يتساءل بعض محبي السيدة فيروز - وما أكثرهم - عن سرّ اصرارها على عدم الظهور في فيلم"فيديو كليب"أياً تكن اطلالتها فيه، مؤدية احدى أغانيها أو مكتفية بحضورها مع أغنية"بلاي باك"! فالاطلالات الكثيرة التي تظهر فيها على الشاشات الصغيرة الأرضية والفضائية أضحت قديمة، لئلا أقول مستهلكة، وهي لم تعد تعبّر عن فرادة هذه السيدة، شاعرة الصوت، ولا عن جوها الحديث الذي رسخته مع ألحان زياد الرحباني. ولئن كانت تلك الاطلالات جميلة جداً وساحرة ولا سيما في الأفلام الرحبانية الثلاثة سفر برلك، بياع الخواتم، بنت الحارس أو في بعض"السهرات"الرحبانية التلفزيونية، فهي تمثل مرحلة معينة من مسار المطربة الكبيرة وتجسد لحظات بديعة من الماضي الفيرزوي - الرحباني. أما المسرحيات المصوّرة وهي قليلة نسبياً فلا تقدم فيروز تلفزيونياًَ كما يليق بها، فالاخراج والتصوير عاديان جداً وخاليان من أي بعد تقني وجمالي نظراً الى البساطة في الرؤية الاخراجية. يشعر محبّو فيروز بشوق دائم الى مشاهدتها على الشاشة الصغيرة، تطل بعفويتها وتغني كما اعتادت دوماً، بسحر وشفافية، فحضورها سيكون نضراً ومتألقاً كيفما كانت اطلالتها التلفزيونية. ويمكنها بسهولة أن تتعاون مع ابنتها ريما كمخرجة ومع زياد كمشرف على العمل. واعتقد أن ريما هي خير من يستطيع أن ينجز هذا"الفيديو كليب"أولاً لقربها من فيروز ثم لمتابعتها كل أغانيها وحفلاتها وقد صورت بعض هذه الحفلات من خلال عين جديدة. وكانت ريما أنجزت أفلاماً تلفزيونية عدة وبعض"الكليبات"وأهمها"كليب"الفنانة اللبنانية مادونا وكان جريئاً جداً وطريفاً وحديثاً تماماً، حتى ان مادونا لم تحتمل جرأته وحداثته أو طابعه التجريبي، وسرعان ما سحبته من العرض التلفزيوني، علماً أنها لا تستعرض فيه مفاتنها على غرار الفنانات الجديدات اللواتي لا يملكن من الموهبة سوى الاغراء والاستعراض المثير. اذا تعاونت فيروز مع ريما وزياد وصوّرت فيلم"فيديو كليب"فهو سيكون حدثاً فنياً كبيراً وسيكون في امكانها حينذاك ان تطلّ على جمهورها الكبير، في العالم العربي والمهجر، اطلالة حديثة تعيد الى هذا الجمهور صورة أخرى عنها، وتدخلها في عصر"الفيديو كليب"الذي بات طاغياً في زمن"انفجار"المرئي- المسموع. تحتاج فيروز فعلاً الى مثل هذه الاطلالة، مثلما يحتاج جمهورها اليها وبخاصة جمهور الشباب الذي يتابعها في الحفلات، اللبنانية والعربية. فالاطلالة"الكليبية"أصبح لا بدّ منها في هذا العصر وهي تساعدها على دخول عالم الشباب الذي يألف كثيراً مثل هذا النوع من الاطلالة الغنائية. لا تحتاج فيروز الى ترويج أغانيها من خلال"الفيديو كليب"كما يفعل معظم الفنانين الجدد، فهي حاضرة في الذاكرة والقلب، وحاضرة أيضاً في الحياة اليومية للناس الذين يحبونها، حتى وان بدت قليلة الأوقات التي تخصص لأغانيها في الاذاعات بعدما اكتسحت موجة الغناء الرخيص و"الهابط"ذائقة"العامة"وأذواق المسؤولين عن معظم الاذاعات. ليت فيروز المتجددة باستمرار تطل عبر فيلم"فيديو كليب"يكون في مستوى اطلالتها، فتتجدد صورتها البهية في عيون محبيها الكثيرين ولا سيما الشباب منهم، انها الاطلالة الحدث التي لا بدّ من حصولها، مهما طال الانتظار.