قال وزير النفط العراقي السابق عصام الجلبي ان زيادة الطاقة الانتاجية النفطية العراقية من دون اجراء تقويم علمي لوضع المكامن النفطية ستحلق ضرراً كبيراً بالحقول النفطية العراقية المنتجة، خصوصاً الكبرى منها في كركوك والرميلة. وأضاف في حديث أجرته معه "الحياة"، على هامش ندوة جنيف في شأن اعادة اعمار القطاع النفطي العراقي نظمتها "سي دبليو سي" ونشرة "ميس" وأدار الجلبي احدى جلساتها، أنه غير معقول ان يستمر البلد النفطي الثاني في العالم في استيراد المنتجات النفطية لمدة سنة، لافتاً الى انه يستوردها منذ شهور. ودان اعمال التخريب والنهب والعمليات التي تستهدف المنشآت النفطية، وقال انها ضد الشعب العراقي ومصالحه. وأضاف الجلبي، الذي يرأس شركة "استشارات نفطية" في عمان وبغداد: "يجب ألا نزيد الانتاج النفطي في العراق لأن ما حدث خلال الاعوام الماضية كان تدميراً للمكامن وللحقول بسبب سوء ادارة الانتاج، وبالتالي فان استمرار اتباع سياسة تعظيم الانتاج سيحلق ضرراً كبيراً بالحقول. أنا لا أتحدث عن المنشآت النفطية فهذه ليست مشكلة، بل عن ادارة الخدمات على الحقول الاساسية في العراق، فحقول الرميلة وكركوك تعرضت لاضرار كبيرة جداً. يفترض ان يكون العمل متواز، في ما يتعلق بإعادة تقويم وتأهيل وصيانة هذه الحقول، وبالتالي يجب الا يكون الهدف الانتاجي 2.8 مليون برميل في اليوم، بل يجب الا يتجاوز 2.2 مليون برميل في اليوم كحد أقصى، على ان يزيد الانتاج كلما تأكدنا من صحة المريض الحقول". وتابع: "النفط في العراق ليس ثروة لأي حكومة، لا لصدام حسين ولا لأي حكومة بعده، بل للشعب العراقي، باستثناء ذلك أرى ان السياسة النفطية المتبعة حالياً في العراق سائرة في الخط الصحيح. فالكل أجمع في هذه الندوة على ان أي تطوير مستقبلي يجب الا يتم إلا بعد توافر الأمن والاستقرار وحكومة منتخبة وسياسة نفطية معتمدة من قبل جهة تشريعية معتمدة من قبل الشعب، وبعدها يمكن تطوير الحقول. واعتقد ان هذا الأمر يمكن تحقيقه خلال السنوات المقبلة، بحدود سنة 2010، حيث يمكن ان يصل الانتاج الى 5.5 مليون أو ستة ملايين برميل في اليوم". وعن أو ضاع الحقول التي تنتج حالياً في العراق، قال الجلبي: "خلال الاعوام الماضية، خصوصاً في الاعوام ال13 الأخيرة لم يتم استصلاح الآبار ولا بناء وحفر آبار جديدة وليس هناك منشآت لحقن المياه المطلوبة لصيانة المكامن. اضافة الى ذلك، تم اعادة حقن زيت الوقود على مدى سنوات وحقن منتجات نفطية. فهذه الحقول لم تكن حقول تنتج بأسلوب عادي، فإذا عدنا الى تقارير الأممالمتحدة في 1998 - 1999 نجد انها تتحدث عن فقدان 20 في المئة من الآبار وطاقة المكامن. فهذه وقائع فنية بحتة". وأضاف ان المشكلة الآن لمن يتولى ادارة السياسة النفطية في العراق هي زيادة الانتاج "فهم يقولون انه ينبغي انتاج ثلاثة ملايين برميل لنحصل على ايرادات زائدة لشعب عدده كبير، ولكن ذلك سيكون على حساب وضع حقول الرميلة وكركوك". وزاد: "شخصياً بدأت اشعر ان كل التركيز هو على كيفية اعادة الانتاج الى ما كنا عليه قبل الحرب 2.8 مليون برميل في اليوم، ولكن انا أريد تقويماً علمياً من جهات نفطية معروفة تعتمد تكنولوجيا حديثة يقول لنا إن هذه سياسة صحيحة، ومن دون هذا التقويم الكل يتفق انه يجب عدم رفع انتاج هذه المكامن بهذا الشكل". وعما اذا كانت الشركة الاميركية التي تتولى اعادة إعمار القطاع النفطي كي بي براون آند روت غير مدركة لذلك، قال: "التركيز الحالي هو على اعادة تشغيل المنشآت النفطية، والمشاريع القائمة حالياً من خلال"كي بي آر هي على المنشآت السطحية، وحسب معلوماتي لم يبدأوا بعمليات اصلاح الآبار وتقويم المكامن". وأشار الجلبي الى أمر آخر ينبغي معالجته بشكل أساسي وهو قطاع التكرير، لافتاً الى ان العراق، البلد النفطي الثاني في العالم، يستورد منذ شهور منتجات نفطية وتم تخصيص 900 مليون دولار لذلك والاستيراد لسنة كاملة أو اكثر. وقال: "يفترض الاسراع في عملية تأهيل منشآت التكرير والتوزيع والنقل. فآخر مصفاة تم بناؤها في عام 1983 وتعرضت خلال الحرب العراقية - الايرانية وحرب الخليج لسوء صيانة. طاقة المصافي 700 ألف برميل في اليوم والمصافي الاساسية ثلاثة: بيجي بحدود 290 ألف برميل، الدورة مئة ألف برميل والبصرة 140 ألف برميل في اليوم، وكثير من الوحدات الاساسية لا تعمل منذ الحرب العراقية - الايرانية، فهذه يفترض الاسراع في اعادة تأهيلها".