في بعض الأحيان، لا تتوقف عمليات القتل وسقوط القتلى عند انتهاء الحرب. وهذا هو واقع الحال بالكونغو يبلغ عدد سكان هذا البلد نحو 63 مليون شخص، حيث أبرم اتفاق سلام منذ ثلاثة أعوام. وكان يتوقع أن ينهي الاتفاق عنف المسلحين الوافدين من دول الجوار. وبحسب لجنة الإنقاذ العالمية، سقط نحو 3،9 مليون شخص منذ 1998، عام اندلاع الحرب في الكونغو. وهذا أدمى صراع شهده العالم منذ الحرب العالمية الثانية. وهذا الصيف، يشهد الكونغو أول انتخابات في تاريخه منذ أربعين عاماً. ولم يقلل وصول عناصر قوات حفظ السلام الدولية الى الكونغو، معاناة سكانه. فالقتال مستمر في شرق البلاد. وجيش الكونغو، رمز الوحدة الوطنية وحاميها، متورط في عمليات القتل والاغتصاب والسرقة. وآثار الحرب في هذا البلد فظيعة. فالأوبئة وسوء التغذية والنزوح وتشتت العائلات هي خبز الكونغوليين اليومي، وسبب وفاة 1250 شخصاً يومياً. وليس في اعتبار الكونغو أسوأ مكان على وجه الأرض، مبالغةً. ولكن أخبار الكونغو تغيب عن الصحافة العالمية، وشجون أهله وتعاسة حالهم لا تتصدر أولويات الدول المانحة. ومنذ عام 2000، أوفدت الاممالمتحدة قوة حفظ سلام الى الكونغو، وأنفقت بلايين الدولارات على تعزيز الامن. وهذه القوة هي أكبر بعثات الأممالمتحدة في العالم. ولكن قوة صغيرة قياساً الى مساحة الكونغو. فالكونغو هو ثاني أكبر بلد في الصحراء الافريقية بعد السودان. وفي شباط فبراير 2006، قدرت الاممالمتحدة ومنظمات الاغاثة العالمية حاجة الكونغو الى مساعدات انسانية عاجلة تكلفتها 682 مليون دولار. ولم تحصل من الدول المانحة على غير 94 مليون دولار من القيمة المقدرة. وهذا مبلغ يقل عشرات المرات عن مساعدات ضحايا التسونامي الآسيوي. والحق أن تكلفة اهمال المجتمع الدولي الكونغو باهظة. فالكونغو هو أمل القارة الافريقية في مستقبل افضل. فأراضيه خصبة، وغاباته الاستوائية واسعة تفوق مساحتها مساحة كاليفورنيا وكولورادو ومونتانا ونيومكسيكو وتكساس مجتمعةً. وارضه غنية بالأماس والذهب والمعادن، والتنتالوم مادة يصنع منها رقاقات الهواتف الخليوية الالكترونية والكومبيوترات، واليورانيوم. وتدهور الأوضاع في الكونغو يعني تدهور أمن البلاد المجاورة وعموم الفوضى. ولا شك في أن استقرار الكونغو هو شرط استقرار افريقيا. وهذه مهمة صعبة. ففي الأعوام الماضية، دمرت المستشفيات والمراكز الصحية، وانتزعت السكك الحديد، وامتدت الغابات الى الطرق المعبدة. عن سيمون روبنسون وفيفيين والت،"تايم"الاميركية، 5/6/2006