أكّد التشكيلي نايل الملا أن الفنانين الذين يجرّبون في"الفن المفاهيمي"في السعودية محدودون جداً، ولم يقدّمه من التشكيليات سوى واحدة. مطالباً بخوض"المعترك"المفاهيمي من جميع الفنانين وتجريب المدارس الفنية الحديثة. وثابر الملا على ممارسة الفن التشكيلي وتنمية موهبته منذ الصغر، وحصد جائزة بينالي طهران الدولي، الذي نظمته أكاديمية الفنون الإيرانية. مشدداً في حديث ل"الحياة"على أهمية اتساع الدائرة الثقافية للفنان، وعدم الاتكاء على الموهبة وحدها في النهوض بالتجربة التشكيلية. كيف ترى الخطوات المتعددة التي يخطوها الفن التشكيلي السعودي؟ - في ظل ما تلقاه المجالات والأنشطة الثقافية من رعاية ودعم ملحوظين من خادم الحرمين في النواحي الثقافية والرياضية، فقد أسهم ذلك في دفع الحركة الأدبية والثقافية والتشكيلية على وجه الخصوص. لأن الفن التشكيلي في السابق لم يكن في مثل وضعه اليوم، وقد كانت جمعية التشكيليين في السعودية في بداياتها تقوم بجهود فردية وذاتية، وبدأت الدولة في احتواء التشكيليين من خلال رعاية الشباب ودعم وزارة الثقافة والإعلام في المسابقات، ولا أنسى الجهات الخاصة أو الشركات و دور الصالات التي تسهم وبشكل كبير في عرض التشكيلين لأعمالهم. وما أسهمت به جاليري"روشان"مثلاً في تنظيم الأنشطة والفعاليات التشكيلية على مدى 25سنة، سواء لفنانين سعوديين أو عرب أو عالميين، يساعد كثيراً على احتكاك التشكيلين وتبادل الخبرات، خصوصاً من لم يستطع السفر منهم و يستفد من الأسماء التي تستقطبها الصالات الأخرى. كل هذا أسهم في إثراء الحركة التشكيلية وتفعيل أعمال الفنانين. وماذا عن تجربتك الفنية، والى أين تسير بها؟ - منذ أكثر من 25 عاماً وأنا أمارس الفن التشكيلي كهواية في داخلي منذ الصغر، وكانت البدايات كأي مبتدئ فيها تخبط وعدم نضج ووعي، ولكن بعد ذلك حاولت تطوير أدواتي من خلال الاحتكاك وحضور المعارض وزيارة المتاحف والبيناليات الدولية. وبدأت تنضج التجربة وتتبلور وتتضح الرؤيا والحمد لله، وعلى رغم من عدم دراستي المنهجية للفن التشكيلي، و لكني شعرت بالفنان في داخلي يكبر، ويكبر إلى درجة أنني فقدت حساسية الوظيفة الرسمية. وأشتغل منذ خمس سنوات على تجربة اسمها"تقاسيم شرقية"وحصلَتْ على جوائز عدة محلية ودولية، والبعض اعتبرها مدرسة إسلامية عربية، وهي تعكس بيئة وتراث المملكة والشرق في شكل عام، فمن هنا جاءت تسميتها تقاسيم شرقية. اتجه بعض الفنانين إلى خوض غمار"الفن المفاهيمي"وتفاوتت التجارب واختلفت الأفكار، لكن هل يسير هذا الفن في رأيك على الطريق الفني الصحيح؟ - الفن المفاهيمي له قصة وكان لي دور كبير في هذه المسألة، وكنت أنادي وأطالب في الوسائل الإعلامية المختلفة، بألاّ يقتصر حضور التشكيلي السعودي دولياً او محلياً على عرض اللوحة المعلقة فقط، لأن هناك تطورات متلاحقة في التشكيل العالمي، ومن ضمنها الفن المفاهيمي، وكان بدايته صرعة في الخمسينيات الميلادية، ثم انتشرت بعد ذلك في العالم في شكل كبير، وأصبحت البيناليات تحتفي بالمفاهيمية لدرجة اختفاء اللوحة المؤطرة والمعلقة على رغم أهميتها ولا يعني هذا إلغاؤها. ولكن ليس عيباً أن يسير الفنان في مسارات عدة، ولا زلت أطالب أن يمارس التشكيلي العروض الجديدة سواء المرئية أو العرض الحي وغيرها من الفنون الجديدة والأعمال التركيبية وفن الأرض، لأنها فنون عصرية أو ما يسمى بفن ما بعد الحداثة وانتشارها في العالم، وكنت أول من قدّم أعمالاً مفاهيمية في بينالي القاهرة الثامن وحصلت على جائزة. ومَنْ من الأسماء التشكيلية قدمت أعمالاً مفاهيمية تحسب على هذا الاتجاه؟ - الذين يجربون العمل المفاهيمي محدودون جداً، ولكن هناك مجموعة" شتا" في الجنوب تشتغل على الفن المفاهيمي، وأتمنى أن يكون هناك مشروعاً جماعياً يقدم أعمالاً مفاهيمية فقط، حتى تستوعب الناس معنى العمل المفاهيمي، وأتذكر الآن التشكيلي بكر شيخون، الذي كان ضد المفاهيمية، وأذكّره دائماً بهذا الموضوع. والتشكيليات السعوديات ألم يقدمن تجارب مفاهيمية لافتة؟ - لا أتذكر تشكيلية سعودية خاضت العمل المفاهيمي في شكل عميق، سوى عبير فتة وهي تقدم بعض الأعمال المفاهيمية، وتمتلك رؤيا جيدة في هذا المجال. تسعى بعض التشكيليات إلى إثبات قدراتهن التشكيلية عبر مختلف التجارب والمدارس الفنية، وحققن نجاحات مميزة، لكن هل هناك حواجز وعقبات تواجههن في رأيك؟ - لا أعتقد أن هناك عقبات أو عوائق لأن الانفتاح والتواصل اليوم ميسّر، ولكن عليهن الاجتهاد في تقديم تجاربهن وقد ظهرت بعض الأسماء المتفوقة محلياً وعالمياً ولا ينبغي أن يكون التنافس فقط مع الذكور من أجل الجوائز، بل من أجل النهوض بالفن التشكيلي السعودي عموماً وتجربة الفنان خصوصاً.