أطلقت مكتبة الملك عبدالعزيز العامة بالرياض عددًا من الفعاليات الثقافية المتخصصة التي تهدف إلى إبراز التراث السعودي من خلال الحرف اليدوية، وذلك ضمن مشاركتها في مبادرة "عام الحرف اليدوية 2025" التي أطلقتها وزارة الثقافة. وشملت الفعاليات ورش عمل تدريبية قدمتها نخبة من المدربات السعوديات المتخصصات في الفنون الحِرفية، من أبرزها: النسيج، والتطريز بالخيوط، والزركشة، والسدو، والخوص، وصناعة الزهور، إلى جانب ندوات معرفية ضمن الصالون الثقافي تناولت أهمية هذه الحرف بوصفها مكوّنًا من مكوّنات الهوية الثقافية الوطنية. وتميّزت فعاليات المكتبة بتسليط الضوء على حرفة "السدو"، التي تم تسجيلها في عام 2020 ضمن القائمة التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي لدى منظمة اليونسكو، حيث جرى تقديم نماذج حية توضح تقنيات هذه الصناعة التقليدية، إضافة إلى إصدار عدد من المؤلفات ذات الصلة، منها: كتاب "الحلي التراثية لنساء وسط الجزيرة العربية"، وكتاب "صناعة السدو بين الماضي والحاضر" للباحثة فاطمة المطيري، وقد تمت ترجمة بعض هذه الإصدارات إلى اللغتين الإنجليزية والصينية. كما نظّمت المكتبة ورشًا أخرى تناولت الأزياء والفنون الشعبية، وصناعة الحلي والمجوهرات، والتعريف باللباس النسائي التقليدي في المملكة، إلى جانب نقاشات حول مفهوم التراث الثقافي غير المادي وأبعاده الجمالية والاجتماعية. وفي الإطار ذاته، قدّم الصالون الثقافي جلسات حوارية شارك فيها عدد من المثقفين والمهتمين بالتراث، ناقشوا خلالها أهمية صون الحرف اليدوية وإبرازها كهوية ثقافية للأجيال القادمة، مشيرين إلى ما تمثله هذه الفنون من عمق حضاري يعكس مهارات الإنسان السعودي في تحويل المواد الطبيعية إلى أعمال فنية تحمل بصمة بيئته. وشهد شهر يوليو الجاري إقامة برنامج تراثي مخصص للأطفال واليافعين ضمن المخيم الصيفي، تضمّن ورشًا تفاعلية حول حرف: السدو، والتطريز، والخوصيات، والفخار، بهدف تعزيز الوعي الثقافي لدى النشء وتعريفهم بتاريخ الحرف اليدوية ومكانتها في المجتمع السعودي. وتعمل مكتبة الملك عبدالعزيز العامة على إعداد دراسات وبحوث متخصصة في مجالات الحرف والصناعات التقليدية، وتسعى لتوثيق التراث غير المادي في مناطق المملكة كافة، بما يسهم في حفظ هذا الإرث الوطني ودعمه معرفيًّا وتسويقيًّا، تأكيدًا لدورها في خدمة الثقافة وصون الذاكرة الوطنية.