لا يكتب جورج أورويل صاحب روايتيپ"1984" و"مزرعة الحيوانات" في مدونته من وراء القبر، فهو توفى في عام 1950. ولكن بوشر في نشر نص جديد له على الموقع الإلكتروني"جائزة أورويل"www.theorwellprize.co.uk، في صيغة يومية. ويستمر النشر حتى عام 2012. سينشر يومياً نص من مذكرات الكاتب البريطاني الذي كان كتبه بين 1938 و1942. وهكذا سينشر الموقع الإلكتروني بالتالي للمرة الأولى، كل هذه المذكرات كاملة وفي شكل يومي، وذلك بعد 70 عاماً على كتابتها. في الواقع، ثمة جزءان من"المذكرات". بدأ المؤلف في كتابة الكتاب الأول في 9 آب أغسطس 1938 وفيه يتطرق إلى سفره إلى المغرب ويسرد حكايات طريفة، يومية ويكتب مثلاً وصفات متعددة لشراب الكوكتيل... أما الجزء الثاني الذي بوشر بنشره أخيراً، فيجمع ملاحظات سياسية حول الشيوعية والفاشية والصحافة... هذه المدونة أُسست بعد أن سمح نجل جورج أوريل، ريتشارد بلير بنشر مقالات من كتاب"مذكرات"والده الشخصية والسياسية التي كان يحتفظ بها من الممكن إيجاد هذه المراجع حالياً لدى بعض الباحثين والأشخاص المحظوظين. حتى انه قرأ بعضاً من مقالات والده على شاشة"هيئة الاذاعة البريطانية"بي بي سي. وقد نُشر أول مقال في المدونة بعد 50 سنة على كتابته. وتهتم بهذا الموضوع جمعية تضم أشخاصاً معجبين بالكاتب، تُدعى"جائزة أورويل". وقد دعا المحرر ليو شير كل شخص إلى اقتراح ترجمة لهذه المقالات إلى لغات أخرى على المدونة. وبات موعد توقف هذه المدونة معروفاً، إذ انها ستتوقف عن العمل مع حلول عام 2012. وفي هذا الوقت، ستكون المدونة قد نشرت مقالات أورويل كان كتبها خلال ثلاثة أعوام شهدت نزاعاً عالمياً، وكأننا كنا نعيش في تلك الحقبة. وتنشر هذه الكتابات كاملة علماً بأنه لم يسبق أن صدرت مطبوعة. ويتسم كتاب"المذكرات"ببدء الحرب العالمية الثانية وأسفار أورويل المختلفة ونضاله خلال حرب إسبانيا. وهو يشكل إرثاً تاريخياً مهماً، يتطرق إلى الأحداث التي شهدتها فترة الثلاثينات من القرن العشرين. "كان الطقس حاراً في 22 آب 1938، هطلت حينها زخات من المطر. بدأ الجو يبرد في المساء كما في فصل الخريف. وراحت أوراق أشجار السنديان تصفر قليلاً. بعد المطر، يرى المرء بزّاقات كبيرة تزحف، ويبلغ طول أحدها ثلاثة أبهام. إن الألمان شعب لافت للنظر. لا يختلف مظهر الرجال كثيراً عن مظهر العرب إلا أن النساء يلفتن النظر في شكل كبير. فهن في شكل عام جميلات، وأحياناً جميلات بما فيه الكفاية فيكتفين بوضع البودرة على وجناتهن فيما يتدلى شعرهن الأسود، كاشفاً عينين رائعتين. لا تضع أي منهن حجاباً، فيما تضع جميعهن غطاء على الرأس، موصولاً بحبل أزرق أو أٍسود، أما الألوان التي تطغى على ثيابهن فهي الأحمر والأزرق. تحمل جميع النساء وشماً على ذقونهن وأحياناً على وجناتهن...". يظهر مثل هذه النصوص كل يوم على الموقع باللغة الإنكليزية طبعاً. وقد يعتبر بعضهم أن ذلك لا يحظى بأي ميزة لأنه في عصرنا الحالي، يستطيع أي شخص أن ينشر مقالاته على المدونة، لكن هذه المدونة مميزة لسببين. أولاً، يجب أن نذكر أن جورج أورويل هو"الرؤيوي"الذي رأى في كوابيسه ما سيكون العالم عليه اليوم، أي مجتمعاً تكون فيه كاميرات المراقبة منتشرة في كل مكان، كما في روايته"1984". وفعلاً تتكاثر في عصرنا أجهزة التلفاز ويتم الاستماع إلى وسائل الاتصال وتفرض رقابة عليها عبر التنصت وفي طريقة شرعية، ومن دون أي إنابة قضائية، وكل ذلك من أجل ما يسمى بالحفاظ على أمننا، ولأن الشقيق الكبير الصغير الذي يجلس على رأس الدولة المعاصرة يعرف أكثر من الناس ما الذي يجعلهم يعيشون بهناء. وقد يجعلهم ذلك يشعرون بخوف شديد. أما السبب الثاني فهو أن جورج أورويل كان، ليكون صاحب مدونة في عصره، حتماً.