أكدت موسكووبكين عزمهما على تعزيز التعاون بينهما في مختلف المجالات، وذلك في مستهل زيارة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين للصين والتي وصفها الكرملين بأنها "تاريخية"، وأعلن ان الطرفين سيوقعان خلالها سلسلة اتفاقات للتعاون الثنائي تنقل العلاقات بين البلدين الى مرحلة جديدة. ويشغل ملف التعاون التجاري - الاقتصادي بين البلدين، حيزاً اساسياً من محادثات الرئيس الروسي مع نظيره الصيني هو جينتاو الذي اكد له بوتين خلال جلسة محادثات مطولة بينهما امس، الاهمية التي توليها بلاده لتعزيز التعاون. وقال بوتين ان هذا الموضوع يشكل واحداً من التوجهات الاساسية للسياسة الخارجية الروسية، داعياً مضيفه الى زيارة موسكو خلال احتفالات النصر على النازية في ايار مايو المقبل. وقالت مصادر الكرملين ان الطرفين بحثا جملة ملفات موضع اهتمام مشترك، وخصوصاً في ما يتعلق بقضايا الارهاب والامن والاستقرار العالمي ومنع انتشار اسلحة الدمار، اضافة الى آليات عمل الاممالمتحدة ومجلس الامن على خلفية النقاش الدائر في شأن توسيع عضويته. كوريا والعراق والشرق الأوسط كما بحث الزعيمان الاوضاع في شرق آسيا والملف الكوري الذي وصفت المصادر موقف الجانبين منه بأنه "متطابق". كذلك ناقشا عدداً من الملفات الاقليمية في مقدمها الوضع في العراق والشرق الاوسط وأفغانستان. ووصف الناطق باسم الكرملين سيرغي بريخودكو زيارة بوتين بأنها "تاريخية"، معتبراً ان سلسلة الاتفاقات التي ستوقع خلالها، تنقل علاقات البلدين الى مرحلة جديدة. ويوقع الجانبان اتفاقاً ينهي خلافاً حدودياً ويضع اساساً لتسوية تعيد ترسيم الحدود التي يبلغ طولها نحو 4300 كيلومتر بينهما. ومعلوم ان عدداً من الجيوب الحدودية كانت منذ سنوات موضع خلاف بين الجانبين. تقاسم موارد وتعاون تجاري وقال بريخودكو ان الاتفاق سينظم كذلك مسائل التعاون الثنائي في المناطق الحدودية على صعيد تقاسم الموارد الطبيعية والاستغلال المشترك لمصادر المياه في المنطقة. وشكلت مسألة دفع التعاون التجاري - الاقتصادي بين البلدين محوراً اساسياً للمحادثات الروسية - الصينية، اذ اسفرت الزيارة امس عن تذليل آخر العقبات التي حالت في السابق دون توقيع الجانبين بروتوكولاً خاصاً حول انضمام روسيا الى منظمة التجارة العالمية. وكانت موسكو اعلنت انها تولي اهتماماً خاصاً للموقف الصيني حيال هذه المسألة. كما جرى توقيع عدد من اتفاقات التعاون الاقتصادي على مستوى الهيئات المختصة في البلدين، شملت اتفاقاً على اطار لتنظيم التعاون المشترك بين عامي 2005 و2008 وهو اتفاق شكل تمديداً وإعادة تفعيل لمعاهدة الصداقة والتعاون الموقعة بين البلدين عام 2001. وتأمل موسكو في ان تطلق الزيارة برنامجاً للتعاون يمكن ان يؤدي الى رفع حجم التبادل التجاري بين البلدين ليصل عام 2010 الى زهاء 60 بليون دولار. وكانت التجارة بين روسياوالصين شهدت تطوراً بمعدلات سريعة خلال السنوات الاخيرة، اذ وصلت قيمة المبادلات الى 20 بليون دولار، مقارنة بعشرة بلايين عام 2001. النفط مشكلة لكن على رغم هذه النقاط الايجابية، يشعر الصينيون بالاستياء لأن موسكو وعدتهم ببناء انبوب للنفط بسرعة ونقل شحنات من النفط الى هذا البلد لتغذية آلة اقتصاية تحتاج الى كميات هائلة من النفط. وتأمل بكين في ان يتم اختيار مسار الانبوب من بحيرة بايكال باتجاه شمال شرقي الصين، لكن طوكيو عرضت مساعدة مالية مهمة لروسيا في مقابل مسار منافس ينتهي في مرفأ ناخودكا على بحر اليابان. وتخشى موسكو ان تصبح في مواجهة زبون واحد ومتصلب في الشؤون التجارية مثل الصين، وتتردد في اعتماد المسار الذي اقترحته بكين لأثره على البيئة في بايكال. انتقادات لسياسة المعايير المزدوجة على صعيد آخر، اعلن وزير الدفاع الروسي سيرغي ايفانوف ان بلاده ستعمل على تعزيز تنسيقها مع حلف شمال الاطلسي في مجال مكافحة الارهاب، لكنه انتقد ما وصفه بأنه "سياسة معايير مزدوجة تتبعها دول غربية في التعامل مع الارهابيين". وقال خلال اجتماع روسيا - الحلف الاطلسي الذي عقد في رومانيا امس، ان قيام الولاياتالمتحدة وبريطانيا والدانمارك وغيرها من الدول الغربية باستقبال قادة الارهابيين الشيشانيين ومنحهم منابر اعلامية هو "امر لا يمكن قبوله". وزاد ان الاعتداءات الارهابية ضد روسيا "يجرى التخطيط لها وتمويلها من الخارج". لكن ايفانوف شدد في الوقت نفسه على ان بلاده ستواصل تعاونها مع الحلف في مجال مكافحة الارهاب وخصوصا على صعيد تبادل المعلومات الاستخباراتية، كما اعلن ان قطعات بحرية روسية ستشارك في عملية واسعة لقوات الحلف ستبدأ قريباً في حوض البحر الابيض المتوسط. وتهدف العملية الى "محاربة انتشار اسلحة الدمار الشامل ومكوناتها"، وتشمل مناورات وأعمال مراقبة تقوم بها القطع العسكرية في المنطقة، في عملية تعد الاولى من نوعها التي تشارك فيها روسيا قوات حلف الاطلسي في المياه الدولية.