ترفض بعض النساء فكرة دخول زوجها إلى غرفة الولادة بشدة، لتخوفهن من أن تنعكس مشاهد خروج الجنين سلباً على نفسية الرجل? وعلى علاقته الجنسية معها في المستقبل? بينما البعض الآخر من النساء يجدن أن دخول الزوج واجب عليه، لأنه يدل على محبته لها وحرصه على الوقوف بجانبها في أصعب اللحظات لمد يد العون لها ومساعدتها، في حين يؤيد كثير من الاختصاصيين في طب النساء والولادة دخول الزوج مع زوجته غرفة الولادة? إذ يعتبرونها دافعاً معنوياً ونفسياً لتسهيل عملية الولادة للمرأة في تلك اللحظات العصيبة في حياتها، التي تكون فيها بأمس الحاجة إلى المشاعر الصادقة والإحساس الدافئ الذي يخفف آلامها من قبل"الزوج الحنون"الذي يحثها على التماسك والصبر لاستقبال المولود"المنتظر على أحر من الجمر"، فيما يؤكد الرجال إحساسهم بما ينتاب زوجاتهم من آلام الولادة والمعاناة من دون حاجتهم إلى الدخول لرؤية زوجاتهم أثناء الولادة. تسرد أم فهد ذكرياتها أيام ولادة الطفل الثالث قائلة:"بعد زواج دام عشر سنوات مررت بمشكلات أسرية عجزت عن حلها، حتى حان موعد ولادة طفلي الأخير الذي استرجع العواطف من جديد في ما بيني وبين زوجي? وذلك عندما تزامن موعد سفر والدتي مع موعد ولادتي? التي تكون عادة هي من تبقى بجانبي في غرفة الولادة". وتتابع:"بعد سفر والدتي اضطررت إلى دخول غرفة الولادة وحيدة? وحدثت لي أثناءها مشكلات عدة، إذ تعسرت ولادتي وكان الطلق شديداً، ما جعل الطبيبة التي تشرف على ولادتي تطلب من زوجي الذي يقف في الخارج الدخول إلى غرفة الولادة في محاولة لمد العون لي والوقوف بجانبي"، مشيرةً إلى أنه حينما دخل زوجها اندهش من شدة ألمها وصراخها المستمر?"إلا أن زوجي جاء مسرعاً ووضع يدي بين يديه، وأحسست للمرة الأولى بحنان يديه القويتين اللتين شد بهما على يدي برفق، طالباً مني أخذ النفس والدفع المطلوب لتسهيل خروج رأس طفلي? ما جعلني أنسى ألم تلك اللحظات وأتلذذ برؤية زوجي ونظرات خوفه علي، حتى خرج مولودنا الجديد الذي استقبلناه بالتهليل? وشكر الله"، موضحةً أن دخول زوجها معها غرفة العمليات،"شعور جميل نتذكره دائماً ما يدب الحنان والأشواق في ما بيننا? لأنني أحسست بشعوره بمدى معاناتي وتعبي في ولادة أطفاله". وتؤيد ابتهال الهاجري الحامل في الشهر التاسع وتستعد للمولود البكر، دخول الزوج مع زوجته في غرفة الولادة? تقول:"أنا حريصة على دخول زوجي معي عند الولادة حتى يشعر بمدى تعبي ومعاناتي? خصوصاً انني جديدة على دخول غرفة الولادة وتجربتي فيها معدومة"? معتبرةً أن دخول زوجها معها"يساعد في تعزيز المشاعر بيننا لتأثر الزوج بالموقف"، غير أن ما يقلقها دائماً ويقض مضجعها هو"اتخاذ قرار دخول زوجي معي حيث إن ما أسمعه في المجالس النسائية عن الاشمئزاز الذي قد يصيب الزوج بعد رؤية زوجته في تلك الحال يجعلني أفكر ألف مرة قبل اتخاذ القرار". وتستطرد:"أنا في حيرة من أمري، إذ لا أريد أن أخسر زوجي، ولا أعلم إن كان زوجي سيكون من الرجال الذين يؤثر الموقف فيهم سلباً، ما يجعله يكرهني ويشعر بالاشمئزاز؟ أم يجعل من دخوله معي غرفة الولادة حافزاً أكبر لزيادة تعاطفه وتقديره لي في المستقبل". أما أم عبدالعزيز البالغة من العمر 55 عاماً وحفيدة لعشرة أطفال فتقول:"أرفض دخول الزوج مع زوجته لغرفة الولادة مطلقاً، على رغم أن الزوج هو السند الأول لزوجته والدعم القوي لها في حياتها، إلا أن ذلك لا يعني دخول الزوج مع زوجته غرفة الولادة وذلك لأن المرأة في تلك اللحظات في حال يرثى لها ولا تحب الزوج أن يراها في تلك الصورة"، مشددة على أن"الرجل المحب لزوجته غير محتاج لرؤية زوجته في لحظات الولادة حتى يشعر بمعاناتها ويقدرها، فالمرأة تمر بتعب ومعاناة طوال فترة حملها وما بعد الولادة في تربية الطفل، وإن كان يحبها ويقدرها فعليه مراعاتها طوال تلك الفترة التي تمر فيها المرأة بمشكلات صحية ونفسية واجتماعية". ومن جانب الرجال، يذكر أبو مبارك والد لطفلين قصته الطريفة التي حصلت له مع دخوله غرفة ولادة طفله الأول ويقول:"دخلت مع زوجتي وأنا في غاية اللهفة لمد العون لزوجتي، لكن ما إن بدأت آلام زوجتي بالتزايد أخذت تسبني وتشتمني، واتهمتني بأنني السبب في آلامها ومعاناتها الشديدة"? مضيفاً"المضحك في الأمر أنني في ذلك الوقت أخذت كلامها بمحمل الجد وبدأت في لوم نفسي أمامها لدخولي معها من أجل مساعدتها، وصار كل منا يرد على الآخر ودخلنا في مناقشات حادة في غرفة الجراحات"، مشيراً إلى"أن الطبيبة المسؤولة عن زوجتي بدأت في تهدئتي وإخراجي إلى خارج غرفة الولادة لاستكمال دورها بسلامة من دون مشاجرات في ما بيني وبين زوجتي، ولكن ما إن ولدت زوجتي ورأينا طفلنا الأول بدأ الضحك ينتابنا على ما فعلناه في غرفة الولادة". ويعترف أبو ريم 45 عاماً أنه شعر بالاشمئزاز أثناء ولادة زوجته، ويقول:"دخلت مع زوجتي إلى غرفة الولادة وبقيت جانبها طوال الوقت، ولكن بعد الولادة أصبحت أشعر بنوع من الاشمئزاز اللاشعوري نتيجة ما رأيته، وأثر في لفترة من الوقت إلى أن عدت إلى حالي الطبيعية وبدأت أتناسى المشهد شيئاً فشيئاً وأحاول بشتى الطرق ألا أظهر ما ينتابني نفسياً خوفاً على شعور زوجتي"، كاشفاً أنه لا يفكر في إعادة التجربة في الدخول إلى غرفة الولادة مطلقاً حفاظاً على علاقته مع زوجته، موضحاً"أشعر بتعبها وآلامها ولكن لست بحاجة إلى وجودي معها في مثل تلك اللحظات حتى أقدر معاناتها لأنني قد تأثرت سلباً لفترة من الوقت بسبب مشاهد خروج طفلي والدماء التي تظهر على جسدها".