اتخذت السعودية أمس إجراءات جديدة من شأنها دعم حملتها الوطنية لترشد المياه التي بدأت منذ أكثر من عام تقريباً. وتعتبر الإجراءات نقلة في أسلوب الترشيد، إذ إنها تحدد الوسائل الفنية المستخدمة وصولاً إلى الهدف المنشود. كما أن هذه الإجراءات حددت مسؤوليات كل الوزارات والمؤسسات الحكومية ذات العلاقة المباشرة بقطاع المياه. وتنبغي الإشارة إلى أن خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، كان أول من اتخذ خطوة جادة وفعلية في قضية ترشيد استخدام المياه، إذ أصدر قراراً قبل نحو ثلاثة أعوام، حينما كان ولياً للعهد وتعليمات - خصوصاً للموظفين في قصوره - باتباع التعليمات الأساسية لترشيد المياه واستخدام التقنيات اللازمة لتحقيق هذا الهدف. ثم تبعه بعد ذلك العديد من الأمراء والمسؤولين. وكانت مبادرة الملك عبدالله بمثابة قرع جرس إنذار من القيادة السعودية حول قضية ترشيد المياه، على خلفية أن السعودية تبقى بلداً صحراوياً ينتظر الأمطار كل عام، ويتجه إلى البحر للحصول على مصدر للمياه, فيما أرقام الاستهلاك في تصاعد مستمر. ومنذ ذلك الحين، عكفت وزارة المياه على درس إصدار إجراءات للمحافظة على موارد المياه وترشيد استهلاكها في جميع القطاعات، إذ إن الأمر يتطلب تعزيز إجراءات مراقبة الاستهلاك للحد من الهدر وترشيد استخدام المياه، ومراجعة اللوائح التنظيمية لنظام المحافظة على المياه والالتزام بتطبيقها، ووضع آلية ملزمة لتخفيض استهلاك المياه للأغراض الزراعية تأخذ في حسبانها التوسع في استخدام الوسائل والتقنيات الحديثة للاقتصاد في استهلاك المياه، ووضع المواصفات والمقاييس الوطنية لجميع مرافق المياه، ومراقبة الاستهلاك والاستخراج من مختلف المصادر عن طريق القياس الفعال لعدادات المياه، وتطوير أنظمة شبكات المياه ونقلها وتوزيعها للأغراض المنزلية، واتخاذ إجراءات فعالة لتحسين آلية التحصيل. وتبعاً لذلك، أقر مجلس الوزراء السعودي نتائج أعمال اللجنة الفنية المكلفة بدرس وضع المواصفات الفنية للأدوات والمواد الصحية المرشدة لاستعمال المياه، والتي حددت ثلاثة عناصر رئيسة في هذا الجانب، هي: إعداد مواصفات الأدوات الصحية ومواد السباكة، وتنفيذ شبكات تدوير المياه، وإلزام المستوردين والمصانع المحلية بالمواصفات القياسية بعد الانتهاء منها. وحمل القرار وزارة الشؤون البلدية والقروية، مسؤولية مراجعة البنود الخاصة بالأدوات الصحية ومواد السباكة الواردة في المواصفات العامة لتنفيذ المباني، للتأكد من تنفيذ البنود الصحية بما يكفل منع التسربات والحد من الهدر والتدفق العالي للمياه، إضافة إلى تضمين فسوحات البناء الجديدة اشتراط تركيب الأدوات الصحية ومواد السباكة، وعدم إيصال الخدمات المختلفة إلى تلك المنشآت إلا بعد التأكد من ذلك .وينطبق الأمر أيضاً على الجهات ذات العلاقة، بألا تعتمد أي مخطط لأي مشروع جديد إلا بعد التأكد من أنه يتضمن المواصفات الفنية والأجهزة والأدوات الصحية ومواد السباكة المرشدة لاستعمال المياه. وطالب قرار مجلس الوزراء الجهات الحكومية، والمؤسسات، والهيئات العامة، والمجمعات السكنية والتجارية والصناعية والتعليمية، والمستشفيات، والفنادق، والشقق المفروشة، بتغيير صنابير المياه وصناديق الطرد"السيفونات" في مبانيها ومنشآتها ومرافقها إلى الأنواع المرشدة لاستعمال المياه المطابقة للمواصفات القياسية السعودية المعتمدة خلال عام واحد من تاريخ اعتماد المواصفات، وستكون وزارة المياه والكهرباء الجهة الرقابية لتنفيذ ذلك. أما في ما يتعلق بتنفيذ شبكتين لتدوير المياه، فألزم قرار مجلس الوزراء تنفيذها على الجهات الحكومية وما في حكمها والمؤسسات والهيئات العامة والمراكز والمجمعات السكنية التجارية والتعليمية والصناعية الحكومية أو غير الحكومية، عند وضع المواصفات والمخططات لبناء منشآت جديدة لها، مستثنياً المستشفيات والمراكز الصحية إلى حين انتهاء اللجنة المذكورة من درسها والرفع عنها، وألا توصل خدمة الماء والكهرباء للمخالف حتى تزال المخالفة. وأناط القرار بوزارة المياه والكهرباء تعريف الجهات والمنشآت القائمة الآن المذكورة في الفقرة الأولى من هذا البند بأهمية تدوير المياه، وما يحقق رسالة الترشيد والاقتصاد في استخدامها وتقديم جميع المعلومات لتلك المنشآت القائمة عند رغبتها في تنفيذ شبكتين لتدوير المياه. وفي العنصر الثالث، وبحسب القرار، فإنه سيمنع استيراد الأدوات الصحية ومواد السباكة غير المرشدة لاستعمال المياه بعد مضي عام من تاريخ اعتماد الهيئة العربية السعودية للمواصفات والمقاييس لمواصفات أدوات السباكة والمواد الصحية المرشدة لاستعمال المياه، كما سيمنع تصنيع الأدوات الصحية ومواد السباكة غير المرشدة لاستعمال المياه المخصصة للاستخدام المحلي.