خذ نفساً عميقاً، ها قد عدنا الى مكاتبنا وساعات العمل الطويلة بعد إجازة كان عنوانها لدى قليلين الاسترخاء، أما الأغلبية فكانت لهم حكاياتهم الخاصة، اما مع رحلات جوية متأخرة أو تعطل السيارة في الطريق البري، وهناك من يشكو من خدمات الفنادق أو الشقق المفروشة، لكن معظم زملائك اليوم سيتحدثون عن فن التعايش مع الألعاب النارية المزعجة في عطلة العيد، وكثير منهم أيضاً سيقول لك انه بحاجة إلى إجازة بعد الإجازة، ليستريح من عناء تكاليفها البدنية والنفسية المرهقة. "التأجيز"أو التمتع بالإجازة فن لا يجيده الكثيرون باستثناء العزاب من عشاق النوم الذي لا يحتاج سوى الى غرفة مظلمة وجهاز تكييف يعمل بكفاءة، اما لرب عائلة تضم كائنات حية صغيرة تعيث في الأرض فساداً، ومراهقين ومراهقات يعتقدون أن الحياة تسير مثلما تعمل ألعاب الفيديو فإن بعضاً من تخطيط باكر واستعداد نفسي مسبق قد يضمن عناء اقل وأخطاء اقل فداحة. قد تكون الإجازة مع هؤلاء إلهاماً لنا لمزيد من الصبر والتحمل، ومدرسة جديدة لشحذ خيالنا نحو المزيد من الابتكار والتجديد، والصديق الذي قابلته بالأمس عائداً من مسقط رأسه قرب الرياض يشكو أن ابنه وابنتيه ملّوا المكان بعد ساعتين ونصف الساعة فقط من وصولهم، لكنه سعيد بأن وقتاً طويلاً أمضاه معهم محاولاً التعرف على اهتماماتهم وهواياتهم، ويقترب أكثر مما يرغبون ويرهبون ويكرهون ويحبون، وهي وظيفة أجادها مع العملاء في الشركة، لكنها أكثر صعوبة مع عميل اسمه مدرج في بطاقة العائلة ولا يدفع مقابل الخدمات. بما ان الإجازة من الفرص القليلة التي نقترب فيها من بعضنا البعض، فهي بالتأكيد مناسبة ان نتعلم فيها أيضاً من بعضنا البعض، ووسيلة لتعزيز بعض الأفكار الخيرة والمبادئ الفاضلة، وكثير منا يحلم بأن ينمي لدى أبنائه في الرحلات أهمية الحوار ومنافع طلب النصيحة، وتنمية حس مد العون للآخرين والتعرف على قيمة المال وأهميته في حياتنا، وغيرها من مبادئ نصبو أنا وأنت لتنميتها، والأطرف ما حكاه لي أحدهم ان قائمته"الفاضلة"تضم دوماً تنمية لمشاعر كراهية تجاه مطاعم الوجبات السريعة، وتعزيز فكرة أن النوم باكراً وصوت الموسيقى المنخفض سر النجاح، وهذه أمنيات فشل السابقون وربما اللاحقون في تحقيقها. [email protected]