هونغ كونغ - رويترز - ارتفعت أسعار الفضة الى أعلى مستوياتها منذ ثمانية أشهر خلال الشهر الجاري لتقفز معها كلفة بيع هذا المعدن على المكشوف الى 30 في المئة، ما ألحق الضرر بالمضاربين والمستهلكين على السواء. فقد صعد سعر الفضة في التداولات الفورية الى 87.4 دولار للاونصة في 10 كانون الثاني يناير الجاري من 04.4 دولار في 26 تشرين الثاني نوفمبر، اي انه زاد بنسبة 20 في المئة في ستة اسابيع. وعلى رغم ان الفضة تراجعت عن هذا المستوى، الا ان النقص الشديد في المعروض ألقى الضوء على مدى تأثر شركات تنقية الفضة والمستهلكين بتقلص السيولة في السوق وبعدم وجود جهة دولية منظمة لها. وكان أكبر الرابحين مقرضو هذا المعدن، حيث ارتفع سعر الفائدة على اقراض كميات من الفضة الى 30 في المئة في الشهر من 1 في المئة فقط في بداية موجة الارتفاع. وقال مدير مؤسسة "سكوتيا كابيتال" في هونغ كونغ، توني دوبرا: "انها أزمة كلاسيكية"، مشيراً الى انه كانت هناك فترة طويلة تحققت فيها ارباح جيدة للمضاربين على المكشوف الذين أقبلوا على بيع الفضة من دون ان يمتلكوا اي كميات منها أملاً بشرائها بأسعار أقل في ما بعد. الا ان المعروض في السوق نضب فجأة. وأوضح انه قرب نهاية تشرين الثاني، "لم يعد لدى بنوك المعادن النفيسة في لندن وزبائنها اي كميات من الفضة لاقراضها للبائعين على المكشوف، أو هكذا بدا الامر". ولفت متداولون الى ان الصين نفسها التي أغرقت السوق بالفضة في الأشهر ال18 الماضية لم تعد لديها آنذاك كميات تطرحها في السوق. وقال دوبرا: "ان ذلك يحدث مرة كل اربعة أعوام... فالمخزون يتناقص، ومع قلة السيولة في لندن ترتفع الاسعار، قبل ان يصل الى لندن لاحقاً طوفان من مخزونات الفضة من نيويورك". وذكر المتداولون انه بدلاً من الاقتراض ودفع نسبة الفائدة المرتفعة التي تبلغ 30 في المئة، فان بعض البنوك التي كانت تعاني من نقص في المعدن، اختار شحن كميات من الفضة الى لندن جواً لتغطية العجز. وأشار معظمهم الى انهم يعتقدون ان سبب نقص المعروض يعود الى مقرض واحد، وانه لم تجر تداولات فعلية تذكر أعلى من سعر 75.4 دولار للاونصة. من جهته، قال بروس ايكميزو، رئيس شركة "ميتسوي وشركاه" لتجارة المعادن النفيسة في طوكيو : "أيا كان هذا المستثمر، فقد حقق مكاسب كبيرة، اذ انه تسبب في نقص في المعروض في السوق ثم قدم الفضة الى المقترضين بأسعار مرتفعة للغاية". واضاف: "اكتوى كثيرون بناره. فمن الذي يحتاج الى اقتراض الفضة بسعر 30 في المئة على اساس شهري؟". ولفت الى ان "الجهات التي قد تجد نفسها في هذا الوضع قد تكون البنوك مثلاً أو التجار أو شركات تنقية الفضة أو صناعة الالكترونيات أو كبار مصنعي الحلي والمشغولات الفضية." وقال ايكميزو ان الاقبال على اقتراض المعدن موجود دائماً، "لكن يبدو انه ليس هناك نقص حقيقي في الفضة نفسها". وكانت شركة "غولد فيلدز مينرال سيرفيسز" ذكرت في تقرير أصدرته في تشرين الثاني قبل الطفرة القصيرة التي شهدتها الفضة "ان السبب الرئيسي في انخفاض سعر الفضة الى أدنى مستوى العام الجاري هو ضعف النمو الصناعي، خصوصاً في قطاع الالكترونيات". اضافة الى ذلك، فان الصين طرحت 900 طن من الفضة في السوق في 2001. وبحلول مطلع تشرين الثاني، تم بيع معظم هذه الكمية "ان لم تكن قد بيعت بالكامل". وقال احد التجار: "لقد باعوا كل ما لديهم من فضة... وأرادوا ايضاً استرداد الفضة التي اقترضتها منهم". وأصبحت سوق الفضة في لندن دائرة صغيرة من المتعاملين أضعفتها عمليات اندماج بين البنوك وخروج مستثمرين كبار سابقين مثل مصرف "كريدي سويس فرست بوسطن" الاستثماري من سوق الفضة. وقال ايكميزو: "ان السوق تغيرت كثيراً في الاعوام الاربعة أو الخمسة الماضية. اعتدنا ان نشهد سيولة كبيرة... وكان عدد اللاعبين في السوق كبير، لكنه اصبح يتضاءل يوماً بعد يوم". وأضاف: "أعتقد ان بالامكان التحكم في السوق الآن بقدر أقل من القوة". وبنهاية الاسبوع الماضي، كانت أزمة المعروض من الفضة قد استكملت دورتها التي استغرقت ستة أو سبعة اسابيع، وعادت أسعار اقراض الفضة الى مستواها المعتاد الذي يراوح بين 5.0 في المئة وواحد في المئة. وانخفض السعر في السوق الفورية الى 31.4 دولار للاونصة.