ينظر "جهانجير" إلى المحيطين حوله بخجل، يحاول أن يأكل بالطريقة التي يأكلون بها، متربعاً على الأرض، ويحيط به نحو ألف صائم، ينتظرون ارتفاع صوت الأذان، لينهوا إمساكهم عن الأكل، ويكملوا صيام اليوم السابع من شهر رمضان. "جهانجير"، عامل هندي، لم يعتنق الإسلام، غير أنه استجاب بعد تردد لدعوة زميليه الهنديين انتظام محمد وسهيل، اللذين دعواه إلى مشاركتهما إفطارهما في المخيم الرمضاني التابع للمكتب التعاوني لتوعية الجاليات"جاليات السوق". ودفعت كلمات مواطن سعودي رحب ب"جهانجير"في المخيم، على رغم علمه أنه غير مسلم، بالعامل الهندي إلى تجاوز حال الخجل والتردد، والمشاركة في تناول الإفطار. والسعودي الذي جاور"جهانجير"يحرص على الحضور للمخيم يومياً، على رغم توافر إفطار فخم في بيته، لكنه يحرص على مشاركة العمال إفطارهم، كما يحرص على التبرع بكميات كبيرة من الأكل للمخيم، المقام منذ سبع سنوات. ويتجه للمخيم نحو ألف شخص يومياً، وهو واحد من سبعة مخيمات، تقام في أحياء مدينة الدمام، وتحديداً في العدامة والفيصلية والمثلث والمدينة الصناعية الأولى والمدينة الصناعية الثانية، إضافة إلى مخيمات أخرى يديرها المكتب التعاوني للدعوة والإرشاد وتوعية الجاليات في الخبر والظهران والجبيل ورأس تنورة وغيرها،"بهدف التواصل مع الوافدين، خصوصاً في شهر رمضان"، على حد قول مدير المكتب التعاوني للدعوة والإرشاد وتوعية الجاليات في الدمام الدكتور عبد الواحد المزروع. ويصف انتظام محمد الأجواء في المخيم ب"الروحانية". ويقول:"إنها تعني لنا الكثير، فنحن من ذوي الدخل المتدني، وهذا الإفطار يعيننا على العمل، ويوفر علينا المال، ويعلمنا معنى التكافل في الدين الإسلامي". ويتدفق الصائمون من جميع الجنسيات، على موائد الإفطار في الخيام الرمضانية، التي أصبحت من مميزات هذا الشهر، فالكل ينتظر هذا الشهر ليهنأ بكرمه، وتسابق الناس فيه على عمل الخير. وترحب خيام إفطار الصائم بغير المسلمين، وتدعوهم لاكتشاف الدين الإسلامي، من خلال إطعامهم وإعطائهم كتيبات دعوية عند انصرافهم، تعرفهم بالإسلام. وتشهد هذه الخيام إسلام عدد من الوافدين، بعد أن يروا التكافل الإسلامي ويعايشوه عن قرب، ويشاركوا المسلمين فرحته. وأعلن أول من أمس، 13 مقيماً في الدمام إسلامهم، بعد زيارتهم المخيم المعد لإفطار الصائمين التابع للمكتب التعاوني لتوعية الجاليات في منطقة السوق. ويقبل السعوديون على التبرع لمخيمات إفطار الصائمين، ويتكفل بعضهم بإحضار كميات من الأكل يومياً للمخيم، فأحد البيوت تكفل بتقديم قدر كبير من الحساء يومياً، وبيت آخر قدم التمر. ويقول محمد مجرشي، وهو أحد المشرفين على مخيم إفطار الصائمين:"إن التبرعات تكون منوعة وكثيرة، فأحد المطابخ يقدم 37 صحن رز مع اللحم، موزعة على 37 سفرة طعام، وكل سفرة يجلس عليها ثمانية صائمين. وتبرع محل لبيع التمور بكامل كميات التمور طيلة رمضان". ويعتبر مدير المكتب التعاوني للدعوة والإرشاد وتوعية الجاليات في الدمام الدعوة إلى الله"الهدف الرئيس من إنشاء هذا المخيم". ويضيف"نسعى إلى توجيه الوافدين للعقيدة الصحيحة، ودعوة غير المسلمين بالحسنى، وتنمية روح الأخوة والتكافل بين المسلمين، إضافة إلى تطبيق توجه المصطفى في تفطير الصائمين". ولا يقتصر المخيم على تفطير الصائمين، فهناك برامج ومحاضرت ودروس دينية ومسابقات وجوائز، تم إعدادها بلغات عدة منها العربية والأوردية، والاندونيسية والمليبارية والفلبينية والتاميلية والبنغالية، يستفيد منها زوار المخيم. ولم يخف المزروع والقائمون على المخيم سعادتهم بالنتائج التي يحققها المخيم منذ انطلاقته قبل سبع سنوات، من خلال أعداد المسلمين الجدد، الذين بلغ عددهم نحو ألف مسلم خلال السنوات الثلاث الماضية. ويتابع المكتب المسلمين في المخيمات، بعد شهر رمضان من خلال دورات شرعية ورحلات حج وعمرة، والمكتبة الدعوية والحقيبة الدعوية. ويضيف المزروع"وجهنا الدعاة لتوعية مرتادي المخيم بالنظام الإسلامي المتبع في البلاد، ونظام الإقامة النظامية وما إلى ذلك، ونتيجة لما يقوم به الدعاة، اعترف بعضهم بمخالفات قاموا بها".