السعودية للكهرباء شريك طاقة في المؤتمر السعودي الثالث عشر للشبكات الذكية    نائب أمير المنطقة الشرقية يطلع على برامج وجهود جمعية هداية للدعوة والإرشاد    أمير حائل يستقبل رئيس كتابة العدل بالمنطقة    هيئة العقار تباشر إجراءات ضد 25 مطورا خالفوا أنظمة البيع على الخارطة    أمير تبوك يسلم 448 وحدة سكنية دعما للأسر المستفيدة من برنامج الإسكان التنموي    الكرملين: اقتراح أوكرانيا بشأن هدنة في عيد الميلاد مرهون بالتوصل لاتفاق سلام    غزة: وفاة رضيع بعمر أسبوعين نتيجة البرد الشديد    أبها يحافظ على الصدارة.. وسباق الهدافين يشتعل بين سيلا سو و نوانكو    تعليم الطائف يؤكد أهمية الشراكات في تطوير الأداء التعليمي وتحقيق الاستدامة    تجمع القصيم الصحي ينال الاعتماد البرامجي للتخصص الدقيق في طب العناية الحرجة للكبار    أمير جازان يستقبل القنصل العام لجمهورية السودان    أمير جازان يستقبل مدير عام حرس الحدود    ياسر القحطاني يطلب استقالة الاتحاد السعودي    القيادة تهنئ ملك مملكة البحرين بذكرى اليوم الوطني لبلاده    برندان رودجرز مدربًا لنادي القادسية    زين السعودية تطلق باقة صنع في السعودية لدعم التحول الرقمي للقطاع الصناعي    حقوق الإنسان ب"التعاون الإسلامي" تؤكد أولوية إشراك الشباب في العمل الإنساني وبناء السلام    القحطاني: المقاطع المتداولة عن غرق مواقع في الرياض غير صحيحة ولا تعكس واقع الحالة المطرية    تركيا تقول إنها أسقطت طائرة مسيرة غير خاضعة للرقابة    سعود بن طلال يكرّم الفائزين بجائزة الأحساء للتميّز    نائب وزير البيئة: الحدود الشمالية بيئة استراتيجية للاستثمار وفرص واعدة لتحقيق تنمية مستدامة    مؤشر الدولار ينخفض بنسبة 0.2 بالمئة    القطيف تحتفي بثقافة الطفل في «أسبوع الطفل الأدبي»    المطر في الشرق والغرب    ورشة نقدية تقرأ الجمال في «كتاب جدة»    «الدارة» ترصد تاريخ العمل الخيري بمكة    السكتيوي: بالانضباط التكتيكي هزمنا الإمارات    نجاح ترميم مجرى الدمع بالمنظار    لبنان عالق بين التفاوض واستمرار التصعيد العسكري    القيادة تعزّي ملك المغرب في ضحايا فيضانات مدينة آسفي    وزارة الخارجية تعرب عن تعازي المملكة ومواساتها للمملكة المغربية جرّاء الفيضانات في مدينة آسفي    أمير منطقة الرياض يوجه الجهات المعنية بسرعة رفع تقارير نتائج الحالة المطرية    38 مليون عملية إلكترونية عبر «أبشر» خلال شهر    إغلاق موقع مخبوزات مخالف في جدة    انطلاق تمرين مواجهة الكوارث البحرية الخميس    موجز    الأمير فيصل بن خالد يرعى توقيع 21 اتفاقية ومذكرة.. 40 ملياراً قيمة فرص استثمارية بمنتدى الشمالية    قطع شرايين الإمداد الإنساني.. «الدعم السريع» يعمق الأزمة بالتصعيد في كردفان    «جوارديولا».. رقم تاريخي في الدوري الإنجليزي    شراكات في صناعة السينما بمهرجان البحر الأحمر    اختتمت مشاركتها في المعرض بمدينة ميلانو الإيطالية.. السعودية تبهر زوار «أرتيجانو آن فييرا» بعمقها الحضاري    ضمن أعمال منتدى تحالف الحضارات.. مناقشات دولية في الرياض تعزز الحوار بين الثقافات    تعديل السلوك    (الرياضة… حين تتجاوز حدود الملعب)    الأهلي ينهي خدمات رئيس الجهاز الطبي    دواء مناعي يعالج التهاب مفاصل الركبة    فيديوهات قصيرة تهدد نمو الأطفال    وميض ناري على مذنب    علامة مبكرة لتطور السكري الأول    أسعار تطعيم القطط مبالغة وفوضى بلا تنظيم    نائب أمير الشرقية يستقبل مجلس «مبرة دار الخير»    الدكتور علي مرزوق يسلّط الضوء على مفردات العمارة التقليدية بعسير في محايل    حين تُستبدل القلوب بالعدسات    المرأة العاملة بين وظيفتها الأسرية والمهنية    دور إدارة المنح في الأوقاف    طلاب ابتدائية مصعب بن عمير يواصلون رحلتهم التعليمية عن بُعد بكل جدّ    «الحياة الفطرية» تطلق مبادرة تصحيح أوضاع الكائنات    تنظمها وزارة الشؤون الإسلامية.. دورات متخصصة لتأهيل الدعاة والأئمة ب 3 دول    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ثورات الشعوب العربية ... من الاستعمار إلى الاستبداد

على مدى مئة عام تقريباً، عاشت الشعوب العربية معاناة فترتين زمنيتين قاتمتين: الأولى في ظل الاستعمار الأجنبي، والأخرى في عهود الاستعباد الحكومي الحزبي العربي، وبين هذه وتلك مفارقات كبيرة.
فالثورات العربية الأولى حملت أرواح الشهداء ضد المستعمر الأجنبي، صاحبها دعم ومساندة إقليمية للشعوب الثائرة حتى تم الطرد القسري للمستعمر، فنشأت كيانات عربية جديدة في ظروف متشابهة غلبت عليها دعاوى القومية العربية وشعاراتها، أفرزت صراعات عربية/ عربية، وواقعاً مؤلماً ومهيناً في معظمها.
تلا ذلك"وفي فترات متفاوتة"محاولات تغيير لبعض الأنظمة العربية المستبدة، التي ظلمت شعوبها، ونهبت ثرواتها"فأوجد طبقتين اجتماعيتين"حفنة وضِيعة ملكت الأرض وأرزاق الشعب، وطبقة عريضة من شعب فقير مُعدم"وتم مواجهة محاولات التغيير بالاتهامات بالخيانة ومحاولات الانقلاب وتغيير أنظمة الحكم، في ديباجات يقدمها الإعلام العربي المضلل"لمواجهة أي محاولة للتصحيح أو التغيير أو السعي للمشاركة في الحكم، فأعطت صبغة شرعية للاعتقالات التعسفية، والمحاكم العسكرية، والإعدام، والتغييب، والنفي من الأرض، كما حدث في تونس ومصر وليبيا والجزائر وسورية وغيرها من معظم الدول العربية، وتكاتفت أنظمة الحكم العربية الإقليمية"لإبقاء الحال العربية على حالها بيد فئات حزبية تأكل ولا تشبع، وتفسد لأن البقاء للأفسد، ويسندها إعلام محلي حزبي، أو إقليمي منافق تجمعها مصالح الأحزاب، من جانب، ومن جانب آخر صلات خارجية مشبوهة!!
فمرت عقود زمنية طويلة اقتاتت فيها حكومات الأحزاب العربية من تاريخ تلك الثورات ضد الاستعمار، واتخذ رموز الأحزاب من ذلك النضال أساساً لشرعية قيامها، وتاريخ تتبجل به زعاماتها السياسية، وإن لم يكن لها فيه سهم أو قطرة دم، مليون شهيد في الجزائر، وعمر المختار ورجاله في ليبيا ورثهم شرذمة قومية حزبية قادت تركة الأمة الإسلامية"في محيطها العربي"إلى واقع سياسي واقتصادي واجتماعي وثقافي مخزٍ، قادته دعاوى القومية العربية التي خلعت عنها رداء الإسلام، فمنها من لبست ثوب الاشتراكية، ومنها من تبنى العلمانية، وأجمعوا على نبذ أي صلة بالإسلام شريعة ومنهج حياة، وبكل بجاحة حكومات الأحزاب العربية وريثة الاستعمار، رفضت بعض الدول العربية المعاصرة مشروع"منظمة الدول الإسلامية"كرابط يجمعها وتعمل من خلاله لمواجهة الأزمات، بحجة أنها دول علمانية وليست إسلامية، إلى أن انتهى الرأي أن تكون"منظمة المؤتمر الإسلامي"خروجاً من أزمة التسمية!! وتجاهلت هذه الحكومات أنها قامت على أرض تاريخها الإسلام، وشعبها مسلم، وتركة لآخر عهود الخلافة الإسلامية"وإن كانت عثمانية نختلف معها في كثير من واقعها".
وقد جاءت الثورات الشعبية العربية الجديدة في زمن يحفل بها إعلام مشاع غالب على مصالح الفئات، فأسهم في نجاحها وإشاعتها وتعميمها، فهل ينتهي الأمر إلى هذا الحد؟ وإلى أين ستمضي نتائج كفاح الشعوب المسلمة، هل ستعود الدائرة العربية لتبدأ من جديد لعقود خمسة أو ستة قادمة قاتمة؟! كيف سيكون شكل المستقبل العربي على الأقل في دول الشعوب الثائرة؟ كيف سيكون لون الثوب العربي المقبل؟ في أي كنف سيتدثر؟
في مقالة سابقة تم تحريرها بتاريخ 13 كانون الثاني يناير، ونشرت في"الحياة"بتاريخ: 30 يناير الحالة العربية: تونس نموذجاً، أن تونس ليست حالة خاصة في محيطنا العربي"سياسياً، واقتصادياً، واجتماعياً"... وما الانقلاب الشعبي التونسي إلا فوهة بركان شعبي ضاقت به السبل أمام تعنت سياسي حزبي، ونفاق إعلامي محلي، وتواطؤ دولي، فلماذا لا يحدث التغيير إلا بانتفاضة شعبية، أو تدخل استخباراتي خارجي، أو عسكري أممي؟ والذي يؤدي إلى القتل والنهب قبل أن تستقر الأوضاع على غير إرادة الشعوب، فتأتي حكومات"غير وطنية بكل تأكيد"على رائحة دم الشعب وتضحياته تقوده القوى الخارجية، وما العراق عن أوضاع عالمنا العربي ببعيد.
وهنا يتأكد السؤال مرة أخرى: كيف ستكون الحكومات العربية المقبلة؟ ومن سيجني ثمرات الثورات الشعبية التي أعادت الحياة للشعوب العربية المسلمة، التي تجاهلها التاريخ المعاصر بأحداثه المؤلمة وواقعه المشين؟ ألم يحن الوقت لوجود منظمة إسلامية ذات مقومات مالية وعسكرية تضبط الإيقاع العربي وتقود المسيرة المقبلة بعيداً عن التخبط والارتماء في أحضان القوى الدولية؟ مع كل التقدير ل"جامعة الدول العربية"إلا أنها اليوم"والأيام السابقة بأحداثها أثبتت ذلك"ليست الرابطة التي يمكن الاتكاء عليها لحفظ العلاقة العربية/ العربية، والعربية/ الإسلامية، والعربية/ الدولية.
- محوران أساسيان يرتبطان بمستقبل الحكومات العربية المقبلة:
- محور محلي يحدد طبيعة علاقة السلطة الجديدة بالشعب وأزماته، وكيفية تدوير السلطة ومؤسساتها التشريعية والقضائية والتنفيذية، وإدارة الإعلام المحلي حتى يكون سلطة رقابية شعبية على ممارسات السلطة، ويتجاوز تاريخه في التضليل والكذب على الشعوب.
- المحور الخارجي يحدد طبيعة العلاقة مع العالم الخارجي"دول ومنظمات"يحفظ الشخصية المستقلة ويرعى الحقوق المشتركة بمشاركة الشعب من خلال ممثليه الشرعيين في البرلمانات العربية، وأن تنتهي مرحلة السيطرة الفردية على القرارات الاستراتيجية، وأن يتحمل الجميع مسؤوليات الدولة.
كلمةٌ يجب أن تقال بوضوح في المستقبل العربي أمام العالم الخارجي في محيطه الدولي، أصبحت قدرات الدول العربية والإسلامية في الحفاظ على كياناتها وحقوقها وحقائقها شبيهة بقدرات الأفراد في عالم متعدد المجالات ومتفرع في تخصصاته، الدول بشكل منفرد غير قادرة على الثبات ومواجهة الأزمات الحقيقية والمفتعلة، غير قادرة على رسم طريقها مستقلة بذاتها في عالم شبه همجي يقوده تفرد أميركي وخضوع أممي، بمعنى أن المرحلة"على مستوى الظروف الداخلية، والضغوط الخارجية"تستلزم وجود إطار أوسع يجمع هذه الكيانات المتفرقة في قدراتها وإمكاناتها وينتظمها في عمل مشترك ذي سلطة مشتركة"على غرار الاتحاد الأوروبي"بالطبع متجاوزاً تجربة"جامعة الدول العربية"ومطوراً لمنظمة المؤتمر الإسلامي، لتكون قوة اقتصادية"قبل كل شيء".
ختاماً: يجب أن يحدث التغيير لمصلحة الشعوب، وأن تشارك الشعوب في هذا التغيير، وألا يكون الشعب الضحية في المرحلتين السابقة واللاحقة، وأن لا يطال التغيير شكل القبعات الحاكمة فقط، وأن يشمل التغيير الشأن الشعبي المباشر"داخلياً وخارجياً"، وأن تتواصل نجاحات الثورات الشعبية العربية لتطال الإعلام العربي الكاذب الذي أغرقنا على مدى طويل خارج قضايانا الحقيقية، وألبسنا ثوباً غير ثوبنا، وقدّم وأخر في جدول اهتمامات قضايانا بحسب أهوائه وانتماءاته، وأن تكون من أولى أولويات مسيرة التغيير التفكير العملي الواعي لتجاوز التدخل والتأثير الخارجي الذي بدأ يسعى حثيثاً لكسب مرحلة ما بعد هذه الثورات، والفاحص يتلمس ذلك في الثورة الليبية والعمل الأجنبي على إبراز بعض الشخصيات"وزير الداخلية في جماهيرية القذافي"، وتقديمه من خلال استقالته وكأنه أحد أبطال الثورة! فهل سيكون رجل المرحلة القادمة بإرادة خارجية؟
* مستشار إعلامي، وباحث في الشؤون السياسية.
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.