تواصلت مناقشة مسودة البيان الوزاري لحكومة الرئيس فؤاد السنيورة أمس في جلسة عاشرة للجنة الوزارية المكلفة صوغه، وسط استمرار الخلاف على البند المتعلق بالمقاومة ودور الدولة، بين الأكثرية والمعارضة، وردود فعل انتقادية من أوساط قوى 14 آذار لتصريحات رئيس كتلة نواب"حزب الله"محمد رعد أول من أمس التي اعتبر فيها موقف الأكثرية من سلاح المقاومة إعلان حرب محذراً من"استمرار هذه اللعبة". وفي موازاة ذلك، تفاوتت ردود الفعل على المواقف التي أعلنها رئيس"اللقاء النيابي الديموقراطي"وليد جنبلاط من على شاشة"نيو تي في"ليل أول من أمس وأجرى فيها نقداً ذاتياً لبعض سياساته السابقة، ورأى أن لا مشكلة في إجراء انتخابات مع وجود السلاح، وخفف من لهجة انتقاده ل"حزب الله"، فاعتبرت أوساط في المعارضة ان جنبلاط يقوم"بتكويعة"في موقفه، فيما رأت مصادر قوى 14 آذار ان جنبلاط عبّر عن هواجس لديه، لكن يخطئ من يعتقد انه يمهد بذلك لمغادرة تحالف قوى 14 آذار. راجع ص 6 و7 وعلمت"الحياة"ان أزمة صوغ البند المتعلق بدور المقاومة ودور الدولة في البيان الوزاري كان مدار اتصالات بعيدة من الأضواء أجراها الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى، إضافة إلى اتصالاته السبت مع كل من رئيس البرلمان نبيه بري والسنيورة، ورئيس الوزراء القطري وزير الخارجية الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني، لحض الفرقاء على إيجاد صيغة توفيقية لهذا البند. ولم تستبعد مصادر واسعة الاطلاع ان تكون هذه الاتصالات تناولت اقتراحات لتعابير معينة من اجل إخراج البيان الوزاري من عنق الزجاجة. وفيما يتوقع ان تعود اللجنة الوزارية الى الاجتماع اليوم، قالت مصادر مطلعة ل"الحياة"ان هناك احتمالا كبيرا بالتوصل الى حل لقضية بند المقاومة يرضي مختلف الاطراف، وان يعلن الانتهاء من صياغة البيان الوزاري اليوم. وكان رئيس الجمهورية ميشال سليمان دخل بدوره على خط الاتصالات لحلحلة عقدة الموقف من نص بند المقاومة ودور الدولة والاستراتيجية الدفاعية، فالتقى امس عدداً من وزراء المعارضة ومعاون بري النائب علي حسن خليل للتداول معهم في ما آل إليه الخلاف الذي يؤخر البيان الوزاري. وكان سليمان ابلغ السنيورة حين التقاه ليل السبت الماضي انه سيقوم بمساع من جهته حول المخارج الممكنة للجمود الذي سببه الخلاف في إنجاز البيان الوزاري. وحول الإضافة التي اقترحها بري الأسبوع الماضي على النص المتعلق بحق المقاومة في استكمال تحرير الأرض، والمتعلقة بالقرار 1701 بكل مندرجاته، قالت مصادر وزارية ل"الحياة"ان الأكثرية طرحت تعداد هذه المندرجات ومنها اتفاقية الهدنة والنقاط السبع للحكومة التي تشمل مزارع شبعا. وأوضحت أن المعارضة دعت إلى الاكتفاء بالإشارة إلى نقطة التوصل إلى وقف إطلاق نار دائم من بنود القرار 1701. وكان اجتماع أول من أمس الأحد للجنة البيان الوزاري ناقش تصريحات النائب رعد التي اعتبرها وزراء الأكثرية تهديداً واضحاً للأكثرية وطلب بعضهم صدور موقف عن اللجنة برفض لغة التهديد في الخلاف السياسي، لكن وزير العمل محمد فنيش رفض ذلك ما دفع وزير الدولة نسيب لحود الى الخروج من الجلسة للإدلاء بتصريح رد فيه على كلام رعد. ونقل زوار زعيم تيار"المستقبل"النائب سعد الحريري عنه قوله امس:"يبدو ان النائب رعد فاته اننا توصلنا الى اتفاق في الدوحة. وكلام التجبر والتهديد لا يؤدي الى نتيجة لأنه يعيد البلاد الى اجواء الفتنة". وقال وزير الإعلام طارق متري بعد اجتماع اللجنة الوزارية امس"اننا نعمل بروحية الإقلاع عن لغة التهديد، واللجنة تحرز تقدماً بالحوار". وأضاف:"على الذي يقول احذروا الوقت الذي يمر، ان يساعدنا على التسريع". من جهة ثانية، اعتبر زعيم"تكتل التغيير والإصلاح"النائب ميشال عون انه لا يجوز طرح مسألة سلاح المقاومة قبل حل كل القضايا المتعلقة بإسرائيل ومنها حق عودة الفلسطينيين ولا يجوز التخلي عن أي عنصر قوة للبنان. اما رئيس حزب"القوات اللبنانية"سمير جعجع فدعا الى إحالة النقاط الخلافية الى مجلس الوزراء لبتها أو إلى طاولة الحوار الذي سيرعاه رئيس الجمهورية. ورد على تلويح بري بإجراء استشارات نيابية لتشكيل الحكومة الجديدة إذا لم ينجز البيان الوزاري بعد مضي مهلة ال30 يوماً المنصوص عنها في الدستور بالقول ان الأكثرية ستعيد تسمية السنيورة ليشكل حكومة مع رئيس الجمهورية يمكنها صوغ البيان الوزاري. وإذ أكد جعجع وحدة قوى 14 آذار، فإن مصادر قيادية في الأكثرية رأت ان جنبلاط حرص في تصريحاته أول من امس على إطلاق مواقف غير تصادمية تجاه الفريق الآخر لأنه يريد حفظ الاستقرار وخفض احتمالات العودة الى الصدام الداخلي في ظل الوضع الضبابي القائم في المنطقة. وأضافت المصادر:"بعد أحداث ايار الماضي ارتفعت المخاوف عند جنبلاط وسائر القوى من الفتنة. ومع اتفاق الدوحة اعتبر الجميع ان هذه المخاوف ستتراجع لمصلحة مساعي تثبيت الاستقرار مع تشكيل الحكومة وبدئها عملها، لكن الخلافات استمرت وهو يريد تدارك انعكاسها على الوضع الأمني. ومن يعتقد أنه بموقفه ينقلب على قوى 14 آذار يخطئ". وأضافت المصادر في قوى 14 آذار ان لجنبلاط خصوصية في الجبل، مثلما لغيره خصوصية في مناطق أخرى، لكنه أكد انه ما زال في التحالف، وشدد على خوض هذه القوى الانتخابات سوية. وقالت إن على العكس من ذلك، هو يسعى إلى لملمة الوضع في 14 آذار إذا كانت بعض الخلافات حصلت، وقد أوضح ما قصده في تصريحاته عن طرابلس، وأكد انه لا يقصد تيار"المستقبل"بعدما تسبب حديثه عن عدم وجوب الانتقام من جرح بيروت في طرابلس لغطاً وتساؤلات في أوساط التيار.