك ونعرف انها محاولات فاشلة.
* ما الهدف من هذه اللقاءات اذن؟
- ربما دارت حول مواضيع اخرى، لكن ليست بهدف اجراء صلح على الاقل من جانب المعارضة. اما الجبهة الاسلامية فهي تجري محاولات بالفعل للصلح واستقطاب بعض افراد المعارضة لأنها في ضيق.
* هل تمت اتصالات معكم؟
- حدثت اتصالات غير مباشرة لم تجد اية استجابة من جانبنا.
* ما هو العرض الذي قدم اليكم؟
- العفو العام الذي اعلن مرتين، وذلك لا نضع له اي وزن، لأنه شيء مضحك، فمن يعفو عن من؟ ولن يجد منا ذلك اي قبول حتى في المستقبل.
* الحكم الحالي اجرى تغييرات كبيرة في الاوضاع السودانية، واي حكم سيعقبه سيجد امامه واقعاً مختلفاً، وينطبق هذا على برامج المعارضة المكتوبة الآن؟
- سيجد الحكم الجديد المقبل في السودان صعوبات بالقطع، وهذا طبيعي، لكن دعني اذكرك ان نظام نميري استمر 16 عاماً، وعندما جاءت الحكومة الديموقراطية غيرت من الواقع، وكانت في سبيل التطور المتدرج لازالة اثاره الباقية لولا الانقلاب عليها، ومشكلته بعد التغيير ستكون كيفية ترسيخ قواعد الديموقراطية الصحيحة.
* كمعارضين تتهمكم الحكومة بالسعي الى تسليط سيف دولي عليها؟
- ابداً، انما ممارسات النظام الحاكم بالسودان في الداخل والخارج هي التي لفتت انظار كل الدول، والحقيقة انها حكومة تقوم بعمل المعارضة بكفاءة تحسد عليها.
* ما حقيقة اتهامات الحكومة لكم بتقديم معلومات عسكرية عن الجيش السوداني الى الحركة الشعبية التي يتزعمها جون قرنق؟
- انه حديث مرفوض وافتراء لا صحة له ويجب ان نعلم ان مواطني جنوب السودان يشكلون اغلبية في القوات المسلحة، خصوصاً على صعيد الجنود والرتب الاخرى، كما ان ما يسمى بمجلس الانقاذ الوطني يضم ثلاثة اعضاء من مختلف اقاليم الجنوب، ومنذ القدم كانت تحركات الوحدات وأدق تفاصيلها معروفة للحركة الشعبية بواسطة وسائلها الخاصة. وهذا اسلوب رخيص تدعيه الجبهة الاسلامية. فلا القائد العام ولا اي عضو من اعضاء القيادة الشرعية حمل معه الى خارج السودان اسراراً، ونربأ بأنفسنا ان نكون بهذه الصفة.
* ألا تعتقد ان وجود تحالف لكم مع الحركة الشعبية يفترض نوعاً من التنسيق المعلوماتي بينكما؟
- التنسيق المعلوماتي يتم في اطار ما تبذله الجبهة الاسلامية من تقويض لقومية القوات المسلحة وما تحيكه من مؤامرات بشأن السودان كدولة، والشعب كأمة، وما تمارسه هذه الجماعة من سياسات داخلية وخارجية من شأنها ان تؤدي الى انفصال جنوب السودان، وعرقلة عملية السلام وارهاب دول الجوار.
* هل تشعر بتردد ما بين انتمائك العسكري للجيش السوداني وتحالفك مع الحركة الشعبية؟
- لا اشعر بأي تردد خصوصاً ان هدفنا الاساسي هو احلال السلام، وهي عملية صعبة اكثر من الحرب نفسها، اقول بكل صدق ان المشكلة بين الشمال والجنوب في السودان هي ازمة ثقة وعدم تفاهم ونحن نسعى الى تقارب وجهات النظر من الآن لتسهيل العملية السياسية اللازمة للحوار بين الشمال والجنوب وترسيخ الوحدة الوطنية للبلاد كهدف اسمى، ونقتنع بذلك انطلاقاً من موقف الحكومة الشرعية المنتخبة التي كانت في البلاد.
* في ظل تفوق الجيش السوداني الآن، هل تعتقد ان الحركة الشعبية ستبقى في جانب المعارضة ام انها ستبحث عن طريق لتسوية مشكلة الحرب بمفردها مع الحكومة؟
- في يقيني انها ستظل متمسكة بميثاق المعارضة، حسبما اعلن قائدها مراراً، لكن يبقى السؤال مطروحاً في انه ينبغي على التجمع الديموقراطي نفسه وكل عناصره اثبات مصداقيته في ما تضمنه ميثاقه من التزامات من شأنها تأكيد الحركة الشعبية بتجمع المعارضة.
* هل يعني ذلك دخول بقية اطراف المعارضة في الحرب الآن الى جانب الحركة الشعبية؟
- ليس بالضرورة ذلك وأعتقد ان واجب الاطراف الاخرى ينصب في شمال السودان وشرقه وغربه فهناك ادوار سياسية من شأنها تقوية المعارضة.
* يدعو مشروع المعارضة الى اقامة سلطة عسكرية مؤسسة لفترة انتقالية، ومجلس وطني انتقالي، ثم انتخابات عامة، وكذا تفعل الحكومة السودانية الآن، فما هو موضوع الخلاف بينكم؟
- الفارق ان طرح التجمع هو الاصل اما ما يدعيه النظام فمأخوذ من المعارضة، كما ان النظام ظل يتخبط منذ بدايته. انشأ اولاً مجلساً عسكرياً وعقد مؤتمرات للحوار، ثم اقام اللجان الشعبية واختار ما نص عليه الكتاب الاخضر والنظام الليبي في الحكم ثم طبق الشريعة واخيراً اخذ صيغة المعارضة، وواقع الامر انه ليس لدى النظام برنامج للحكم. وهناك نقطة مهمة اخرى هي اننا ندعو الى مؤتمر قومي دستوري تحضره كل عناصره السودانية كي تختار حلاً لمشاكلها المزمنة والخروج بنظام جديد يرتضيه الجميع، وهذا شيء يختلف عن الحكم الديكتاتوري الذي يفرض نفسه على الشعب.
* لماذا اخترتم ظروف حرب الخليج للاعلان عن انفسكم كتنظيم معارض للحكومة؟
- آنذاك كان المجتمع الدولي ينادي بالشرعية الدستورية واقرار مبادئ العدل والحق وكان الظرف مناسباً لنا جداً اذ ننادي بعودة الشرعية التي انتهكت في السودان. كانت لدينا حكومة ديموقراطية منتخبة من الشعب وانقلبت عليها الجبهة الاسلامية بقوة السلاح.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.