أكثر من ظاهرة تبدت في واقع الانتاج الدرامي في سورية، في السنوات القليلة الماضية من خلال توسع دائرة الانتاج في القطاعين العام والخاص، ومنها: 1- التسابق الزَّمني في الانتاج لكسب فرص العرض الأول في شهر رمضان المبارك. 2- تراجع انتاج القطاع العام من حيث الكم، أمام تزايد انتاج القطاع الخاص. 3- تخاطف النجوم من الجنسين. 4- خلل التسويق في سوق العرض والطلب، حتى أصبح التفاوت كبيراً بين اسعار الحلقات، ويتفاوت بين ثلاثة آلاف دولار وسبعة عشر الفاً للحلقة الواحدة. 5- الاعلانات المسبقة عن الأعمال المنجزة أو التي هي قيد الانجاز والتصوير بصورة فيها الكثير من المبالغة والتهويل. 6- الضغط على ممثلين معينين لئلا يعملوا مع الجهات الأخرى المنافسة. 7- ظهور نوع جديد من "الشللية" في هذا الميدان اطلقت عليها تسميات غريبة مثل: "جماعة نجدت انزور" و"جماعة شركة الشام" و"جماعة هيثم حقي". 8 - ظهور نقاد من نوع جديد على ساح الفن يمكن ان نطلق عليهم اسم "النقاد الموسميين". اذ يظهر العشرات منهم فجأة بعد عروض شهر رمضان المبارك لتقويم العروض في الصحف والمجلات والدوريات الفنية، وحتى على بعض الفضائيات، ثم غيابهم، في صورة مفاجئة أيضاً. 9 -ظهور نوع متدنٍ من الانتقادات الى درجة المهاترات والشتائم، وقد شهدت الصفحات الثقافية في الصحف السورية، أخيراً أكثر من اتهامات متبادلة في هذا المجال، بعضها وصل الى درجة مخزية من التعابير، وبخاصة بين "جماعة هيثم حقي" و"جماعة نجدت انزور". 10- تضخم ظاهرة الغرور لدى البعض حتى أصبحوا يعلنون ان الدراما السورية الغت الدراما المصرية، أو صرفت المشاهدين عنها. 11- اسناد بعض المخرجين ادواراً ثانوية الى بعض الصحافيين والنقاد في مسلسلاتهم، في مقابل جعالة عالية نسبياً، اتقاء لهجومهم ومحاولة لكسبهم الى جانبهم، في ما يكتبون من تعليقات على المسلسلات. 12- تهديد بعض المخرجين عدداً من الفنانين بعدم العمل في أعمال معينة لمؤسسات انتاجية معينة من دون ان يوقعوا معهم عقود احتكار، كما هي العادة في مثل هذه الحالات. 13- التنافس في بناء مدن سينمائية لشركات الانتاج بدلاً من بناء مدينة سينمائية ضخمة يعمل فيها الجميع، خصوصاً في غياب تنفيذ مشروع المدينة السينمائية التي قررت وزارة الثقافة بناءها على طريق مطار دمشق الدولي قبل ربع قرن، ولم يتم التنفيذ حتى الآن على رغم قيام صروح ثقافية أخرى كثيرة. 14- تفاوت الأجور بين الشركات والمؤسسات المنتجة، وبين مسلسل وآخر مما ولد بلبلة في هذا المجال. المخرجون يراهنون على بطلاتهم وهناك ظاهرة أخرى جديدة في هذا المجال، هي أن المخرجين الذين لهم مطلق الحق في اختيار الممثلين والممثلات، من دون اي اعتبار لموضوع الصفة، ان كانوا نقابيين أو من خريجي المعهد العالي للفنون المسرحية أم لا، بحجة انهم يفسحون في المجال والفرص امام الوجوه الجديدة، ولا سيما النسائية منها. ولهذا فهم يراهنون على البطلات المفضلات لديهم، ويغامرون باسناد ادوار رئيسة اليهن. فهذا نجدت انزور مثلاً يراهن على اكتشافه الجديد جومانا مراد التي "تخرجت في مدرسته بامتياز"، منذ التجربة الأولى لها، وبعدما اسند اليها ادواراً اساسية في مسلسلي "بقايا صور" و"رمح النار" وفي المسلسلات التالية ومنها "البواسل" وقد تحدث المخرج عنها بكثير من التقدير وأشار الى مواهبها الفنية، علماً انها سبق ان ابلغت مجلة "الشهر" السورية، في لقاء نشر معها في العدد 80، شباط/ فبراير 2000 انها تحمل شهادة في الأدب الانكليزي، وانها دخلت مجال الفن مصادفة، وهي لا تنكر ان جمالها ساعدها على ان تؤدي أدواراً بطولية مهمة. ويراهن هيثم حقي على الفنانة الشابة جيهان عبدالعظيم التي اسند اليها دوراً مهماً في مسلسل "سيرة آل الجيلالي" وقد اعتبرته دور العمر على رغم انها نالت فرصاً كثيرة قبله وفي مسلسلات عدة اذ شاركت خلال مدة قياسية في نحو عشرة مسلسلات. ونالت رندة مرعشلي فرصتها الذهب مع المخرج علاء الدين كوكش في مسلسل "حي المزار" فانطلقت منه الى ادوار اخرى في مسلسلات تالية. وكانت مها المصري البطلة المفضلة لدى الفنان ياسر العظمة في "مرايا" على رغم انه اشرك في ما بعد نجمات اخريات، أمثال نادين وسلمى المصري ومرح جبر وغيرهن. وكذلك الأمر بالنسبة الى الفنانة المخضرمة سالي الجزائري التي كانت بطلة اكثر الحلقات والمسلسلات الكوميدية للمخرج هشام شربتجي. وأصبحت الفنانة الشابة سلاف فواخرجي ورقة رابحة يتخاطفها المخرجون بعدما أكدت حضورها المتألق في الأعمال التي شاركت فيها حتى الآن، وكذلك الأمر بالنسبة الى الفنانة كاريس بشار. وكان للفنان أيمن زيدان دور أساس في ابراز الفنانة نورمان أسعد، خصوصاً في الأدوار الكوميدية من خلال دورها الشهير في مسلسل "جميل وهناء"، ومشاركتها في حلقات "عائلة النجوم". أما بالنسبة الى الفنان دريد لحام، فهو ينوع في اختيار البطلات في أعماله. والوحيدة التي استطاعت ان تحقق حضورها معه الى درجة المنافسة هي الممثلة ايمان الغوري التي مثلت دور "خيرو" في مسلسل "أحلام أبو الهناء" واستطاعت ان تسرق منه الضوء في كثير من المشاهد، وقد حدث خلاف بينهما بعد ذلك المسلسل، صرحت بعده ايمان الغوري انها لن تجعل من دور "خيرو" نمطياً، ولن تقدمه في أي مسلسل آخر. ولعل النجمة الأكثر تألقاً هي أمل عرفة التي عرفت كفنانة شاملة. فهي تؤلف وتمثل وتغني وتنتج وتخرج... وفي كل هذه الحالات نجدها ذات حضور بادٍ وقدرة متميزة. وهكذا نجد ان مقولة "المخرجون يصنعون النجوم" تتحقق على أرض الواقع في الدراما السورية في شكل أو آخر، خصوصاً بالنسبة الى الجنس اللطيف.