لم يكن وقوع التفجيرات الانتحارية في قلب العاصمة الجزائرية مستبعداً في الشهور الماضية، على رغم ان الجزائر لم تشهد في اثناء أعوام الارهاب، في التسعينات، غير عملية انتحارية يتيمة ضربت مركزاً للشرطة، وفي الاعوام الأربعة الأخيرة، فقدت"الجماعة السلفية للدعوة والقتال"نحو أربعة آلاف مقاتل. فإنشقاق الرولبة عن هذه الجماعة، وقبوله دعوة الرئيس بوتفليقة الى الوئام الوطني، وجها ضربة قاسية إليها الجماعة السلفية فانحسر عدد الناشطين في"الجماعة السلفية للدعوة والقتال"كثيراً، وبلغ نحو ألف ناشط. والجماعة خسرت دالتها في أوساط الجزائريين، وهي تحاول بسط نفوذها من جديد. وعينت الجماعة قادة جدداً. ومعظم أعضاء مجلسها الجديد تدربوا في أفغانستان، ونقل هؤلاء أساليبهم القتالية أفكارهم معهم الى الجزائر. وخلف"أبو مصعب"، وهو مثقف براغماتي ومهندس وخبير متفجرات، حسن حطاب، على رأس الجماعة. وأبرم أبو مصعب،"الأفغاني"السابق، حلفاً مع"القاعدة"، وأصبح، تالياً، ممثل حركة بن لادن في بلاد المغرب. وتتولى"القاعدة"الترويج لعمل"الجماعة السلفية"في وسائل الاعلام، وخصوصاً على شاشة قناة"الجزيرة"لقاء ولاء الجماعة لها. فأيمن الظواهري لم يخف يوماً اهتمامه بهذه المنطقة من العالم. وكان شريط الظواهري الأخير إعلاناً لحلفه الجديد مع"الجماعة". وفي التسعينات، كانت"القاعدة"حاولت ضم"الجماعات الاسلامية الجزائرية المسلحة"اليها، وباءت بالفشل. ففي ذلك الوقت، كانت"الجماعة السلفية"جزءاً من"الجيش الاسلامي المسلح"، قبل ان تنفصل عنه في 1996، وتسمي نفسها باسمها الحالي، في 1998. وذاع صيت"الجماعة السلفية"، واشتهرت باقتصارها على تعقب قوى الأمن الجزائرية، دون سواهم من الجزائريين. ولكن نهجها تغير. وفي بيان أذاعته قبل نحو ثلاثة أشهر، أعلنت رفضها الوئام الوطني، مضيها على قتال الحكومة الجزائرية والغرب، وخصوصاً فرنسا. وليس تفجير قصر الحكومة، وهو نواة السلطة الجزائرية، محض صدفة. فهذا المبنى أنشئ في عهد الاستعمار الفرنسي، وكان مركز الحكم الفرنسي، وهو رمز السلطة الحالية والسلطة الاستعمارية السابقة. وكان في وسع"الجماعة"تفجير شارع ديدوش مراد الرئيس المكتظ، في العاصمة، قتل نحو ألف ضحية، لو شاءت. ولكنها فجرت مقر الحكومة، وتعمدت ضرب عدويها اللدودين، الغرب والحكومة الجزائرية. وقد ينجم عن العملية الانتحارية تقويض عملية الوئام الوطني. وهي صفعة موجعة للرئيس عبدالعزيز بوتفليقة، وإهانة له. يترتب على الحكومة الجمع بين رد سياسي، وآخر أمني، على العملية. فالانتحاريون قد يضربون مجدداً، في الجزائر والمغرب وتونس. وأثبتت التحقيقات مع متهمين تونسيين أنهم تدربوا مع"الجماعة السلفية للدعوة والقتال"في الجزائر. فالجماعات المسلحة في بلاد المغرب تعمل تحت لواء"القاعدة". عن حميدة العياشي باحثة متخصصة في دراسة الاسلامويين الجزائريين،"لوموند"الفرنسية، 13/4/ 2007