واحد وستون وجهاً جديداً انتخبوا في البرلمان اللبناني وتوزعوا على مختلف كتله، من كتلة سعد الحريري الى كتلة وليد جنبلاط وكتلة العماد ميشال عون وأيضاً"حزب الله"و"أمل". وهذا مؤشر واضح الى أن الشعب اللبناني أراد التغيير، لكن الطبقة السياسية فضلت الإبقاء على الرئيسين اميل لحود ونبيه بري. فانتخاب بري رئيساً للمجلس النيابي يعني أن الرئيس اميل لحود باق في منصبه. فغالبية الطائفة الشيعية أرادت بري، والمسيحيون لم يوافقوا على تغيير الرئيس الذي مددت له سورية. وعندما طلب المبعوث الدولي تيري رود لارسن من الرئيس السوري بشار الأسد استخدام تأثيره على حلفائه، أي"حزب الله"و"أمل"، ليغيروا مرشحهما لرئاسة البرلمان، رفض الأسد ذلك، قائلاً إنه سيلام لاحقاً من الأسرة الدولية باعتباره تدخلاً في الشأن اللبناني. وبعد اغتيال رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري وانتفاضة 14 آذار مارس التي دفع الزميل سمير قصير حياته من أجلها، ماذا حدث على صعيد الديموقراطية في لبنان؟ إنها تتأرجح حالياً بين منطقي الطائفية والغالبية. والتعايش بين الطائفية والغالبية يعطل الأمور. فالقول إن الطائفة الشيعية اختارت الرئيس بري يدفع بالطائفة المسيحية الى التمسك ببقاء الرئيس لحود. وبعد زلزال 14 آذار، وخروج الجيش السوري من لبنان، بقيت الصورة نفسها، أي"ترويكا"رئاسية ينقصها المحرك العملاق للعلاقات الدولية الذي مثّله الحريري، والذي تعطلت مسيرته الاصلاحية لأن الرئيسين لحود وبري تصديا للقوانين والاجراءات التي كانت مطلوبة في إطار"باريس - 2". فواضح أن لبنان لم يضع كل الفرص الى جانبه، ليؤكد للأسرة الدولية أن الأمور تغيرت فعلاً، وأن الاصلاح والشفافية سيكونان النهج الجديد. فهل بقاء الرئاستين على ما كانتا عليه في السابق يشجع الأسرة الدولية على مساعدة لبنان؟ إن التعبئة من أجل المساعدة الدولية تحتاج الى قاطرة والى خطة اصلاح حكومية طالب بها اجتماع سفراء فرنساوالولاياتالمتحدة وبريطانيا والأمم المتحدة والبنك الدولي في باريس أخيراً. والقطار اليوم فيه حافلتان كانتا تؤديان الى التعطيل في الماضي القريب، أما الخطة الاصلاحية فما زالت غير موجودة، فكيف الخروج من الأزمة الاقتصادية في ضوء ذلك. واضح أن باريس تولي أهمية كبرى لمساعدة لبنان، وهذا من أولويات سياستها الخارجية. وأكد ذلك وزير الخارجية الجديد فيليب دوست - بلازي. والوزير الجديد مهتم جداً بالملف اللبناني، مثله مثل أي مسؤول في الحزب الديغولي الحاكم، وأي مسؤول سياسي وفيّ للرئيس جاك شيراك. ولدوست - بلازي روابط عائلية مع عائلة رزق في لبنان، وهو معني ومهتم بهذا الملف. ويزور الوزير واشنطن في 5 تموز يوليو المقبل لاستئناف محادثات كان بدأها في لندن مع وزيرة الخارجية كوندوليزا رايس، ومن المتوقع أن يمثل لبنان وسورية حيزاً مهماً في إطارها في ضوء انتخاب رئيس إيراني محافظ ومتشدد ازاء الولاياتوالمتحدة. وسياسة فرنسا التي ينفذها ببراعة وجدية السفير برنار ايمييه، المعتبر أحد ألمع السفراء في الخارجية الفرنسية، تقضي بالمساعدة على نهوض لبنان سيد ومستقل، بعيداً عن أي وصاية دولية أو هيمنة دولة كبرى. وفرنسا مهتمة بمساعدة لبنان على الصعيد الدولي، ولكن السؤال هو ما إذا سيكون بإمكان الفريق الرئاسي الحالي والحكومة الجديدة اقناع الأسرة الدولية بأن لبنان تغيّر، وأن الشفافية والاصلاح المطلوبين شعبياً ودولياً سيكونان النهج الجديد؟ فعلى الحكومة الجديدة تقديم خطة اصلاح مقنعة الى أسرة دولية لديها شكوك حيال التغيير في لبنان.