أمير القصيم يطلع على برامج جمعية "كنوز" وأبرز منجزاتها لعام 2024    ختام ناجح للبطولة العربية للجولف للناشئين والسيدات في القاهرة    انطلاق بطولة منطقة الغربية 2025 للهوكي للرجال والبطولة النسائية الثالثة للهوكي    نائب أمير تبوك يشهد حفل تخريج متدربي ومتدربات التقني بالمنطقة    مُحافظ الطائف يشهد استعداد صحة الطائف لاستقبال موسم الحج    26 مليارا حجم الاستثمارات الحكومية في قطاع التصنيع الذكي    الشورى يدعو معهد الإدارة للاستعانة بالكفاءات السعودية في التدريب والاستشارات    "أوراكل" تعلن عن استثمارات بقيمة 14 مليار دولار في المملكة العربية السعودية    القمة الخليجية الأمريكية.. تحالف استراتيجي لمواجهة تحديات المستقبل وبناء أسس الاستقرار    بتكاتف جهود العاملين في مبادرة "طريق مكة".. إنهاء إجراءات سفر الحجاج خلال دقائق    الشباب السعودي يقود تنمية قطاع السياحة الداخلية في المملكة    ذكاء المستقبل بين الرياض وواشنطن    أمانة القصيم تكثّف أعمالها لتحسين جودة الطرق ورفع كفاءة البنية التحتية في مدينة بريدة    مجمع الحباب بن المنذر يدشن شركات مع عدد من الجهات الصحية    جامعة أم القُرى تكرِّم 27 فائزًا بجائزة جامعة أمِّ القُرى للتَّميُّز لعام 1446ه    جمعية الدعوة بأجياد تطلق البرامج التوعوية والإرشادية لخدمة ضيوف الرحمن في حج 1446ه    ولي عهد أبوظبي يغادر الرياض    أمير قطر يغادر الرياض    الشرع يشكر ولي العهد: جهود سعودية تقود إلى رفع العقوبات عن سوريا    "مستشفى المانع بالدمام" يُنقذ حياة طفل يُعاني من تسمم في الدم إثر خُرَّاج دماغي معقَّد    ولي العهد والرئيس الأمريكي والرئيس السوري يعقدون لقاءً حول مستقبل الأوضاع في سوريا    بلدية صبيا والجمعيات الأهلية تثري فعاليات مهرجان المانجو بمشاركة مجتمعية مميزة    "البريك" تهنئ أمير جازان ونائبه على الثقة الملكية    السعودية للكهرباء تسجل نمواً قوياً في الإيرادات بنسبة 23% لتصل 19.5 مليار ريال في الربع الأول من عام 2025    ترامب يحل ضيفًا على رؤيتنا.. والرياض تحتفي به    السعودية للشحن الناقل اللوجستي الرسمي لمنتدى الأعمال السعودي الصيني 2025    ترامب وعد وأوفى وستبقى السعودية الوجهة الأولى    سيادة الرئيس ترامب.. أهلاً بك رئيساً لأمريكا العظيمة في السعودية العظيمة    بداية إعادة رسم الخريطة الأمنية.. طرابلس تحت النار.. تفكيك مراكز النفوذ    يواصل حملته العسكرية واسعة النطاق في القطاع.. الاحتلال يؤسس للتهجير وتفكيك غزة تحت غطاء الحرب    السوق السعودي جدير بالثقة العالمية    وسام المواطن الأول.. بمرتبة الشَّرف الأولى    المعلّم والتربية الشعبية    "إهمال المظهر" يثير التنمر في مدارس بريطانيا    ضبط 3 وافدين لارتكابهم عمليات نصب لحملات الحج    أكد أنه رفع العقوبات عن سوريا بناء على طلبه.. ترمب: محمد بن سلمان رجل عظيم والأقوى من بين حلفائنا    الاتحاد يسعى لحسم لقب"روشن" في بريدة    سمو ولي العهد يصطحب الرئيس الأمريكي في جولة بحي الطريف التاريخي في الدرعية    "واحة الإعلام" تختتم يومها الأول بتفاعل واسع وحضور دولي لافت    حسين نجار.. صوت إذاعي من الزمن الجميل    فناربخشة يعرض مبادلة النصيري ب» ميتروفيتش»    رائد التحدي سيعود من جديد    أمير الشرقية يطلع على إنجازات وزارة الموارد في المنطقة    بمشاركة دولية واسعة من خبراء ومتخصصين في القطاع الصحي.. السعودية رائد عالمي في الطب الاتصالي والرعاية الافتراضية    "مؤتمر علمي" لترسيخ الابتكار في السعودية الاثنين المقبل    رفع كسوة الكعبة المشرفة استعدادًا لموسم حج (1446ه)    «مبادرة طريق مكة».. تأصيل لخدمة ضيوف الرحمن    الأمير فهد بن سعد يرعى اليوم حفل جائزة «سعد العثمان» السنوية للتفوق العلمي في الدرعية    الصندوق الكشفي العالمي يثمّن دعم المملكة    أمير نجران يستعرض تقرير نتائج دراسة الميز التنافسية    تخريج 3128 خريجاً من الجامعة الإسلامية برعاية أمير المدينة    مجموعة الدكتور سليمان الحبيب الطبية تُدشّن أول نظام روبوتي مختبري من نوعه «AuxQ»    بندر بن مقرن يشكر القيادة بمناسبة تعيينه مستشارًا بالديوان الملكي بالمرتبة الممتازة    النصر يعادل الرقم القياسي في لقاء الأخدود    الأمير حسام بن سعود يرعى حفل تخريج 4700 طالب وطالبة من جامعة الباحة    ملك البحرين يصل إلى الرياض وفي مقدمة مستقبليه نائب أمير المنطقة        100 مبادرة إثرائية توعوية بالمسجد النبوي.. 5 مسارات ذكية لتعزيز التجربة الرقمية لضيوف الرحمن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"عزلة" النقد الأدبي
نشر في الحياة يوم 11 - 12 - 2006

كلما شاركت في مؤتمر حول النقد الأدبي استيقنت أكثر فأكثر حال"العزلة"التي يعانيها هذا النقد في العالم العربي. لا أقصد فقط قلة الجمهور الذي يتابع مثل هذه المؤتمرات بل الطابع النخبوي الذي بات يسم الفعل النقدي نفسه، منذ أن تحول عملاً مختبرياً وفناً أو علماً مكتفياً بذاته، وكأنه لا يتوجه إلا الى شريحة ضئيلة من النقاد أنفسهم وطلابهم وبعض القراء المتخصصين.
هذا الانطباع راودني مرة أخرى خلال مشاركتي في ندوة"الخطاب النقدي العربي: الانجازات والأسئلة"التي عقدها قبل أيام"المجلس الوطني للثقافة"في الكويت، وشارك فيها خيرة من النقاد العرب، الأكاديميين وپ"المحترفين"لئلا أقول"العلميين". وكما في معظم الندوات النقدية كان الجمهور قليلاً، وساد الحوار المفتوح بين النقاد المشاركين أولاً، وبينهم وبين القلة التي حضرت، جو من الاضطراب أو الالتباس ربما، وبدا الجميع شبه غريب عن الجميع، وغدت الآراء والمصطلحات شبه غامضة وشبه متناقضة أحياناً، وكأن كل ناقد يملك رؤية خاصة الى المعايير، تختلف عن رؤية الناقد الآخر. وبدا الانسجام شبه غائب عن المواقف النقدية والأحكام والمقاربات كما لو أن العمل النقدي يبدد النقاد أكثر مما يجمعهم.
يمكن القول بسهولة ان النقد المحترف أو الأكاديمي في العالم العربي يعاني أزمة أو أزمات. لكن هذا القول يظل غير حقيقي ما لم يُرفق بما يثبت وجوه الأزمات وتجلياتها. فالحركة النقدية العربية تعرف أسماء مهمة فرضت نفسها أكاديمياً من خلال ما"أبدعت"من أعمال نقدية قيّمة، منهجاً واختياراً. إلا أن هذه الأسماء لم تستطع أن تكسر حال"العزلة"التي يعانيها النقد وأن تخرج من الجو الأكاديمي الى القراء الذين يكبون على الروايات والدواوين الشعرية وسواها. وحال"العزلة"هذه يشهدها النقد الأدبي في الغرب أيضاً خصوصاً بعدما أغرب هذا النقد في علميّته منغلقاً على نفسه، حتى أصبح يحتاج الى نقد آخر يسمى"نقد النقد"يشرحه ويضيء ألغازه ويقدمه الى قارئه الذي يوصف بالحصيف أصلاً. طبعاً لا يلقى اللوم على النقد العلمي هذا، فهو تطور بسرعة ولم يبق قادراً على انتظار قرائه الذين لم يتمكنوا من مرافقته، فسبقهم أشواطاً. هكذا كان لا بد لهذا النقد من أن يصبح عملاً نخبوياً بامتياز، وأن يتوجه الى نخبة النخبة، فضاقت دائرة التواصل وضاعت"لذة"النص وپ"التربية على الحماسة"كما يقول الشاعر لويس أراغون واصفاً مهمة النقد، وكذلك"جهد القلب"بحسب الروائي مارسيل بروست في كلامه عن النقد أيضاً.
أوغل النقد في المعميات، نظرياً وتطبيقياً وأضحى بعيداً من متناول القراء، على اختلافهم. وباتت قراءة المدارس النقدية الحديثة وما بعد الحديثة تحتاج الى تخصص أكاديمي. ولم يعد الناقد يهتم بقارئه كثيراً ولا بذائقته، وأسقط من حسابه الوظيفة"الإعلامية"التي يضطلع بها النقد، منصرفاً الى الوظيفة"التحليلية"المغرقة في متاهاتها. لم يعد الناقد يصف ويحكم ويضيء أسرار النص ويخاطب القارئ مباشرة، بل هو يكاد يكتفي بنفسه خارجاً عن أدبية النقد وعن طبيعته المزدوجة، نظراً الى انتماء مادته ووسائله الى الأدب نفسه. وكان لا بد للقرن العشرين الذي انصرم أخيراً أن يكون عصر"التغريب"النقدي، بل العصر الذي شهد فيه النقد أقصى ثوراته العلمية. ولا غرابة أن يتذمّر بعض الروائيين والشعراء، كباراً وعاديين، من الدراسات الحديثة التي تكتب عن أعمالهم، وأن يعلنوا أنهم يملّون قراءتها ولا يفهمون منها شيئاً.
إلا أن نقاداً كثيرين أدركوا الحال النخبوية التي تحاصر أعمالهم، فخرجوا الى الصحافة اليومية والاسبوعية ساعين الى المصالحة مع القارئ الذي كاد ينساهم. وراحوا يكتبون مقالات قصيرة، متكئين على ثقافتهم الشاملة والعميقة، ومستعيدين بعض ملامح النقد الانطباعي وپ"الحدسي"كي يخاطبوا القارئ مباشرة ويمهدوا له الطريق الى الكتب المهمة والجميلة، ملقين عليها ضوءاً ساطعاً. وبدت مقالات هؤلاء النقاد مختلفة تمام الاختلاف عن ابحاثهم الصعبة والمعقدة، إنها مقالات مكتوبة ببساطة وشفافية. هذا ما فعله تزفتان تودوروف وأمبرتو إيكو وجوليا كريستيفا وفيليب سولرز وسواهم. وهذا ما فعله عندنا نقاد كبار مثل جابر عصفور ومحمد برادة وفيصل دراج وعبدالله الغذامي وسعد البازعي وسواهم، فراحوا يكتبون المقالات في الصحافة بغية توسيع دائرتهم والانفتاح على القراء ومخاطبتهم مباشرة، مقترحين عليهم عناوين وأسماء ومقدّمين لهم أبرز النصوص الإبداعية. والعمل الصحافي لم يحل دون مواصلتهم النقد الاحترافي والأكاديمي، بل هو أعانهم على استمزاج أحوال القارئ اليومي وآرائه، وجعلهم على بيّنة مما يحصل في عالم النشر العربي. وقد اغتنت الصحافة الأدبية بهم وبمقارباتهم النقدية المهمة.
يسهل القول ان النقد العربي يعاني أزمة أو أزمات، وعلى مستويات مختلفة، لكن الكلام على هذه الأزمات لا يجد حلاً لها، ولا يخرج العمل النقدي من مأزقه. وقد يكون النقاد أنفسهم مسؤولين عن بعض وجوه هذا"المأزق"، ولكن رغماً عنهم. ناهيك بما يعاني النقد من ادعاءات وپ"أمراض"وأخطاء يكمن وراءها نقاد هم أشباه نقاد، نقاد مزيفون أو نقاد يتباهون فقط بحملهم شهادة الدكتوراه.
وإذا كان الأدب بعامة يعاني أزمة في العالم العربي فما تراها تكون حال النقد الأدبي؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.