استكملت أمس الإجراءات الأمنية واللوجستية تمهيداً لإحياء الذكرى الثالثة لاستشهاد رئيس الحكومة اللبنانية السابق رفيق الحريري والوزير باسل فليحان ورفاقهما اليوم في تجمع دعي اليه اللبنانيون في ساحة الشهداء، ويترافق مع تدشين شعلة تذكارية في المكان الذي حصلت فيه جريمة الاغتيال في محلة عين المريسة في بيروت، ويتوقع ان تسجل سلسلة مواقف لرئيس كتلة"المستقبل"النيابية سعد الحريري وقوى 14 آذار عنوانها استكمال"ثورة الاستقلال"تحت سقف التوافق. وكانت القوى الأمنية انهت ليل اول من أمس، بناء حاجز فاصل ضخم بين ساحتي رياض الصلح حيث يعتصم انصار المعارضة منذ سنة ونحو ثلاثة اشهر وبين ساحة الشهداء حيث سيتجمع انصار الأكثرية، وانزل عناصر من الجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي كمية كبيرة من الحواجز الحديدية من شاحنات عسكرية، وتم تعزيز الحواجز والأسلاك الشائكة في المنطقة الفاصلة بين الساحتين. وكثفت القوى الأمنية انتشارها في المكان وفي الطرق المؤدية اليه. ورفع منظمو إحياء الذكرى خيمة كبيرة لحماية المشاركين من عوامل الطقس في حال امطرت، ولحجب الانظار عن المسؤولين الذين سيلقون كلمات في المناسبة لاسباب امنية. وعلى المنصة التي اقيمت في الساحة حيث ضريح الحريري وضعت صورة عملاقة لضحايا الاغتيالات التي حصلت منذ ثلاث سنوات، هم: رفيق الحريري، باسل فليحان والإعلامي السياسي سمير قصير، السياسي جورج حاوي، النائب والإعلامي جبران تويني، النائب والوزير بيار الجميل، النائب وليد عيدو، النائب انطوان غانم، بالاضافة الى صورتي رئيس غرفة العمليات في الجيش اللبناني اللواء فرانسوا الحاج ورئيس الفرع الفني في فرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي الرائد وسام عيد. وكتب على الصورة:"الشهداء شهداؤنا والساحة ساحتنا. من لبناننا لن ينالوا. الرئاسة الآن". وفي الشوف، اكتملت الاستعدادات لإحياء الذكرى، ورفع الحزب التقدمي الاشتراكي من وتيرة المشاركة الحزبية والشعبية، وشكّل لجاناً خاصة عملت على إذاعة الدعوة الى المشاركة في إحياء الذكرى عبر مكبرات الصوت باسم رئيس"اللقاء الديموقراطي"النائب وليد جنبلاط، وبث الأناشيد الوطنية وخطابات النائب جنبلاط والرئيس الشهيد رفيق الحريري. أكاليل على الضريح وزار مفتي الجمهورية الشيخ محمد رشيد قباني على رأس وفد من المفتين وقضاة الشرع والعلماء، ضريح الرئيس الشهيد الحريري، وكان في استقباله النائب عمار حوري ممثلاً النائب الحريري. وبعد تلاوة الفاتحة عن روح الرئيس الشهيد ورفاقه قال المفتي قباني:"إذا كان الحزن عند الناس على قدر محبة الفقيد ومكانته، فإن للرئيس الشهيد، رحمه الله تعالى، محبة كبيرة ومكانة عظيمة نادرة عرف قدرها اللبنانيون وكل العالم. واغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري هو جريمة كبرى في حق لبنان والعالم، ولذلك فإن اللبنانيين ينظرون إلى عدالة المحكمة الدولية الخاصة بلبنان لتكون عقوبة المجرمين الذين اغتالوا الرئيس الشهيد رفيق الحريري عقوبة تاريخية". ومساء وضع السفير الروسي لدى لبنان سيرغي بوكين إكليلا من الزهر على ضريح الرئيس الشهيد الحريري. ورأى وزير الخارجية المستقيل فوزي صلوخ في بيان أن"هذه المناسبة الوطنية الأليمة تمر على اللبنانيين وهم ليسوا في حالة الوئام والتوافق واجتماع الرأي التي أرادها وعمل لأجلها الرئيس الشهيد"، واعتبر"ان خير ما نحيي به هذه المناسبة هو التمسك بقيم هذا الرجل الكبير الذي كان لبنانياً بالصميم وعربياً بالانتماء ومنفتحاً على رحابة هذا العالم". وعمم صلوخ على السفارات والقنصليات اللبنانية في الخارج تعليمات تقضي بمشاركة أبناء الجاليات في إحياء المناسبة والتركيز على المعاني والقيم الجامعة التي مثلها الرئيس الشهيد، فتكون ذكرى استشهاده"مناسبة لتوحيد اللبنانيين والإقلاع عن التنابذ والعمل على إيجاد الحلول التوافقية للأزمة السياسية الراهنة، وفاء لذكراه ومبادئه". وصدر عن"حزب الله"أمس، بيان للمناسبة أعلن فيه"ان الذكرى الثالثة لاغتيال الرئيس الحريري وعدد من مرافقيه والمواطنين الأبرياء تمر ولبنان ما يزال يعيش تداعيات هذا الزلزال الكبير الذي عصف بالوطن واستهدف كل فئاته من دون استثناء". ورأى انها"مناسبة ينبغي أن توحد الصفوف وتدفع نحو التلاحم والتضامن الوطني إلا أن البعض في لبنان أرادها مناسبة للانقسام والفرقة والتحريض باستعادة لغة الحرب الأهلية وتهديده اللبنانيين بالفتنة والمواجهة الداخلية وبتقزيم قضية استشهاده من قضية إجماع وطني إلى قضية مجموعة سياسية في مواجهة غالبية اللبنانيين. وهو بذلك إنما يسيء أولاً إلى الذكرى المؤلمة وإلى صاحبها مثلما يسيء إلى الوطن برمته". ونبه الى ان"الاستغلال السياسي الذي تتعرض له هذه المناسبة يماثل الاستغلال الذي يمارسه البعض نفسه لموضوع المحكمة الدولية في إطار النزاع الداخلي بهدف الابتزاز السياسي المصلحي، وتحويلها إلى أداة سياسية بيد الدول المستكبرة لتصفية حساباتها في المنطقة، كل ذلك بدل أن تكون المحكمة أداة للعدالة وكشف الحقيقة ومعاقبة المجرمين فحسب". وجاء في البيان:"كم يفتقد لبنان رجالاً كباراً كالرئيس الحريري في هذه الظروف الدقيقة التي يكاد فيها الصغار ان يجهزوا على وحدة البلد وسلمه الأهلي وطمأنينة أبنائه". وأصدرت اللجنة المركزية لحزب"الطاشناق"بياناً عشية ذكرى اغتيال الرئيس الحريري، حيّت فيه"شهيد كل لبنان"، وأملت بپ"تحويل هذه الذكرى الوطنية مناسبة للتلاقي بين أبناء الوطن الواحد ونقطة انطلاق لإعادة ترسيخ أسس الوحدة الوطنية، ولا سيما في هذا الزمن الذي يطلق فيه العنان ليد الغدر والإجرام والمحاولات لزرع الفتنة بين اللبنانيين". واستذكرت"رؤية الرئيس الحريري الذي أراد النهوض بالوطن اقتصادياً واجتماعياً وسياسياً ليبقى لبنان"، آملة بپ"أن تتحول ذكرى الشهيد مناسبة لوضع حد للتجاذبات الداخلية والاحتقان في البلد، لأن لبنان في أمسّ الحاجة الى لغة العقل والاحتكام الى الضمير للخلاص من هذه الازمة عبر الاحترام المتبادل بين جميع الاطراف ورفض منطق الاستئثار وتحصين الساحة الداخلية بتعزيز الحوار بين اللبنانيين وإعادة تفعيل مؤسسات الدولة، وذلك بجهود جميع القوى السياسية الفاعلة، ليستمر لبنان وطناً للعيش المشترك ويعود الازدهار والاستقرار في كل الميادين الى ربوع هذا الوطن العزيز كما أراده الشهيد الحريري". ودعا لقاء" الانتماء اللبناني"في بيان الى مشاركة اللبنانيين"بجميع اطيافهم وانتماءاتهم في احياء المناسبة الوطنية الجامعة لتأكيد التزامهم المبادئ والقيم التي استشهد من اجلها الرئيس الحريري". وحض اللقاء مناصريه"والشيعة منهم في شكل خاص على المشاركة الكثيفة لأن من شأنها التخفيف من حدة التشنج والاصطفاف الطائفي والمذهبي". السفارة الإيرانية الى ذلك، ردّ مصدر إعلامي في السفارة الإيرانية في بيروت أمس، على عضو كتلة"المستقبل"النيابية عزام دندشي، معتبراً أن ما قاله عن السفير الإيراني محمد رضا شيباني هو"محض افتراء". وأوضح المصدر أن شيباني"أكد الوقوف الى جانب لبنان وشعبه بمختلف طوائفه وأطيافه في مسيرته نحو تحقيق أهدافه الوطنية العليا والمتمثلة بوحدته الوطنية وحواره الداخلي وتوافق جميع أبنائه على أنجع الحلول لأزمته السياسية المستعصية بعيداً من أي تدخلات خارجية".