شكّلت زراعة نخيل التمر للبحرينيين نشاطاً اقتصادياً أساسياً بامتياز، لم ينازعه ماضياً إلا اللؤلؤ وحالياً النفط. وباتت مكانته مهددة وسط الصراع بين ضغوط الاقتصاد الحديث من جهة، وتطوير زراعته من جهة أخرى. وتدهورت زراعة النخيل، إلا أن الإنتاج المحلي لا يزال يحافظ على حضوره في السوق بحيث لا يجعل وزارة الصناعة والتجارة تدرجه في جدول الأسعار اليومي، على رغم تضاعف أثمان الرُّطَب وهو التمر الطازج. إلى ثلاثة دولارات الكيلو، بعدما كان أقل من دولار قبل عقد أو إثنين. وتراجع عدد أشجار النخيل في البحرين من 892 ألف نخلة في 1974 منها 632 ألف نخلة مثمرة أي بنسبة 70 في المئة، إلى 794 ألفاً في 1980 بينها 565 ألف شجرة مثمرة أي بانخفاض 11 في المئة. وتتوزع الأشجار على مجمل محافظات المملكة الخمس. وقدّر المركز الدولي للزراعة في المناطق الجافة أن"نحو مئة نوع من التمور المختلفة ينمو في البحرين". لكنه لفت الى أن"سبعة أنواع منها فقط تملك قدرة تجارية وكانت وسيلة التوسع تعتمد أساساً على توليد النخيل الصغير من الكبير، كما دخلت وسيلة الزراعة بالأنسجة الى البحرين عام 1983، وأنشئ معمل للأنسجة عام 1999. وتعتمد العناية المحلية بالنخيل على الخبرة المتوارثة، ويستمر الري عبر الأحواض، في حين لا يشمل الري بالتقطير إلا 27.6 في المئة من المنطقة المزروعة. وتحتاج الشجرة سنوياً إلى خمسين متراً مكعباً من المياه وإلى ما بين 3 الى 6 كيلوغرامات من الأسمدة الكيماوية ويعتمد التسميد الآن على السماد العضوي. كما تسوق الفواكه وتستهلك محلياً لانعدام وجود تسهيلات التخزين. واعتبر المركز أن معوقات كثيرة تواجه عملية التوسع في زراعة التمور في البحرين، أهمها عدم توافر أنواع بجودة عالية، وفي حال وُجدت فتكلفتها مرتفعة، وان إنتاج الأنواع المزروعة غير صالح للتعليب أو التصنيع، والمساحات الجيدة المخصصة لزراعة النخل غير متوافرة. يُضاف الى ذلك الظروف البيئية السائدة غير المساعدة على إنضاج الثمار، وشح الخدمات المتعلقة بأشجار النخيل بما فيها المكننة. ويتمثل المعوّق الأخير بندرة اليد العاملة القادرة على التعامل تقنياً مع النخيل وتقديم الخدمات اللازمة. واقترح المركز الدولي خطوات لإصلاح الوضع تتمثل ب"تطوير الأبحاث لتحسين الأنواع وإيجاد خدمات زراعية حديثة، وتأمين وسائل التخزين والتسويق". أما وزارة الزراعة البحرينية فحددت وجود ما لا يقل عن 34 نوعاً من التمور التي يمكن استهلاكها طازجة، وتتراوح إنتاجيتها الاقتصادية بين 40 و80 كيلو للنخلة الواحدة. تخزين التمور وشركة النفط اعتاد البحرينيون على الوسائل التقليدية في زيادة عمر التمر بالطبخ أو بالتجفيف المبكر أو بترك الثمر لينضج على الشجر فيجف. وأدخلت شركة النفط البحرينية في ستينات القرن الماضي طريقة تقضي بحفظ الثمار في أجهزة التتليج وهي في منتصف مرحلة نضجها وعندما تكون يابسة الملمس. وتباين الإرث الحضاري للنخلة مقارنة بمنتج تاريخي آخر هو اللؤلؤ، وتركزت الأهمية الاقتصادية للأخير في قدرته على اجتذاب الأموال الذين يستخدمون اللؤلؤ كمنتج فاخر، دخلت استخدامات النخل في كل جوانب حياة البحرينيين الاقتصادية والاجتماعية عبر القرون. وتتنازع أراضي جزر البحرين المحدودة اتجاهات عدة، ففي وقت تجتاح حركة الاستثمار العقاري الضخمة والحيوية الأراضي الزراعية وتحولها إلى مجمعات سكنية، يتبلور اتجاه آخر يدعو إلى تنشيط الزراعة، وتحلية المياه مالحة أو معالجة المياه المستخدمة بتدوير استعمالها لاحتياجات الزراعة. وتحرص شركات استثمار عقاري على بناء مشاريعهما وسط بساتين يكون للنخلة فيها مكانة. ويتطلب الأمر سنوات ليتبلور مصير أعداد أشجار النخل في الجزر إما إلى زيادة أو تناقص.