العلاقات الروسية - الاميركية مرشحة الى توتر شديد في ظل اصرار الولاياتالمتحدة على المضي في مشروع الدرع الصاروخي، وبعدما وجه وزير دفاعها دونالد رامسفلد اتهامات خطيرة الى موسكو بنشر التقنيات الصاروخية البعيدة المدى وبيعها الى بلدان "معادية" لواشنطن ونشر صواريخ نووية تكتيكية في البلطيق. وتحدث عدد من المحللين عن احتمال جولة جديدة من سباق التسلح، لكن الكرملين سعى الى احتواء المضاعفات السلبية وتحدث بلهجة وصفت بأنها "تصالحية تتضمن تهديداً مبطناً". وبدأ الرئىس الاميركي جورج بوش حملة وصفها مراقبون روس بأنها "ضغط نفسي وعملي". وأعلن خلالها نيته نشر انظمة جديدة من الاسلحة وتعزيز القدرة العسكرية لبلاده وتحدث عن "حوار" محتمل مع الدول الاخرى في شأن المعاهدة المضادة للصواريخ الباليستية الموقعة عام 1972 التي تمنع نشر شبكات داخلية للصواريخ المضادة للصواريخ. وألمح الى تصميم واشنطن على إقامة مثل هذه الشبكة. ورد وزير الدفاع الروسي ايغور سيرغييف بتأكيده ان مثل هذه الخطوة ستعني انسحاباً احادي الجانب من المعاهدة وبالتالي "سحب حجر الزاوية من بنيان الاستقرار الاستراتيجي". وأكد ان ذلك سيشكل خطراً على روسيا والعالم كله. ونفى سيرغييف تقريراً نشرته صحيفة "واشنطن تايمز" الاميركية عن نشر موسكو صواريخ نووية تكتيكية في منطقة كالينغراد المطلة على بحر البلطيق. ورد نظيره الاميركي رامسفلد باتهام روسيا بأنها "تعمل بنشاط على نشر تقنيات صاروخية وتصديرها الى دول معادية، لواشنطن، بينها ايران وكوريا الشمالية والهند. وأكد ان ذلك يشكل خطراً على الولاياتالمتحدة وعلى دول في اوروبا الغربية والشرق الاوسط. وأضاف ان واشنطن ترغب في حماية نفسها من نتائج ما تقوم به روسيا من نشر للسلاح الصاروخي. وشدد على ان الدرع المقترح انشاؤه مهيأ لحماية الولاياتالمتحدة من "حفنة" صواريخ وليس من آلاف كالتي تملكها روسيا". وفي اشارة الى ان البيت الابيض مصمم على المضي في خططه وعلى رغم الاعتراضات، قال رامسفلد ان "روسيا ستتكيف" مع الواقع الجديد. ونفى المدير العام للتعاون العسكري الدولي في وزارة الدفاع الروسية ليونيد ايفاشوف ان تكون بلاده انتهكت التزاماتها الدولية. وشدد على ان حديث رامسفلد عن اخطار تهدد الولاياتالمتحدة، من جانب الدول المذكورة انما هو "حكاية لم يعد يصدقها حتى حلفاء واشنطن". وأكد النائب الاول لرئىس هيئة الاركان العامة الروسية فاليري مانيلوف ان بلاده "تنفذ بدقة" التزاماتها. وطالب بابراز براهين تدل الى انتهاكها اتفاقات حظر الانتشار النووي. وأشار الى ان الهدف من الاتهامات هو "تبرير الانسحاب" من معاهدة 1972. وتسعى موسكو الى تكوين "جبهة عالمية" لمواجهة النيات الاميركية لتفعيل برنامج الردع الصاروخي. وقد ايدتها حتى الآن الصين التي اعلنت استعدادها لحوار في هذا الشأن مع الادارة الاميركية الجديدة. لكن الناطق باسم وزارة الخارجية الصينية زهو بانغزاو شدد على ان موضوع الحد من الانتشار الصاروخي "لا يمكن حله الا على اساس احترام" معاهدة 1972. واستقبلت روسيا وفداً من الاتحاد الاوروبي ضم وزيرة الخارجية السويدية آنا ليند ومسؤول السياسة الخارجية والدفاعية للاتحاد خافيير سولانا. وإثر لقائه الوفد اكد سيرغي ايفانوف سكرتير مجلس الامن القومي وأقرب مساعدي الرئىس فلاديمير بوتين، تمسك الكرملين بالمواثيق الدولية وحرصه على التوازن الاستراتيجي. الا انه حاول في الوقت نفسه احتواء المضاعفات السلبية المحتملة للمبارزات الاعلامية. وقال ان التصريحات الاميركية قد تكون تعبيراً عن "سعي الادارة الجمهورية الى التكيف مع الظروف الجديدة". وزاد ان اعلان تطوير القوات المسلحة الاميركية امر "ليس فيه شيء سيئ او مخيف". وقال ان روسيا كانت درست خطة مماثلة. ويرى المراقبون ان الموازنة الروسية التي تعادل نصف موازنة مدينة نيويورك عاجزة عن تحمل اعباء اضافية تترتب على جولة جديدة من سباق التسلح. الا ان تصعيد لهجة الاتهامات المتبادلة قد يعزز الاتجاهات الانعزالية المضادة لأميركا في روسيا، خصوصاً داخل القوات المسلحة.