يربط بعض التقارير بين حركة "طالبان" ودعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب، أو الحركة "الوهابية" كما يسميها بعض الصحافة العربية، وهو اصطلاح لتقريب المعنى من باب "خطأ شائع أفضل من صواب مجهول"، وتشير هذه التقارير إلى أن "طالبان" تتبع "المذهب" الوهابي، على رغم أن "الوهابية" ليست مذهباً، لكنها دعوة الى إحياء مذهب الحنابلة في العقيدة التي هي مدرسة أهل الحديث في كل مذاهب الفقه الإسلامي، وكما يقول أحد سلاطين المغرب: "أنا حنبلي الاعتقاد مالكي المذهب". "طالبان" ليست الحركة الوحيدة التي تنعت ب "الوهابية"، والسبب أن التسمية ليست محتواة، وكل دعوة تتشدد في أمور العقيدة، أو يعتمر أتباعها الزي السعودي تنعت بالوهابية، حتى إن أحد الأسواق في مدينة "تمبكتو" في جمهورية مالي يسمى "سوق الوهابيين" لأن الآتين من الحج يبيعون بضائعهم فيه. بل وصل الأمر في بعض الأحيان إلى أن يكتسب هذه التسمية خصوم هذه الدعوة والمخالفون لها، لكن الربط بين الدعوة الوهابية التي قامت عليها الدولة السعودية، وحركة "طالبان" في هذه الظروف يأخذ معنى آخر، وأبعاداً سياسية ودينية ربما كانت مقصودة إمعاناً في زج السعودية في ما يجري. "الوهابية" دعوة عملية خالية من التطرف، وتختلف اختلافاً جذرياً عن كل الحركات الإسلامية السنية وأولها حركة "طالبان"، لأنها تؤمن بثنائية الشيخ والأمير، أو السياسي والديني، في حين أن الحركات الأخرى لا تفرق بين السياسي والديني، والملا عمر في "طالبان" هو الأمير والمفتي في آن، فضلاً عن أن الدعوة الوهابية ظهرت لمحاربة الشرك والبدع وفساد العقيدة، ولم تدخل في صراع دموي مع المدنيين من الأديان الأخرى، و"طالبان" وغيرها من الحركات الإسلامية لديها أجندة سياسية خالصة، وتجيز الخروج على النظام بصرف النظر عن أمن المجتمع، وترفض التحالف مع السياسي، والإصلاح من خلاله، وتستمد قوتها ووجودها من الثورية والصراع السياسي. لا شك في أن الثورية في ميراث الدعوة الوهابية، وهي بدأت دعوة متشددة، لكنها خلال 250 سنة نضجت، وتعلمت من تجاربها، واستطاعت أن تنتقل من الحركية والثورية إلى الانسجام مع المشروع السياسي والمشاركة في تحقيق الوحدة السعودية، وبناء دولة، وتحييد التغريب أو تأخيره، وإلغاء فكرة التضاد بين العروبة والإسلام.