قال مدير"المكتب الأعلى للاستثمار"في سورية مصطفى عبدالله الكفري ل"الحياة"ان الاستثمارات الأجنبية"ضعيفة"وان بلاده تحتاج سنوياً إلى اكثر من أربعة بلايين دولار أميركي لمواجهة مشكلة البطالة لديها. وقدر إجمالي قيمة أموال السوريين في الخارج بنحو 40 بليون دولار أميركي، وان العقوبات الأميركية على بلاده"لن تؤثر سلباً في الاقتصاد السوري لانه يقوم على ركائز تحميه من أية هزات خارجية". وفي ما يأتي نص الحديث: كيف تقوم واقع الاستثمار في سورية حاليا؟ تشير الأرقام إلى ان الكلفة الإجمالية للمشاريع المشمولة بأحكام القانون رقم 10 بلغت عام 2003 اكثر مما كانت عليه في عام 2002 على رغم الخوف الذي ساد أثناء الغزو الاميركي - البريطاني للعراق، وكان هناك قلق من ان يحدث ركود وتراجع في الاستثمارات في سورية، لكن الأرقام اثبتت ان الاقتصاد السوري لم يتأثر كثيراً نتيجة احتلال العراق. ان سورية بلد بكر في الاستثمارات ونحن متفائلون بالاستثمارات. كم بلغ عدد المشاريع التي شملت وفقا للقانون رقم 10 العام الماضي؟ تم تسجيل نحو 576 مشروعاً منها 200 مشروع صناعي وما تبقى عبارة عن مشاريع في قطاع النقل والزراعة وغير ذلك وبلغ إجمالي كلفة هذه المشاريع الاستثمارية 125 بليون ليرة سورية. وهذه المشاريع مهمة جداً منها معامل لانتاج الأسمنت ومعامل في قطاع الغزل والنسيج وقطاع الصناعات الغذائية وبالتالي هذه المشاريع تتسم بأنها ذات كثافة رأسمالية عالية مقارنة مع عام 2002 الذي وصلت فيه الكلفة الإجمالية الاستثمارية للمشاريع المسجلة نحو 75 بليون ليرة، بينما كان عدد المشاريع نحو 900 مشروع. والسنة الجارية؟ تمت الموافقة على 29 مشروعاً صناعياً بكلفة استثمارية تصل الى 12.7 بليون ليرة ستوفر نحو 2200 فرصة عمل. وتتركز هذه المشاريع في إنتاج أنصاف النواقل وتصميم وإنتاج مواد التعبئة والتغليف وخيوط الشانيه وإنتاج السفن والقوارب والسماد العضوي وأقمشة التريكو والبرادي والخيوط وفرز وتبريد الخضار والفواكه وإنتاج العبوات البلاستيكية وتربية الأبقار وتصنيع الحليب. هل هناك نية لتعديل قانون الاستثمار؟ هناك ورشة عمل لصياغة مشروع قانون استثمار جديد بهدف توحيد الجهات المعنية بالاستثمار بجهة واحدة. واقصد هنا ان يتحول مكتب الاستثمار إلى هيئة عامة للاستثمار وتوحيد التشريعات المنظمة للاستثمار بقانون واحد. الآن يوجد عدد من التشريعات التي تنظم عمليات الاستثمار هناك القرار 186 الذي ينظم عمليات الاستثمار في قطاع السياحة وهناك القانون رقم 10 الذي ينظم عمليات الاستثمار في قطاع الصناعة والزراعة والنقل. وهناك المرسوم رقم 10 لعام 1986 الذي ينظم عمليات الاستثمار في قطاع الزراعة الشركات المشتركة نحاول الان صياغة هذه التشريعات المتعددة بقانون واحد بحيث ينظم هذا القانون عمليات الاستثمار في القطاعات كافة. ما هي القطاعات الجديدة التي سيتم فتحها أمام الاستثمار الأجنبي؟ في ظل القانون الجديد ستفتح مشاريع الصناعات المستقبلية مثل التكنولوجيا والخدمات الصحية والسكن والإسكان ومراكز التدريب والتأهيل. هل اثر الاحتلال الأميركي للعراق في واقع الاستثمار في سورية؟ ليس بالحجم الذي كان يتوقعه بعض الاقتصاديين الذين راهنوا على ان احتلال العراق سيُلحق أذى كبيراً في الاقتصاد السوري لكن التجربة أثبتت ان اقتصاد سورية يقوم على ركائز اقتصادية ثابتة تتمثل في النفط والمواسم الزراعية الجيدة وبما تملكه من موارد طبيعية جيدة وبشرية إضافة الى ذلك سورية لا تعاني من مشاكل اقتصادية مثل الدين الخارجي. وبالتالي كل هذه العناصر جعلت الاقتصاد السوري اقل صعوبة ومشاكل من باقي اقتصادات المنطقة. الولاياتالمتحدة الأميركية أعلنت إنها ربما ستطبق بعض العقوبات الاقتصادية على سورية في أيار مايو المقبل هل تنظرون إلى هذه العقوبات بنوع من القلق؟ لا شك في ان هذه العقوبات ستؤثر، لكن ليس بالحجم الكبير لان لدينا ركائز اقتصادية متينة في سورية وسياسة اتبعتها الحكومات المتتالية على مدى عقود هي سياسة الاعتماد على الذات. كنا نستورد القمح والآن أصبحنا نصدره ونملك مخزونا واحتياطاً كبيراً من الحبوب. كما ان لدينا إلانتاج الوفير من الخضروات والفواكه. كل ذلك جعل من الاقتصاد السوري اقتصاداً متيناً واعتقد ان الشركات الأميركية التي تعمل في سورية ستتضرر من خلال مثل هذه العقوبات. وهناك شركات أميركية تستثمر في سورية ليس تحت مظلة قانون الاستثمار رقم 10 لكن بعلاقة مباشرة مع وزارة النفط. هذه الشركات ستتضرر نتيجة العقوبات وعموماً لن يكون الضرر كبيراً لان الاقتصاد السوري يقوم على ركائز ستحميه من الصدمات الخارجية. كم تحتاج سورية سنويا لتأمين فرص العمل للوافدين الجدد؟ وكم تصل كلفة فرصة العمل الواحدة؟ تحتاج سورية إلى المزيد من الاستثمارات ومشكلة البطالة موجودة وتعترف بها مختلف الجهات وبنسب متفاوتة ولن يعالج هذه البطالة الا المزيد من الاستثمارات لتأسيس فرص عمل جديدة في قطاعات الزراعة والصناعة والخدمات. واعتقد ان سورية تحتاج لأكثر من أربعة بلايين دولار أميركي سنوياً لايجاد 200 إلى 250 الف فرصة عمل سنوياً على اعتبار ان كلفة فرصة العمل الواحدة تقدر ب20 الف دولار أميركي. ما هي اكثر الدول استثماراً في سورية؟ وهل هناك طلبات لشركات أميركية تود الاستثمار في مجالات غير النفط؟ للأسف الاستثمار الأجنبي في سورية ضعيف واغلب الاستثمارات للقطاع الخاص في مكتب الاستثمار هي لمستثمرين سوريين، إضافة الى ذلك هناك بعض المستثمرين العرب، وهناك شركات استثمارية يملكها سوريون يحملون الجنسية الأميركية ترغب في الاستثمار... بعض الجهات يرغب في الاستثمار في سورية لكن المشاريع القائمة حالياً ضعيفة جداً. وبالنسبة إلى الاستثمارات العربية؟ تصل الاستثمارات اللبنانية إلى سبعة بلايين ليرة سورية وهي تتركز في مجال انتاج الألبان والاجبان وحفظ وتعبئة الفواكه وانتاج الأقمشة والأسمدة والأعلاف وتربية الأبقار ويصل إجمالي قيمة الاستثمارات السعودية إلى ثمانية بلايين ليرة سورية وتتركز في انتاج العبوات الغذائية وتعبئة الخضار والفواكه وانتاج الأحماض الدهنية والأقمشة وزيت الزيتون والأخشاب وإنتاج المحولات الكهربائية، وتبلغ استثمارات الكويت في سورية نحو 14 بليون ليرة، وتتركز في إنتاج البيتوم المؤكسد والألبان والاجبان وانتاج الدهانات الصناعية والقساطل البلاستيكية وتربية الأبقار، ولدينا شركة بحرينية لانتاج أنظمة الري إضافة إلى استثمارات ليبية ومصرية وهذه الاستثمارات تمت الموافقة عليها تحت مظلة القانون رقم 10. والاستثمارات الاجنبية؟ بشكل خاص لدينا الأتراك ويستثمرون في قطاع الغزل والنسيج وتكرير الزيوت وتصنيع الآلات وخيوط الاكريريك والشانيه وانتاج حديد التسليح والأبواب والواجهات والابجورات، وتصل الاستثمارات التركية إلى ما بين 15 و20 بليون ليرة. وتأتي بعد تركياالمانيا التي تسثمر نحو ستة بلايين ليرة في مجالات إنتاج مواد التعبئة والتغليف وعصر الزيتون و إنتاج أنظمة التحكم وأجهزة شبكات الاتصالات الرقمية، ثم فرنسا حيث تستثمر نحو 6 بلايين ليرة وتتركز استثماراتها في إنتاج الجبنه المطبوخة وتصنيع وتجميع أنظمة الري. ما هو حجم الاستثمارات السورية في الخارج؟ وهل هناك خطوات لاجتذاب الاموال السورية المودعة في الخارج؟ هناك دراسات متباينة، منها ما يشير الى 40 بليون دولار أميركي واخرى تشير الى 60 بليوناً وثالثة تشير الى 70 بليوناً. اعتقد ان الرقم الأقرب هو 40 بليون دولار، وهناك توجه كبير جداً لحض المستثمرين السوريين ودعوتهم للعودة وإعلامهم عن آخر التطورات التي حصلت في البلاد بهدف تحسين مناخ الاستثمار ومنذ أيام قليلة صدر مرسوم بإلغاء محاكم الأمن الاقتصادي، وهذا يعطي المستثمر ضمانات اكثر، وفي العام الماضي تم إلغاء القانون 24 الخاص بتداول العملات والقطع الأجنبي وإحداث مصارف خاصة وتطورات كبيرة على التشريعات والقوانين. ماذا تحتاج بيئة الاستثمار كي تكون اكثر قدرة على جذب الاستثمارات الخارجية؟ اعتقد اننا نحتاج الى المزيد من تبسيط الإجراءات أمام المستثمرين ومحاربة بعض الظواهر البيروقراطية الموجودة، لكن سورية تملك المقومات الجاذبة للاستثمارات وهي كبيرة جداً منها الاستقرار السياسي والاقتصادي واستقرار سعر صرف الليرة السورية وبنية تحتية ومعدلات تضخم منخفضة وتوافر الموارد الطبيعية والبشرية وكل هذه العناصر تجعل من سورية بلداً جاذباً للاستثمارات اضافة الى الحوافز التي يمنحها القانون رقم 10 بإعفاء الآلات والمعدات والتجهيزات المستوردة من اية رسوم وضرائب وإعفاء أي مشروع يقام وفقا لاحكام القانون رقم 10 من أية ضرائب ولمدة خمس سنوات وفي حال قام بعملية التصدير بنسبة 50 في المئة يحصل على سنتي اعفاء اضافية. يشكو بعض المستثمرين من انه يحتاج إلى شهور وربما سنوات للحصول على ترخيص لمشروع ما هو السبب؟ ربما بعض الحالات موجود، لكن بالجهود الأخيرة والتنسيق مع وزارة الصناعة والإدارات الأخرى المعنية بالاستثمار أصبحت أيسر بكثير. هناك صعوبات في الترخيص الإداري، وحالياً هناك توجه بأن يُستبدل الترخيص الإداري بالموافقة المبدئية على الموقع وأثناء فترة التأسيس التي تمتد إلى ثلاث سنوات يمكن ان يحصل المستثمر على الترخيص الإداري إضافة إلى ذلك تم إحداث مدن صناعية في سورية، والذي يقيم مشروعه في هذه المدن لا يحتاج إلى ترخيص إداري.