تعيش الجزائر حالاً من الترقب وسط مخاوف من إمكان ان تعاود "الجماعة الإسلامية المسلحة" عملياتها في المدن مع تولي ابو تراب الرشيد إمارتها خلفاً لزعيمها عنتر زوابري. وفي حين تخشى مصادر مطلعة عودة هذه العمليات خلال الانتخابات الاشتراعية المقبلة، استمر التوتر امس في مناطق القبائل مع دخول اضراب تنسيقيات العروش يومه الثاني. أبدت مصادر مطلعة مخاوف من أن تعمد "الجماعة الإسلامية المسلحة" إلى تنفيذ سلسلة من الاعتداءات ضد المدنيين في التجمعات السكنية الكبرى، خصوصا العاصمة، عشية الإنتخابات التشريعية المقررة نهاية أيار مايو المقبل. واعتبر مصدر موثوق به أن تعيين "الجماعة" المسؤول السابق ل"الكتيبة الخضراء" أبو تراب الرشيد، واسمه الحقيقي أوكالي رشيد، "أميراً" خلفاً لعنتر زوابري، ربما يؤثر سلباً في تطور الأوضاع الأمنية. ويعد "الأمير" الجديد من بين القيادات التي اكتسبت تكويناً عسكرياً خلال المواجهات مع قوات الأمن، الأمر الذي سمح له، في 1998، بقيادة "الكتيبة الخضراء" التي تضم نخبة عناصر "الجماعة". ويعتقد المصدر ذاته بان افتقاد الرشيد تكويناً دينياً يعني أنه سيلجأ، كما فعل سلفه زوابري، إلى الاعتماد على "مرجعية" العسكريين في تنظيمه بدل اصحاب المؤهلات الدينية. ووجهت وزارة الداخلية، قبل أيام، مراسلات رسمية دعت فيها الإدارات المحلية إلى التزام كل التدابير الأمنية المقررة في إطار "الوقاية من الإعتداءات الإرهابية". وجاءت المراسلات بعد تحذير وجهه وزير الداخلية السيد يزيد زرهوني من إستغلال الجماعات قرب إجراء الإنتخابات لتنفيذ "أعمال إجرامية". وبدأت "الجماعة المسلحة" خلال الأشهر الماضية سلسلة اعتداءات وسط العاصمة يُعتقد بان هدفها تأكيد عودتها "ورقة أساسية" بعدما تراجع دورها بسبب الانشقاقات في صفوفها وتمكن قوات الأمن من شل نشاطها في عدد من المناطق. وأصدرت المديرية العامة للأمن الوطني، مساء السبت، بلاغاً إلى سكان العاصمة لتقديم إفادات أو أي معلومات من شأنها المساهمة في القبض على الأشخاص الذين يعتقد بأنهم وضعوا القنبلة الشديدة المفعول التي إنفجرت، قبل أسبوعين، قرب البريد المركزي وسط العاصمة. وهي المرة الثانية التي تصدر فيها مديرية الامن "بلاغ إفادة" منذ بدأت أعمال العنف في 1992. وكانت المرة الأولى في تشرين الثاني نوفمبر 1999 إثر مقتل عبدالقادر حشاني، المسؤول السابق عن المكتب الموقت للجبهة الإسلامية للإنقاذ داخل عيادة أسنان في حي باب الواد. وجاء بيان أجهزة الأمن بعد يومين من نشر "الجماعة" بيان تعيين خليفة زوابري والذي جددت فيه رفضها سياسة المصالحة. ولاحظ مصدر يتابع الملف الأمني أن تعيين الرشيد أبو تراب يتزامن وسعي "الجماعة" إلى إعادة بناء نفسها من جديد. وأشار الى معلومات عن قيام ناشطين في "الجماعة" باتصالات لإعادة إستقطاب قدامى عناصر التنظيم الذين إنشقوا عنه لأسباب تتعلق بالصراع على "الزعامة". وكان زوابري بدأ في تنفيذ إستراتيجية الضرب في عمق المدن، منذ مطلع الخريف الماضي، عندما قرر إرسال "كتيبة الساحل" التي يتزعمها ميلود بوشرول إلى العاصمة لتنفيذ اعتداءات. ويُنقل عن العضو السابق في "الكتيبة الخضراء" جلول بومهدي الذي اوقفته مصالح الأمن في تشرين الاول أكتوبر 2001، ان "كتيبة الساحل" تضم في صفوفها خمسة مختصين في صناعة المتفجرات، وبينهم ثلاثة ما زالوا أحياء. وتُنسب الى "كتيبة الساحل" مسؤولية عمليات عدة في العاصمة بينها تفجير قنبلة شديدة المفعول قرب البريد المركزي وقنبلة أمام محطة الطلبة في منطقة "بيزي" وقنبلة في موقف للمسافرين في منطقة "الكونكورد" في بئر مراد رايس. وفي هذا السياق، فككت فرقة تابعة للشرطة، مساء الأحد، قنبلة شديدة المفعول وضعت قرب مسجد البدر في مدينة البليدة. على صعيد آخر ا ف ب، افاد مصدر رسمي ان ستة اشخاص قُتلوا صباحاً في حريق شب في حي باش جراح الشعبي في الضواحي الشرقية للعاصمة. ونشب الحريق في مبنى قديم يستخدم سوقاً للنسيج والادوات الكهربائية. ورجح شهود ان يكون الضحايا من الحراس. ولم تحدد بعد اسباب الحريق. منطقة القبائل في غضون ذلك، ما زال الاضراب العام الذي بدأ الاحد في منطقة القبائل مستمرا أمس بينما وقعت مواجهات في ذراع الميزان وبوغني وتقزيرت قرب تيزي وزو 110 كلم شرق العاصمة. وقال عدد من السكان ان متظاهراً جرح في تقزيرت. وقررت تنسيقية العروش وهي رأس حربة المعارضة في منطقة القبائل، هذا الاضراب احتجاجاً على اعتقال العديد من ناشطيها واحتلال مقرها في تيزي وزو. وتوفي احد المتظاهرين الأحد في مستشفى تيزي وزو متاثراً بجروح اصيب بها الاسبوع الماضي في صدوق في ولاية بجابة شرق العاصمة. واصدرت محكمة عزازقة قرب تيزي وزو الاحد احكاماً بالسجن ستة اشهر في حق تسعة متظاهرين. وأصدرت محكمة الجنح في بجاية في اذار مارس احكاماً بالسجن سنة في حق خمسة شبان من منطقة القبائل كانوا اعتقلوا خلال اضطرابات وقعت الاسبوع الماضي.