رئيس هيئة الأركان يتفقد وحدات القوات المسلحة وقطاعات وزارة الدفاع في الحج    "أرامكو السعودية" و"نيكست ديكيد" تعلنان اتفاقية مبدئية لشراء الغاز الطبيعي المُسال    صحفيو مكة يشيدون بمضامين ملتقى إعلام الحج    النفط يتراجع بعد الزيادة المفاجئة في المخزونات الأمريكية ووفرة إمدادات الخام    الربيعة يستعرض جهود مركز الملك سلمان للإغاثة في قطاع غزة    إيقاف العمل في 12 محطة وإغلاق 50% من مضخات الوقود في 185 محطة    تصعيد الحجاج المرضى من مستشفيات جدة إلى مستشفيات عرفات    البسامي يتفقد جاهزية قوات أمن الحج    وزير السياحة: 27 مليون سائح استقبلتهم السعودية عبر «التأشيرة الإلكترونية» في عام 2023    المملكة تستعد للمشاركة بمعرض سيئول الدولي للكتاب 2024    «حفل بذكرى زفاف أقصر زوجين    الأرصاد: لا يستبعد تكون السحب الرعدية الممطرة المصحوبة برياح نشطة على الرياض والشرقية    اعتماد مهبطي الطائرات العمودية في أبراج الساعة للإسعافات الجوية    الدنمارك.. دراجة مسروقة تقود الشرطة إلى مفاجأة    لأول مرة في الحج.. إطلاق «التاكسي الجوي» ذاتيِّ القيادة    مهمة سهلة للكبار في دور ال 32    أخضر الملاكمة التايلندية ينتزع ذهب العالم في اليونان    تقرير: 4.5% وزن الأسهم السعودية في MSCI    كيف أُحبِطُ مَنْ حولي ؟    الذات والآخر    «قوات أمن الحج»: تسخير تقنيات الذكاء الاصطناعي حفاظاً على سلامة الحجاج    «المهدرجة».. الطريق إلى أزمات القلب وسكتات الدماغ    5 أسباب ستدفعك لتناول الفستق يومياً    رابطة العالم الإسلامي تعزي الكويت في ضحايا حريق منطقة المنقف    العقيد الطلحي يتفقد مركز(911)    الأمين العام للأمم المتحدة: مستوى الدمار في غزة وأعداد الضحايا لم يسبق لها مثيل    مركز الملك سلمان يواصل مساعداته.. وصول الطائرة السعودية ال 53 لإغاثة الشعب الفلسطيني    فاطمة تنال الماجستير من جامعة المؤسس    مدير مدرسة هشام بن حكيم يكرم الكشافين المتميزين    آل الفرحان يحتفلون بزفاف 3 عرسان في ليلة واحدة    أعرب عن الاعتزاز بالعلاقة المتميزة مع الشقيقة الكبرى.. صباح الحمد يشكر خادم الحرمين الشريفين وولي العهد    ولي العهد يعزي ولي عهد الكويت في ضحايا حريق المنقف    فحص 400 ألف رأس مواشي في منافذ العاصمة المقدسة    القيادة تهنئ رئيسي روسيا والفلبين    25 فعالية لمركز "إثراء" في عيد الأضحى    دورة تأهيلية لجامعي البيانات لموسم حج 1445ه    منتجات فريدة للإبل    سطوة ريال مدريد    خدمات متكاملة لراحة ضيوف الرحمن    أشعة الرنين المغناطيسي تكشف تعرّض "العويس" للإصابة في العضلة الخلفية للفخذ    ألمانيا تستضيف يورو 2024 بمشاركة 24 منتخباً.. صراع على عرش القارة العجوز.. وإنجلترا وفرنسا أبرز المرشحين    فريق طبي ينجح في إزالة ورم من رحم مواطنة في مستشفى الولادة والأطفال بالدمام    كشفته دراسة عالمية شملت 356 مشاركًا.. إدمان «ألعاب الفيديو» يؤثر على جودة النوم    المملكة تعزي في ضحايا حريق «المنقف» في الكويت    وزارة الداخلية تصدر قرارات إدارية بحق عدد من المخالفين لأنظمة وتعليمات الحج    الهلال يفتقد البليهي في السوبر السعودي    180 شركة تخدم أكثر من 208 ألف من حجاج الداخل    لا حج بلا تصريح    تجمع الشرقية الصحي يشارك في مبادرة "خدمتكم شرف "    الطواف صلاة ولكن !    تحريف الحج عن مقاصده التعبّدية !    «البريكس» بديل عن نادي باريس !    «إش ذي الهيافة»    دموع رونالدو والنصر    الإعلام الرياضي    وزير الداخلية الكويتي الشيخ فهد اليوسف أنموذجاً    الرئيس الأوكراني يصل جدة وفي استقباله نائب أمير مكة    تابع سير العمل في مركز قيادة الدفاع المدني.. الأمير عبدالعزيز بن سعود يتفقد مشاريع التطوير في المشاعر المقدسة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مصانع النكبات والمخيمات
نشر في الحياة يوم 17 - 05 - 2010

يلعب الصغار عند مفارق الأزقة. يتراكضون ويتشاجرون. يرسلون ضحكاتهم بلا تردد. لا يتذمرون من قسوة المكان. ولا من الماء الآسن والحفر. يضحكون كمن يتحايل على قدره. على أعمار ستقاطعها الضحكات لاحقاً.
لم يتغير المخيم كثيراً. تضاعف عدد السكان مرات عدة. وتضاعفت أعداد الأعشاش الصغيرة المتلاصقة المكتظة. وعدد سكان المقابر. فوضى الأسلاك الكهربائية. والعيون العاتبة المطلة من النوافذ الصغيرة. والثياب المعلقة على الحبال القصيرة. والسيارات التي استهلكها الوقت. وداخل الغرف هجم الصدأ على المفاتيح القديمة. وهجم العمر على صور الشهداء.
لم يتغير المخيم كثيراً. وكالة الأمم المتحدة لغوث اللاجئين الفلسطينيين وتشغيلهم أونروا أكثر المسؤولين الدوليين رحمة. تعبت هي الأخرى أو هرمت. وحدها الصحون اللاقطة مزدهرة. الفضائيات عزاء في المخيم. تعب السكان من تكرار تمسكهم بحق العودة. العودة متاحة فقط عبر الفضائيات. يتفرجون على بلادهم التي كانت بلادهم. على وحش المستوطنات يفترس التراب والفضاء ووثائق الملكية. على بيوت تغرز في لحمهم وتزيد حلمهم استحالة. هذا هو الزمن الفلسطيني - العربي الحالي: فضائيات ومخيمات.
على المصطبة الصغيرة يجلس الرجل الستيني يدخن. قربه بضع شتلات من الحبق ونباتات أخرى. كأنه يحاول أن يتذكر انه كان صاحب أرض ولو صغيرة. وصاحب تراب يصلح للزرع والقبر. كأنه يحاول بالخضرة المحاصرة رد سواد العمر. تجاعيد وجهه تشبه أوراق دفتر. دفتر العيش في المخيم. غير بعيد عن وطن يزداد ابتعاداً. دفتر يحكي صعوبة الخبز. وصعوبة العمل. وصعوبة أن تكون لاجئاً. وأن تولد في المخيم وتدفن في المخيم.
يبدو المخيم هادئاً وآمناً. لكن على الزائر أن يكون أكثر تنبهاً. فور حدوث إشكالات ينتشر المسلحون. يبدأ إطلاق الرصاص ثم تدوي القذائف. المخيم أيضاً قابل للتقسيم. للمتشددين فيه أحياء ومساجد وبنادق. يختلفون على أنجع الطرق للوصول الى فلسطين. أنجع الطرق للسيطرة على مفترق مجاور أو حي قريب.
لم يتنازلوا عن حقهم وحلمهم. لكنهم من داخل ذلك المخيم رأوا الفصول تذهب وتجيء. ويبقى المخيم ويبقون فيه. ورأوا عملية السلام تذهب وتجيء. والطائرات تذهب وتجيء. ورأوا أسماء جنرالات المخيم تتغير ويبقى المخيم ويبقون فيه.
أحياناً تدوي مكبرات الصوت وتدعوهم. يتظاهرون غضباً واحتجاجاً. ثم يعاودون العيش. شبان بلا عمل أو بعمل لا يضمن عيشاً شبه كريم. وأحلام بالهجرة يعترضها نقص الوثائق أو شكوك فيها. طالت قسوة الزمن. يولد الفلسطيني في المخيم. يعتنق الثياب المرقطة. والكلاشنيكوف. والكوفية. يتزوج وينجب فيضاعف عدد اللاجئين. يحلم بالعودة الى تراب يحبّ ثم يتمدد في تراب المخيم.
في مخيم عين الحلوة قرب صيدا تتزاحم الصور في رأسك. كوفية ياسر عرفات. وشارة النصر. والطائرة التي لا تنام. وأوسلو. والمقاطعة تتهدم على الزعيم الرمز. تتذكر محمود درويش وحبل الزغاريد والعابرين في كلام عابر. تتذكر أيضاً جروح الانقسام الفلسطيني. وبنود المصالحة الوطنية. وجاذبية عدم التوقيع. ورفاهية عدم التوقيع.
ذكرى النكبة. ذكرى النكبة الكبرى. والعجز الشاسع. وذاكرة العالم التي تنسى. عالم موحش ومتوحش. ومنطقة تغص بمصانع النكبات والمخيمات.
نشر في العدد: 17209 ت.م: 17-05-2010 ص: الأولى ط: الرياض


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.