طبيعي ان تتجه الأنظار اليوم الى نيويورك. وان تحبس دول كثيرة أنفاسها. ف14 شباط فبراير ليس يوماً عادياً ولا يمكن ان يكون. وقد أُلقيت على هذا اليوم مسؤوليات كثيرة تنوء سنوات كاملة بحملها. ومن حق الناس ان تخاف ان يحفر 14 شباط مكانه في الذاكرة بالسكين. تماماً كما فعل 11 ايلول سبتمبر. وأفظع ما يمكن ان يحدث هو ان يكون الموعد الجديد فرصة لفصل واسع من الحرب العالمية التي شكّل الموعد الاول شرارتها. من حق العالم ان يحبس انفاسه. فأزمة اليوم اكثر غموضاً وأشد خطورة من اجتماع مجلس الأمن بعد غزو العراقالكويت في صيف 1990. وما تثيره من القلق يتخطى بالتأكيد القلق الذي أطلقه في اوروبا انهيار جدار برلين. ولا نبالغ في القول ان قلنا ان الازمة العراقية اكثر خطورة من ازمة الصواريخ الكوبية في مطلع الستينات ذلك ان الوضع الدولي الحالي يمتاز بغياب صمامات الأمان. انه يوم استثنائي بكل المقاييس. فنتائجه تمس شؤون الحرب والسلام، ومصير نظام ودولة، وتوازنات اقليمية ودولية، من دون ان ننسى النفط والدولار واليورو وهيبة الاممالمتحدة. لقد حُمِّل هذا اليوم ما لا طاقة لأي يوم على احتماله. فماذا سيقول هانس بليكس ومحمد البرادعي عن تعاون العراق مع قرار نزع اسلحة الدمار الشامل؟ وهل يقفان في منتصف الطريق فيعثر دعاة الحرب في كلامهما على ما يبرر شنّها ويعثر معارضو الحرب على ما يرسخ قناعتهم؟ الى اي مدى ستذهب روسياوفرنسا والمانيا في التصدي لشهوة الحرب لدى واشنطن؟ وهل يستطيع كوفي انان إقناع أعضاء نادي الخمسة الكبار بصيغة تبقي اللعبة في يد مجلس الامن؟ وكيف ستقرأ ادارة بوش كلام بليكس والبرادعي وتمرد الدول الكبرى على القوة العظمى الوحيدة؟ وماذا تستنتج ادارة بوش من "العراقيل" في مجلس الامن وداخل حلف شمال الاطلسي والمجموعة الاوروبية؟ وما هو الثمن الذي تشترطه واشنطن لإلغاء قرار حرب؟ ومن يقدر على توفير ثمن بحجم إقناع الرئيس صدام حسين بالمغادرة؟ ان أخطر ما يمكن ان يحدث اليوم هو ان تستنتج الادارة الاميركية ان الأممالمتحدة سقطت في "ساعة الحقيقة" وان فرنسا والمانيا تحولتا لغماً في جسد الاطلسي واستدرجتا روسيا والصين الى قطع الطريق على حرب اميركية تتغطى بالشرعية الدولية. والخوف الكبير هو ان تردّ الولاياتالمتحدة بإطلاق "الانقلاب الكبير"، اي شن حرب بلا تفويض من الاممالمتحدة وعلى رغم ممانعة الكبار. ومثل هذا الانقلاب ينذر بحروب وأزمات وبتقويض هيبة المنظمة الدولية. وحدوثه سيجعل 14 شباط أشد خطورة من 11 ايلول وسينسي العالم بالتأكيد ان ذلك اليوم كان محجوزاً ل"عيد العشّاق" الذي أطلقه الغرب مع كل ما يعنيه من ورد ورسائل وأحلام.