يرى البعض أن العلاقة بين التواصل والتسويق في مجال "تجربة العميل" هي علاقة تنافسية! بينما هي في الحقيقة علاقة تكاملية، فالتواصل يبني الصورة الذهنية ويرفع الوعي، بينما يوجه التسويق السلوك ويخلق القيمة، وتأتي تجربة العميل كمخرج نهائي يجمع ما وعدت به العلامة تجارياً وما أوصلته الرسائل بما عاشه العميل فعلياً. خلال جلسة حوارية في منتدى عالم تجربة العميل، هنا في الرياض، شاركت بتقديم وجهة نظر "التواصل" في هذا العلاقة المهمة، التي توثر على الانطباعات والمشاعر والتصورات التي يكونها العميل نتيجة أي تفاعل مباشر أو غير مباشر، أي أنها منذ لحظة الوعي بالخدمة أو المنتج، مروراً بالبحث والشراء والاستخدام، وحتى بعد الخدمة. لذا فهي رحلة طويلة، تتداخل فيها قوى ومؤثرات متعددة، ومن أهمها وظيفتا التواصل والتسويق. التواصل يصنع رسائل إعلامية تعكس شخصية العلامة، بينما يترجم التسويق هذه الشخصية إلى منتجات وعروض وحملات، أما تجربة العميل النهائية فيها اختبار لمدى صدق الوعد وقدرة المؤسسة على الوفاء به، ولعل ما تقوم بها "أبل" مثال مميز، للتكامل بين وظيفة التواصل ووظيفة التسويق، فلقد خلقت "أبل" تجربة عميل تبدأ من الإعلان وتنتهي داخل متجرها بنفس اللغة والجوّ، ما يجعل العلاقة بين الإعلام والمنتج والتجربة متصلة بشكل كامل. الرائع أن التحول الرقمي ساهم في إعادة تشكيل منظوري التواصل والتسويق، وانعكس إيجاباً على تجربة العميل، إذ نقل التواصل والتسويق من أسلوب الاتجاه الواحد إلى التفاعل، ومن خطاب موجه للجميع إلى خطاب شخصي قائم على البيانات، فالإعلام الرقمي أصبح لحظيًا وقابلًا للقياس، وأيضاً التسويق الرقمي بات يعتمد على البيانات والسلوك الفعلي للعميل، مما أنتج محتوى أكثر ملاءمة، واستجابة أسرع، والأهم تجربة أكثر سلاسة عبر منصات مختلفة. لذا فإن تعزيز التعاون بين فريق التواصل وفريق التسويق في المنظمة يؤدي إلى تخفيض تكلفة اكتساب العملاء، تحسين السمعة والصورة الذهنية، وهذا دور التواصل بنقل الواقع المناسب والتواصل الإيجابي، زيادة العائد على الاستثمار عبر تكرار الشراء، تميّز تنافسي يصعب تكراره لأن التجربة ليست منتجاً بل نظاماً متكاملاً، وبالطبع الظهور والوصول الإعلامي يؤثر، مثل ما تقوم به "البنوك الرقمية" في تعزيز تجربة التواصل، ومقاهي القهوة العالمية، التي توصل رسالة أن تجربة العميل ليست مجرد قهوة؛ بل مكان وهوية وخدمة شخصية، وهو ما صنع قوة العلامة. لكن هناك تحديات اتصالية وتسويقيه قد تواجه المنظمات، ومنها عدم الاتساق بين الرسائل والقنوات، مما يؤدي لارتباك الجمهور، أيضاً الأزمات الإعلامية المفاجئة، التشتت الرقمي وكثرة المنصات، لذا لابد من وجود إطار استراتيجي موحد للاتصال ومتناسق مع خطط التسويق، ورفع جاهزية إدارة الأزمات، والتفاعل الإيجابي مع صوت العميل، وقياس أداء الحملات بشكل مستمر. والمثير أن تصاعد الاهتمام بتجربة العميل، أدى إلى إعادة صياغة الاستراتيجيات الاتصالية والتسويقية! فأنشطة التواصل أصبحت أكثر تركيزًا على الجمهور وليس الرسالة، والتحول من نشر المعلومات إلى مرافقة العميل في كل مرحلة، أما في التسويق، فهو تطوير منتجات وخدمات بناءً على البيانات والاحتياجات، وتضمين رحلة العميل في كل حملة تسويقية، وهو ما نراه جلياً في خطوط الطيران، ومنصات البث التدفقي. لكن حتى نأخذ تجربة العميل نحو مستوى أعلى ومتقدم، لابد من التركيز على أولويات المرحلة القادمة، وعلى رأسها تطبيقات الذكاء الاصطناعي والتحليلات التنبؤية، التجربة الموحدة عبر القنوات، حتى لا يشعر العميل بالاختلاف بين التطبيق والمتجر، أو مركز الاتصال، الاهتمام والحماية والخصوصية، ومزيد من السرعة والانسيابية، فالعميل لا يقبل الانتظار أبداً.