أعلنت مصالح الأمن الجزائرية أمس قتل أمير "الجماعة الإسلامية المسلحة" عنتر الزوابري الملقب ب"أبو طلحة" وعنصرين من "الجماعة" في بوفاريك الواقعة في سهول المتيجا على مشارف العاصمة حيث زرع الرعب على مدى عشرة أعوام. واكدت المصادر ذاتها ان الزوابري قتل في اشتباك مسلح مساء الجمعة، في منزل قرب الملعب البلدي لمدينة بوفاريك التابعة لولاية البليدة على مسافة 30 كلم جنوب العاصمة. وكانت مصادر إعلامية تحدثت عشرات المرات عن مقتل أمير "الجماعة الإسلامية المسلحة" لكن مصالح الأمن ذكرت في بيانها الذي وزعته "وكالة الأنباء الجزائرية" أمس، أنه "تم التأكد من هويته الزوابري والتعرف عليه". واضافت في البيان ذاته، انها تمكنت خلال هذه العملية من "مصادرة أسلحة ووثائق تحريضية في المكان نفسه". وجدد قائد الناحية العسكرية الأولى اللواء فضيل الشريف في لقائه مع الصحافة المحلية والدولية أمس، التأكيد أنه جرى القضاء على عنتر الزوابري فعلاً، وأن هذا الاعلان عن "مقتل هذا الإرهابي الخطر" يصدر للمرة الاولى في شكل رسمي. وبدأت العملية التي نفذتها قوات مشتركة من الأمن والجيش في الساعة الثانية والنصف بعد ظهر الجمعة إثر تطويق المنزل الذي كان يوجد فيه ثلاثة عناصر من "الجماعة". واستغرقت العملية نحو ثلاث ساعات جرى خلالها تبادل إطلاق النار بين الطرفين وأسفرت عن القضاء على عنصرين من الجماعة. وأثارت العملية حالاً من الهلع الشديد بين السكان ووسط رواد الملعب البلدي الذي ازدحمت مدرجاته بالمتفرجين الذين كانوا يتابعون مباراة في كرة القدم بين وداد بوفاريك ونجم البرواقية، وتوقفت المباراة قبل نهايتها. وذكرت مصادر أمنية ل"الحياة" أن فرقة متخصصة في مكافحة الارهاب كانت ترصد الزوابري وتلاحقه بدقة منذ نهاية كانون الاول ديسمبر الماضي، تاريخ انتقاله إلى وسط مدينة بوفاريك بعد سنوات من الإقامة في مرتفعات تالة عشة والشريعة بين ولايتي البليدة والمدية. وذكر مصدر موثوق بمعلوماته، أن الزوابري حاول اخيراً التغيير في مظهره كي يتعذر التعرف عليه، فظهر في هيئة شاب مرح وشذب شعر رأسه واعتاد على ارتداء بذلة "جينز" وقيادة سيارة من نوع "كليو" كان يتنقل فيها وسط المدينة. ويعرف عنتر الزوابري ب"صاحب المذابح الكبرى" التي هزت العاصمة منذ العام 1996 والتي كان أهمها في منطقتي الرايس وبن طلحة بين آب اغسطس وايلول سبتمبر 1997، والتي خلفت نحو 700 قتيل. وتعتقد أوساط أمنية أن القضاء على عنتر الزوابري، الذي كان يقود في آخر أيامه نحو 150 عنصراً من "الكتائب الانتحارية"، ربما يسبب انهيار تنظيم "الجماعة المسلحة" خصوصاً، أن نائبه واكيد رشيد ربما يكون قتل في العملية ذاتها. ولا يستبعد أن يتولى "المفتي الشرعي" في الجماعة المدعو أبو المنذر قيادة التنظيم المسلح مستقبلاً بسبب صلاته مع مختلف نشطاء "الجماعة"، كما لا يستبعد أن يتولى قيادة التنظيم أمير المنطقة الخامسة للجماعة السلفية للدعوة والقتال عماري صايفي المدعو عبدالرزاق البارة والذي كان اجرى اخيراً سلسلة من الإتصالات ببقية التنظيمات المسلحة. وكان الزوابري بادر منذ مطلع الصيف الماضي إلى إعادة تنظيم صفوف "الجماعة المسلحة" من خلال إرسال عدد من الناشطين إلى العاصمة والمناطق القريبة منها، استناداً الى جلول بومهدي أحد عناصر التنظيم الذي اعتقلته مصالح الأمن الخريف الماضي. شخصية أبو طلحة وكان أبو طلحة ولد في ايار مايو 1970 في منطقة حوش الفرو في دائرة بوفاريك ولاية البليدة. وكان شقيقه علي أسس في العام 1989 تنظيماً مسلحاً يدعى "جماعة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر" ويعتبر من أوائل التنظيمات المسلحة التي اعلنت معارضتها الحكم الجزائري في عز العمل الديموقراطي الذي باشرته "الجبهة الإسلامية للإنقاذ". وقتل علي الزوابري في العام 1993 في اشتباك مع مصالح الأمن. ويتمير عنتر الزوابري عن بقية "الأمراء" السابقين ل"الجماعة المسلحة" بأن عائلته من محافظة انخرط غالبية أفرادها في "الجبهة الإسلامية للإنقاذ"، لكنه كان الأكثر تمرداً وأقلهم التزاماً بالدين. إذ كان الأمير السابق ل"كتيبة الرحمن" مصطفى كرطالي أوضح ل"الحياة" قبل عامين، أن الزوابري التحق بالمقاتلين في الجبل وفي يده قنينة خمر. وكانت مصالح الأمن أدرجته في نهاية 1996 ضمن أخطر عناصر "الجماعة الإسلامية المسلحة" وعرضت مبالغ مغرية مقابل أي معلومة من شأنها أن تفيد في العثور عليه. وكان تولى قيادة "الجماعة" وسط إعتراض عدد من القيادات الذين انشقوا عن التنظيم في وقت لاحق، وكان أبرزهم عماري صايفي المدعو عبدالرزاق البارة، رفيقه في "الكتيبة الخضراء" القوة الضاربة في الجماعة، وحسان حطاب المدعو أبو حمزة أمير المنطقة الثانية، وهو حاليا أمير "الجماعة السلفية للدعوة والقتال". محاصرة قيادة "الجماعة المسلحة" من جهة اخرى، علمت "الحياة" أن قوات تابعة للجيش بدأت مساء الجمعة عملية واسعة في مرتفعات أكفادو التابعة لولاية تيزي وزو في منطقة القبائل حيث يعتقد بأن أمير تنظيم "الجماعة الإسلامية المسلحة" محاصر منذ يومين. وذكرت مصادر امنية أن طائرات حربية ومروحية نفذت عمليات قصف مكثف على المنطقة، من اجل إجبار عناصر "الجماعة المسلحة" على البقاء في أماكنهم، حيث تستعد فرق خاصة من الجيش لشن هجوم واسع عليها.