حصد الفنان التشكيلي عبدالناصر العمري لقب أفضل فنان من المنطقة الغربية والجنوبية في السعودية، في معرض"الفن للحياة"عن لوحته"تكوين 2"الذي أقيم في مدينة جدة أخيراً، بمشاركة مجموعة كبيرة من التشكيليين والتشكيليات بعد فرز اللجنة المحكمة للأعمال، واختيار اللوحة المرشحة لعرضها في مزاد لندن العالمي حزيران يونيو 2008. ويقدم العمري في تجربته التشكيلية الأحداث اليومية، مؤمناً في الوقت ذاته بأهمية العمل الجماعي والخروج عن إطار اللوحة، ومواكبة المدارس التشكيلية الحديثة."الحياة"التقت العمري وحاورته حول ترشيحه وتجربته التشكيلية ورأيه في جمعية التشكيليين. هنا نص الحوار: كيف تلقيت خبر الفوز، وكيف كان أثره فيك؟ - كانت من اسعد اللحظات في حياتي، عندما أعلن مقدم الحفلة اسمي وكان شعوراً غير مسبوق، إذ إنها التجربة الأولى لنا كفنانين سعوديين، وتجربة جديدة فلم يسبق لفنان سعودي أن عرضت لوحاته في مزاد عالمي، فهي تجربة جديدة علينا، وهذا حملني مسؤولية كبيرة أتمنى أن أكون عند حسن ظن الجميع. وما هي فكرة العمل الفائز؟ - في التجربة الجديدة التي اشتغل عليها أصبحت الأحداث اليومية هي الركيزة الأساسية في أعمالي، ففي العمل الذي شاركت به كان الجانب الروحي الذي أعيشه له دور كبير في ذلك، فهو موجود في داخلي وحولي وكان العنصر الذي اعتمدت عليه في هذا العمل هو الكعبة المشرفة، والأفكار والمفاهيم التي تحدث في ذلك المكان، وكان تركيزي على المفاهيم التي ترتبط بالكعبة بعد ظهور الإسلام والمنهج الذي نسير عليه في جميع جوانب الحياة. وأردت أن أبين أن الكلمات التي يذكرها الناس حول الكعبة هي التي بقيت حتى وصلت إلينا، لذلك حاولت أن اكتب على ذلك العمل المفردات التي يذكرها المعتمرون والمتداولة عَبر كل الأزمنة والأجيال، وأركز على المفاهيم كونها هي الباقية، كما أن العمل سيطر عليه اللون الأبيض وأخذ حيزاً كبيراً من اللوحة... ومن الجانب الجمالي الاستاطيقي قمت برسم الكعبة والتركيز على سترة الكعبة، التي تحمل الخط العربي الجميل والآيات المؤثرة والسترة التي يوجد بها الخط العربي، الذي تجده أينما تولي وجهك في الكعبة المشرفة. وهل كان للمسابقة دور في اختيارك للموضوع؟ - نعم. إن هدف المسابقة هو تقريب الثقافات والحضارات بين الشعوب، وهو ما جعلني أركز على موضوع الكعبة وعلى ما تعنيه عند معظم سكان هذا الكوكب من المسلمين، حتى أبين لهم حقيقة هذا الدين وما يدعوا له من تسامح وسلام. هناك من يقول إن اللجنة المحكمة للأعمال المشاركة انحازت بجانب لوحات بعض الفنانين، خصوصاً التشكيليات هل هذا صحيح؟ - أنا لا اعلم شيئاً عن ذلك، ولكن من وجهة نظري أن المشاركين لهم تجارب مهمة ومعروفة في الساحة التشكيلية السعودية، وهناك رموز من المشاركين لهم تاريخ عريق في الفن وأثروا الساحة التشكيلية وتعلمت منهم الكثير. ولجنة التحكيم كانت على قدر عال من الوعي والمقدرة لإنجاح هذه التظاهرة التشكيلية غير المسبوقة، ولا أجد أي نوع من الانحياز، لأن المشاركين قدموا تجارب جديدة ومتقنة والفنانات المشاركات لهم دور في تطوير الحركة التشكيلية، وهن من الأسماء القوية في الوسط التشكيلي، وكانت أعمالهن إضافة غنية للمعرض. في رأيك هل يوجد في السعودية فن"مفاهيميّ"نراهن عليه مستقبلاً؟ - نعم هناك حركة مفاهيمية في السعودية، بل هناك رواد لتلك الحركة ومنهم الفنان فيصل السمرة، ويعتبر من الرواد في منطقة الخليج، وما قدمّه الفنان بكر شيخون في بينالي الشارقة السادس دليل على أن الأعمال المفاهيمية أصبحت ناضجة، وشاركت أنا بعده في بينالي الشارقة الثامن بعمل بيئي وعمل أدائي، وهناك فنانون وفنانات نراهن عليهم مثل الفنانة منال الضويان، التي تقدم أعمالاً مفاهيمية جديرة بالاحترام. وعلى ماذا يعتمد العمل المفاهيمي في نظرك؟ - لعل الفنون الحديثة ومنها الأعمال المفاهيمية، تعتمد على نسف"العصامية"في العمل الفني بتعاون أشخاص عدة، يُلم كل منهم بفن من الفنون ويشتركون في الاتفاق على طرح موضوع معين، ويقومون بعمل ورشة ذهنية"عصف ذهني"وكل منهم يطرح وجهة نظره من الزاوية التي يراها ويمتلك أدواتها، حتى يتمكنوا من إنتاج عملهم، لذلك ادعو جميع الفنانين إلى الاهتمام بالمدارس الحديثة، كون اللوحة لا تستطيع أن تتحمل الأفكار والمفاهيم الحديثة، فعلى الفنان إيجاد وسائط جديدة تستوعب أفكاره وإيصالها للمتلقي والاستفادة من التكنولوجيا التي نعيشها. مَنْ من الأسماء التشكيلية تتوقف عندها؟ - من أتوقف عنده فعلاً هو الفنان الذي يُحدث التغير، وليس الفنان الذي يتحدث عن ضرورة التغيير، ولكني أجد في جيل الفنان محمد السليم و الدكتور عبدالحليم رضوي، الذي اخذ على عاتقه ظهور الفن وفتحوا لنا الطريق في المملكة، وتحمل أعباء وعناء هذا العمل الشاق، ووضعوا بصمة للفن السعودي في جميع أنحاء العالم. وهناك أسماء عالمية مثل الفنان جوزف كوزت الذي أسس الفن واللغة عام 1961 وأخرى عربية مثل الفنان العراقي شاكر حسن آل سعيد. مضى على تأسيس جمعية التشكيليين السعوديين وقت ليس قصيراً، ولم تقدم أي نشاط؟ - أنا أقدّر أنها التجربة الأولى لأعضاء الجمعية ولكن الفترة التي مضت فعلاً طويلة، وكان باستطاعة الجمعية عمل الأشياء الأولية مثلاً اختيار الشعار وتحديد مقر الجمعية، أو على الأقل عمل برنامج لنشاطهم المقبل ونشره، وإذا كان هناك عائق فعليهم أن يظهروه ويطلعونا عليه، وعدم ترك الأمور هكذا ما يؤدي إلى الشكوك والتأويل بمصير الجمعية، وأنها ستنتهي بالفشل. من وجهة نظري فالفنان الآن ليس بحاجة الى المؤسسة، لأنه يستطيع أن يحصل على جميع المشاركات الدولية والمناسبات المهمة، عن طريق المجلات الفنية المتخصصة أو عن طريق المواقع الالكترونية، ويمكنه التواصل معها بكل سهولة. فعمل الفنان اليوم هو المهم وليس المؤسسة، فالفنان بنفسه مؤسسة وعمله هو المنتج الذي تنتجه هذه المؤسسة.