الحاجة أم الاختراع... وكرة القدم المصرية في حاجة ماسة الى اختراع ينهي سيطرة الاهلي والزمالك على ألقابها. وفي ظل النقد الهائل الذي تعرض له مجلس إدارة اتحاد كرة القدم بعد خروج منتخب مصر من تصفيات كأس العالم 2002 ثم خسارته في ربع نهائي كأس أمم افريقيا 2002، بادر المسؤولون فيه بتقديم مشروع جديد للحد من سيطرة الناديين الكبيرين على الألقاب. المشروع الذي جاء أشبه بثوب مليء بالثغرات والثقوب شمل نصاً غريباً جداً وهو حق أي ناد - والمقصود طبعاً الاهلي او الزمالك - في ضم لاعبين فقط الى صفوفه في كل موسم، والهدف من هذا النص هو الحيلولة دون احتكار الناديين الكبيرين للنجوم الموهوبين الذين يظهرون ويتألقون في الاندية الاخرى. والمتابع للكرة المصرية في السنوات الخمس الاخيرة فقط يدرك حجم النفوذ الرهيب للاهلي والزمالك في الساحة المحلية. الاهلي اشترى 11 لاعباً والزمالك اشترى 11 لاعباً، لكن صاحب المشروع الجديد لم يفكر بطريقة ناجحة لأن نظام الاحتراف يربط اللاعبين بعقود مع انديتهم، والمدة القصوى لأي عقد لا تزيد على خمس سنوات، ونظراً لقيد 25 لاعباً في كل ناد مصري يبدو واضحاً ان النادي يبدو مجبراً بصفة سنوية على تجديد عقود عدد من لاعبيه. وفي حال عدم نجاح المفاوضات بين النادي واللاعب على الصعيد المالي او في حال احتراف احد اللاعبين خارج مصر اثناء او بعد نهاية عقده سيجد النادي - الاهلي او الزمالك - لائحته فارغة من عدد من نجومه أكبر من المسموح له بضمه. واذا افترضنا جدلاً ان تصعيد الناشئين سيكون البديل الاول لهذه المعادلة سيكون تكرارها على مدار سنوات متتالية سبباً مباشراً في تفريغ النادي من نجومه الكبار مع صعود ناشئين صغار بلا خبرات، وهو ما يضعف الناديين الكبيرين على الصعيدين الافريقي والعربي. والمشكلة الثانية ستكون اكثر عمقاً وتأثيراً على اللاعبين الذين تنتهي عقودهم ولا يجدون نادياً جديداً للانضمام اليه بسبب قلة عدد الفرص المتاحة لهم. ووفقاً للائحة الجديدة ستكون الفرصة قاصرة على 28 لاعباً فقط في الموسم للتنقل بين 14 نادياً في الدوري الممتاز، ويقل هذا العدد كثيراً عن اللاعبين الذين تنتهي عقودهم سنوياً، ما يفتح الباب واسعاً امام الأندية للتحكم بقسوة في لاعبيها الذين تنتهي عقودهم ولا يجدون الفرصة للانتقال لناد آخر. وسترتفع بطريقة جنونية اسعار اللاعبين اصحاب الفرص الكبرى في الانتقال لأن نقص العدد وتضاؤل الفرص يفتح المجال لارتفاع الاسعار مع قلة المعروض وزيادة الطلب. الاساس في اللوائح والقوانين هو دراسة كل الجوانب واحترام العقود السابقة، والعلاج الامثل لإنهاء سيطرة الاهلي والزمالك على البطولات المحلية يكمن في ثلاث زوايا بسيطة جداً: اولها: تطبيق سياسة مالية من وزارة الشباب والرياضة تضمن عدالة اكبر بين الاندية، وتوجيه الاموال والاضواء بعدالة بين كل الاندية، ومن غير المعقول ان يذيع التلفزيون المصري كل مباريات الاهلي والزمالك في كل زمان ومكان ويدفع لكل ناد مبلغاً بين 400 الى 600 ألف جنيه على المباراة، ولا يذيع إلا مباراتين فقط لكل ناد آخر هما المواجهة له مع الاهلي والزمالك في ملعبه ويمنحه بين 100 و200 الف جنيه عن المباراة. والأمر الثاني في العلاج هو تطبيق العدالة الكاملة في سياسة اتحاد الكرة، وليس عدلاً أن يلعب الاهلي والزمالك مباراتهما ضد الترسانة وغولدي ذهاباً واياباً على ملعب القاهرة الدولي بينما يذهب الاسماعيلي المنافس الدائم للناديين الكبيرين الى الفيوم لمواجهة غولدي والى ميت عقبة لمواجهة الترسانة. وآخر الامور وهي اكثرها وضوحاً للجميع وهي عدالة التحكيم التي فقدتها الملاعب المصرية منذ 90 عاماً.