ارتفاع أسعار النفط    كندا تعتزم الاعتراف بدولة فلسطين خلال سبتمبر المقبل    أمير منطقة المدينة المنورة يزور معرض الكتاب    معرض المدينة المنورة للكتاب 2025.. بين الرؤية الثقافية والتكامل مع صناعة النشر    مكتبة الملك عبدالعزيز تحتفي بالتراث في معرض المدينة    15 دولة تتجه للاعتراف بدولة فلسطينية بعد مؤتمر نيويورك    مؤتمر حل الدولتين: إطار زمني لإقامة دولة فلسطينية خلال 15 شهرا    إسرائيل تواصل قصف الجوعى في مراكز المساعدات وتوزيع المياه    هجوم روسي على منشآت تدريب أوكرانية    "المركز الوطني للفعاليات" يوقع مذكرة تفاهم مع هيئة رعاية الأشخاص ذوي الإعاقة    أمير القصيم يزور مركز البسيتين بعيون الجواء ويدشن جمعية مزارعي العنب    إطلاق منصة الفانتازي لكأس العالم للرياضات الإلكترونية بجوائز إجمالية تبلغ 200 ألف دولار    الشهراني يبحث مع رئيس الاتحاد الدولي ترتيبات استضافة الرياض لبطولة العالم    النصر يحقّق فوزه الثاني أمام تولوز الفرنسي    أخضر الصالات يتأهل لنصف نهائي بطولة القارات بعد الفوز على زامبيا بخماسية    الفضلي يؤكد صدارتها عالمياً في المياه.. وزير الإعلام: السعودية تصنع تقنية المستقبل    تعاون سعودي- فلسطيني في المناهج والاتصالات والتنمية «البشرية».. وزير الخارجية ورئيس الوزراء الفلسطيني يستعرضان العلاقات الثنائية    نائب أمير مكة يستقبل رعاة حملة توعية ضيوف الرحمن    لتولى مهام مراقبة ساحل البحر الأحمر.. تدشين فريق مفتشات بيئيات بمحمية الأمير محمد بن سلمان    9 مليارات ريال كفالات تمويلية    4 أشواطٍ تحضيرية للكؤوس في الأسبوع الثاني من موسم سباقات الطائف    يجمع باريس سان جيرمان وتوتنهام.. صافرة برتغالية تضبط السوبر الأوروبي 2025    في ديوانيته الأسبوعية.. خوجه يحتفي بسفير جمهورية طاجيكستان    وزير الطاقة يجتمع مع نائب رئيس مجلس الوزراء الروسي    أوفياء كشافة شباب مكة يطمئنون على فضل    أسرة الزهراني تحتفل بزواج أحمد    آل العيسوي وأبوزيد والطباع يتلقون التعازي في محمود    بسبب تجويع سكان غزة.. شخصيات إسرائيلية بارزة تطالب بعقوبات على تل أبيب    وسط تحركات دبلوماسية متسارعة لدعم حل الدولتين.. 15 دولة غربية تدعو للاعتراف بدولة فلسطين    مؤتمر نيويورك يعيد الزخم لتحقيق سلام عادل.. رؤية سعودية حاسمة تقود «حل الدولتين»    بمشاعر الوفاء.. تناغم الفن تكرم التشكيليين    عرض مسرحية «طوق» في مهرجان إدنبرة الدولي    وفاة الفنان لطفي لبيب.. الضاحك الباكي    التجارة تستدعي 96 طقم أكواب زجاجية للأطفال    ارتفاع أسعار الغاز في 2025    20 فرصة عقارية بمزاد كندة العلني الهجين في مكة المكرمة    الكويت: السلام العادل يتحقق بإنهاء الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين    استعراض مبادرات وأنشطة محمية تركي بن عبدالله أمام أمير حائل    فيصل بن مشعل يكرّم مميزي "مدني القصيم" في الحج    توثيق أصوات مؤذني مساجد وجوامع الأحساء    التماس العذر    أمير جازان ونائبه يطّلعان على سير مشروعات صبيا وضمد    المملكة تقدم دورة علمية لتأهيل الأئمة والخطباء في جيبوتي    فن المملكة يحطّ رحاله في بكين    جامايكا تشيد بمبادرة المملكة لنقل التوأم الجامايكي الملتصق «أزاريا وأزورا» إلى الرياض لدراسة حالتهما الطبية    حرس الحدود بمنطقة جازان يضبط شخصا لتهريبه (21) كجم "حشيش"    رحلة في "يباس".. نادي الرواية الأولى يضيء التجربة الروائية لآية السيّابي    نائب أمير جازان يستقبل قائد قوة أمن المنشآت المعيّن حديثًا بالمنطقة    جمعية "كلانا" توقع شراكة مع الصحة لتوفير 50 جهاز غسيل كلوي    أمير جازان يرعى مراسم توقيع اتفاقية تعاونٍ بين سجون المنطقة وجمعية "مأمن"    حرس الحدود يختتم المعرض التوعوي بالسلامة البحرية بمنطقة جازان    نجاح عمليتين لزراعة مضخات قلبية بمدينة الملك عبدالله بمكة ضمن برنامجها المتخصص في قصور القلب    كبار السن في السعودية يتصدرون مؤشر الصحة الذهنية عالميًا    نائب أمير مكة يطلع على أعمال الجهات المعنية بخدمة المعتمرين    وزير الداخلية يطلع على "العمليات الأمنية" لشرطة باريس    1.689 طلب منح الأراضي المنفذة    أمير جازان ونائبه يطّلعان على سير المشروعات التنموية بمحافظة صبيا    ثقافة القطيع    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



" المعرفي ... الأيديولوجي والشبكي " لكمال عبداللطيف . اين يقف العالم العربي من مجتمع المعرفة ؟
نشر في الحياة يوم 19 - 11 - 2012

يتطرق كمال عبداللطيف في كتابه"المعرفي، الايديولوجي، الشبكي"المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، الى قضايا ثلاث تشغل الفكر المعاصر، وهي التي تشير الى تشابك المعرفي بالايديولوجي في مجتمع المعلومات. على رغم تداخل المفاهيم الثلاثة، الا ان كل واحد منها يستدعي مفردات خاصة به لشرحه وإظهار لدلالة في محتوياته. يتناول الباحث بدءاً مجتمع المعرفة: في المفهوم والمرجعية وإشكالات الراهن، ثم يتطرق الى الايديولوجي والمعرفي في تقاطع الواقعي بالطوباوي.
في دعوته الى تشخيص حال المعرفة وقياس الأداء المعرفي في العالم العربي، يقول عبداللطيف:"لا يمكن الاقتراب من تمظهرات الأداء المعرفي العربي، من دون العناية بأبرز القضايا والإشكالات التي نشأت وتنشأ معبّرة عن التحولات الجارية في مجتمعنا وفي العالم. فالتواصل الايجابي مع ما يجري في مجتمعات المعرفة في حركيتها المتصاعدة، يقتضي المساهمة في بناء المفاهيم والاشكالات وضبطها".
لقد مر تعبير المعرفة بتحولات، فمن التعريف اللفظي لها بصفتها نقيضاً للجهل، تحولت في"عصر النهضة"العربية الى ميدان يتصل بالانتاج العقلي الخاص بالقضايا الفلسفية، والبحث في العلوم، اضافة الى الدلالات الجديدة التي اتخذتها الكلمة في نظريات المعرفة في تاريخ الفلسفة. وبعد اكتساح ثورة الاتصالات والمعلوماتية، بات لتعبير المعرفة معنى ودلالة مختلفة عما كانت عليه مع عصر النهضة او ما سبقها من الموروث العربي الاسلامي. باتت المعرفة حصيلة الاقتران والمزج بين التكنولوجيا العالية والخبرات الانسانية المتطورة. كما بات الحديث يدور عن مجتمع المعرفة المتصل بمجتمع المعلومات والاقتصاد المعرفي والمجتمع الرقمي.
يشير الكاتب الى تقاطع ثلاثة اقطاب في مجتمع المعرفة تحدد له نمطه وغايته: القطب التكنولوجي والقطب الاقتصادي والقطب المجتمعي، بحيث تتقاطع مع بعضها بعضاً بصورة تفاعلية."يتأسس مجتمع المعرفة ويعيد بناء ذاته في ضوء المتغير التكنولوجي بآلياته ووسائطه المختلفة وبأنماط سرعته، وقدرته على ارتياد امكنة وفضاءات لا حدود لها. وهو يبني في الآن نفسه الملامح الكبرى للاقتصاد الجديد الذي يتخذ شكل لولب متصاعد، تتحكم فيه شبكات المؤسسات العابرة للقارات، والمولدة للخيرات والمنافع الجدية. وتسنده المعرفة الجدية المستفادة من الخبرة والذكاء الانسانيين". في المقابل، باتت عبارة المجتمع الشبكي من المرادفات الاساسية لتحديد مفهوم مجتمع المعرفة. يتعلق مفهوم المجتمع الشبكي بالبعد التكنولوجي والقدرة على تأمين اعمال الاتصال والتواصل في كل الاوقات من دون رقيب، بما يضع رقابة الاجهزة الامنية على الفكر خارج مجرى التاريخ.
السؤال المؤرق
اين يقف العالم العربي من مجتمع المعرفة ومن أقطابه الثلاثة؟ سؤال مؤرق لأي باحث في مجريات التطور العربي ومدى اتصاله بالعصر، بحيث لا يلحظ المرء غير التخلف والعجز عن اللحاق بالتطور التكنولوجي والعلمي الهائل. تصبح المسألة ذات مفعول سلبي اكبر عندما تبدو التنمية العربية غير قادرة على الافادة مما تقدمه المعرفة في العصور الراهنة، وبحيث تبدو المجتمعات العربية على هامش الحداثة، وإذا ما كان لها ان تتصل بها، فليس اكثر من قشرة تموّه بها بعض مظاهر التخلف والتأخر.
وفي معالجته مسألة الايديولوجي والمعرفي في تقاطع الواقعي بالطوباوي، يعرض الكاتب بداية الى الغموض والالتباس الذي يشوب مفهوم الايديولوجيا، بالنظر الى الاستخدام والتوظيف اللذين عرفتهما المفردة في الادبيات السياسية النضالية منذ القرن التاسع عشر. من المعروف ان هناك ارتباطاً وثيقاً بين مفردتي الايديولوجيا والمعرفة، وصلتهما بالصراعات السياسية في المجتمع، وهو امر كان اكثر وضوحاً في مشروع الفلسفة الماركسة ونظرياتها الفلسفية ودور الوعي في التحولات التاريخية. يشير الكاتب الى الدور الاساسي الذي لعبته الايديولجيا في القرن العشرين بالقول:"ان ظواهر سياسية برزت في القرن العشرين رسخت الاعتقاد بأهمية الايديولوجيا في صناعة احداث التاربخ الكبرى. ان انتصار النازية والفاشية وصعود الستالينية وتنامي النزعات الاشتراكية والقومية في القرن العشرين، كان ذلك كله، يلهب حماسة الجموع ويصنع الاحداث، حيث اصبحت الايديولوجيات تفعل فعل الجوائح في التاريخ. ولعل كثيراً من التظاهرات والانقلابات في مناطق كثيرة من العالم، تعد في بعض تجلياتها محصّلة الروح الايديولوجية التي صنعت من الوعي الجماهيري كتلة دافعة وصانعة لمتغيرات عدة". هذا التواصل والترابط بين الخطاب الايديولوجي وخطاب المعارف المتنوعة يعيد الاعتبار الى دور المعرفة في التاريخ، ليؤكد دورها كقاطرة لصناعة التقدم والتنمية في العالم. يتجلى ذلك في عدد من المحاور. في تناول الايديولوجيا والواقع، تحتل النظرة الماركسية موقعاً مهماً، عندما اعتبر ماركس ان علاقة الانتاج تعد الروح الفعلية الصانعة للوعي بمختلف أشكاله المتنوعة الناشئة في حقب التاريخ المختلفة. وفي مفهوم الايديولوجيا والعلم، فإن التمثل الايديولوجي يختلف عن التمثل العلمي، فالعلم مجرد تقرير لحقيقة متجلية، بل انه انتاج للمعارف تحكمه عناصر معقدة من التصورات والمناهج". ان العلم ممارسة نظرية منتجة للمعارف، والانتاج فيها عبارة عن تحويل وتركيب، اي عملية بناء. وكما اوضح باشلار،"فقد وصلنا الى درجة من المعرفة العلمية اصبحت فيها المعارف العلمية هي ما نصنعه نحن، لا اكثر ولا اقل. واذا كانت الايديولوجيا تعد عامل ربط وتلاحم في المجتمع، فإن من لوازم وظيفة الربط رفض التناقض، ويحصل هذا الرفض بصور مختلفة، منها اغفاله احياناً"على ما يشير الكاتب.
في العلاقة بين الايديولوجيا واليوتوبيا، يشار الى ان كلمة اليوتوبيا تبدو مكملة لمعنى الايديولوجيا، فاليوتوبيا تشكل بديلاً من الايديولوجيا"عندما تكون مجرد وعي مقلوب. كما ان الايديولوجيا تستوعب بعض مظاهر الحلم اليوتوبي". والمفهومان يتبادلان الكثير من المواصفات المشتركة،"فنحن في حاجة دائمة الى اليوتوبيا بهدف تطوير الايديولوجيا ونقده. كما اننا في حاجة الى الاستعانة بالايديولوجيا لتخليص اليوتوبيا من الاندفاع الذي يجعلها تكتفي فقط برسم المأمول فحسب". وبالنسبة الى الايديولوجيا وأسطورة النهايات، خصوصاً بعد اطروحة فوكوياما عن"نهاية التاريخ"، فقد ظلت اسطورة النهايات تحرك صور التوظيف التي تحول الافكار الى تصورات، بل تكشف امامنا شكلاً من أشكال تعقد صور التداخل بين المعرفي والايديولوجي في الفكر المعاصر.
يختتم كمال عبداللطيف مناقشته بالقول"ان حضور المعرفي في الايديولوجي، وحضور الايديولوجي في الشبكي يكونان في الحالتين معاً كحضور الوسيلة المستخدمة لهدف معين". فلا احد يمكن ان يستغني عن الآخر، وهو ما يمكن الخلوص منه الى ان التقاطع بين الايديولوجيا والمعرفة ميزة ملازمة للعلاقة بينهما.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.