«الحج والعمرة»: احذروا شركات الحج الوهمية.. لا أداء للفريضة إلا بتأشيرة حج    «الطيران المدني»: تسيير رحلات مباشرة من الدمام إلى النجف العراقية.. ابتداء من 1 يونيو 2024    ولي العهد يهنئ رئيسة جمهورية تنزانيا المتحدة بذكرى يوم الاتحاد لبلادها    الأرصاد: لا صحة عن تأثر السعودية بكميات أمطار مشابهة لما تعرضت له بعض الدول المجاورة    أخو الزميل المالكي في ذمة الله    خطبتا الجمعة من المسجد الحرام و النبوي    تشكيل الهلال المتوقع أمام الفتح    كيسيه يعلق على الخسارة أمام الرياض    جوارديولا: الضغط يدفعنا إلى الأمام في الدوري الإنجليزي    أمير جازان يرعى حفل افتتاح مهرجان المانجو والفواكه الاستوائية    إصابة حركة القطارات بالشلل في ألمانيا بعد سرقة كابلات كهربائية    الشاب عبدالله بن يحيى يعقوب يعقد قرآنه وسط محبيه    خادم الحرمين يوافق على ترميم قصر الملك فيصل وتحويله ل"متحف الفيصل"    أعمال نظافة وتجفيف صحن المطاف حفاظًا على سلامة ضيوف الرحمن    وزير الشؤون الإسلامية يعقد اجتماعاً لمناقشة أعمال ومشاريع الوزارة    أمريكا: اكتشاف فيروس إنفلونزا الطيور في 20% من عينات الألبان    أستراليا تقدم الدعم للقضاء على الملاريا    اتفاق سعودي – قبرصي على الإعفاء المتبادل من التأشيرة    فرصة لهطول أمطار رعدية على معظم مناطق المملكة    "زرقاء اليمامة" تعيد الأضواء ل"مركز فهد الثقافي"    إصابة مالكوم وسالم الدوسري قبل مباراة الهلال والفتح    الأخضر تحت15 يخسر من سلوفينيا في بطولة ديلي نازيوني    "واتساب" يتيح مفاتيح المرور ب "آيفون"    "المُحليات" تدمِّر "الأمعاء"    مقامة مؤجلة    حرب نتنياهو .. إلى أين ؟    هوس «الترند واللايك» !    صعود الدرج.. التدريب الأشمل للجسم    تقنية مبتكرة لعلاج العظام المكسورة بسرعة    التنفس بالفكس    أمير حائل يرفع التهنئة للقيادة نظير المستهدفات التي حققتها رؤية المملكة 2030    مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكة المكرمة صاحب السمو الملكي الامير خالد الفيصل يهنئ القيادة نظير ماتحقق من مستهدفات رؤية 2030    افتتاح المعرض التشكيلي "الرحلة 2" في تناغم الفن بجدة    أمير جازان ونائبه يهنئان القيادة بما تحقق من إنجازات ومستهدفات رؤية المملكة 2030    هيئة السوق المالية تصدر النشرة الإحصائية للربع الرابع 2023م.    الصحة: رصد 15 حالة تسمم غذائي في الرياض    تحول تاريخي    الأخضر تحت 23 عاماً يواجه أوزبكستان في ربع نهائي كأس آسيا    الهمس الشاعري وتلمس المكنونات    «ألبرتو بُري» يتجاوز مأساته    المملكة تبدأ تطبيق نظام الإدخال المؤقت للبضائع    أمين الرياض يحضر حفل السفارة الأميركية    محمية الإمام تركي تعلن تفريخ 3 من صغار النعام ذو الرقبة الحمراء في شمال المملكة    أرامكو السعودية و«الفيفا» يعلنان شراكة عالمية    تشجيع الصين لتكون الراعي لمفاوضات العرب وإسرائيل    مقال «مقري عليه» !    خلط الأوراق.. و«الشرق الأوسط الجديد»    تفكيك السياسة الغربية    القيم خط أحمر    لو ما فيه إسرائيل    نائب أمير الشرقية يستقبل نائب رئيس جمعية «قبس»    وزير الدفاع يرعى حفل تخريج الدفعة ال82 من طلبة كلية الملك عبدالعزيز الحربية    إطلاق برنامج تدريبي لطلبة تعليم الطائف في الاختبار التحصيلي    الرئيس العام لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يلتقي مديري عموم فروع الرئاسة في مناطق المملكة    أمير عسير يعزي الشيخ ابن قحيصان في وفاة والدته    التعاون الإسلامي ترحب بتقرير لجنة المراجعة المستقلة بشأن وكالة الأونروا    تحت رعاية الأمير عبد العزيز بن سعود.. قوات أمن المنشآت تحتفي بتخريج 1370 مجنداً    أسرة البخيتان تحتفل بزواج مهدي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ناخبو فرنسا وهولندا أوقفوا قاطرة الوحدة الأوروبية فاهتزت القارة على وقع الصلح مع أميركا
نشر في الحياة يوم 12 - 04 - 2007

ينهي الاتحاد الاوروبي عام 2005 وقد طوى ازمة الموازنة وتزود بخطة مالية تضمن تغطية كلفة التوسيع ومشاريع السياسة الداخلية، لكن من دون ان يحل ازمة الثقة التي انفتحت بعد رفض الدستور في كل من فرنسا وهولندا، او يساعده اتفاق الموازنة على صوغ ردود مناسبة على تساؤلات الرأي العام والاسباب التي جعلت اوروبا، بحسب عبارة رئيس وزراء لوكسمبورغ،"لاتثير احلام الاوروبيين". وقد تكون حصيلة الاتحاد تتركز هذا العام على فشل الدستور ودور بريطانيا في تعطيل اتفاق الموازنة في مرحلة اولى، وريادتها الازمة في مرحلة ثانية حتى وان كانت"بريئة"من ذنوب فشل الدستور. والقيود الموروثة عن عام 2005 قد تحد من تأثير الاتحاد في 2006.
وكان رفض الدستور بمثابة الضربة القاصمة لمسيرة الاتحاد لأنه يعطل سير المشروع السياسي على الصعيدين الداخلي والخارجي. وتجمع التحقيقات واستطلاعات الرأي التي أجريت منذ الصيف الماضي على تلاقي الناخبين في كل من فرنسا وهولندا، وخارجهما، على رفض الدستور لأسباب توسع الاتحاد وضمه البلدان الشرقية في وقت تعجز الحكومات واوساط العمل عن خفض معدلات البطالة. وصوَّت نحو 40 في المئة، حسب الاستطلاعات في فرنسا، ضد الدستور لاسباب ارتفاع البطالة و40 في المئة احتجاجاً على فتح آفاق انضمام تركيا الى الاتحاد و20 في المئة لأسباب مختلفة منها تساؤلات الهوية بعد التوسيع وغلاء المعيشة منذ تعميم استخدام عملة اليورو في 2002.
كانت الصدمة كبيرة، ونسفت الى وقت بعيد اهداف العمل المشترك على الصعيد الخارجي. اذ كان من المقرر، وفق مسودة الدستور الميت، ان يتم تعيين خافيير سولانا اول وزير خارجية للاتحاد الأوروبي عام 2007 وان تعين القمة رئيساً للاتحاد تدوم ولايته عامين لتشخيص دور الاتحاد في المحافل الدولية وضمان استمرار العمل الديبلوماسي وانسجام سير مؤسسات الاتحاد الذي بلغ اعضاؤه 25 بلداً منذ 2004 وسيكون 27 بلداً في 2007. لكن غالبية الناخبين في كل من فرنسا وهولندا قررت وقف القاطرة بعد الاحساس بابتعادها أكثر فأكثر عن آفاق نظرهم. وعملياً فإن وثيقة الدستور حظيت حتى الآن بمصادقة ثلاثة عشر بلداً من اصل 25. وهو اجراء يطيل بقاء الدستور في غرفة العناية المركزة من دون اعلان وفاته.
پ
انقلاب السحر على الساحر
وتتحمل بريطانيا قسطاً من المسؤولية في جمود نقاشات الوضع الاجتماعي واستحقاقات مواجهة العولمة وتوفير الموارد المالية الكافية لتمويل مشاريع انماء البلدان الشرقية. اذ انها اعترضت على مقترحات قدمتها لوكسمبورغ رئيسة الاتحاد في النصف الاول من العام الجاري تصل الى نسبة 1.06 في المئة من الناتج المحلي الخام لتوفير موارد الخزانة الاوروبية لفترة 2007-2013. ورفضت بريطانيا في حينه تقديم تنازلات مهمة من قيمة الحسم المالي الذي تسترده من الخزانة المشتركة. وربط توني بلير في النصف الاول من 2005 كل تنازل بشروط خفض انفاق السياسة الزراعية وتقليص حجم المعونات للبلدان الشرقية. وتذكر تسجيلات القمة الاوروبية في حزيران يونيو 2005 في بروكسيل كلام رئيس القمة رئيس وزراء لوكسمبورغ جان كلود جينكير، بعد فشل المحادثات، عن"الاحساس بالخجل لأن البلدان الأكثر فقراً قدمت تنازلات بينما رفض البعض الآخر قطع الخطوات اللازمة". واعتبر جينكير انعدام حل الموازنة"عائقاً دون لقاء التاريخ والجغرافيا". ولم تكن بريطانيا الوحيدة التي اعترضت على خطة الموازنة بل دعمتها الى حد ما البلدان التي تساهم بالقسط الأكبر من الموازنة مثل السويد وهولندا والنمسا، ولكن من دون ان تذهب الأخيرة حتى افشال القمة في منتصف العام الماضي. وبينما رأى انصار الوحدة الاوروبية أن الصراع الدائر يجرى"بين الذين يريدون الاتحاد سوقاً كبيرة ومتسعة والذين يريدون وحدة سياسية بين بلدان متضامنه في ما بينها"، رأى وزير الخارجية البريطاني جاك سترو، في نهاية القمة في تموز يوليو الماضي أن الانقسام يتركز"حول طبيعة الاتحاد الاوروبي وقدرته على مواجهة المستقبل او الاتحاد الذي يشده الماضي الى الوراء".
وفضل رئيس الوزراء البريطاني توني بلير التصلب وانتظار احتمال نضج الموقف بعد تسلمه رئاسة الاتحاد مطلع تموز يوليو. لكن السحر انقلب على الساحر. فاستمرت الأشهر الاولى من رئاسته من دون تقديم اقتراحات عملية جديدة بل ان انظارها توجهت نحو قضايا الامن الداخلي بعد صدمة العمليات الارهابية التي ادمت لندن في السابع من تموز، اليوم نفسه الذي كان فيه بلير يستقبل زعماء البدان الغنية الثمانية في اسكتلندا. وكان بلير وضع مسائل اصلاح سوق العمل وادخال تشريعات مرنة على رأس اولويات ترؤس بلاده الاتحاد. ولقي آذاناً صاغية وانتقد في خطاب القاه امام النواب الاوروبيين النموذج الاجتماعي الذي تتمسك به الاوساط المهنية والنقابية الاوروبية على رغم اشتداد التنافس في السوق العالمية. وسأل بلير النواب عن"هذا النموذج الذي انتج 20 مليون عاطل عن العمل وبلغ فيه الاستثمار في مجال الابحاث العلمية والتكنولوجية مستوى لا يتجاوز استثمارات كل من الصين والهند في المجال نفسه". ووعد بلير خصوصاً، بعدما كان تخلى عن خطة الاستفتاء على الدستور، بفتح نقاشات واسعة حول مستقبل الانموذج الاجتماعي ودور اوروبا في زمن العولمة. لكن شيئاً لم يحدث. فاقتصرت القمة التي عقدها بلير قرب لندن في نهاية تشرين الاول اكتوبر الماضي من دون ان تنتج مختبرات السياسة البريطانية افكاراً جديدة لحل الأزمة الاجتماعية واستعادة ثقة الرأي العام. واضطر بلير في النهاية الى تقديم تنازلات اضافية في نقاشات الموازنة بعد ماراتون مفاوضات مضنية في اجتماعات القمة في بروكسيل. وارتفعت قيمة المقترح البريطاني من نسبة 1.03 في المئة من الناتح المحلي الخام او قيمة 849 بليون يورو الى 1.045 في المئة او 862 بليون يورو أي دون مقترح لوكسمبورغ بقليل 870 بليوناً. وحصل الاتفاق بعدما قبلت بريطانيا بالتنازل عن 10 بلايين من قيمة الحسم الذي تسترده في مقابل توصية القمة الى المفوضية مراجعة كل بنود الموازنة من دون استثناء في 2008. لكن بنود الانفاق المحددة لن تتغير حتى 2013.
وتتولى النمسا رئاسة الاتحاد في النصف الاول من هذا العام بعدما خلصتها بريطانيا من عبء مفاوضات الموازنة ووفرت عنها عناء ادارة ازمة عميقة. لكن الاشهر المقبلة لن تكون هينة امام مستشار النمسا وولفغانغ شوسيل لأن مواجهة ازمة الثقة تتجاوز ابعاد ارقام الموازنة. وقالت وزيرته للخارجية اورسولا بلاسنيك، في تقويمها لبرنامج الرئاسة، أن بلادها"ستعمل على تعزيز الشفافية والثقة في صفوف الرأي العام". واستنتجت الوزيرة أن"عام 2004 شهد انجاز مهمة التوسيع وانتخابات البرلمان الاوروبي وتشكيل فريق المفوضية وفي المقابل فإن الصعوبات توالت في 2005 بعد فشل الدستور وصعوبات مفاوضات الموازنة. لذلك فإن كلاً من النمسا وفنلندا التي ستليها على رأس الاتحاد في 2006 ستعمل من اجل صوغ تصور مشترك بين البلدان الاوروبية ال 25 لمستقبل الاتحاد ومحاولة فتح وثيقة الدستور للنظر في الجوانب التي يمكن تطبيقها وآلياتها القانونية". وبحكم موقع بلادها في جوار خاصرة الاتحاد، تحدثت وزيرة خارجية النمسا عن أهمية دعم بلدان البلقان من اجل تقدمها في طريق الاندماج الاوروبي. لكنها تجاهلت تركيا في مؤتمر عقدته في 19 كانون الاول ديسمبر لتقديم برنامج عمل النمسا على رأس الاتحاد. وقالت أوسولا بلاسنيك ان المفاوضات مع تركيا ستظل في مرحلة المراجعة التي تسبق فتح المفاوضات القطاعية. ومعلوم ان فيينا كانت اشد معارضي فتح ابواب العضوية امام تركيا وربطت موافقتها في تشرين الأول اكتوبر الماضي على انطلاق المفاوضات بشرط موافقة الاتحاد على اطلاق مسار مفاوضات العضوية مع أوكرانيا، على رغم نقص تعاون الأخيرة في حينه مع محكمة العدل الدولية حول يوغوسلافيا السابقة.
پ
صلح اميركي - اوروبي
لكن 2005 هو ايضاً عام تصالح الولايات المتحدة مع الاتحاد الاوروبي الذي كان في حاجة الى دعم سياسي اميركي يساعده على اعادة لملمة صفوف اعضائه الذين تفرقوا جراء الموقف من الحرب على العراق. وكانت زيارة الرئيس بوش في 21 شباط فبراير 2005 الى بروكسيل محطة استعادة الوفاق ومكنت الجانبين من طي صفحة الخلافات حول العراق لأن واشنطن اقتنعت بأهمية دور اوروبا في حشد الدعم الدولي من اجل دفع المسار السياسي واعادة اعمار العراق، في شكل خاص، ودفع مسيرة الاصلاح السياسي في منطقة الشرق الاوسط الكبير بشكل عام، في مقابل معاودة اقرار اوروبا بحاجة الاتحاد الى موافقة اسرائيل وأميركيا من اجل انخراطه في العملية التفاوضية في الشرق الاوسط. وقال الرئيس بوش في خطاب القاه في بروكسيل، ووصف بالأجندة المشتركة مع الاتحاد الاوروبي، أن الولايات المتحدة تتطلع الى ان يكون الاتحاد"شريكاً قوياً في الساحة الدولية"حتى يدعم الحملة من اجل الديموقراطية والحرية في العالم. ودعم بوش مسيرة الاتحاد وأكد أن"اميركا تساند الوحدة الديموقراطية الاوروبية وتدعم ان تكون اوروبا قوية لأننا نحتاج الى شريك قوي يساعدنا في المهمة الصعبة من اجل تقدم الديموقراطية". وتمكن بوش من ردم الهوة التي اتسعت بين ضفتي المحيط وقال ان"تحالف اوروبا واميركا الشمالية يمثل العماد الأساس للأمن المشترك في القرن الجديد". واعتبر خلافات الفترة الماضية ظرفية وقال أن"الجدل والخلافات العابرة بين الحكومات وأي قوة في الارض لن تفرق بيننا". وتجسد الصلح في العديد من القضايا التي تخللت العام الجاري وآخرها مشكلة الرحلات السرية التي يشتبه في تسييرها لمصلحة الاستخبارات الاميركية عبر مطارات اوروبية من اجل نقل معتقلين الى سجون سرية يشتبه بوجودها في رومانيا وبولندا داخل الاتحاد. وتنسب تقارير الى اجهزة اوروبية التعاون مع الأجهزة الاميركية في تسيير الرحلات السرية. وتثير الفضيحة بعض الحرج بالنسبة الى المسؤولين الاوروبيين المدعوين الى المساءلة في البرلمانات لكن من دون ان تصل الى حدود الازمة الديبلوماسية. وتمكنت وزيرة الخارجية كوندوليزا رايس من تطويق المشكلة وقالت خلال توقفها في مقر حلف شمال الاطلسي أن الولايات المتحدة"تحترم سيادة الحلفاء وان الرحلات يتم تسييرها وفق اجراءات وضوابط المطارات الاوروبية".
وفي ما يعني القضايا العربية برز التقارب الاميركي - الاوروبي، منذ خريف عام 2004، حول الموقف من سورية والتنسيق الاميركي الفرنسي الاوروبي والقرارات الدولية التي اصدرها مجلس الامن بدءاً بالقرار الرقم 1559 حتى القرارين الاخيرين المتصلين بحملة الاغتيالات في لبنان. والتقارب نفسه برز على الصعيد الديبلوماسي في المشاورات المنتظمة بين الجانبين حول مسائل الاصلاح والديموقراطية في المنطقة العربية. وهناك قناعة مشتركة من ان نقص الاصلاح والديموقراطية يعد ضمن اسباب انعدام الاستقرار وتفريخ الارهاب. واصبح"النصح"الديبلوماسي الذي يقدمه الاميركيون والاوروبيون للعديد من الحكومات العربية جلياً امام الرأي العام في محاضرات السياسيين وتقارير الخبراء.
وقد يكون تطور الموقف الاوروبي من قضايا الاسلام السياسي في الشارع العربي احد مؤشرات تغير المنظور الاوروبي من نظرة ديبلوماسية تتكتم على المشاروات مع الشركاء العرب في مسائل الديموقراطية الى منظور اوروبي يجهر بنواقص الوضع العربي. وتساءل الممثل الاعلى للسياسة الخارجية للاتحاد خافيير سولانا في اجتماع عقده وزراء الخارجية في نيسان ابريل الماضي في لوكسمبورغ"ان كان الوقت حان بالنسبة الى الاتحاد كي يتساءل عن اهمية حوار يجريه مع الاسلاميين الذين ينبذون العنف". وقد يكون خبراء الاتحاد استنتجوا أن التحدث الى مجموعة العلمانيين والمثقفين العرب لا يكفي لأن تأثيرهم محدود ميدانياً وربما يجدر بهم التحدث الى التيارات التي تمتلك قاعدة شعبية. ودعت مجموعة الازمات الدولية، في تقرير نشرته في ايار مايو 2005، الى تفادي خطر التصعيد بين الحكومة والاخوان المسلمين في مصر. ودل فوز الاخوان بنحو 20 في المئة من مقاعد مجلس الشعب في مصر، على رغم التوتر الذي ساد بعض المناطق الانتخابية، على انهم جزء من الواقع السياسي. كما لوحظ في ندوة عقدت في مقر البرلمان الاوروبي في حزيران يونيو 2005 وشارك فيها اسلاميون تونسيون"استعدادهم للاستماع لنصائح الاتحاد الاوروبي". ولا يتردد المسؤولون في الرد على التساؤلات المتصلة بالحوار مع الاسلاميين في القول انهم"لا يرفضون نتائج الانتخابات"بعد ان كانوا ضمن الذين شاهدوا الكلفة العالية التي دفعتها الجزائر بعد رفض الجيش نتائج انتخابات نهاية عام 1991.
ويبرز الوفاق الاوروبي الاميركي، الى المنظور المشترك حيال الأوضاع في سورية ولبنان وايران، في انخراط بلدان الاتحاد في جهود دعم المسيرة السياسية في العراق. واحتضنت بروكسيل مؤتمراً دولياً في مقر المجلس الوزاري تركز في حزيران الماضي على سبل دعم العراق وتشجيع الاطراف المعنيين على احلال قدر من التوازن السياسي بين الطوائف خلال صياغة الدستور والاستفتاء والانتخابات العامة. وينتظر ان تفتتح المفوضية في مطلع 2006 بعثة في بغداد لتنسيق المعونات للعراق واعدت من جهة ثانية لبدء مفاوضات ابرام اتفاق التعاون الاقصادي والتجاري مع الحكومة العراقية المنتخبه، بالاتفاق المزمع مع ايران.
پ
خيبة برشلونة
عرفت مؤتمرات الشراكة صعوبات النقاش بين العرب والاسرائيليين والاوروبيين حول طاولة الشراكة الاوروبية المتوسطية واصبحت مهمات الوساطة الاوروبية من تقاليدها. ولم يخفف تولي الاتحاد الاوروبي مهمة المراقب الاجنبي في اتفاق معبر رفح من حدة النقاشات يومي 27 و28 تشرين الثاني نوفمبر في برشلونة. لكن ما حدث في اول قمة بين البلدان الاوروبية ال25 والعربية المتوسطية وتركيا واسرائيل كان دليل التباعد السياسي وعدم بلوغ المسيرة مرحلة النضج. وتتعدد الاسباب من انعدام السلام الى انعدام الديموقراطية مروراً بانعدام الشفافية ونقص الحكم الرشيد في غالبية بلدان جنوب شرقي الحوض المتوسطي. وكان الجانب الاوروبي سعى من اجل تضمين البيان النهائي بعض القواعد التي تمكن الاتحاد من تقديم"مساعداته"في مجالات الاصلاح السياسي والديموقراطية. وفي المقابل سعى الجانب العربي كعادته، وان في شكل متفاوت، الى تأمين ادنى المبادىء والحقوق المشروعة، في مقدمها حق مقاومة الاحتلال. لكن المفاجأة الاولى كانت مخيبة اذ تغيب قادة البلدان العربية المتوسطية عن اول قمة لمسيرة الشراكة منذ انطلاقها في 1995. لكل منهم اسباب تبرر غيابه. لكن الاوروبيين فهموا التغيب بمثابة تسفيه للسياسة التي بذلها الاتحاد الاوروبي منذ نحو عقد لدفع التعاون الاقليمي مع جيرانه في الضفة الجنوبية. ونقل ديبلوماسي اوروبي، عن مصدر عربي، كلاماً عن"تنسيق عربي على مستوى القيادات لمقاطعة مؤتمر برشلونة". ويرى سفير عربي وجود قلق من"محاولات الاتحاد التدخل اكثر فاكثر في الشؤون الداخلية للبلدان العربية المتوسطية وفتحه قنوات حوار غير رسمية مع ممثلي المجتمع المدني". والمفارقة انه بمقدار ما ترفض حكومات البلدان العربية طروحات التدخل واملاءات الاصلاح والديموقراطية فإن ممثلي المجتمع المدني العربي يطالبون بالتعاون اكثر فاكثر مع الهيئات والمنظمات الاوروبية وبما يساعدها على التخلص من سيطرة الرقابة الرسمية المحلية.
بعد عشرة اعوام على بدء مسيرة الشراكة هذه، يصح انتقاد الاوروبيين على نقص حماستهم السياسية لشؤون التنمية في المنطقة المتوسطية وانعدام الخطاب الرسمي والمنتظم من اجل تشجيع اوساط الاستثمار على التوجه نحو اسواق الجنوب. ويصح ثانياً انتقاد المفهوم الاعلامي الاوروبي الذي يصور مشاكل المنطقة ويعالجها من منظور الاصولية والتطرف والهجرة السرية. وهي طروحات لا تقوِّي جسور التفاهم بل تعزز شعور الخوف والاسلاموفوبيا.
ويصح ثالثاً الاستنتاج أن غالبية البلدان العربية التي قد تكون تضامنت في تغييب قياداتها عن مؤتمر برشلونة لم تستخدم مسيرة برشلونة في مثابة الاطار الاقليمي لدفع التعاون والتي لم تتقدم على طريق انجاز ادنى اندماج عربي - عربي من ناحية اولى، ولا في مجال الديموقراطية من ناحية ثانية، فإن ذلك سيجعلها عرضة أكثر فاكثر لتدخل سياسي متزايد من جانب الاتحاد الاوروبي، بالاتفاق مع الولايات المتحدة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.