دفعت طهران التوتر مع الغرب الى ذروة جديدة أمس، باحتجاز عناصر البحرية الإيرانية 15 عنصراً من القوات البحرية البريطانية في المياه الاقليمية العراقية في بحر العرب. وسارعت وزارة الدفاع البريطانية الى اصدار بيان يطالب طهران بالإفراج عن البحارة فوراً، واستدعت السفير الإيراني في لندن الى محادثات"عاجلة". وجاء الحادث على خلفية توتر شديد بين إيران والغرب، في وقت يعتزم مجلس الأمن الدولي التصويت اليوم على مشروع قرار تشديد العقوبات على إيران، بما في ذلك فرض الحظر الالزامي بموجب الفصل السابع من الميثاق على صادراتها العسكرية، وإضافة اسماء تابعة للحرس الثوري والمؤسسات ذات العلاقة ببرنامج إيران النووي، فيما يرجح ان يقدم الرئيس الإيراني محمود احمدي نجاد خلال مشاركته في اجتماع المجلس، اقتراحات جديدة لحل أزمة البرنامج النووي لبلاده، تكتمت طهران عن تفاصيلها. راجع ص7 في لندن، استدعي السفير الايراني رسول موحديان الى الخارجية البريطانية حيث التقى وكيل الوزارة بيتر ريكتس الذي حاول استيضاح ملابسات احتجاز البحارة البريطانيين. وأوضح بيان صدر عن وزارة الدفاع البريطانية ان عناصر البحرية كانوا"انهوا تفتيش سفينة تجارية في المياه الاقليمية العراقية، حين أجبرتهم بوارج حربية إيرانية على تحويل وجهة مركبيهم الى المياه الاقليمية الإيرانية". وأكد ناطق باسم الوزارة أن المركبين تابعان للفرقاطة"اتش ام اس كورنويل"البريطانية. وقال كيفن آندال، أحد قادة الأسطول الخامس الأميركي في البحرين ان"الحرس الثوري"الإيراني نفذ العملية ضد البحارة البريطانيين، مشيراً الى ان احتجازهم تمَّ من دون إطلاق نار، مما لا يثير قلقاً على سلامتهم. وردت طهران باستدعاء القائمة بالاعمال البريطانية الى وزارة الخارجية احتجاجاً على"دخول جنود بريطانيين المياه الاقليمية الايرانية بشكل غير مشروع". ونقل التلفزيون الرسمي نص بيان لوزارة الخارجية قال ان"القائمة بالاعمال البريطانية كيت سميث استدعيت الى وزارة الخارجية حيث ابلغت باحتجاج ايران على دخول البحارة البريطانيين في شكل غير شرعي المياه الاقليمية الايرانية". واضاف البيان"ليست المرة الاولى التي يدخل فيها البحارة البريطانيون في شكل غير شرعي المياه الاقليمية الايرانية في ارواندرود شط العرب. لقد اعتقلهم حرس الحدود للتحقيق معهم". وعبّر نك لامبرت قائد الفرقاطة البريطانية عن قلقه على سلامة البحارة، مؤكداً في بيان ان السلطات البريطانية"تبذل كل ما في إمكانها على أعلى المستويات ومع قوات التحالف، لاستعادتهم سالمين في أسرع وقت ممكن". وجاء الحادث بعدما اتهم المقدم البريطاني جاستن ماسيجوفسكي ايران بتمويل المتمردين الذين تواجههم القوات البريطانية في جنوبالعراق وتسليحهم، مشيراً إلى أنه تلقى معلومات من زعماء طوائف مفادها أن عملاء ايرانيين يقدمون 500 دولار شهرياً لرجال المنطقة لمهاجمة القوات البريطانية، كما يزودونهم أسلحة متطورة. كما تزامن الحادث مع بدء البحرية الإيرانية بمحاذاة سواحل محافظة"بوشهر"الجنوبية، مناورات ضخمة في مياه الخليج سميت"اقتدار"، أكد قائد البحرية الإيرانية الأدميرال سجاد كوجكي، أنها تهدف إلى إبراز القدرات الدفاعية لقواته. وكانت ايران اعترضت ثلاثة زوارق بريطانية في حادث مماثل عام 2004، واعتقلت ثمانية من البحارة وستة من مشاة البحرية البريطانية. وظهر المعتقلون على شاشة التلفزيون الإيراني معصوبي العيون، وأفرج عنهم لاحقاً بعدما ثبت دخولهم المياه الإقليمية الإيرانية من طريق الخطأ. تصويت مجلس الامن وفي نيويورك، توقعت أوساط مجلس الامن الاجماع على مشروع القرار، باستثناء جنوب افريقيا ربما، وذلك بعدما وافقت الدول الست التي قدمت مشروع القرار أمام المجلس الولاياتالمتحدة وبريطانيا وفرنسا وروسيا والصين على تعديلات قدمتها قطر واندونيسيا أبرزها الإشارة في الفقرات التمهيدية للقرار الى"اعتراف"مجلس الأمن"بأن حل المسألة الايرانية من شأنه أن يساهم في جهود منع انتشار الأسلحة المحظورة عالمياً، بما في ذلك في منطقة الشرق الأوسط". ولوحظ تغيير في لغة ولهجة مندوب جنوب افريقيا الذي يرأس مجلس الأمن للشهر الجاري، دومياني كومالو، بعدما طرح مشروع القرار رسمياً بالأزرق بهدف التصويت عليه اليوم وبعدما أخذت الدول الست بتعديلات قطر واندونيسيا وتجاهلت تعديلات جنوب افريقيا التي وصفها سفير دولة من مجموعة دول عدم الانحياز بأنها"خرافية"، وقال إن كومالو لم يتشاور مع أحد من سفراء الدول غير المنحازة في شأنها. وقال كومالو منتصف يوم أمس، بعدما تبيّن توجه جميع الدول ال 14 الأعضاء في المجلس إلى الاجماع،"جميعنا يحاول ايجاد وسيلة الى الاجماع بما في ذلك جنوب افريقيا". وكرر أكثر من مرة"كلنا يسعى وراء العمل معاً بهدف التوصل الى اجماع". وفي ما يتعلق بطلب الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد المشاركة في جلسة التصويت، قال رئيس المجلس"ما أعرفه هو أن تاشيرات الدخول تم اصدارها". وأكدت المصادر الإيرانية أيضاً حصول أحمدي نجاد وعدد من المسؤولين المرافقين له على تأشيرة الدخول الى الولاياتالمتحدة، لكنها قالت:"طهران تعتقد أن طاقم الطائرة لم يحصل على تأشيرة"، متسائلاً:"كيف إذن سيتمكن الرئيس من الحضور هنا؟ على متن باص!؟". وأكد المسؤول الإيراني، الذي اشترط عدم ذكر اسمه، أنه"لم"يطلب من مجلس الأمن تأجيل جسلة التصويت لتوفير الوقت اللازم لحضور أحمدي نجاد الجلسة. وقال:"لم يُطلب مني أن اطلب التأجيل". وفيما أكد أن الرئيس الإيراني"ما زال يعتزم المجيء"الى نيويورك للمشاركة في الجلسة، برزت مؤشرات على احتمال اعادة طهران النظر في طلبها المشاركة في جلسة التصويت على مشروع قرار تعتبره إهانة لها. وأكد السفير الأميركي اليخاندور وولف ان كل التاشيرات الضرورية أُصدرت. وافادت المصادر ان 39 تأشيرة الى جانب تأشيرة أحمدي نجاد سلمت أمس في برن ثم طلبت ايران تأشيرة ل 43 شخصاً اضافياً أمس أيضاً. وأفاد مصدر في نيويورك ان لدى مطار كينيدي"خطة طيران"تسجل وصول الطائرات الايرانية في الساعة الواحدة صباح الجمعة بتوقيت نيويورك. ولم يكن في المستطاع تأكيد هذا الخبر من أكثر من مصدر. في الوقت ذاته، اعتبر نجاد قبل سفره الى نيويورك أن"تصرفات بعض القوى العظمى، تحبط عمل مجلس الأمن"، مشيراً إلى أن"أعداء إيران"، يستخدمون الحرب النفسية والضغوط السياسية والتحريض ضد الجمهورية الإسلامية. وأضاف:"يدركون جيداً عدم قدرتهم على فعل شيء على الصعيد العملي".