} كما كان متوقعاً صبت مواقف وزير الثقافة المصري السيد فاروق حسني وقراراته في مصلحة الإسلاميين المعارضين لغالبية ما تنشره إصدارات الوزارة. واصدرت "جبهة علماء الأزهر" بياناً عنيفاً أمس أيدت فيه موقف الوزير من الروايات الثلاث التي صدرت عن سلسلة "أصوات أدبية". ولم تكتف الجبهة بمطالبة حسني باتخاذ إجراءات لمحاكمة المسؤولين عن نشر هذه الروايات، بل وصلت الى حد المطالبة ب"اطاحة رؤوس الأفاعي انقاذاً للثقافة من التردي في أوحال الفساد والإفساد". اصدرت "جبهة علماء الأزهر"، التي تضم اساتذة في جامعة الأزهر يتبنون عادة مواقف متشددة من القضايا الخلافية، حتى مع شيخ الأزهر نفسه، بياناً عن الأزمة بين وزير الثقافة السيد فاروق حسني ومثقفين عارضوا قراراً اتخذه بمصادرة ثلاث روايات صدرت عن سلسلة "أصوات أدبية" وإقالة "رئيس هيئة قصور الثقافة" الناقد علي أبو شادي، بعد ما حمّله مسؤولية نشرها. وأيدت الجبهة موقف الوزير واعتبرت أنه "بدأ يتنبه لألاعيب من وثق فيهم واستأمنهم على شؤون الطباعة والنشر في أروقة الوزارة". وخصت سلسلة "آفاق الكتابة" التي يترأس تحريرها الروائي إبراهيم أصلان، والتي كانت أعادت نشر رواية "وليمة لأعشاب البحر" للكاتب السوري حيدر حيدر، بهجوم حاد. ورأت أن المسؤولين عن السلسلة "خانوا الأمانة ودأبوا منذ وقت طويل على إغراق الأسواق بمطبوعات استباحت كل محرم وسخرت من مقومات الأمة وأهدرت المصالح وهدمت الأخلاق وأساءت إلى النظام العام بأموال الدولة بلا حسيب أو رقيب". وقال البيان ان هذه المطبوعات "طرحت بين ايدي الملايين من صبية وشباب ومراهقين بغية إفساد أخلاقهم وإغراقهم في أوحال الرذيلة، فضلاً عن التطاول على قيم الدين ومبادئه. انها مطبوعات كلها سيئة في عباراتها ومضمونها تحت مسمى كتابات جديدة أو افاق الكتابة، وحوت عبارات وألفاظاً لا تستطيع أن نحتمل أن نردد شيئاً منها ولا نجرؤ أن تحمل الناس وضمائرهم عبء سماعه أو قراءته ولا تواتينا النفس أن تلوث بشيء منها مسامع الناس وأبصارهم وأجواء بيوتهم فهو فُحش ولا نجد عبارة تفي بوصفه أو التعبير عنه". وأضاف البيان: "إن المجتمع المصري والعربي والإسلامي لا ينسى ما أحدثته رواية "وليمة لأعشاب البحر" من ضجة وتجاوزات كادت تعصف بأمن الأمة واستقرارها. وقد سبقها أكثر من ثلاثمئة مطبوعة صدرت عن قصور الثقافة أيضاً كانت على مثل قبحها وبشاعتها نذكر منها رواية "الصقار" و"موسم الهجرة إلى الشمال" و"رائحة النعناع" و"أنا القمر"". ووصف البيان المسؤولين عن أجهزة النشر في الوزارة بأنهم "عصابة سخروا طاقاتهم لأهوائهم الشخصية، واتخذوا من الأزهر الشريف ومواقفه النبيلة ضد التطرف العلماني والتطرف اليميني المتشدد بلا بصيرة سبيلاً للهزىء والنيل منه. ويكفي أن نشير هنا إلى عملين صدرا عن هذه العصابة لتحقيق تلك الغاية التي ليس وراءها إلا الإجهاز على الأمة والتمكن بعدها لبني صهيون. الأول، ما نشر تحت عنوان "ضد التعصب" الذي وقفه كاتبه على الدفاع عن كل الأعمال الفنية الخارجة على الشرع والقانون، لا في مصر وحدها بل ذهب فيه مدافعاً عن كل عمل ماجن أو مغرض في بعض البلاد العربية بحجة أن إدانة أو محاكمة هؤلاء "الشواذ" هو قتل المبدعين والإبداع، وحرب للدولة "المدنية" وكأن الدولة المدنية في حسبان الكاتب وأمثاله ما هي إلا صورة طبق الأصل من الماثوية الفاجرة الداعرة، ثم يدين هذا الكاتب الدولة بأنها استسلمت لقبضة الإرهابيين، وفي مقدمهم الأزهر الشريف"، أما العمل الثاني فهو رواية "موسم الهجرة إلى الشمال" للأديب السوداني الطيب صالح. واعتبر البيان أن رأي الوزير حسني في الروايات الثلاث التي فجرت الأزمة الأخيرة يعتبره قانون العقوبات "جريمة تستوجب مساءلة مرتكبيها، وإنزال العقوبة المنصوص عليها في القانون بهم". وقال: "موقف الوزير لم يصدر عن فراغ، فالشرع والقانون معاً يوجبان عليه ما هو أشد من ذلك، وجدنا من تصايح عليه من المتكسبين من خراب الأمة وكونوا وهم الذين عينهم هو في مختلف المناصب، حزباً للوقوف ضده وهو ولي نعمتهم، وأوحوا إلى بعض الصحف المراهقة لأن تهزأ به لموقفه الحازم، وتسخر منه، ويرسمونه في مظهر شيخ يرتدي عمامة، ويرخي لحيته، وكأن هذه الصورة "عندهم" وصمة عار يلطخون بها وجهه وهامته، وهم معذورون بالطبع، لأنهم يكرهون الفضائل، ويمقتون أهلها، ويعشقون الرذائل ويحيون على ألبانها، يطأطئون رؤوسهم للفساد ويسجدون للمفسدين، ويناوئون الصلاح ويحاربون المصلحين". وأهابت الجبهة بالوزير حسني "أن يتمم ما بدأه معهم ببلاغ يتقدم به إلى النائب العام لمحاسبتهم على خيانتهم ثم تطهير الوزارة من أشباه هؤلاء ونظرائهم حتى تطمئن الأفئدة وتستقر النفوس"، واختتم علماء الأزهر بيانهم بحديث إلى حسني: "لا يكفي أيها السيد الوزير مع الأفاعي قطع أذنابها، بل لا بد من الإطاحة برؤوسها، إنقاذاً للثقافة من التردي في أوحال الفساد والإفساد".