الإسلام دين الرحمة والعدل والوسطية، وهو في جوهره دعوة إلى السلام والمحبة، ورفض صريح لكل أشكال التطرف والعنف وخطاب الكراهية. هذه القيم ليست شعارات نظرية، بل مبادئ راسخة تجلت في نصوص القرآن الكريم وسيرة النبي صلى الله عليه وسلم، وانعكست على حياة الفرد والمجتمع والإنسانية جمعاء. فالرحمة تتجلى في قوله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ}، وقد جسّدها النبي صلى الله عليه وسلم في أقواله وأفعاله، فكان رفيقًا بالناس، ناهياً عن الغلظة، آمِرًا بالرفق، حتى شملت رحمته الحيوان والبيئة. أما العدل، فهو من أركان الإسلام، يأمر الله به في كل شأن، قال تعالى: { إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ}، فالعدل ليس مبدأ قانونيًا فحسب، بل قاعدة أخلاقية تحفظ الحقوق وتضمن التوازن بين الناس دون تمييز. وتأتي الوسطية كمنهج متكامل يوازن بين الإفراط والتفريط، ويمنح المسلم اتزانًا فكريًا وسلوكيًا، قال تعالى: {وَكَذلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطاً}، فالإسلام ينهى عن الغلو والانحلال، ويقوم على الاعتدال في الاعتقاد والمعاملة. وقد تجلت هذه القيم بأوضح صورها في خطبة الوداع، التي ألقاها النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع، فكانت خطاباً نبوياً جامعاً، أكد فيها حرمة الدماء والأموال والأعراض، فقال: «إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام...، ولا فضل لعربي على أعجمي، ولا لأعجمي على عربي، ولا لأبيض على أسود، ولا لأحمر على أسود، إلا بالتقوى»، وهي دعوة صريحة للمساواة، ونبذ العصبية، وتعزيز الرحمة والتقوى. ومن هنا، يتبيّن أن الإسلام بريء من كل من يروج للكراهية أو يمارس العنف باسمه. فالنصوص الشرعية تحرم العدوان، وتدين قتل النفس بغير حق، وتعده جريمة كبرى، كما قال تعالى: {مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا}. بيَّن الله تعالى في هذه الآية الكريمة أن قتل نفس بغير حق أو إفساد في الأرض يعد بمثابة قتل البشرية جمعاء، فمسّ حرمة فرد منها كأنه انتهك حرمة الجميع، وعلى النقيض، من أنقذ نفسًا وأحياها بسعيه وجهده، فكأنما أحيا الناس جميعًا، مؤكدًا بذلك عظمة قيمة الحياة وحرمتها في الإسلام. والإسلام ينهى عن السخرية واللمز والتنابز بالألقاب، وكل ما يثير العداوة، ويؤمن بالحوار والتسامح، ويحث على الكلمة الطيبة، ويربّي النفوس على الإنصاف والتعايش. الإسلام دين يحفظ الضرورات الخمس: الدين، والنفس، والعقل، والعِرض، والمال. في الختام، يظل الإسلام دين الرحمة يهدف إلى ترسيخ قيم السلام والمحبة، ورفض العنف والكراهية بكافة أشكالها، ومن خلال التمسك بمنهج الوسطية والاعتدال والتعايش في العالم.