المستشار الدستوري الجديد للعراق يهودي أميركي مختص بالدراسات الاسلامية ويتقن العربية والعبرية والآرامية

يعتبر نوح فيلدمان الذي عُيّن المستشار الدستوري الجديد للعراق مختصاً واعداً في القانون الدستوري ولكنه ليس من المراجع الراسخة في هذا المجال. ويبدو من الامور المفاجئة للوهلة الاولى ان يُعيّن مكتب اعادة الإعمار والمساعدة الإنسانية الخاص بالعراق استاذاً مساعداً للقانون في دور حسّاس هو مساعدة العراقيين في كتابة دستور بلادهم.
ويوشك فيلدمان ان يكمل سنته الثانية في تدريس القانون في جامعة نيويورك حيث يحظى بشعبية واسعة في صفوف الطلبة.
وقال أكبر احمد، وهو استاذ بارز للشؤون الاسلامية في جامعة الجامعة الاميركية في واشنطن: "ان كثيرين يُعيَّنون في مناصب حسّاسة يثيرون ابتساماتك او يتركون عندك تساؤلات او عدم اهتمام، ولكن أمامنا في هذه المناسبة الرجل المناسب للقيام بالمهمة".
ويقول بعض الناس ان جهود الولايات المتحدة لاقامة نظام ديموقراطي في العراق ساذجة ولكن من يعرفون فيلدمان وخلفيته يقولون انه قد يكون قادراً على بناء جسر بين الافكار الديموقراطية الاميركية والتقاليد الاسلامية. ذلك ان السؤال في نهاية الامر هو كم من دارسي القانون الدستوري الاميركيين حائزون على درجة دكتوراه في الدراسات الاسلامية ويمكنهم قراءة العربية والتحدث بها بطلاقة؟
يقول ديفيد سوتر، وهو قاض في المحكمة العليا الاميركية اشتغل فيلدمان عنده كاتباً قضائياً "لديه جوهر لجهة كل من خلفيته كمختص في الدراسات الاسلامية وفي القانون الدستوري على الصعيد العملي".
والى عهد قريب كان التقاطع بين الديموقراطية، والاسلام والسياسة الخارجية الاميركية مسألة نظرية اكثر من اي شيء آخر. ولكن كتاب فيلدمان "بعد الجهاد: أميركا والصراع من اجل ديموقراطية اسلامية" هو أحد اول الجهود لإيصال النقاش حول الاسلام والديموقراطية الى جمهور شعبي واسع.
وقال فيلدمان في مقابلة اجريت معه اخيراً ان الاسلام كالديموقراطية، مفهوم ومتنوع ومتنقل انتشر على نطاق واسع في العالم. وميز ما بين مصطلح "اسلاموي" الذي كثيراً ما يقرن بالتطرف و"اسلامي" المستخدم في وصف الامور المتجذّرة في احساس الدين بالعدالة والامل والالتزام.
وقال: "العصور الوسطى حيّة في الشرق الاوسط ولكن هناك حالات انقطاع وحالات استمرار".
واعتبر ان شعبية قناة "الجزيرة" التلفزيونية تظهر تعطّش العرب الى المؤسسات التي تحترم الدين ولكن من دون ان يعتبروه الحل لكل مشكلات المجتمع.
وقال فيلدمان ان دوره كمستشار هو ان يقدم امثلة على ما فعلته حكومات اخرى وان يشرح ما نجح من تلك الامثلة وما لم ينجح حتى يستطيع اعضاء اللجنة الدستورية العراقية ان يختاروا ما يعتقدونه مناسباً. واضاف: "انا اقدم خيارات، اما القرارات الحاسمة فيتخذها اصحاب الشأن".
وقد نشأ فيلدمان، وهو يهودي ارثوذكسي في بوسطن. وتعلّم في طفولته العبرية والآرامية ليتمكن من قراءة النصوص الدينية القديمة، التي تُدرَّس في مدرسة بن ميمونة، وهي مدرسة يهودية خاصة في بروكلين ماستشوسيتس وبعد اتقانه هاتين اللغتين بدأ تعلّم العربية وهو في الرابعة عشرة من العمر.