مونتيري المكسيك - أ ف ب - تفجرت الخلافات بين الاميركيين والاوروبيين حول مسائل تمويل التنمية في مؤتمر مونتيري في المكسيك، وهي خلافات شبه فلسفية تتعلق بمساعدة الدول الفقيرة، وتتركز حول اعطاء الاولوية للاستثمار الخاص او للمساعدات الحكومية، فيما دعا الامين العام للامم المتحدة كوفي انان في الجلسة الافتتاحية الدول المانحة الى تقديم مساعدة اضافية بقيمة 50 بليون دولار للدول النامية، مؤكدا ان هذا سيكون بمثابة "الاختبار القاطع" لقمة مونتيري. واعتبر انان في جلسة الافتتاح التي يشارك فيها نحو 50 رئيس دولة وحكومة ان لا شيء سوى هذه الزيادة يمكن ان يتيح تحقيق الهدف المتمثل في خفض نسبة الفقر سنة 2015 الى النصف. وأبدى كل من الاتحاد الاوروبي والولاياتالمتحدة حرصه على عدم بلوغ حد المواجهة المباشرة خلال هذا المؤتمر. اذ أعلن وزير الخزانة الاميركي بول اونيل ان "القسم الاكبر من التنمية الاقتصادية الحقيقية يتأتى من تدفق الرساميل الى الدول من اجل اقامة شركات خاصة توجد فرص عمل جديدة ومستويات حياتية ارفع. ولن نتوصل الى تحقيق ذلك مع المساعدات". والرسالة واضحة: فإذا كانت الولاياتالمتحدة وافقت الاسبوع الماضي على رفع مساعداتها الحكومية المتواضعة جداً من عشرة الى 15 بليون دولار سنوياً بحلول سنة 2007 من طريق منح هذه الزيادة بالدرجة الاولى الى الدول الفقيرة التي باشرت طريق الاصلاحات الاقتصادية والديموقراطية، فينبغي الا نتوقع منها مبادرات جديدة في هذا المجال. وتبقى المبادرة الخاصة والشراكة والتجارة ابرز اتجاهات التنمية. وفي مداخلة له، لم يحاول وزير الخارجية الاسباني جوزيب بيكيه الذي ترأس بلاده الدورة الحالية للاتحاد الاوروبي، ان يخفي هذه الخلافات. وقال ان "الولاياتالمتحدة تزيد من التشديد على الاستثمارات الخاصة، لكن الاتحاد الاوروبي لا يتجاهلها"، مضيفاً مع ذلك انه "سيكون من الخطأ اثارة مواجهة بين الموقفين". ويعتبر الاوروبيون ان للولايات المتحدة رؤية مركزة جداً على اميركا اللاتينية وآسيا وبقدر اقل على افريقيا التي تضم غالبية الدول الاكثر فقراً في العالم. وأوضح المفوض الاوروبي لشؤون التنمية بول نيلسون ان "اثنين أو ثلاثة في المئة فقط من كل الاستثمارات الخارجية المباشرة تذهب الى افريقيا جنوب الصحراء". وقال: "ينبغي ايجاد الظروف لجعل الاستثمارات اكثر جذباً، وهنا تؤدي المساعدات الحكومية لشؤون التنمية دوراً". والتفاوت يفسر قسماً كبيراً من الفارق الهائل الذي يبلغ حد الثلث بين المساعدات الحكومية التي تخصصها الولاياتالمتحدة والاتحاد الاوروبي سنوياً. والتصريحات الاخيرة التي ادلى بها جورج بوش والمسؤولون الاوروبيون لن تعدل هذا الفارق. فمن المقرر ان يرفع الاتحاد الاوروبي حجم مساعداته الحكومية من 33،0 في المئة الى 0.39 من اجمالي ناتجه الداخلي بحلول سنة 2006. اما واشنطن فإنها برفع قيمة المساعدات الى 15 بليون دولار سنوياً ستجعل مساهمتها تبلغ نحو 15،0 في المئة من اجمالي انتاجها الداخلي. ويثير اصرار الاميركيين على فرض معايير "حكومة جيدة" على الدول الفقيرة واعتماد الديموقراطية والشفافية قبل منحها التمويلات قلق المنظمات غير الحكومية والوكالات المتخصصة التابعة للامم المتحدة. وعلى رغم عدم التشكيك في هذه المبادئ، يعتقد الكثيرون ان الفقر المدقع لملايين الناس، وخصوصاً في افريقيا، يتطلب الكرم والسخاء اكثر من التدبير والتشخيص".