دفعت التسريبات التي تناولت نية الحكومة المصرية اجراء خفض جديد في سعر صرف الجنيه مقابل الدولار الى ارتفاع سعر صرف الدولار في السوق غير الرسمية وسط حالة من الطلب المفاجئ على العملة الاميركية ما ادى الى ارتفاع سعر الدولار الى 20،5 جنيه للمرة الاولى في مقابل 462 في السوق الرسمية. وامتدت الموجة الصعودية في سعر الدولار لتزيد الانقسام داخل الحكومة حول جدوى الخفض الجديد للجنيه وهو التوجه الذي تحفّظ عنه رئيس الحكومة نفسه بعد تثبيت سعر صرف الدولار من دون تجاوز حاجز الخمسة جنيهات لفترة طويلة، وازاء هذه الموجة اضطر عبيد الى نفي نية اجراء أي خفوضات على الجنيه والتصريح بأن الحديث عن اعادة النظر في سياسات واسعار الصرف لا أساس له وان هناك قدراً من التوازن بين موارد النقد الاجنبي وانفاقه في ظل انتعاش عائدات النشاط السياحي وارتفاع مبيعات النفط. وأشار الى ان حكومته لا تخشى نقصاً في الموارد من النقد الاجنبي نتيجة نشوب حرب في المنطقة أو التهديدات بها. وعلى رغم تصريحات عبيد، التي دفعت عدداً من وزراء المجموعة الاقتصادية المؤيدين لاجراء خفض الجنيه الى التزام الصمت، إلا أن التباين في اوجه النظر قد يتجدد قريباً للأسباب نفسها التي ساقها رئيس الحكومة في ما يتعلق بعوائد السياحة وتصدير النفط التي ستتعرض لنكسة محققة اذا ما نفذت الولاياتالمتحدة تهديداتها بمهاجمة العراق، ما يعني ان الحكومة في مصر مدعوة إن عاجلاً أو آجلاً الى مراجعة تلك الاثار والبحث في جدوى سياسات الصرف المعمول بها حالياً لمواجهة التطورات الاقليمية. وتمثل هذه التطورات منطق الضرورة الذي يمكنه ان يبرر تراجع الحكومة عن أي من مواقفها في حال نشوب حرب مع احتفاظها بالاتساق الداخلي والامانة امام المواطنين خصوصاً أن منطق وزراء المجموعة الاقتصادية الداعي الى خفض قيمة الجنيه يستند الى ان توقيت الخفض هو الافضل من حيث المحدودية النسبية للطلب على الدولار في ظل تراجع حصة الواردات بصورة ملحوظة ما يجنب القرار المزيد من الضغوط على الجنيه.