أعطت زيارة القادة الروحيين الإسلاميين وبعض المعارضين وأبرزهم ممثل "حزب الله" ضريح الرئيس الشهيد رفيق الحريري في ساحة الشهداء أمس، بعد انفجار باصي ركاب في المتن الشمالي، إشارة إلى أن إحياء الذكرى الثانية لاستشهاد الحريري اليوم، سيكون حاشداً وفق ما خطط له قادة قوى 14 آذار مارس، في ظل بقاء الإجراءات الأمنية المتخذة في وسط بيروت عبر إقامة سور كبير فاصل بين مناصري المعارضة المعتصمين منذ أكثر من شهرين، وبين مكان ضريح الحريري والساحة أمامه التي ستحتضن مناصري 14 آذار. وبينما كان اللبنانيون منشغلين بخبر الانفجارين وسط توقعات بأن المشاركة في الذكرى اليوم لن تكون حاشدة، كانت الوفود الشعبية والدينية والنقابية تزور الضريح منذ التاسعة صباحاً، لقراءة الفاتحة ووضع أكاليل عليه. ومن أبرز الزوّار أمس رئيس الحكومة السابق سليم الحص، ووفد رؤساء المذاهب الإسلامية الذي تقدّمه مفتي الجمهورية الشيخ محمد رشيد قباني ونائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ عبد الأمير قبلان وشيخ عقل طائفة الموحدين الدروز الشيخ نعيم حسن ومشاركة ممثل متروبوليت بيروت وتوابعها للروم الأرثوذكس المطران الياس عودة الأب ألكسي مفرج. وكذلك كانت لافتةً زيارة وفدين من المعارضة الأول من"كتلة التحرير والتنمية"ضم أمين عام الكتلة، ممثلا الرئيس نبيه برّي، النائب أنور الخليل والنواب علي بزّي، ميشال موسى وسمير عازار، والثاني تقدمه الوزير المستقيل طلال الساحلي حركة أمل وعضو المجلس السياسي في"حزب الله"محمود قماطي. وبعدما قرأ قباني وقبلان وحسن الفاتحة في مشاركة نائب رئيس المجلس الإسلامي الشرعي الأعلى الوزير السابق عمر مسقاوي والأمين العام للقمة الروحية الإسلامية محمد السماك، تحدث الرؤساء الرحيون عن المناسبة. القادة الروحيون وقال قبلان:"جئناك يا أبا بهاء لنجدد العهد معك، ونقول لك بلسان كل لبنان وكل العرب والمسلمين، خسارتنا بك كبيرة لن تعوض لأنك كنت سفير الأمة المتجول في دنيا العالم، لتخفف عن لبنان المؤامرات ولتبعد عنه شبح الاعتداءات الاسرائيلية". وأضاف:"اخواني اللبنانيين، أناشدكم اليوم، إذا كنا نحب الشيخ رفيق الحريري علينا ان نتعاون ونتواصل ونتقارب ونتحابب، رفيق الحريري لم يكن سنياً ولا شيعياً ولا مسيحياً، بل كان لبنانياً أصيلاً موحداً بالله وبرسالة السماء". وتابع:"لذلك، جئناك يا أبا بهاء، لنسلّم عليك ولنحيّيك ولنقول لك نحن على العهد. كنت أتمنى ان يكون ولدك رئيس كتلة"المستقبل"النائب سعد هنا ليشاركنا الفرحة بلقائك وأنت عند ربك، حتى نضع الأيدي بعضها ببعض، ونقول للسياسيين، موالاة ومعارضة، ارحموا هذا البلد، فهذا البلد بلدكم جميعاً، لا فرق بين مسلم ومسيحي، وسنّي وشيعي ودرزي، كلنا للوطن، كلنا لهذا البلد، رحمك الله يا أبا بهاء وغفر الله لك، وحفظ ولدك وعائلتك وأهلك، وحفظ لبنان لأن لبنان هو لك وأنت لهم". وأضاف:"اذا كنا نحب رفيق الحريري علينا أن نرحم بعضنا بعضاً، وأن نتواصل ونتراحم ونتقارب ونبتعد عن الفتنة وعناصر الفتنة لأن إسرائيل وحدها هي عدوّة لبنان. نقول للموالاة تواضعي، ونقول للمعارضة تقاربي وتنازلي، علينا جميعاً ان نرحم هذا الوطن، كفانا هموماً ومشاكل وحساسيات". وقال حسن:"تلاقينا مع الرئيس الشهيد رفيق الحريري في نظراته وخطواته وفي حلمه من اجل لبنان المستقبل"، داعياً جميع السياسيين إلى"التوافق على مستقبل لبنان". وقال قباني إن"مصيبة لبنان في اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري كبيرة جداً .. وعزاء لبنان الوحيد هو في أمرين اثنين، الأول هو في قيادة الشيخ سعدالدين رفيق الحريري لمسيرة والده الوطنية، والثاني هو في إنجاز المحكمة ذات الطابع الدولي نهائياً لمحاكمة الذين قرروا وخططوا وتعاونوا ونفذوا اغتيال الرئيس الشهيد ورفاقه الشهداء وجذبهم إلى ساحة العدالة وانزال العقاب بهم صوناً للبنان من كل جرائم الاغتيال وتخريب لبنان". وأضاف قباني:"لقد كان الرئيس الشهيد لكل اللبنانيين، وإذا أردنا أن نحافظ على مسيرته ومسيرة لبنان الوطنية الجديدة، يجب ان يكون كل اللبنانيين بعضهم لبعض، وان ينبذوا كل عوامل الفرقة وكل عوامل المذهبية وكل عوامل الطائفية، القضية في لبنان سياسية". وأكد أن"ليست هناك قضية خلافية دينية مطروحة وليست هناك قضية مذهبية خلافية مطروحة، وأعداء لبنان هم الذين يصوّرون انعكاسات هذه القضايا السياسية طائفية ومذهبية ليخدموا أهداف إسرائيل ومطامعها". المعارضة وأدلى النائب الخليل باسم الرئيس برّي بتصريح وصف فيه ذكرى الحريري بأنها"يوم الوحدة الوطنية ويوم التسامح، لأن الراحل الكبير كان رمزاً من رموز لبنان الواحد". وأضاف:"باسم الرئيس نبيه برّي الصديق الصدوق للشهيد الكبير ورفيق دربه، نكرر ما قاله بالأمس، بأنه سيجهد بكل إخلاص لأن يكون هذا العام 2007 عام رفيق الحريري على ما كان يشتهيه للبنان وطناً جامعاً لكل اللبنانيين ووطناً ثانياً لكل العرب ورسالة للتسامح والمحبة". وقال قماطي:"أتينا إلى هذا المكان باسم المعارضة الوطنية اللبنانية وهذا التنوّع في الوفد من خلال صاحب الضريح لأنه رمز كل لبنان، وهذه المناسبة هي لجميع اللبنانيين، مناسبة وطنية جامعة وذكرى حزينة لكل اللبنانيين الذين يصرّون على كشف الحقيقة والقتلة ومحاسبة من قام بهذا العمل ومعاقبتهم". وأكد"ان الوحدة الوطنية هي المخرج لكل اللبنانيين على أساس سياسي حتى يخرج لبنان من هذا الموقف". وقال:"هذه المناسبة لكل لبنان ولكل الوطن بشرائحه وتنوعه، ونحن حريصون على استقرار لبنان ووحدته". وقال الساحلي:"نريد ان نستلهم من هذه الذكرى ما هو ضروري لكل الشعب اللبناني بكل مناطقه ومكوناته، وهذا لا يتم الا بالتفاهم والحوار واعادة الجلوس إلى طاولة للوصول إلى حلول لهذه الازمة التي يئن كل الشعب اللبناني تحت ثقلها". الاستعدادات في موازاة ذلك، تواصلت التحضيرات في العاصمة ومناطق مختلفة لإحياء الذكرى الثانية لاستشهاد الحريري، ووجهت الدعوات إلى المشاركة الكثيفة في التجمع في ساحة الشهداء اليوم. وعقدت كتلة"المستقبل"النيابية اجتماعاً ظهر أمس في قريطم برئاسة النائب سعد الحريري، بحثت خلاله في الأوضاع العامة في البلاد والتحضيرات الجارية لإحياء الذكرى.